أهمية الأسلوب القصصي في العملية التعليمية

معنى القَصَصُ القَّصُ : تتبع الأثر ، يقال: قصصت أثره : أي تتبعته ، والقَصَصُ مصدر ، والقَصص ( بالفتح ) : الخبر المقصوص , والقِصص بكسر القاف : جمع القصة . ( الزبيدي،1989 : 433 )
قال تعالى: ﴿ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصا ﴾ [ الكهف: 46 ] ، أي رجعا يقصان الأثر الذي جاءا به .
وقال على لسان أم موسى : ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾ [ القصص: 11 ] ، أي تتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه . والقَصص كذلك : الأخبار المتتبعة ، قال تعالى : ﴿ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾ [ آل عمران : 62 ] . وقال: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَاب ﴾ [ يوسف: 111 ] .
والقصة : الأمر والخبر ، والشأن والحال . ( ابن منظور،1988 : 74 )
الفرق بين القَصص – بالفتح – ، وبين القِصص – بالكسر – هو أن القِصص –بكسر القاف – هي جمع قِصة ، نقول فلان يكتب القِصص ويرويها ، أما القَصص- بفتح القاف – فهي الأخبار والروايات. ( الجواهري،1990: 258 )

القصة في الاصطلاح عرفها بعضهم بأنها :

موضوع أو فكرة لها هدف تمثل صورة الإبداع الفني التعبيري، تصاغ بأسلوب لغوي. ( أبو لبن ، 2008 ، 23 ) .
عمل فني يمنح الطفل الشعور بالمتعة والبهجة، كما تتميز بالقدرة على جذب الانتباه ، والتشويق ،وإثارة الخيال . ( عبد الرحيم ، 1989: 16 )
بناء فني يعتمد على مجموعة من الأحداث التي لها حبكة ، التي تربطها شخصيات تجسدها ، وزمان ومكان تدور فيه .(محمد، 2004: 20 )
نثر أدبي يصور لحظة ، أو فكرة ، أو تجربة في حياة الإنسان ، وتتسم بالتركيز والتكثيف والإيجاز ( يعقوب، 1995: 38 )
وسيلة للتعبير عن الحياة ، أو قطاع معين من الحياة ، يتناول حادثة واحدة ، أو عدداً من الحوادث بينها ترابط سردي ، ويجب أن تكون لها بداية ونهاية .( عباس،1988: 22 )
نص يعبر عن عمل أدبي يسرد مجموعة من حوادث متسلسلة ومترابطة من خلال شخصيات ومواقف ، تترابط فيما بينها لتحقيق الهدف من القصة .

أسلوب ( السرد ) العرض القصصي :

تعتبر القصة بالنسبة للأطفال وسيلة تربوية وتعليمية ذات تأثير عظيم , فهم ينتبهون إليها بإرادتهم انتباهاً عجيباً ، فمثلاً في عروض أفلام الرسوم المتحركة نراهم منتبهين ومندمجين فيها ، ولعل الشعوب في مختلف درجات رقيها فطنت في وقت مبكر إلى دور القصة في تربية وتعليم الأطفال ، فحتى يضمنوا استمرارية الأعراف والقواعد المنظمة لحياتهم واحترامها من طرف الجميع تم وضعها في قوالب قصصية ، يتم تداولها وتناقلها كحكايات شعبية من التراث تحكيها العجائز للأطفال .

ويعد العرض القصصي أحد الأساليب ذات الأهمية الكبيرة في مخاطبة وجدان الطالب وعقله معاً . كما أن الرواية القصصية تُحدث تنوعاً معرفياً لدى الطلبة من خلال الأفكار والحوادث وما يتخللها من عمليات عقلية لدى الطلبة في الربط والتحليل والتفسير والتقويم ، وغيرها من العمليات العقلية التي قد يحدثها ذلك الأسلوب. ( أبو عودة،2004: 6 )

كما أن هذا الأسلوب أسلوباً مهماً للتوضيح وإثارة دافعية المتعلمين ، وعاملاً مهماً في نشر الاتجاهات ، وتعديل السلوك ، والدعوة إلى التحلي بمكارم الأخلاق ، وبخاصة لدى أطفال المرحلة الأساسية ، ذلك أن الأطفال يحبون الاستماع إلى القصص دون ملل ، لأنها تتفق مع ما لديهم من خيال واسع ، كما أنها تساعد على تثبيت العقيدة في نفوسهم ، ومعايشة القيم والأخلاق ، وتكامل المعرفة . ( محمود، 2004 :14 )

فالأسلوب القصصي من الأساليب المستخدمة في تقديم المعلومات والحقائق ، وقد استخدمه القرآن الكريم في العديد من آياته وسوره ، ونظراً لأهمية القصص ، وتأثيرها الفعّال في النفس البشرية نرى المولى – عز وجل – يفرد سورة كاملة في القرآن الكريم يسميها سورة ( القصص ) ، يخاطب المولى – عز وجل – الرسول – صلى الله عليه وسلم – بقوله : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَـمِنَ الْغَافِلِينَ} [ يوسف: 3 ] .فالإسلام يدرك هذا الميل الفطري إلى القصة ، ويدرك ما لها من تأثير ساحر على القلوب ، فيستغلها لتكون وسيلة من وسائل التربية والتقويم ( قطب، 1994: 12 ) .

وتعد هذه الطريقة من أقدم الطرق والأساليب التي استخدمها الإنسان لنقل المعلومات والعبر على اختلاف الفئات العمرية التي يتعامل معها ، وهي من الطرق المثلى لتعليم الطلاب ، خاصة في المرحلة الأساسية .


لقد أدركت وزارة التربية والتعليم أهمية الأسلوب القصصي فأدخلته في العديد من كتب المرحلة الأساسية ، وخاصة كتب اللغة العربية والتربية الإسلامية ، فهو أسلوب ووسيلة من الوسائل ذات الأثر الملموس ، ويتماشى مع فلسفة التعليم الأساسي الذي يأخذ على عاتقه أن الطالب محور العملية التعليمية ، وركيزة للتعليم والتعلم .

ويقصد بأسلوب السرد ( العرض ) القصصي : هو أسلوب تعليمي تعلمي ، يهدف إلى تقديم المادة العلمية ( التدريسية ) للمتعلمين من خلال توظيف العرض القصصي( السرد القصصي ) في التدريس ، وذلك لتحقيق الأهداف التعليمية للمبحث الذي يدرسه المعلم .

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *