آفاق علمية وتربوية موقع متخصص بالثقافة العلمية والتربوية
في ظل الاستخدام اليومي المكثف للهواتف الذكية، تبرز الكثير من التساؤلات حول أفضل طرق شحن البطارية، ومن أبرزها: هل يؤدي تفريغ البطارية بالكامل وإعادة شحنها من الصفر إلى تقليل عمرها التشغيلي؟
الإجابة القصيرة: نعم، ولكن لفهم السبب بشكل علمي، يجب التعمق في خصائص بطاريات الليثيوم-أيون، وهي التقنية المعتمدة حاليًا في أغلب الأجهزة المحمولة.
ما هي بطاريات الليثيوم-أيون Lithium-ion؟
بطاريات الليثيوم-أيون هي نوع من البطاريات القابلة لإعادة الشحن، وتتميز بخفة الوزن، وكثافة الطاقة العالية، وانخفاض معدل التفريغ الذاتي. تعتمد هذه البطاريات على حركة أيونات الليثيوم بين القطب السالب (الأنود) والقطب الموجب (الكاثود) أثناء عملية الشحن والتفريغ.
وتُستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في الهواتف الذكية، الحواسيب المحمولة، الكاميرات الرقمية، والسيارات الكهربائية.
ما المقصود بدورة الشحن؟ ولماذا هي مهمة؟
تشير دورة الشحن (Charge Cycle) إلى استهلاك إجمالي يعادل 100% من طاقة البطارية، وليس بالضرورة تفريغها الكامل من 100% إلى 0% دفعة واحدة. فعلى سبيل المثال، إذا استُخدم 50% من شحن البطارية في يوم معين، ثم أعيد شحنها، وتم استخدام 50% أخرى في اليوم التالي، فإن ذلك يُحسب دورة شحن واحدة، لأن مجموع الطاقة المستهلكة يعادل 100%.
معظم بطاريات الليثيوم-أيون تدعم حوالي 300 إلى 500 دورة شحن كاملة قبل أن تبدأ في فقدان جزء من قدرتها الأصلية. هذا يعني أنه كلما زادت عدد الدورات الكاملة، قل العمر التشغيلي للبطارية. وبالتالي، تفريغ البطارية بالكامل وشحنها حتى 100% بشكل متكرر يستهلك عددًا أكبر من الدورات، ويقصر من عمر البطارية على المدى الطويل.
لماذا تفريغ البطارية حتى 0% مضر؟
رغم أن الهواتف الحديثة تحتوي على نظام إدارة ذكي للبطارية (Battery Management System)، يمنع البطارية من الوصول إلى “صفر حقيقي”، إلا أن تكرار الاستخدام حتى تنفد البطارية بالكامل يُعد مجهدًا كيميائيًا لخلايا الليثيوم.
عندما تصل البطارية إلى مستويات منخفضة جدًا (أقل من 5%)، تكون الخلايا في حالة غير مستقرة، وتزداد احتمالية فقدان بعض القدرة التخزينية الدائمة، خصوصًا مع الاستخدام المتكرر لهذا النمط.
الشحن الكامل حتى 100%.. هل هو آمن؟
رغم أن شحن الهاتف حتى 100% أمر شائع، فإن الحفاظ على الشحن الكامل لفترات طويلة (مثل ترك الهاتف موصولًا طوال الليل) قد يؤدي إلى إجهاد حراري وكيميائي لخلايا البطارية، ما يؤدي إلى تقليل كفاءتها بمرور الوقت.
الأفضل دائمًا هو الحفاظ على مستوى الشحن في نطاق 20% إلى 80%، حيث أثبتت الدراسات أن البطارية تحتفظ بكفاءتها لأطول فترة ممكنة عند العمل ضمن هذا النطاق.
نصائح للحفاظ على صحة بطارية الهاتف الذكي
لإطالة عمر بطارية هاتفك الذكي والحفاظ على أدائها، إليك أهم النصائح العملية:
- تجنب تفريغ البطارية بالكامل: حاول شحن الهاتف عندما يصل إلى 20–30% بدلاً من انتظار الوصول إلى 0%.
- لا تترك الهاتف على الشحن طوال الليل بانتظام: الشحن المستمر بعد الوصول إلى 100% يسبب سخونة ويقلل من عمر البطارية.
- استخدم الشواحن الأصلية أو المعتمدة: الشواحن غير الموثوقة قد لا توفر التيار المناسب، مما يؤدي إلى تلف البطارية على المدى الطويل.
- تجنب استخدام الهاتف أثناء الشحن المكثف: اللعب أو مشاهدة الفيديوهات أثناء الشحن يرفع حرارة الجهاز ويؤثر سلبًا على الخلايا.
- تحديث نظام التشغيل بانتظام: بعض التحديثات تحتوي على تحسينات لإدارة الطاقة واستهلاك البطارية.
خلاصة علمية
إن تفريغ بطارية الهاتف حتى 0% بشكل متكرر ليس سلوكًا صحيًا للبطارية، بل يساهم في تقليل عمرها التشغيلي وتسريع تلف الخلايا الكيميائية.
وتعتمد البطاريات الحديثة على تقنيات متطورة، لكن الاستخدام الذكي لها يظل العامل الأساسي في إطالة عمرها. لذا، ينصح بالابتعاد عن العادات القديمة في الشحن، ومراعاة إبقاء الشحن ضمن النطاق المثالي بين 20% و 80%.
