بالرغم من التقدم العلمي والطبي والمعرفي الذي حققه الإنسان، إلا انه ما زال يجهل طبيعة حياة عدد كبير من الكائنات الحية التي تعيش على كوكب الأرض، بل أن المفارقة أن معلومات الإنسان حول كوكب المريخ وعدد من كواكب المجموعة الشمسية وغيرها تفوق بكثير معلومات الإنسان حول الحياة الغامضة الكامنة في بحار ومحيطات العالم.
العلماء يبينون أن معلوماتهم ما زالت قليلة جدا حول الكائنات البحرية المجهرية Microscopic marine organisms ، وان تلك الكائنات قد يكون ممكنا استخلاص علاجات منها لمرض السرطان أو لعدد آخر من الأمراض التي تصيب الإنسان وتفتك به، بالرغم من استخدام عدد من الجراثيم والبكتيريا البحرية لصناعة بعض المضادات الحيوية الفعالة حاليا.
يقول “يوهانس إيمهوف” عالم الأحياء البحرية الدقيقة ( إن في المحيطات ، هناك تنوع هائل من الكائنات الحية الدقيقة لكننا لا نعرف الا القليل منها، فالبكتيريا و الفطريات تشكل حوالي أربعين في المائة 40 ٪ من الكتلة الحيوية للإسفنج . أنها تمثل تنوعاً حيوياً كبيراً من الكائنات الحية الدقيقة التي يمكننا عزلها في المختبر لإنتاج المركبات الحيوية النشطة . (
ولتطوير صناعة علاجات من الكائنات البحرية، سعى العلماء في مشروع بحثي أوروبي على جمع عدد كبير من العينات من الطحالب والفطريات والإسفنج وعدد آخر من الكائنات البحرية الدقيقة، من اجل تربيتها في المختبر ومعرفة مدى قدرتها على إنتاج مركبات كيميائية قادرة على القضاء على الخلايا السرطانية.
وحول هذه التجارب الريادية الهامة قالت “أنتييه لابيس” ، الباحثة في التقنية البحرية الحيوية ( في الظروف الطبيعية، هذه الكائنات تنتج مركبات معينة، نبحث لمعرفة كيفية إعادة إنتاج هذه الخصائص. لدينا الكثير من الأشياء التي يجب القيام بها، على سبيل المثال، نغير القوة الهيدروجينية، ودرجة الحرارة، والعوامل المغذية أو البيئة الحيوية).
ويبين الصيدلاني “جون اويتسرولبشول” انه يمكن بالفعل إنتاج علاجات للسرطان من بعض الفطريات، فالباحثون الآن يعرفون جيدا بعض سلالات الفطريات القادرة على إنتاج مركبات كيميائية حيوية فعالة في محاربة هذا المرض، وقد تم إجراء كثير من التجارب الناجحة في هذا المجال، إذ عزلت تلك المركبات وخلطت مع خلايا سرطانية وكانت النتائج مشجعة جدا، حيث تغير اللون في أنابيب الاختبار وهذا دليل واضح على مدى فعالية تلك المركبات.
وحول تلك النتائج قالت مساعدة تقنية في مجال البحوث الميكروبيولوجية الباحثة ” أرليت ارهارد ” (إن قتلَ المُركب الخلايا السرطانية في هذا الأنبوب الصغير، اللون الأزرق يصبح وردياً، وبذلك نتعرف على المُركبات التي لها تأثيرات مضادة للسرطان ).
يذكر أن الباحثين قد حددوا عددا كبيرا من سلالات الفطريات القادرة على إنتاج مواد بيولوجية فعالة والتي سوف تخضع قريبا للفحوصات السريرية، وكما يؤكد فريق البحث الأوروبي فان السنوات العشر القادمة سوف تشهد نجاحات حقيقية في سبيل القضاء على احد الأمراض الخطيرة وهو مرض السرطان الذي شكل تهديدا كبيرا للبشرية.