لماذا الحرارة الشديدة سيئة للغاية لجسم الإنسان؟

درجات الحرارة ليست فقط غير مريحة. يمكن أن تصبح مهددة للحياة، ووفقًا لبيانات الباحثين في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فانه يموت سنويا ألاف الأشخاص بسبب التعرض للحرارة العالية.

إليك ما تحتاج إلى معرفته حول المخاطر الصحية للحرارة الشديدة وكيفية فهم المخاطر التي تواجهك.

ماذا يحدث عندما يصبح الجسم ساخنا جدا؟

تطور البشر في المناخات الاستوائية ويمكنهم تحمل الحرارة بشكل جيد عن طريق إطلاقها في البيئة من خلال الجلد. ولكن عندما يصبح الهواء أكثر سخونة من درجة حرارة الجلد (التي عادة ما تكون 97-99 درجة فهرنهايت) أو إذا لم يتبخر العرق، نبدأ في اكتساب الحرارة، وتبدأ درجة حرارة الجسم الأساسية – درجة حرارة أنسجة الجسم العميقة – في الارتفاع.

يقول دبليو لاري كيني، أستاذ علم وظائف الأعضاء وعلم الحركة في جامعة ولاية بنسلفانيا، الذي يدرس تنظيم درجة حرارة الإنسان، إذا استمر هذا الارتفاع بلا هوادة، واستمر في الارتفاع، فقد يؤدي لدى بعض الأشخاص إلى أمراض مرتبطة بالحرارة.”

بعض الناس معرضون لخطر أكبر من غيرهم

في حين أن الجميع معرضون للتأثيرات الصحية للحرارة، فإن بعض الناس معرضون لخطر أكبر بكثير من غيرهم. الرضع والأطفال معرضون للخطر بشكل خاص، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنهم يفقدون السوائل بسرعة أكبر من البالغين ويتعين عليهم الاعتماد على مقدمي الرعاية للمساعدة في تبريدهم، وفقًا لوكالة حماية البيئة (EPA). يمكن لبعض الأدوية أيضًا أن تجعل الأشخاص أكثر عرضة للحرارة. ويمكن لبعض مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان أن تؤثر على إنتاج العرق، في حين أن أدوية علاج أمراض القلب، مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، يمكن أن تسبب الجفاف وتؤثر على الكلى.

يميل كبار السن إلى أن يكونوا أكثر عرضة للإصابة بحالات صحية مثل مرض السكري مما يعرضهم لخطر أكبر، وتستجيب أجسامهم للحرارة بشكل مختلف عن أجسام الشباب. يقول كيني إنها تنتج كمية أقل من العرق لكل غدة، وتتغير الأوعية الدموية مع تقدم العمر بطرق تجعل من الصعب ضخ الدم إلى الجلد وتبريد الجسم.

اضرار ضربة الشمس

تحدث ضربة الشمس عندما يصل الجسم إلى درجة حرارة أساسية لا تقل عن 104 درجة فهرنهايت ( 40 درجة سلسيوس ) ، مما قد يؤدي إلى فشل الأعضاء وتلف الدماغ وحتى الموت. أحد أسباب خطورة ضربة الشمس هو أنها يمكن أن تسبب ضعفًا إدراكيًا. المرضى الذين يعانون من ضربة الشمس في كثير من الأحيان “لا يعرفون أين هم، وكيف وصلوا إلى هناك، ولا يعرفون في أي يوم هم الآن. وفي نهاية المطاف، قد يفقدون الوعي، وإذا استمرت درجة حرارة أجسامهم في الارتفاع، فسوف يموتون في النهاية.

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس هم كبار السن والأطفال، ولكن حتى البالغين الأصغر سنًا يمكن أن يصابوا بضربة الشمس إذا لم يتخذوا خطوات للتبريد. يقول كيني إنه غالبًا ما يؤثر على الأشخاص الذين يعملون في الهواء الطلق، والأفراد العسكريين، والرياضيين الذين “قد يتجاهلون العلامات التحذيرية ويستمرون في ممارسة النشاط البدني المكثف”. غالبًا ما يكون الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس إذا كان هناك ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة، مثل موجة الحر، ولم يتأقلم جسمهم مع الحرارة. ولهذا السبب يصاب لاعبو كرة القدم أحيانًا بضربة شمس عندما يبدأون التدريب في الصيف، كما يقول كيني. فهم ليسوا معتادين على ممارسة التمارين في درجات حرارة عالية.

ولمعالجة ضربة الشمس، يجب تبريد الأشخاص في أسرع وقت ممكن، ويفضل أن يتم ذلك عن طريق غمرهم حتى الرقبة في الماء المثلج، كما يقول كيني. ومن الضروري أيضًا أن يتم فحصهم من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية في حالات الطوارئ أو الطبيب، الذين يمكنهم التأكد من انخفاض درجة حرارة الجسم وعدم فشل أعضائهم.

الحرارة الشديدة تؤثر على الصحة العقلية

درجات الحرارة المرتفعة يمكن أن يكون لها آثار عميقة على الصحة العقلية. وقد وجدت الأبحاث أن ارتفاع درجات الحرارة يرتبط بارتفاع معدلات الانتحار. وجدت دراسة أجريت عام 2018 في مجلة Nature Climate Change أنه مقابل كل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة في متوسط درجة الحرارة الشهرية في الولايات المتحدة، زادت معدلات الوفيات بسبب الانتحار بنسبة 0.7%. يفترض المؤلفون أن درجات الحرارة المرتفعة قد تؤدي إلى تغيرات سلبية في الحالة العقلية.

قد تساهم الحرارة أيضًا في زيادة زيارات قسم الطوارئ لأزمات الصحة العقلية. في دراسة نُشرت في JAMA Psychiatry في عام 2022، وجد الباحثون الذين قاموا بتقييم 3.5 مليون زيارة لقسم الطوارئ أن ارتفاع درجات الحرارة في الموسم الدافئ يزيد من خطر زيارات الطوارئ لأي حالة صحية عقلية، بما في ذلك اضطراب تعاطي المخدرات، واضطرابات القلق، والفصام.

من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث لفهم السبب وراء تفاقم الحرارة الشديدة لمشاكل الصحة العقلية، لكن نوري سارما يشتبه في أن قلة النوم هي أحد العوامل العديدة. وتقول: “نحن نعلم أن الناس يجدون صعوبة في النوم جيدًا عندما يكون الجو حارًا جدًا في الخارج”. “ونحن نعلم أيضًا بالمثل أن الأشخاص الذين لديهم أنماط نوم مضطربة قد يعانون من تفاقم في صحتهم العقلية الحالية.”

الحرارة العالية سيئة للقلب

يمكن أن تكون درجات الحرارة المرتفعة أكثر خطورة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مجموعة من الحالات الصحية الموجودة مسبقًا – من مرض السكري من النوع 2 إلى مرض الانسداد الرئوي المزمن – مقارنة بعامة السكان.

تعتبر مشاكل القلب والأوعية الدموية محفوفة بالمخاطر بشكل خاص، ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يجهد القلب ويؤدي إلى النوبات القلبية، مما يعرض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب للخطر.

يوضح كيني: “عندما تبدأ درجة حرارة الجسم في الارتفاع، فإن أحد الأشياء التي تحدث هو أن معدل ضربات القلب يرتفع، ويدق قلبنا بقوة أكبر لمحاولة ضخ تدفق الدم إلى الجلد للتخلص من تلك الحرارة”. حوالي ربع الوفيات المرتبطة بالحرارة ناجمة عن مزيج من الحرارة وأمراض القلب والأوعية الدموية، وفقًا لوكالة حماية البيئة.

كما أن ارتفاع درجات حرارة الجسم يجعل الناس يتنفسون بصعوبة أكبر، الأمر الذي قد يكون خطيرًا بالنسبة للأشخاص الذين تتعرض أنظمتهم التنفسية للخطر بسبب أمراض مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن. غالبًا ما يؤدي تلوث الهواء والمواد المسببة للحساسية مثل حبوب اللقاح – وهما حالتان خارجيتان تصاحبان الحرارة المرتفعة – إلى تفاقم الأمر.

الجفاف يمكن أن يؤدي أيضا إلى مشاكل في الكلى. مع ارتفاع حرارة الجسم، تقلل الكلى من تدفق البول، حيث ينخفض تدفق الدم بعيدًا عن الأعضاء الداخلية إلى الجلد ويتم إفراز سوائل الجسم على شكل عرق. مع مرور الوقت، الجفاف المزمن يمكن أن يؤدي إلى الفشل الكلوي.

ومع تزايد ارتفاع الحرارة الشديدة مع تغير المناخ، تظهر تهديدات جديدة. يقول نوري سارما إن الأحداث المتطرفة المختلفة تحدث بشكل متزايد في نفس الوقت، مثل موجة الحر التي تتزامن مع الجفاف أو الإعصار أو انقطاع التيار الكهربائي. تهدد الحرارة الشديدة أيضًا الأماكن التي لم تكن درجات الحرارة المرتفعة فيها مثيرة للقلق من قبل – مثل شمال غرب المحيط الهادئ – وقد لا تكون تلك المناطق مجهزة بأدوات مثل تكييف الهواء.

المصدر
time.com