عرف الإنسان منذ القدم جمال الورود وأهميتها /pixabay

الورود والأزهار .. هبة الطبيعة وزينة الحياة وتجارة رائجة

تكاد لا تخلو مناسبة ما من تقديم الورود والأزهار على كافة أشكالها وأنواعها وألوانها . فالورود هي هبة الطبيعة وزينة الحياة وعبقها الشذي … فبالورود والرياحين تكتمل أفراحنا وأعيادنا وتطيب لقاءاتنا ومناسباتنا وتتوطد صداقاتنا .

والورود بعطرها الفواح وعبيرها الأخاذ لغة عالمية تحاكي لغة العيون … وتغني في كثير من الأحيان عن الكلام ، وما قد يعجز عنه اللسان من تعبير عن العواطف ، وما يجول في النفس من حب ، وفرح ، وحزن ، وعرفان بجميل .

قال فيلسوف : إن كنت تملك قرشين فقط … فاشتر بقرش واحد رغيف خبز … واشتر بالقرش الآخر وردة . وهذا القول على بساطته يحمل الكثير من المعاني ، فكما أن الخبز غذاء للجسد فإن الورود غذاء للروح والنفس .

والورود هي رمز للجمال والرقة والأنوثة … تغنى بها الشعراء والأدباء … فوصفوا المرأة الجميلة بالوردة دلالة على النعومة والرقة والجمال … كما وصفت الوجنات الجميلة بالورد دلالة على اللون الجميل والحيوية والشباب … وقد قالوا فلان بعمر الورود … وذلك دلالة على صغر السن والحيوية والنضارة … وقالوا « صباح الورود » أو « صباح الفل والياسمين ».

ولا عجب أن نجد بعض الفلاسفة وعلماء النفس قد ربطوا بين شخصية الفرد والزهرة المفضلة لديه … وبين لون الوردة والمعنى الذي ترمز إليه … فالأبيض مثلا : دلالة على الطهر والنقاء ، والأصفر يعد رمزا للغيرة ، والأحمر للمحبة والفرح والإنطلاق .

لقد أدرك الإنسان من القدم جمال الورود وأهميتها … فلو نظرنا للتراث القديم للشعوب من نحت ورسم لوجدنا أن الورود احتلت مساحة كبيرة من هذا التراث ، إضافة لاستعمالاتهم الشخصية للورود كعلاج ودواء من بعض الأمراض، أو استعمالها في بعض الأطعمة والحلويات لإكسابها المذاق اللذيذ والرائحة الزكية ، أو استعمالها كمطهر ومعقم .

وقد ثبت مؤخرا أن المشي في حدائق مليئة بالورود يعمل على إراحة الأعصاب وخفض الضغط الدموي المرتفع . وقد استخلص بعض القدماء العطور من الورود والأزهار من زمن بعيد ، ويحكى أن الملكة اليزابيث ملكة المجر كانت تستعمل عطرا زكيا ذا رائحة قوية ، استطاعت بوساطته أن تستحوذ على قلب ملك بولندا في ذلك الوقت الذي تزوجها فيما بعد .

ونظرا لجمال الورود والأزهار، فقد كان يزين بها صدور الرجال والنساء على حد سواء ، ويصنع منها قلائد جميلة يزين بها عن كل زائر عزیز تعبيرا عن المحبة وحسن الضيافة كما هو الحال في الهند، والباكستان ، وأندونيسيا ، وبعض الدول الآسيوية والإفريقية ، كما تستعمله النساء في جزر هاواي قلائد ، وأساور، ويحلين به شعرهن الطويل المنسدل . وقد استعمله بعض القدماء أكاليل توضع على رؤوس القادة والجنود المنتصرين .

ونظرا للصفات الجمالية للورود والمعاني المتعددة التي ترمز لها ، فقد زينت بها الأقمشة بألوان زاهية ، وكذلك السجاد ، وقطع الأثاث ، وغيرها من أدوات الزينة والأواني المنزلية . كما وتعد الورود مصدرا للعطور ، اذ تستهلك مصانع العطور الشهيرة آلاف الأطنان منها ، ويحتل الياسمين الدرجة الأولى في هذه الصناعة التي تستثمر فيها مليارات الدولارات .

ومعروف أن الزهار لا تعمر طويلا وانها تحتاج الى عناية فائقة، فقد دأبت بعض الشعوب على تجفيف الورود بطرق علمية وإجراء التجارب والبحوث للتقدم في هذا المجال ، ولإضفاء الصبغة الطبيعية عليها . كما برعوا بعمل الورود الإصطناعية من الأقمشة الحريرية والشفافة بحيث تبدو للناظر وكأنها ورود حقيقية تزين بها المنازل والمكاتب والعيادات والمحلات التجارية وغيرها .

لقد أصبحت تجارة الورود في عصرنا هذا تجارة رائجة ومتداولة في معظم دول العالم ، وانتشرت المحلات الخاصة ببيع الأزهار ، فلا يكاد يخلو شارع من محل لبيعها . هذا وقد اهتمت بعض الدول بهذه التجارة فزرعت الآلاف من الدونمات بمختلف أنواع الورود ، وأدخلت التحسينات عليها بفضل تقدم العلوم في مضمار الزراعة والسلالات مما أنتج العديد من الأصناف والأشكال والأحجام والألوان ، – وبخاصة الزنبق – وهي تصدر الورود إلى كافة أقطار العالم محققة بذلك مردودا اقتصاديا عاليا قد يوازي مردود البترول في الدول النامية .


هذا وقد نحت كثير من الأول هذا المنحى واستفادت من التجربة الهولندية فسدت حاجتها المحلية من الأزهار ، وأوجدت لها أسواق لتصريف الزائد عن حاجتها .

وتكريما للورود والمكانة المرموقة التي تحتلها بين شعوب العالم فقد دابت بعض الدول على إقامة المهرجانات الخاصة بها ؛ إذ تجوب الشوارع مواكب من الحافلات والعربات مغطاة بالأزهار المنسقة فتبدو للناظر وكأنها حقول وحدائق متحركة .

ليلى أيوب

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

دراسة تكشف أن قرد الشمبانزي يعي الموت والحياة

بينت دراسة علمية أجراها علماء في اسكتلندا أن قرد الشمبانزي يتعامل مع الموت بنفس الطريقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *