تاريخ علم الفلك في العالم العربي وصولا إلى أول رائدة فضاء عربية

كتبت سارة سعيد

علم الفلك هو علم دائم التطور والتغير، ومع تقدم التكنولوجيا وزيادة الاهتمام بالفضاء والكواكب، استطاع الشرق الأوسط تحقيق بعض الإنجازات في هذا المجال على مر السنوات الأخيرة. واستثمرت بعض الدول بشكل كبير في إنشاء مراصد ومراكز بحثية وتنظيم مؤتمرات وورش عمل لتطوير المعرفة الفلكية وتوسيع نطاق البحث والاكتشافات مثل مرصد جبل طارق في قطر ومرصد دبي الفلكي في الإمارات العربية المتحدة ومرصد السلطان قابوس في عمان وغيرها. حيث يقوم العلماء في هذه المراصد بإجراء العديد من الأبحاث والدراسات حول النجوم والكواكب والمجرات والظواهر الفلكية المختلفة. بالإضافة الي إطلاق عددًا من المشاريع الفضائية، مثل مشروع “مسبار الأمل” الذي أطلقته دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير 2021، ليدخل مدار كوكب المريخ في أول مهمة فضائية مدارية عربية لدراسة الغلاف الجوي للمريخ لتصبح الإمارات أول دولة عربية تصل إلى الكوكب الأحمر. كما أطلقت السعودية مشروع “نيوم” لإنشاء مدينة فضائية ومركز للأبحاث الفضائية.

ومن الجدير بالذكر أن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، نجل العاهل السعودي الملك سلمان، كان أول رائد فضاء سعودي عربي شارك في رحلة للفضاء انطلقت من الولايات المتحدة أيضا في عام 1985. أما في سبتمبر 2019 شارك الإماراتي هزاع المنصوري في رحلة الى محطة الفضاء الدولية لمدة ثمانية أيام على متن مركبة “سويوز أم أس-15” التي نقلت أيضا الأميركية جيسيكا مير والروسي أوليغ سكريبوتشكا.

أحدث الإنجازات الفلكية في العالم العربي

قبل نحو أسبوعين من انطلاق رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي في مهمة تمتد ستة أشهر، ليكون أول عربي يشارك في مهمة طويلة في الفضاء. أعلنت السعودية عن إرسال أول رائدة فضاء مسلمة سعودية “ريانة برناوي” إلى محطة الفضاء الدولية لمدة 10 أيام خلال عام 2023، لتلتحق بطاقم مهمة AX-2 الفضائية مع رائد الفضاء السعودي علي القرني _ الذي يعد أيضاً أول رائد فضاء سعودي يصل إلى محطة الفضاء الدولية _ في رحلة علمية ستنطلق من الولايات المتحدة الأميركية.

سينضم الإثنان إلى طاقم مهمة فضائية تنظمها شركة ” أكسيوم سبايس ” وهي الشركة الأميركية المسؤولة عن استئجار وسيلة النقل، بهدف “بناء القدرات الوطنية في مجال الرحلات المأهولة لأجل البشرية، والاستفادة من الفرص الواعدة التي يقدمها قطاع الفضاء وصناعاته عالمي”. ويشمل البرنامج تدريب رائدة ورائد فضاء آخرين على جميع متطلبات المهمة، وهما (مريم فردوس وعلي الغامدي) من دون أن يكونا جزءا من المهمة الى الفضاء.

أول رائدة فضاء عربية مسلمة تُرسل لمحطة الفضاء الدولية

“ريانة برناوي” هي أول رائدة فضاء مسلمة سعودية سوف تُرسل إلي محطة الفضاء الدولية هذا العام وتبلغ من العمر 33 عاماً. تعمل اختصاصية أبحاث ومختبرات، حيث حصلت على البكالوريوس في علم الإنجاب والهندسة الوراثية وتطوير الأنسجة من جامعة أوتاجو في نيوزيلاندا، كما حصلت على ماجستير علوم طبية حيوية من جامعة الملك فيصل، ولديها خبرة لمدة 9 سنوات في مجال الخلايا الجذعية السرطانية.

أصل علم الفلك في الشرق الأوسط

تعود أصول علم الفلك في الشرق الأوسط إلى الحضارة البابلية في الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث كانت الملاحة والزراعة من بين الأسباب التي دفعت البابليين إلى دراسة الفلك. وكانت النجوم مهمة بشكل خاص في الزراعة لتحديد مواسم الزراعة ومواعيد الحصاد. وتعتبر الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسطى من أهم الحضارات التي تركت بصمتها في علم الفلك. وقد حقق العلماء العرب في عصرهم إنجازات كبيرة في هذا المجال، ومن أهم الإنجازات التي حققوها:

ابتكار نظرية الدورة السنوية للشمس والقمر.
اختراع الأدوات والآلات الفلكية، مثل الأسطرلاب والأربعانية والقبة الفلكية والبوصلة الفلكية.
تصميم الجداول الفلكية والتقاويم التي كانت تستخدم لتحديد المواقيت الدينية والمناسبات الاجتماعية والزراعية.
تطوير نظريات في علم الفلك، مثل نظرية الاعتدالات الأربعة ونظرية الجاذبية.
وعلى الرغم من أن العلماء العرب لم يتمكنوا من الوصول إلى مستويات الدقة الحالية في علم الفلك، إلا أن إنجازاتهم كان لها تأثير كبير على التاريخ العلمي، وما زالت الجداول الفلكية والأدوات الفلكية التي اخترعوها تستخدم حتى اليوم.

علماء عرب ساهموا في تطوير علم الفلك

كان العرب في العصور الوسطى مصدرًا رائدًا للمعرفة في العديد من المجالات العلمية، بما في ذلك علم الفلك حيث ساهموا بشكل كبير في تطور هذا المجال، ومازالت اسهاماتهم تشكل جزءًا هامًا من تاريخ علم الفلك في العالم وقد قام العلماء العرب بنقل معرفتهم وإسهاماتهم في علم الفلك إلى أوروبا خلال القرون الوسطى، مما ساهم في إثراء المعرفة الفلكية في أوروبا وتطويرها.

ومن بين أبرز العرب الذين ساهموا في تطوير علم الفلك:

الخوارزمي الذي وضع أسساً أساسية للجبر والهندسة الفضائية والتي ساعدت في فهم حركة الأجرام السماوية وحساباتها بدقة. وقد ابتكر الخوارزمي أيضًا الجداول الفلكية التي كانت تستخدم لتحديد مواعيد الصلاة والأعياد في العالم الإسلامي.

ابن الهيثم الذي ساهم في تطوير علم الفلك، حيث قام بدراسة الحركات الكونية وحركة الشمس والقمر، ووضع نظرية البعد المؤكد والبعد غير المؤكد التي ساعدت في حساب المسافات بدقة. كما قام ابن الهيثم ببناء أول تلسكوب في العالم الإسلامي.

الزركلي بن عمر الفاسي الذي قام بدراسة حركة الكواكب والنجوم وتأثيراتها على الأرض، وكذلك قام بتحديد موقع الكثير من المدن والمعالم الجغرافية باستخدام الأدوات الفلكية.

الجزري: عالم فلك ورياضيات عربي من القرن الخامس عشر الميلادي، وقام بتصميم عدة أجهزة فلكية مهمة ودقيقة، مثل “الأسطرلاب الجزري” والذي كان يستخدم لقياس مواقع النجوم والكواكب.
البتاني: عالم فلك ورياضي عربي من القرن الثامن الميلادي، وكان يعتبر واحداً من أوائل المؤرخين الفلكيين. وقام بإنشاء الجدول الفلكي المعروف باسم “التقويم البتاني” والذي كان يستخدم في تحديد تواريخ الأعياد الدينية وحسابات الزمن.

الفرغاني: عالم فلك وجيوغرافي عربي من القرن التاسع الميلادي، ويعتبر من أوائل العلماء الذين قاموا بدراسة الخرائط والجغرافيا. كان الفرغاني مهتمًا بالحسابات الفلكية وتصميم الآلات الفلكية.
السوفي: عالم فلك وجغرافي عربي من القرن العاشر الميلادي، وقام بدراسة الكواكب والنجوم وحركتها وأثرها على الأرض. وقام السوفي بتطوير جهاز الأسترلاب وجعله أكثر دقة وفعالية.
الطوسي: عالم فلك ورياضيات وفيلسوف عربي من القرن الثالث عشر الميلادي، وقام بتطوير نظرية “الاعتدالات الأربعة” التي تتعلق بحركة الشمس والقمر والكواكب، وتستخدم حتى يومنا هذا في حسابات علم الفلك.

على الرغم من أن الإنجازات الحديثة للعرب في علم الفضاء والفلك لا تزال قليلة، إلا أن العديد من الدول العربية تعمل على تطوير هذا المجال ودعم الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا المتعلقة به. ومن المؤمل أن تشهد المنطقة العربية تطوراً كبيراً في هذا المجال في المستقبل، مع الاهتمام المتزايد بعلوم الفضاء والفلك والاستثمار في التكنولوجيا المرتبطة بها.

المراجع:

جهود العرب في علم الفلك

علم الفلك

السعودية نحو الفضاء

العلماء المسلمون.. وعلم الفلك

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

الجمال الغامض لسديم السرطان

يقع سديم السرطان Messier، ضمن النسيج السماوي لكوكبة برج الثور، ويمثل أعجوبة فلكية. تعود أصول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *