العوامل والشروط التي تؤثر في عملية التعلم

يتكون الموقف التعلمي من عناصر رئيسة هي المتعلم ومادة التعلم وبيئة التعلم، ويحدث التعلم من خلال تفاعل هذه العناصر بعضها مع بعض . وقد اثبتت الدراسات أن ثمة عوامل كثيرة تتصل بهذه العناصر. تلعب دورا فعالا في تسهيل عملية التعلم نذكر منها ما يلي :

أولا : عوامل تتصل بالمتعلم – إن معرفة خصائص المتعلم والعوامل التي تؤثر فيه تسهل عملية التعلم، وأبرز هذه العوامل:

1. الاستعداد : Readiness

هل لدى المتعلم استعداد لتعلم شيء ما؟ كيف يمكن التعرف على حالة الاستعداد عند المتعلم؟ هل يمكن جعل حالة الاستعداد لدى المتعلم أكثر ملائمة للموقف التعلمي – التعليمي؟ إن الاجابة على هذه التساؤلات تسهل مهمة القائمين على العملية التعليمية وتجعلهم قادرين على تهيئة الظروف المناسبة للتعلم. وقد اثبتت التجارب أن حالة الاستعداد عند المتعلم تتأثر بالعوامل التالية:

– التركيب البنائي للمتعلم.
– حالة النضج العقلي والجسمي والانفعالي.
۔ احتياجات المتعلم وأهدافه.
– الخبرات السابقة للمتعلم وخلفيته المعرفية.

2. الدافعية:

وهي طاقات كامنة في المتعلم تحفزه لسلوك معين في ظروف معينة. وترتبط الدافعية بحاجات المتعلم وميوله واتجاهاته كما ترتبط بالوسط الذي يعيش فيه. وحين يتوافر الدافع للتعلم فانه يصبح میسرا وموجها وتكون نتائجه ايجابية. ومن هنا لا بد من حفز المتعلم بشتى الوسائل والأساليب للتعلم بإيجاد الدافعية الأكثر ملائمة للموقف التعلمي. ومن الوسائل الممكنة في حفز المتعلم للتعلم :

– استغلال الحاجات الأساسية عند الفرد ومساعدته على تحقيق ذاته.
– ضبط مستوى الاستشارة بحيث تتناسب مع طبيعة مادة التعلم.
– الافادة من غريزة حب الاستطلاع لدى المتعلم. اذ أن استشارة السلوك الاستكشافي الطبيعي عند المتعلم من أهم مصادر المعرفة .
– استخدام التعزيز واعتماد مبدأ الثواب بدلا من العقاب . وقد أثبتت الدراسات وممارسة المعنيين بالتعلم والتعليم أن السلوك المكافأ في الوقت المناسب يدعم ويعزز، ويشعر المتعلم بالأمن والاطمئنان مما يزيد في رغبته وحماسه للتعلم.
ويرى علماء النفس أن التعزيز بالمكافأة والاطراء يشكل دوافع تحفز المتعلم لمزيد من التعلم في حين يحبط العقاب واللوم المتعلم ويولد لديه ردود فعل عكسية نحو التعلم، وقد يؤدي ذلك إلى الفشل.
– اشراك المتعلم في الموقف التعلمي – التعليمي. اذ أن بقاء المتعلم كمستقبل للمعلومات فقط دون حفزه على التفاعل معها يؤدي إلى التراجع والسلبية وعدم حدوث التعلم بشكل فعال، وقد ثبت عمليا أن مشاركة المتعلم في اختيار وتخطيط التعلم، يكثف الدافعية ويزيد من سرعة التعلم.

3. تنمية التفكير والفهم عند المتعلم. ان عملية التفكير تستلزم استخدام عدد من العمليات العقلية – الانتباه، والتخيل، والتذكر، والادراك والمقارنة والتجديد والتعميم والقياس والاستنتاج وغيرها.

ومن الطبيعي أن يكون ما يستخدمه المتعلم من هذه العمليات في موقف معين معتمدا على مستوى نضجه وعلى طبيعة المشكلة التي تواجهه. فحل مسألة حسابية مثلا تحتاج إلى عمليات عقلية أبسط من تلك التي تحتاج اليها مسألة هندسية معقده.

وقد أثبتت الدراسات المعاصرة أن الأطفال يستطيعون القيام بعمليات التفكير في كل مستويات الأعمار بدرجات تتفاوت حسب مستويات خبراتهم وقدراتهم بمعنى ان الفارق بين الطفل والراشد، فيما يختص بالتفكير، هو فرق في المستوى وليس فرقا في النوع .

ويمكن تنمية الفكر عن طريق الممارسة والتدريب باختيار مواقف تعلمية – تعليمية مناسبة تشتمل على مشكلات متدرجة في الصعوبة ويستخدم لحلها الأسلوب العلمي في التفكير، وينبغي مراعاة الفروق الفردية في اثناء عمليتي التخطيط والتنفيذ لإتاحة فرص متكافئة للجميع لتحقيق ذواتهم.

ثانيا: عوامل تتصل بالبيئة :

وثمة عوامل بيئية متنوعة تؤثر في التعلم أبرزها:

1- الجوانب المادية التي تحيط بالمتعلم وتشمل ما في البيت والمدرسة والبيئة المحيطة من مواد تعليمية واشياء قد تثير دافعية المتعلم وتوجه نشاطه باتجاه ما. ويتطلب ذلك الانتباه والحذر من أن يتوجه نشاط المتعلم بفعل هذه المغريات في اتجاه معاكس للاتجاه المرغوب فيه الذي يوصل إلى تحقيق الأهداف التربوية المتوخاه.
وينبغي ربط المدرسة بالبيت من أجل التعاون المثمر البناء لتوظيف هذا العامل لصالح العملية التعليمية – التعلمية سواء كانت موجهة او عفوية.

2 – جوانب اجتماعية :
وتتضمن ظروف الاسرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وجميع الأشخاص الذين يتصل بهم المتعلم وكذلك الجو المدرسي وما فيه من علاقات اجتماعية بين المتعلمين بعضهم ببعض او بينهم وبين المعلمين والادارة.

3. جوانب تتصل بمادة التعلم :
إذ أن طبيعة مادة التعلم وطريقة تنظيمها وبنائها وتقديمها يلعب دورا فاعلا في فعالية التعلم. ولهذه العوامل انعكاسات على بناء المناهج وتطويرها من جهة وعلى تنفيذها وتقويمها من جهة اخرى . فالمناهج المبنية على أسس اجتماعية ومعرفية ونفسية وفلسفية سليمة تسهل عملية التعلم وتجعل المواقف التعليمية – التعلمية اكثر التصاقا باحتياجات الفرد والبيئة والمجتمع واشد ارتباطا بخصائص المتعلم ومتطلبات مادة التعلم.
كما أن التعليم المبني على مراعاة هذه العوامل والهادف إلى تدريب المتعلمين على ادراك العلاقات المشتركة بين الأجزاء المختلفة لمادة التعلم وبيئة التعلم، يكون قادرا على تسهيل التعلم تذكرة وفهم، واستيعابأ.

ثالثا: عوامل تتصل بالتعلم:

يتأثر التعلم بالمفهوم الذي يحمله المتعلم عنه – فإدراك طبيعة التعلم والعوامل الداخلية والخارجية التي تدخل فيه، والهدف الرئيسي منه وإدراك الغاية من الاستمرار والتتابع في عملياته تلعب دورا كبيرا في فعالية التعلم. وهذا أمر طبيعي اذ أن المفهوم يحدد الموقف منه .
فموقف المتعلم يتحدد بمفهومه عن التعلم، وموقف المعلم من عملية التعلم يتحدد من مفهومه لها، وكذلك موقف جميع المعنيين، من مشرفين وتربويين واداريين، يتأثر بالمفهوم الذي يحملونه عن التعلم.

ومن هنا فإن عملية التعلم تعد من الظواهر المعقدة في مجال علم النفس التربوي وقضية مشكلة يعاني منها المعنيون بها لاتصالها بجميع النشاطات والفعاليات التربوية. وهي بالتالي مسؤولية المعلم ومدير المدرسة والمشرف وواضع المنهاج ومصمم الوسيلة التعليمية.. وأولياء الامور ووسائل الاعلام والمتعلم نفسه، فلكل منهم دور في تسهيل عملية التعلم وتوجيهها وعلى كل منهم واجب ادراك طبيعة التعلم ومجالاته وخصائصه وخلق الظروف الملائمة لتحقيقه.


ومما يلاحظ أن برامج تنمية القوى البشرية ترتبط ارتباطا وثيقا بعملية التعلم والتعليم من حيث التخطيط والإعداد والتنفيذ . وقد تبرز في اثناء هذه الفعاليات تساؤلات تستوقف المعنيين وتوجه نشاطهم في اتجاه يترتب عليه اتخاذ قرارات محددة لها انعكاسات على نوع البرامج وأسلوب تنفيذها ومتطلباتها التقنية ومستوى المستفيدين منها.

ومن هذه التساؤلات ما يتصل بالمخطط ومنفذ سياسة التدريب، وما يتصل بالمختص في التعليم.. معلم المدرسة وما يتصل بالمستشار الفني وخبير التنمية وما يتصل بفهم نظريات التعلم.

د. محمد ابو سل

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

علم الاجتماع التربوي ومجالاته

علم الاجتماع التربوي sociology of education هو فرع من علم الاجتماع والذي يبحث في أثر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *