تعريف البحث العلمي وأهميته وأهدافه وخصائصه

إن الحاجة إلى الدراسات والبحوث والتعلم أصبحت ضرورة أكثر من أي وقت مضى، بسبب من التفجر المعرفي الذي أدى إلى سباق للوصول إلى المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تكفل الرفاهية للإنسان، وتضمن له التفوق على غيره.

وإذا كانت الدول المتقدمة قد أولت البحث العلمي اهتماماً كبيراً فلأنها أدركت أن عظمة الأمم تكمن في قدرات أبنائها العلمية و الفكرية و السلوكية،وهي مجالات للبحث العلمي الدور الأبرز في تمتين دعامتها وتحقيق تطورها ورفاهيتها،والمحافظة بالتالي على مكانتها الدولية، كما وأن المؤسسات التربوية باعتبارها نظم اجتماعية يجري عليها ما يجري على الكائنات البشرية، من نمو وتطور وتقدم ومواجهة التحديات ، ومن ثم فإن التغيير يصبح ظاهرة طبيعية تعيشها كل مؤسسة .

والمؤسسات لا تتغير من أجل التغيير نفسه، بل تتغير لأنها جزء من عملية تطوير واسعة، ولأنها يجب عليها أن تتفاعل مع التغييرات والمتطلبات والضرورات والفرص في البيئة التي تعمل بها.

وقد أصبحت منهجية البحث العلمي وأساليب القيام بها من الأمور المسلم بها في المؤسسات الأكاديمية و مراكز البحوث، بالإضافة إلى انتشار استخدامها في معالجة المشكلات التي تواجه المجتمع بصفة عامة، حيث لم يعد البحث العلمي قاصرا على ميادين العلوم الطبيعية وحدها.

ونحن كثيراً ما نطلق كلمة بحث على جميع نشاطات الدارسين، فما البحث ؟ وما أهميته ومجالاته وأهدافه التربوية؟

تعريف البحث:

تجميع منظم لجميع المعلومات المتوفرة لدى كاتب البحث عن موضوع معين وترتيبها بصورة جيدة بحيث تدعم المعلومات السابقة أو تصبح أكثر نقاءً ووضوحاً.

و البحث عملية استقصاء منظمة ودقيقة لجمع الشواهد والأدلة، بهدف اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة أو تكميل ناقص أو تصحيح خطأ. على أن يتقيد الباحث بإتباع خطوات للبحث العلمي وأن يختار المنهج والأدوات اللازمة للبحث وجمع المعلومات.

مفهوم البحث العلمي:

هناك عدد من التعريفات في إطار البحث عن تحديد مفهوم البحث العلمي نوردها فيما يلي، كما جاءت تاركين للقارئ حرية الاختيار للتعريف الذي يرى فيه الدقة والموضوعية.
وإذا حاولنا تحليل مصطلح “البحث العلمي” نجد أنه يتكون من كلمتين “البحث” و “العلمي” ، يقصد بالبحث لغوياً “الطلب” أو “التفتيش” أو التقصي عن حقيقة من الحقائق أو أمر من الأمور. أما كلمة “العلمي” فهي كلمة تنسب إلى العلم، والعلم معناه المعرفة والدراية وإدراك الحقائق، والعلم يعني أيضاً الإحاطة والإلمام بالحقائق، وكل ما يتصل بها، ووفقاً لهذا التحليل، فإن “البحث العلمي” هو عملية تقصي منظمة بإتباع أساليب ومناهج علمية محددة للحقائق العلمية بغرض التأكد من صحتها وتعديلها أو إضافة الجديد لها”.

وهناك تعريف يقول أن البحث العلمي”هو وسيلة للاستعلام والاستقصاء المنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة بالإضافة إلى تطوير أو تصحيح المعلومات الموجودة فعلاً، على أن يتبع في هذا الفحص والاستعلام الدقيق، خطوات المنهج العلمي، واختيار الطريقة والأدوات اللازمة للبحث وجمع البيانات”والمعلومات الواردة في العرض بحجج وأدلة وبراهين ومصادر كافية.

ويمكن تعريف البحث العلمي أيضا بأنه عرض مفصل أو دراسة متعمقة تمثل كشفاً لحقيقة جديدة، أو التأكيد على حقيقة قديمة سبق بحثها، وإضافة شيء جديد لها، أو حل لمشكلة كان قد تعهد بها شخص باحث بتقصيها وكشفها وحلها.

وكذلك يوجد تعريف آخر مفاده بأن البحث العلمي هو نشاط علمي منظم، وطريقة في التفكير واستقصاء دقيق يهدف إلى اكتشاف الحقائق معتمداً على مناهج موضوعية من أجل معرفة الترابط بين هذه الحقائق واستخلاص المبادئ العامة والقوانين التفسيرية.

مفهوم المنهج:-

يعتبر منهج البحث في جميع حقول المعرفة واحد، والهدف هو التوفيق بين النشاط الذاتي المبدع، والمعلومات الأولية والوسائل التي تظهر في سياق البحث، على أن فضائل البحث عامة، فهي فضائل متصلة بالتكوين السليم للإنسان، ومن ثم بالإنسانية جمعاء. والمنهج العلمي هو الدراسة الفكرية الواعية للمناهج المختلفة التي تطبق في مختلف العلوم وفقاً لاختلاف موضوعات هذه العلوم، وهي قسم من أقسام المنطق، والمنهج هو خطوات منظمة يتبعها الباحث أو الدارس في معالجة الموضوعات التي يقوم بدراستها إلى أن يصل إلى نتيجة معينة، أي أن المنهج هو الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم المختلفة عن طريق جملة من القواعد العامة التي تسيطر على سير العقل.

يلعب منهج البحث دوراً أساسيا في تدوين معلومات البحث، فهو يلزم الباحث على عدم إبداء رأيه الشخصي دون تعزيزه بآراء لها قيمتها، والتقيد بإخضاع أي رأي للنقاش مهما كانت درجة الثقة به، إذ لا توجد حقيقة راهنة بذاتها، وضرورة تقيد الباحث بالدقة في الاعتماد على الروايات والاقتباسات أو التواريخ غير الواضحة أو غير الدقيقة، وكذلك ضرورة الدقة في شرح المدلولات التي يسوقها الباحث، وباختصار ينبغي، أن يتحلى الباحث بالصبر على ما قـد يبعثه البحث أحياناً، في النفس من شعور بالغربة والوحشة، وما قد يعنيه من وحدة وانعزال وتأمل.

و المعرفة العلمية هي معرفة يمكن إثباتها عن طريق كل من العقل والتجربة (الملاحظة)، كما أن الصلاحية المنطقية ووسيلة التحقق التجريبية هما المعياران اللذان يستخدماهما العلماء لتقويم المسعى في سبيل المعرفة، وهذان المعياران يترجمان في أنشطة البحث التي يقوم بها العلماء من خلال عملية البحث. ومن هنا يمكن النظر إلى عملية البحث على أنها المخطط الشامل للأنشطة العلمية التي ينشغل فيها العلماء لتحقيق المعرفة. فهي النموذج المثالي للاستقصاء العلمي.

الأسلوب العلمي وأهميته في البحث:-

تسعى العلوم جميعها إلى تحقيق أهداف العلم الثلاثة، التفسير، التنبؤ، والضبط، بتبني الأسلوب العلمي الذي يتميز بالدقة والموضوعية، وباختبار الحقائق اختباراً منطقياً، مع العلم أن الحقائق العلمية ليست بالضرورة حقائق ثابتة، بل حقائق بلغت درجة عالية من الصدق وفي هذا المجال تبرز قضية منهجية يختلف فيها الباحث أو العالم في الجوانب النظرية، عن الجانب الآخر التطبيقي. فالأول (النظري) لا يقتنع بنتائجه حتى يزول عنها كل شك مقبول، وتصل درجة احتمال الصدق فيها إلى أقصى درجة، أما الآخر (التطبيقي)، فهو يكتفي بأقصى درجات الاحتمال، فإذا وازن نتائجه فإنه يأخذ أكثرها احتمالا للصدق.

ويعتمد الأسلوب العلمي بالأساس على الاستقراء الذي يختلف عن الاستنباط والقياس المنطقي، فهو يبدأ بالجزئيات ليستمد منها القوانين في حين أن القياس، يبدأ بقضايا عامة يتوصل منها إلى الحقائق الجزئية، وليس يعني ذلك أن الأسلوب العلمي يغفل أهمية القياس المنطقي، ولكنه عندما يصل إلى قوانين عامة يستعمل الاستنباط والقياس في تطبيقها على الجزئيات للتثبت من صحتها، كما يستخدم الطريقة الاستنتاجية التي تتمثل، في استخلاص قانون أو ظاهرة عامة من مجموعة ظواهر خاصة.

ويتضمن الأسلوب العلمي عمليتين مترابطتين هما، الملاحظة والوصف، وذلك لأنه إذا كان العلم يهدف للتعبير عن العلاقات القائمة بين مجموع الظواهر المختلفة، فإن هذا التعبير يكون في أساسه وصف، وإذا كان هذا التعبير يمثل الوقائع المرتبطة بالظاهرة، فلا بد أن يعتمد على الملاحظة فيختلف الوصف العلمي عن الوصف العادي. فالأول لا يعتمد على البلاغة اللغوية، بل هو وصف فني، ذلك أنه عند قياس النواحي المختلفة في ظاهرة أو عدة ظواهر، فإن هذا القياس ليس إلا وصفاً كمياً، يقوم على الوسائل الإحصائية باختزال مجموعة كبيرة من المعلومات إلى مجموعة قليلة من الأرقام والمصطلحات الإحصائية.

أما بالنسبة إلى الملاحظة العملية، فهي تمثل الملاحظة التي تستعين بالمقاييس المختلفة، وهي تقوم على أساس ترتيب الظروف ترتيباً معيناً بحيث يمكن التكرار الذي له أهمية كبيرة من حيث الدقة العلمية، فهو (التكرار) يساعد على تحديد العناصر الأساسية في الموقف المطلوب دراسته وترك العناصر التي تكونت بالصدفة، كما أن التكرار ضروري للتأكد من صحة الملاحظة فقد يخطئ الباحث نتيجة الصدفة أو لتدخل العوامل الشخصية، مثل الأخطاء الناجمة عن الاختلاف في دقة الحواس والصفات الشخصية للباحث، كالمثابرة وقوة الملاحظة، كما يفيد التكرار أيضا في التأكد من دقة ملاحظة شخص آخر، أو في إعادة البحث مرة أخرى بغرض التأكد من النتائج.

بإيجاز يبدأ الباحث بتحديد معالم وأبعاد مشكلة البحث، ثم يستغل الباحث كل خبراته ومهارته في حل تلك المشكلة، مرورا ببلورة أفكاره المناسبة للمشكلة على أساس البيانات المتوفرة لديه من مصادره الذاتية أو المصادر الأخرى

خصائص الأسلوب العلمي:-

يتميز الأسلوب العلمي عن بقية الأساليب الفكرية بعدة خصائص أساسية أهمها:

(1) الموضوعية: وتعني الموضوعية هنا، أن الباحث يلتزم في بحثه المقاييس العلمية الدقيقة، ويقوم بإدراج الحقائق والوقائع التي تدعم وجهة نظره، وكذلك الحقائق التي تتضارب مع منطلقاته وتصوراته، فالنتيجة يجب أن تكون منطقية ومنسجمة مع الواقع ولا تناقضه، وعلى الباحث أن يتقبل ذلك ويعترف بالنتائج المستخلصة حتى ولو كانت لا تتطابق مع تصوراته وتوقعاته.

(2) استخدام الطريقة الصحيحة والهادفة: ويقصد بذلك، أن الباحث عندما يقوم بدراسة مشكلة أو موضوع معين، ويبحث عن حل لها، يجب أن يستخدم طريقة علمية صحيحة وهادفة للتوصل إلى النتائج المطلوبة لحل هذه المشكلة، وإلا فقدت الدراسة قيمتها العلمية وجدواها.

(3) الاعتماد على القواعد العلمية: يتعين على الباحث الالتزام بتبني الأسلوب العلمي في البحث من خلال احترام جميع القواعد العلمية المطلوبة لدراسة كل موضوع، حيث إن تجاهل أو إغفال أي عنصر من عناصر البحث العلمي، يقود إلى نتائج خاطئة أو مخالفة للواقع. ومن هنا، فإن عدم استكمال الشروط العلمية المتعارف عليها في هذا الميدان، يحول دون حصول الباحث على النتائج العلمية المرجوة.

(4) الانفتاح الفكري: ويقصد بذلك، انه يتعين على الباحث الحرص على التمسك بالروح العلمية والتطلع دائما إلى معرفة الحقيقة فقط، والابتعاد قدر الإمكان عن التزمت والتشبث بالرؤية الأحادية المتعلقة بالنتائج التي توصل إليها من خلال دراسته للمشكلة، ويجب أن يكون ذهن الباحث منفتحا على كل تغيير في النتائج المحصول عليها والاعتراف بالحقيقة، وان كانت لا تخلو من مرارة.

(5) الابتعاد عن إصدار الأحكام النهائية: لا شك أن من أهم خصائص الأسلوب العلمي في البحث التي ينبغي على الباحث التقيد بها، هي ضرورة التأني وعدم إصدار الأحكام النهائية، إذ يجب أن تصدر الأحكام استنادا إلى البراهين والحجج والحقائق التي تثبت صحة النظريات والاقتراحات الأولية، أي بمعنى أدق، ضرورة اعتماد الباحث على أدلة كافية قبل إصدار أي حكم أو التحدث عن نتائج تم التوصل إليها.

صفات البحث الجيد:-

ينبغي أن تتوفر في البحث الجيد مجموعة من الشروط والمستلزمات البحثية الأساسية، مثل:
1). العنوان الواضح والشامل للبحث: إن الاختيار المناسب لعنوان البحث أو الرسالة أمر ضروري للتعريف بالبحث منذ الوهلة الأولى لقراءته من قبل الآخرين، وينبغي أن تتوفر ثلاث سمات رئيسة في العنوان، وهي:

أ- الشمولية: أي أن يشمل العنوان بعبراته المجال الدقيق المحدد للموضوع البحثي

ب- الوضوح: يجب أن تكون مصطلحات العنوان وعباراته المستخدمة واضحة

ج- الدلالة: أي أن يكون العنوان شاملا لموضوع البحث ودالاً عليه دلالة واضحة وبعيدا عن العمومية.

2). تخطيط حدود البحث: ضرورة صياغة موضوع البحث ضمن حدود موضوعية وزمنية ومكانية واضحة المعالم، وتجنب التخبط والمتاهة في أمور لا تخص موضوع البحث، لأن الخوض في العموميات غير محددة المعالم والأهداف تبعد الباحث عن البحث بعمق بموضوع بحثه المنصوص عليه في العنوان.

3). الإلمام الكافي بموضوع البحث: يجب أن يتناسب البحث وموضوعه مع إمكانيات الباحث الذي يجب أن يكون ملما بشكل وافي بمجال موضوع البحث نتيجة لخبرته أو تخصصه في مجال البحث، أو لقراءاته الواسعة والمتعمقة.

4). توفر الوقت الكافي للباحث: ضرورة التقيد بالفترة الزمنية لإنجاز البحث، على أن يتناسب الوقت المحدد للبحث أو الرسالة مع حدود البحث الموضوعية والمكانية. فمثلا أن معظم البحوث الأكاديمية تتطلب تفرغا تاما لإنجازها،وعموما فان الباحث الجيد يعمل على :-

أ). تخصيص ساعات كافية من وقته لمتابعة وتنفيذ البحث

ب). برمجة هذه الساعات وتوزيعها على مراحل وخطوات البحث المختلفة بشكل يكفل إنجاز البحث بالشكل الصحيح.

5). الإسناد: ضرورة إعتماد الباحث في كتابة بحثه على الدراسات السابقة والآراء الأصلية المسندة، وأن يكون دقيقا في سرد النصوص وإرجاعها لكاتبها الأصلي، والإطلاع على الآراء والأفكار المختلفة المتوفرة في مجال البحث. فالأمانة العلمية بالاقتباس ونقلها أمر في غاية الأهمية في كتابة البحوث، وترتكز الأمانة العلمية في البحث على جانبين أساسين، وهما:

أ. الإشارة إلى المصدر أو المصادر التي استقي الباحث منها معلوماته وأفكاره، مع ذكر البيانات الأساسية الكاملة للمصدر كعنوان المصدر، والسنة التي نشر فيها، والمؤلف أو المؤلفون، والناشر، والمكان، ورقم المجلد، وعدد الصفحات.

ب. التأكد من عدم تشويه الأفكار والآراء المنقولة من المصادر، فعلى الباحث أن يذكر الفكرة أو المعلومة التي قد استفاد منها بذات المعنى الذي وردت فيه.

6). وضوح الأسلوب: يجب أن يكون البحث الجيد مكتوب بأسلوب واضح، ومقروء، ومشوق، مع مراعاة السلامة اللغوية، وان تكون المصطلحات المستخدمة موحدة في متن البحث.

7). الترابط بين أجزاء البحث: ضرورة ترابط أقسام البحث وأجزاءه المختلفة وانسجامها، كما يجب أن يكون هناك ترابط تسلسل منطقي، وتاريخي أو موضوعي، يربط الفصول ما بينها، ويكون هناك أيضا ترابط وتسلسل في المعلومات ما بين الفصول.

8).الإسهام والإضافة إلى المعرفة في مجال تخصص الباحث: الباحث الجيد هو الذي الذي يبدأ من حيث أنتهي الآخرون بغرض مواصلة المسيرة البحثية وإضافة معلومات جديدة في نفس المجال.

9). توفر المصادر والمعلومات عن موضوع البحث: ضرورة توفر معلومات كافية ومصادر وافية عن مجال موضوع البحث، وقد تكون هذه المصادر مكتوبة أو مطبوعة أو الإلكترونية متوفرة في المكتبات أو مراكز المعلومات أو الإنترنت.

صفات الباحث الجيد
ينبغي أن تتوفر بعض السمات في الباحث العلمي كي يكون ناجحا في إنجاز بحثه وإعداده وكتابته بشكل جيد، ومن أهم هذه السمات ما يلي:

1. توفر الرغبة في موضوع البحث: تعتبر رغبة الباحث في مجال وموضوع البحث وميله نحوه عامل مهم في إنجاح عمله وبحثه. فالرغبة الشخصية دائما هي عامل مساعد ودافع فعال يؤدي للنجاح.

2. القابلية على التحمل والصبر
الباحث الناجح بحاجه إلى تحمل المشاق في التفتيش المستمر والمضني والطويل أحيانا عن مصادر المعلومات المناسبة والتعايش معها بذكاء وصبر وتأني.

3. التواضع
يجب أن يتصف الباحث العلمي بالتواضع مهما وصل إلى مرتبة متقدمه في علمه وبحثه ومعرفته في مجال وموضوع محدد، فانه يبقى بحاجه إلى الاستزادة من العلم والمعرفة، لذا فانه يحتاج إلى التواضع أمام نتاجات وأعمال الآخرين، وعدم استخدام عبارة “أنا” في الكتابة، أي أن لا يذكر وجدت أو عملت، بل يستخدم عبارة وجد الباحث أو عمل الباحث، وهكذا بالنسبة للعبارات المشابهة الأخرى.

4. التركيز وقوة الملاحظة:
يجب أن يكون الباحث الجيد يقظاً عند تحليل معلوماته وتفسيرها وأن يتجنب الاجتهادات الخاطئة في شرحه المعلومات التي يستخدمها ومعانيها. لذا فإنه يحتاج إلى التركيز وصفاء الذهن عند الكتابة والبحث، وأن يهيئ لنفسه مثل هذه المواصفات مهما كانت مشاغله الوظيفية أو اليومية وطبيعة عمله.

5. قدرة الباحث على إنجاز البحث:
يجب أن يكون الباحث قادر على البحث والتحليل والعرض بالشكل الناسب لأن تطوير قابليات الباحث ومنهجين أمر مهم بحيث يتمكن من التعمق في تفسير وتحليل المعلومات الكافية المجمعة لديه.

6. الباحث المنظم:-

يجب أن يكون الباحث منظماً من خلال عمله من حيث تنظيم ساعاته وأوقاته وتنظيم وترتيب معلوماته المجمعة بشكل منطقي وعملي بحيث يسهل مراجعتها ومتابعتها وربطها مع بعض بشكل منطقي. والتنظيم له مردود كبير على إنجاح عمل الباحث واختصار واستثمار الوقت المتاح.

7. تجرد الباحث علمياً
يجب أن يكون الباحث الناجح موضوعياً في كتابته وبحثه، وهذا يتطلب في الابتعاد عن العاطفة المجردة من البحث من اجل الوصول إلى الحقائق، أي يجب أن يبتعد عن إعطاء أراء شخصيه أو معلومات غير معززه بالآراء المعتمدة والشواهد المقبولة والمقنعة.

أنواع البحوث:-

تصنف البحوث إلى نوعين أساسين هما:

البحوث الأساسية: فهي بحوث تجرا أساسا من اجل الحصول على المعرفة بحد ذاتها وتسما أحيانا البحوث النظرية، وتشتق عاده من المشاكل الفكرية أو البدائية، ويمكن تطبيق نتائجها فيما بعد على مشاكل قائمة بالفعل.

البحوث التطبيقية: هي بحوث عملية تكون أهدافها محدده بشكل أدق من البحوث النظرية، وتكون موجه لحل مشكله من المشاكل العملية أو لاكتشاف معارف جديدة يمكن تسخيرها والاستفادة منها فوراً في واقع حقيقي وفعلي موجود في مؤسسه أو منطقه أو لدا أفراد، ويمكن الاستعانة بنتائجها فيما بعد لمعالجه مشكله من المشاكل القائمة بالفعل.

أنواع البحوث من حيث مناهجها:

إن طبيعة المناهج المستخدمة في البحث تفرض أيضا تقسيماً أخر لأنواع البحوث، فيكون تقسيمها كالأتي:
البحوث الوثائقية: وهي البحوث التي تكون أدوات جمع المعلومات فيها معتمده على المصادر والوثائق المطبوعة والغير مطبوعة وكذلك المواد السمعية والبصرية ومخرجات الحاسبة وما شابه ذلك من مصادر معلومات المجمعة والمنظمة. ومن أهم المناهج المتبعة في هذا النوع من الوثائق ما يأتي:
الطريقة الإحصائية أو المنهج الإحصائي.
المنهج التاريخي.
منهج تحليل المضمون أو تحليل المحتوى.

البحوث الميدانية: هي التي تنفذ عن طريق جمع المعلومات من مواقع المؤسسات والوحدات الإدارية والتجمعات البشرية بشكل مباشر، وعن طريق الاستبيان والاستقصاء أو المقابلة والمواجهة أو الملاحظة المباشرة، والمناهج المتبعة في هذا النوع هي ما يلي:
المنهج المسحي.
منهج دراسة الحالة.
المنهج الوصفي.
البحوث التجريبية: تجرى الأبحاث في هذه الحالة في المختبرات، ويحتاج هذا النوع من البحوث التجريبية إلى ثلاثة أركان أساسيه هي: المواد الأولية التي تجرى عليها التجارب، والأجهزة والمعدات المطلوبة لإجراء التجارب، والباحثين المختصين ومساعديهم.

أنواع البحوث حسب جهات تنفيذها:

البحوث الأكاديمية: وهي التي تجرى في الجامعات والمعاهد والمؤسسات الأكاديمية المختلفة، وتصنف إلى المستويات التالية:

البحوث الجامعية الأولية: وهي أقرب ما تكون إلى التقارير منها إلى البحوث، حيث يتطلب من طلبة المراحل الجامعية الأولية خاصة الصفوف المنتهية كتابة بحث للتخرج.

بحوث الدراسات العليا: وهي على أنواع منها رسائل الدبلوم العالي، والماجستير، والدكتوراه، التي يتقرر فيها الطالب فترة معينة بعد اختياره لموضوع بحثه ووضع الأسس اللازمة له، وتعين مشرف له.

بحوث التدريسيين: يتوجب على أساتذة الجامعات والمعاهد كتابة بحوث لغرض تقييمهم وترقياتهم ولغرض اشتراكهم في مؤتمرات علمية.

2- البحوث الغير أكاديمية: وهي بحوث متخصصة تنفذ في المؤسسات والدوائر المختلفة لغرض تطوير أعمالها ومعالجة المشاكل والاختناقات التي تعترض طريقها، فهي اقرب ما يكون إلى البحوث التطبيقية.

العينات:تعريفها

هي تلك العينات التي تخضع في تحديدها على أساس على نظرية الاحتمالات وتعرف أيضا بأنها عشوائية:وفيها تختار العينة بشكل عشوائي دون تدخل من الباحث وتتاح فرصة متساوية لمشاركة بحسب طرق معينة وهناك خمس عينات احتمالية:

1- العينة العشوائية البسيطة: يتم اختيار مفرداتها على أساس تكافؤ التمثيل لكامل المجتمع الأصلي باختيار عشوائي لا يتدخل الباحث فيه إطلاقا فالقرعة مثلا اختيار عشوائي وكذلك الاختيار من الجداول الإحصائية للأرقام العشوائية هي أيضا نوع من العينة العشوائية البسيطة لوتستخدم هذه العينة في المجتمعات المتجانسة التي يقل فيها عنصر التباين والاختلاف بين مفردات المجتمع.

2- العينة الطبقية العشوائية: يتم توزيع المجتمع إلى طبقات بناء على خصائص معينة لكل طبقة ثم من بعد ذلك يختار من كل طبقة بطريقة عشوائية من المجموعة الممثلة لها.. فمثلا يمكن تقسيم رجال الأعمال إلى طبقات بحسب مجالات أعمالهم فيكون هناك تجار المواد الغذائية، تجار المواد المعمارية، تجار المواد الطبية، تجار المواد الكمالية ومن هذه الطبقات يختار الباحث عشوائيا ما يمثل كل طبقة منها، وهي في داخل الطبقة أو الفئة تشبه العينة العشوائية البسيطة.

3- العينة العشوائية المنتظمة: يتم تقسيم المجتمع الأصلي إلى مسافات إحصائية معينة ثم يختار من كل فئة عشوائيا العينة المطلوبة..

4- العينة العنقودية: تسمى أيضا متعددة المراحل – والعينة المسجية – وهو عندما يكون المجتمع الأصل كبيرا فان الباحث يستخدم العينة العنقودية وفيها يقسم المجتمع إلى وحدات أولية ويتم اختيار عينة من هذه الوحدات كمرحلة أولى، ثم تقسم كل وحدة من الوحدات الأولية المختارة إلى وحدات ثانوية تؤخذ فيها عينة كمرحلة ثانية، ثم تقسم كل وحدة من الوحدات الثانوية إلى وحدات اصغر تؤخذ منها عينة كمرحلة ثالثة وهكذا…حتى يتم الحصول على حجم العينة اللازمة.

5- العينة المزدوجة: يتم استخدامها في إطار ضيق وحينما لا يرد للباحث رد على الاستبيان الذي قام بإرساله للعينة فيقوم باختيار عينة أخرى وبشكل عشوائي من أولئك الذين لم يتجاوبوا مع استبيانه المرسل ويقوم بإجراء مقابلات شخصية ليحصل على البيانات التي تساعده في دراسته.ولذلك عرفت بالعينة المزدوجة.

ب- العينات الغير الاحتمالية:هي العينات التي يتدخل الباحث في اختيار مفرداتها من المجتمع الأصل ولا تعتبر عينات عشوائية تبعا لذلك وعادة يتم اللجوء لها في الأبحاث التي يصعب معها تحديد مجتمع الدراسة مثل مجتمع المرضى بمرض معد وهكذا أو عندما تكون العينة معروفة بامكاناتها وتوفيرها للمعلومات لباحث مباشرة وهي ثلاثة أنواع:1- العينة الحصصية: نعني تقسيم المجتمع إلى فئات أو حصص وفيها يختار الباحث بنسب معينة حصة المفردات الممثلة للمجتمع الأصل بما يتناسب وطلب الباحث نفسه بمعنى إن لكل باحث حرية الاختيار للعينة الممثلة لحصة معينة من كل فئة تدخل في نظام بحثه وهي تشبه العينة الطبقية لكل الفرق بينهما إن الطبقية تتم بعشوائية بينما الحصصية تتم باختيار الباحث.2- عينة الصدفة:يقال عنها بأنها العينة المريحة أو الملائمة وهي مجموعة المفردات المتاحون للباحث بشكل مريح لتطبيق الدراسة كان يكونوا أول من يقابلهم الباحث في مكان إجراء الدراسة.والخوف من اختيار عينة الصدفة أو العينة الحصصية هو الخوف من عدم تمثيلها الأصل بشكل دقيق مما يؤثر على درجة الثقة في نتائجها وإمكانات تعميمها.3- العينة العدمية:غير قصديه يختار الباحث مفرداته الممثلة للمجتمع الأصلي بناء على معايير يضعها للعينة المختارة ويعتمد الاختيار هنا إذا انطبقت تلك المعايير على العينة.

الأدب التربوي ذو العلاقة:-
يذكر بست أن مشكلة البحث يجب أن تكون على درجة عالية من التحديد بحيث تقود إلى نتيجة دقيقة ويقترح فان دالين) بعض المعايير والاعتبارات الاجتماعية للحكم على صلاحية مشكلة الدراسة ومن هذه الاعتبارات
1) هل سيسهم حل هذه المشكلة في تقدم المعرفة في المجال؟
2) هل ستكون النتائج ذات قيمة تطبيقية للمربين والآباء أو العاملين الاجتماعيين أو الآخرين؟
3) ما مدى تطبيق النتائج من حيث عدد الأفراد، وعدد سنوات التطبيق ومجالات التطبيق؟
4) هل سيكون البحث نسخة أخرى عن دراسة سابقة قام بها بكفاية باحث آخر؟
5) إذا كان الموضوع قد بحث سابقاً، هل هناك حاجة لأن نتوسع فيه خارج حدوده الحالية؟
6) هل الموضوع محدد/ بشكل كافٍ بحيث تتاح معالجته بطريقة مستفيضة وهل له الأهمية الكافية التي تسمح ببحثه؟
7) هل ستكون نتائج الدراسة ذات أهمية مشكوك فيها؟ وهل أدوات البحث المتيسرة ليست دقيقة بما فيه الكفاية وليست ثابتة بما فيه الكفاية؟
8) هل ستقود الدراسة إلى دراسات أخرى؟
ويرى بروج وكول أن عنوان أطروحة الماجستير يجب أن يكون قصيراً، ولكنه يصف موضوع البحث ويعطى القارئ فكرة جيدة عن الغرض من الدراسة. كما يرى أن فهارس العنوان والجداول والأشكال يجب أن تكون متشابهة في طريقة صياغتها وبنيتها اللغوية

كما أوضحت أدبيات البحث التربوي مفهوم الفرضيات ودورها في البحث العلمي فعلى سبيل المثال وضع مولي، بعض المعايير للفرضية الجيدة، وهذه هي:-

1) أن تبنى الفرضية بشكل مباشر على البيانات
2) أن تفسر البيانات الموجودة بطريقة أبسط من الفرضيات المناقشة
3) أن يُعبَّر عنها بشكل بسيط ومختصر
4) أن تكون قابلة للاختبار

ويذكر Kerlinger أربعة أسباب لأهمية الفرضيات كأدوات في البحث العلمي، فهي أولاً تنظم جهود الباحثين فالعلاقة التي تعبر عنها الفرضية تشير إلى ما يجب عليهم أن يفعلوه كما تمكنهم من فهم المشكلة بوضوح أكبر ،وتزودهم بإطار لجمع وتحليل وتفسير بياناتهم ،وهي ثانياً تمثل الأدوات الفاعلة working instruments في النظرية ،إذ يمكن اشتقاقها من النظرية أو من فرضيات أخرى، وثالثها أنه يمكن اختبار الفرضيات ميدانياً أو تجريبياً وينتج عن ذلك التأكيد أو الرفض ،وهناك دائماً إمكانية تحول الفرضية بعد تثبيتها والتأكد منها إلى قانون ،ورابعها أن الفرضيات هي أدوات قوية لتقدم المعرفة ،لأنها تمكننا كما يشرح كيرلنجر ،من البحث ونحن خارج ذواتنا، أما بستفيرى إن الفرضية الجيدة لها عدة خصائص أساسية ومن هذه الخصائص هي :-
1-أن تكون معقولة
2-أن تكون منسقة مع الحقائق والنظريات المعروفة
3-أن تذكر بطريقة تجعلها قابلة للاختبار بحيث يمكن أن تكون صحيحة ويمكن أن تكون خاطئة
4-يجب أن تصاغ بأبسط الكلمات
ومن الضروري في البحث العلمي أن نحدد جميع التعريفات والمصطلحات وأن نضع جميع المحددات ،فتعريف المصطلحات يساعد على تأسيس الإطار المرجعي الذي من خلاله يطرح الباحث مشكلته، كما على الباحث أن يعترف بصراحة بالافتراضات التي تستند إليها دراسته والقيود أو المحددات لهذه الدراسة ،وهذا الاعتراف يساعد على تركيز الانتباه على الأهداف الصادقة ،ويساعد على تقليل أخطار التعميمات المبالغ فيها ، وفي البحث العلمي يجب استخدام المفاهيم وتعريفها تعريفاً إجرائيا بتجديد الأنشطة التي نستخدمها لقياس المفهوم أو التحكم فيه، وقد أجمعت كتب البحث التربوي على ضرورة الربط بين الدراسة التي ينوي الباحث القيام بها وبين المعرفة القائمة حول موضوع هذه الدراسة ،وقد عرض بعض المؤلفين الفوائد المختلفة من مراجعة الأدب التربوي كما يلي:-
1-إن معرفة الأدب السابق يُمَكِّن من تحديد المعرفة التي اكتشفها الباحثون السابقون وبالتالي تحديد ما يمكن أن يضيفه هو إلى هذه المعرفة .
2-يُمَكِّن مراجعة الأدب الباحث من فهم النظرية ،ومن خلال النظرية يستطيع اشتقاق الفرضيات التي ستفحصها دراسته .
3-من خلال دراسة الأدب السابق يمكن التعرف على الإجراءات والأدوات التي ثبتت نجاعتها وعلى تلك التي تعتبر أقل نجاعه.
4-إن مراجعة الأدب السابق يحول بين الباحث وبين التكرار غير المجدي للبحوث السابقة.
5-تساعد البحوث السابقة الباحث على تفسير أهمية دراسته والنتائج التي توصل إليها.
وضع فان دالين مجموعة من المعايير المتعلقة بمراجعة الأدب وهذه المعايير هي :-
1-هل جرت مراجعة شاملة للأدب المتعلق بمتغيرات الدراسة؟
2-هل تم تقويم الدراسات السابقة من حيث كفاية العينة ،الأدوات الخاطئة والاستنتاجات غير المستندة إلى البراهين؟
3-هل طُورت خلفية الدراسات السابقة لإظهار أَنَّ ما هو موجود من دراسات لا يحل المشكلة التي تقوم بصددها بالشكل الكافي ؟
4-هل تكتفي مراجعة الأدب بعرض الدراسات بترتيب زمني لتجبر القارئ على استيعاب الحقائق والقيام بالاستنتاجات حول علاقة الدراسات مع المشكلة ؟أم أن المراجعة تؤسس إطاراً نظرياً للمشكلة؟
هل تجمع مراجعة الأدب البيانات والنظريات ذات العلاقة ،وتنسجها في شبكة من العلاقات التي تشير إلى المشكلات وتكشف عن الفجوات في المعرفة وتمهد الطريق بشكل منطقي لبناء الفرضيات ؟

وقد لخص Best معايير مراجعة أدبيات البحث بأن هذه الأدبيات يجب أن تكون مغطاه بشكل كاف ،ومنظمة تنظيماً حسناً ،ويجب أن تكون النتائج المهمة قد اشير إليها وأن تكون البحوث قد تم فحصها بطريقة نقدية ،كما يجب أن تلخص بشكل فعال .
أما بالنسبة لإجراءات الدراسة وتصميمها فيجب أن توصف هذه الإجراءات بشكل تفصيلي، ويجب أن تكون العينة كافية وأن يكون التصميم مناسباً والمتغيرات واضحة ومحددة وأدوات جمع المعلومات قد تم وصفها وهي ذات فعالية ويجب أن تعطى المعلومات الخاصة بثبات وصدق الأداة المستخدمة كما يجب أن تحتوي الدراسة على وصف دقيق لطريقة انتقاء العينة وان تبين الى أي حد تعتبر العينة ممثلة للمجتمع ،وفيما يتعلق بعرض المادة البحثية ينبغي أن يكون هذا العرض موضوعياً وليس ذاتياً تأملياً وأن تعرض النتائج السلبية وبجانبها النتائج الإيجابية دون تحيز أو تشويه ،كما يجب بحث العوامل التي تؤثر على النتائج والتي لم يكن بالمستطاع بحثها ،كما يجب الفصل بين الحقائق والإستنتاجات وبين النتائج وتفسيراتها ،أما بالنسبة للتوصيات فيجب أن تذكر هذه التوصيات الخاصة بتنفيذ نتائج البحث حينما كان ذلك ممكنا ً
ولذلك فالتفكير ما يدفع الإنسان عادة إلى تحديد حجم الحالة أو المشكلة التي يتعامل معها، ثم يبدأ بالتعرف على ما يتعلق بتلك الحالة أو المشكلة من معلومات وحقائق، ويقوم بجمعها وتحليلها من أجل التوصل إلى وضع الحلول المناسبة عن طريق الربط بين تلك المعلومات والحقائق. والمشاكل تشتمل على جانبين أساسين، هما:

أ). مشكلة تعرض أمام الإنسان، أو يتعرض لها هو أو غيره من بني جنسه الذين يعيشون أو يعملون معه.

ب). خطة فكرية وعقلية توضح لتحدد مدى نجاح ذلك الإنسان في حل المشكلة ووضع الإجابات المناسبة لها، وللتفكير أساليب ، أهمها :-

1). الأسلوب العشوائي:
يعتمد على ردود الفعل الاعتيادية المستخدمة مرات عديدة متكررة لمواقف وأحداث متشابهة اعترضت الإنسان في حياته، أو لمواصلة حالة نشيطة تصادفه برد فعل بسيط لا يحتاج إلى جهد ذهني أو تفكير كثير وكبير، أو قد لا يحتاج إلى تفكير إطلاقاً. مثال: سقوط شيء من يد الإنسان فيمد يده لالتقاطه، أو أن يطرد بيده حشرة قد داهمته على وجهه، أو يعترض طريق سيره عارض بسيط فيحيد عنه أو يعبره. وأحيانا قد يتطور الأسلوب الاعتباطي فيما بعد إلى نوع من العلمية في مواجهة أغلب المواقف والمشاكل التي تحتاج إلى ردود فعل وإيجاد الحلول المناسبة لها.

2). الأسلوب العلمي المبرمج:

يعتمد على استخدام الإنسان تفكيره بشكل مركز وكبير، بحيث يتناسب مع الحالة أو الموقف الذي يصادفه ويعترض حياته. وبهذا الأسلوب يحتاج الإنسان إلى تنظيم تفكيره وبرمجته، وترتيب الخطوات المطلوب إتباعها لمجابهة حالة معينة أو مشكلة محددة تواجهه بغرض وضع الحلول المناسبة والوصول إلى المعرفة التامة المفيدة المبنية على أسس مدروسة.

ومن هنا فأس الفهم والبحث هو الوصول إلى المعرفة ، ومن ثم توظيف هذه المعرفة ،أي تحويل المعرفة إلى مهارات، وأن تصبح المعرفة جزءاً من ذواتنا “التذوت”.

والمعرفة هي الإحاطة بالشيء، أي العلم به،و المعرفة أشمل وأوسع من العلم، لأنها تشمل كل الرصيد الواسع والهائل من المعارف والعلوم والمعلومات التي استطاع الإنسان أن يجمعه عبر مراحل التاريخ الإنساني الطويل بحواسه وفكره وعقله.

و المعرفة ضرورية للإنسان، لأن معرفة الحقائق تساعده على فهم القضايا التي تواجهه في حياته، وبفضل المعلومات التي يحصل عليها يستطيع (الإنسان) أن يتعلم كيف يجتاز العقبات التي تحول دون بلوغه الغايات التي ينشدها، وتساعده أيضاً على تدارك الأخطاء، واتخاذ الإجراءات الملائمة التي تمكنه من تحقيق أمانيه في الحياة.

تختلف المعرفة العلمية عن المعرفة العادية فيكونها قد بلغت درجة عالية من الصدق والثبات، وأمكن التحقق منها والتدليل عليها، والمعرفة العادية هي علم، أما المعرفة العلمية هي التي يتم تحقيقها بالبحث والتمحيص، ويعتبر “العلم” معرفة مصنفة تنسق في نظام فكري له مفاهيمه ومقاييسه الخاصة من مبادئ وقوانين ونظريات.

* المخطط الهيكلي للبحث :

يقوم الباحث بإعداد مخطط أولي لأجزاء الموضوع الرئيسية والفرعية على السواء، ويجب أن تكون هذه الأجزاء دقيقة وواضحة لبيان ما ينوي الباحث معالجته، وترتب موضوعات البحث ترتيباً منطقياً تبدأ بالعام وتتدرج إلى الخاص. وعلى كل حال فطبيعة موضوع البحث ووجهة نظر الباحث تحددان طريقة ترتيب وتقسيم المخطط.. وعلى الرغم من ذلك فإن هذا المخطط لا يعتبر نهائياً إلا فيما بعد .

* جمع المعلومات من المصادر :

بعد تحديد المصدر قد يكون النقل إما حرفياً أو اختصاراً أو تلخيصاً

ومن هنا كان على الباحث أن يجمع ويدون المادة العلمية كل ما أتصل بموضوع بحثه من قريب أو بعيد.
* تجميع وتنظيم المعلومات:

هناك طريقتان لتسجيل المعلومات المجمعة من المصادر المختلفة وهما :
– تدوين المعلومات على بطاقات :

تدون المادة العلمية على عرض البطاقة وعلى وجه واحد منها فقط، والتدوين قد يكون نقلاً حرفياً واختصاراً وتلخيصاً كما ذكرنا سابقاً. وينبغي أن لا يضع في البطاقة سوى نص فكرة واحدة ، وأن يضع عنواناً لكل فكرة دون معلوماتها ، ليدل على ما ورد فيها من معلومات ، وليسهل تصنيفها في مكانها في البحث ، وترتيبها مع مثيلاتها في الأفكار . ومكان وضع عنوان الفكرة عادة كما يراه الباحثون في الزاوية العليا اليمنى ، أما مكان المصدر فيكون في أسفل البطاقة . إن كان نص الفكرة قد انتهى بهذه البطاقة .

وإن كان النص لم ينته بعد بل احتاج إلى بطاقة أخرى أو أكثر، فينبغي أن يكون مكان ذكر المصدر في الحاشية اليمنى للبطاقة. وقد يكون النص الذي يراد نقله طويلاً، بحيث لا يكفيه بطاقة واحدة، حينئذ تعدد البطاقات إلى القدر الذي يكفي النص.
– تدوين المادة العلمية في أوراق الملف :
تدون المادة العلمية في أوراق ثم توضع في ملف أو ملفات ويكون هذا التدوين على طول الورقة ، وعلى وجه واحد منها فقط ، ويقسم الملف إلى أقسام بحسب خطة البحث .

يوضع في القسم الأول المقدمة، والقسم الثاني الباب الأول مثلاً ويقسم هذا الباب إلى عدة فصول حسب خطة البحث. ويخصص القسم الأخير عادة للمصادر .
كما يستحسن إضافة قسماً احتياطياً لباب أو فصل أو مبحث قد يستجد له في مادته العلمية، ثم يبدأ الباحث بتدوين مادته العلمية في هذه الأوراق.
* كتابة مسودة البحث:

بعد إحاطة الطالبة بالموضوع تبدأ مرحلة صوغ الموضوع وتسمي كل موضوع رئيسي بكلمة باب والمواضيع الجزئية فصول ، وتترك صفحة كاملة لكتابة عنوان البحث ، ثم تبدأ بالتمهيد الذي يكون إما عن أهمية البحث أو استعراض لأفكاره العامة أو الباعث لكتابته ، ثم تأخذ باباً باباً وتصوغ من عقلها ما استوعبت من أفكار وبلغتها وإنشائها ، وإذا رأت أنه لابد من نقل قول أو فقرة من المراجع والمصادر فما عليها إلا أن تضع لذلك القول أو تلك العبارة بين علامتي تنصيص ” ” وتضع في نهايتها رقماً أو رمزاً تضعه في الحاشية لتشير إلى اسم المصدر وهكذا تتعلم الأمانة العلمية .
* كتابة البحث بشكله النهائي :

تقسم بحثها إلى عدة أقسام :
-المواد التمهيدية:

وتشمل صفحة العنوان وهي الصفحة التي تقع في أول البحث وتشمل في الزوايا العليا من اليمين اسم المدرسة ، واسم القسم ، واسم المادة الدراسية ، وتترك مسافة كافية ويثبت في منتصف الصفحة أو أعلاها عنوان ا لبحث وتحته اسم الطالبة الباحثة والسنة الدراسية واسم المعلم/ة المشرف/ة وتاريخ تقديم البحث، على أن يراعى في هذا كله حسن التوزيع على الصفحة . ومن الضروري كتابة العنوان بالكامل ، بعد ذلك صفحة البسملة التي تشغل الورقة التي تلي صفحة العنوان ولا يكتب عليها ما يدل على تسلسلها في الصفحات من رقم عددي أو حرف هجائي .تليها صفحة الشكر والامتنان لآخرين حيث يقدم الباحث عادة الشكر والامتنان لكل من عاونوه في القيام بالبحث أو التجربة ، قائمة المحتويات وتأتي في أخر البحث وتحتوي على الأبواب التي يتكون منها متن البحث والعناوين الرئيسية والفرعية لفصوله المختلفة إلى جانبها رقم الصفحات ، كما تعطي قائمة المحتويات أيضاً القارئ فكرة عامة عن موضوع البحث .
– متن البحث :
ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء المقدمة: وهي مطلع البحث وأول ما يواجه القارئ وبها يبدأ قراءة البحث ومن خلالها يتكون لديه الحكم النهائي عن مستواه العلمي وتكتب به عادة بعد الانتهاء من مرحلة إعداد البحث. صميم المادة : وتشمل عرض الموضوع الأساسي بالطريقة التي انتهجها الباحث ويجب أن تكون هذه المادة في مجموعها متناسقة مترابطة وأن تتدرج الأبواب والفصول تدرجاً منطقياً .الخاتمة أو الملخص والنتائج والتوصيات فيتضمن الملخص موجزاً لأقسام البحث ووحداته في تتابع، أما النتائج فهي تعطي ما توصل إليه الباحث بناءً على الدراسة التي قام بها، أما التوصيات فهي مجرد آراء الباحث يعرضها للتنفيذ. قائمة المصادر: فتشمل الكتب والدوريات وغيرها من المراجع التي اعتمد عليها الباحث في جمع معلوماته وتوثيق المراجع يجب أن تشتمل على:

اسم المؤلف . اسم الكتاب .- الطبعة .- الجزء. بلد الناشر: الناشر، السنة. وترتب المراجع هجائياً حسب أسماء المؤلفين، فإذا كان للمؤلف أكثر من مرجع يكتب أسماء المؤلفين جميعاً أما إذا كانوا أربعة فأكثر فيكتفي بذكر اسم مؤلف واحد متبوع بكلمة آخرين، وتكتب المراجع العربية أولاً ثم المراجع الأجنبية ثانياً.

مواصفات الباحث ذو الاتجاهات العلمية
يتصف الباحث ذو الاتجاهات العلمية بالخصائص التالية:
(1) اتساع الأفق العقلي وتفتح العقلية: تحرر العقل والتفكير من التحيز والجمود، والخرافات والقيود التي تفرض على الشخص أفكاراً خاطئة وأنماطاً غير سليمة من التفكير. والإصغاء إلى آراء الآخرين وتفهُّم هذه الآراء واحترامها حتى لو تعارضت مع آرائه الشخصية أو خالفها تماماً. ورحابة صدر الباحث وتقبُّل النقد الموجه إلى آرائه من الآخرين، والاستعداد لتغيير أو تعديل الفكرة أو الرأي إذا ثبُت خطأها في ضوء ما يستجد من حقائق وأدلة مقنعة وصحيحة، والاعتقاد في نسبية الحقيقة العلمية، وأن الحقائق التي نتوصل إليها في البحث العلمي ليست مطلقة ونهائية.

2) حب الاستطلاع والرغبة المستمرة في التعلم: الرغبة في البحث عن إجابات وتفسيرات مقبولة لتساؤلاته عما يحدث أو يوجد حوله من أحداث وأشياء وظواهر مختلفة، والمثابرة والرغبة المستمرة في زيادة معلوماته وخبراته، واستخدام مصادر متعددة لهذا الغرض ومنها الاستفادة من خبرات الآخرين.
(3) البحث وراء المسببات الحقيقية للأحداث والظواهر: الاعتقاد بأن لأي حدث أو ظاهرة مسببات ووجوب دراسة الأحداث والظواهر التي يدركها الباحث من حوله ويبحث عن مسبباتها الحقيقية، وعدم الاعتقاد في الخرافات، وعدم المبالغة في دور الصدفة، وعدم الاعتقاد في ضرورة وجود علاقة سببية بين حدثين معينين لمجرد حدوثهما في نفس الوقت أو حدوث أحدهما بعد الآخر.

(4) توخي الدقة وكفاية الأدلة للوصول إلى القرارات والأحكام: الدقة في جمع الأدلة والملاحظات من مصادر متعددة موثوق بها وعدم التسرع في الوصول إلى القرارات والقفز إلى النتائج ما لم تدعمها الأدلة والملاحظات الكافية. واستخدام معايير الدقة والموضوعية والكفاية في تقدير ما يجمعه من أدلة وملاحظات.
(5) الاعتقاد بأهمية الدور الاجتماعي للعلم والبحث العلمي: الإيمان بدور العلم والبحث العلمي في إيجاد حلول علمية لما تواجه المجتمعات من مشكلات وتحديات في مختلف المجالات التربوية والاقتصادية والصحية .. الخ، والإيمان بأن العلم لا يتعارض مع الأخلاق والقيم الدينية، وتوجيه العلم والبحث العلمي إلى ما يحقق سعادة ورفاهية البشرية في كل مكان.


إن البحث العلمي لكي يكون في خدمة التنمية يحتاج إلى التوفيق بين جانبيه النظري الأساسي، والتطبيقي العملي، وهو ما لا يتحقق إلا بالتنسيق المحكم بين الجامعات والمدارس المتخصصة ومراكز البحث والمختبرات، حتى يتسنى لهذه أن تحقق معرفة العمل، ولتلك أن تبرز المعرفة من حيث هي، بما يقتضيه كلا الهدفين من وسائل تختلف طبيعتها بالنسبة لكل من النمطين اللذين ينبغي أن يفضيا في النهاية إلى فعل يبرر الجهود والنفقات ويبلور نتائج البحث في صيغته، وإنه –أي الفعل- وحده الذي يعطي للبحث أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأنه هو الذي يربطه بالمؤسسات الصناعية وغيرها من مراكز التنفيذ، عن طريق مد قنوات توصل بين الطرفين، كإحداث لجان أو مكاتب دراسات والنظر في جميع متعلقاتها وما قد يكون لها من احتمالات وافتراضات، حتى يتسنى إجراء مختلف العمليات التنموية في إنصاف لجميع المساهمين فيها والاعتراف لكل واحد منهم بدوره وحقه.

وإذا كان البحث العلمي يفضي في النهاية إلى التنمية، فإنه بذلك ينزل من برجه العاجي المتمثل في مؤسسات غالباً ما تكون –بقصد أو بدونه- معزولة عن المجتمع الواسع العريض، ليرتبط بهذا المجتمع الذي قد لا يعلم بجهود الباحثين ولا يدرك مدى ما يبذلونه، ولكنه يلمس نتائج أعمالهم منعكسة على واقع الحياة في تطوره ورقيه.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

استراتيجية التفكير الناقد وأهميتها في العملية التعليمية

استراتيجية التفكير الناقد هي مهارة معرفية تتضمن القدرة على تحليل المعلومات، وتقييم المواقف، واتخاذ قرارات …

3 تعليقات

  1. رائع جدا مقالكم

  2. جزاكم الله خيراً

  3. يكتسب البحث العلمي أهمية كبيرة في العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *