خيوط العناكب لصنع دروع متينة وخفيفة للجنود

المهندس أمجد قاسم

نجحت شركة كندية في استنساخ الطبيعة من خلال إنتاج خيوط العنكبوت الحريرية، وهي خيوط تبلغ قوتها ومتانتها خمسة أضعاف متانة وقوة الفولاذ، إذا ما قورنت وزنا بوزن.

ويقول رئيس شركة نكسيا للتكنولوجيا الحيوية الدكتور جفري تيرنر، إن المادة المنتجة لها ملمس الحرير الذي تنتجه دودة القز، ولها مرونة وقوة مذهلة.

يشار إلى أن العناكب تنتج خيوطها الحريرية بشكل طبيعي من بروتين ممزوج بالماء تخرجها من فتحة صغيرة جدا من أجسامها لتشرع في نسجها كما هو حال الخيط العادي.

وقد استنبت علماء الشركة الكندية جينات العنكبوت في خلايا حيوان ثديي بهدف الحصول على نسختهم الخاصة بخيط العنكبوت، حتى أصبحت الشركة تمتلك ماعزا معدلا وراثيا ينتج البروتين نفسه في حليبها.

ويعرف عن خيط العنكبوت أن له مواصفات ممتازة في تصنيع مواد مهمة مثل الدروع التي تحمي الأجسام، والخيوط الجراحية، وحتى خيوط شباك صيد السمك وخيط الصنارة.

لكن المشكلة التي تواجه القطاع الصناعي تتمثل في إيجاد طريقة لإنتاج هذه المادة بكميات صناعية مجدية.

وقد سبق للجيش الأمريكي أن أعرب عن اهتمامه بالموضوع منذ الستينيات، بعد أن تعرض آلاف الجنود الأمريكيين إلى الموت بفعل الطلقات النارية ذات الفعالية النافذة القادرة على تحقيق اختراق شديد في الجسم، والتي تعرف باسم الرصاص الخارق الحارق.

ولم يكن بالإمكان حماية جسم الجندي منها إلا بارتداء دروع ثقيلة الوزن معيقة للحركة، وقد وجد الجيش الأمريكي أن خيوط العنكبوت هي المادة المثالية لانتاج درع واق خفيف الوزن وفعال جدا.

ويقول الدكتور تيرنر إن الناس اخذوا يتساءلون عن إمكانية إنتاج المادة البروتينية تماما كما يتم مع دودة القز لانتاج الحرير لكن المشكلة هي أن العناكب من الكائنات التي يصعب السيطرة عليها وأقلمتها على الاستزراع وهي كائنات فردية وعدوانية.

ويضيف هذا الاخصائي أنه عندما تضع عشرة آلاف منها في حجرة واحدة، ستجد بعد فترة أن واحدا قويا منها هو الذي يبقي ويموت الكل من شدة المنافسة والصراع فيما بينها.

وقد تحقق هذا النجاح في مشروع خيوط العنكبوت بتعاون الشركة مع الجيش الأمريكي ودائرة الدفاع الوطني الكندية.

يذكر أن العلماء حاولوا منذ أعوام عدة جمع جينات العنكبوت مع مكونات حيوية مناسبة لحفزها على إنتاج تلك الخيوط الثمينة.

ولكن تيرنر يقول إن الشركات عجزت عن تحقيق أي نجاحات تذكر بعد مزج الجينات بالخمائر تارة والبكتيريا تارة أخرى، وانتهت إلى انتاج خيوط لا يمكن نسجها وليست قوية بما فيه الكفاية.


ولكن العلماء في شركة نكسيا تمكنوا أخيرا، وبمساعدة خلايا مخبرية مأخوذة من أبقار وفئران، من انتاج الخيوط المطلوبة، وهو ما علق عليه تيرنر بالقول إن التجربة أثبتت أن بالإمكان تقليد الطبيعة وإنتاج مواد مصنعة بيولوجيا.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

في المستقبل المزارع العمودية داخل بنايات المدن الحديثة

على غرار حدائق بابل المعلقة والتي اعتبرت من عجائب الدنيا، برزت فكرة بناء المزارع العمودية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *