في ظل الانتشار الواسع لاستخدام السجائر الإلكترونية، خاصة بين فئة الشباب والمراهقين، تظهر تحذيرات طبية جديدة حول مخاطر صحية جسيمة قد تنجم عن هذا الاستخدام. أحد هذه المخاطر هو الإصابة بمرض “رئة الفشار” أو ما يُعرف طبيًا باسم “التهاب القصيبات المسدود”، وهو مرض نادر وخطير يؤدي إلى تلف دائم في الرئتين.
ما هو مرض “رئة الفشار”؟
“رئة الفشار” هو مصطلح يُستخدم لوصف حالة طبية تُعرف باسم التهاب القصيبات المسدود (Bronchiolitis Obliterans)، حيث تتعرض الشعب الهوائية الصغيرة في الرئتين للتلف والندوب، مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس وسعال مزمن وإرهاق مستمر.
تعود تسمية المرض إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما تم تشخيص عدد من عمال مصانع الفشار الميكروويف بهذا المرض نتيجة استنشاقهم لمادة الدياستيل، وهي مادة كيميائية تُستخدم لإضفاء نكهة الزبدة على الفشار.
العلاقة بين السجائر الإلكترونية و”رئة الفشار“
تحتوي العديد من السوائل المستخدمة في السجائر الإلكترونية على مواد كيميائية مثل الدياستيل، والتي عند تسخينها واستنشاقها تتحول إلى مواد سامة تؤدي إلى تلف الرئتين. بالإضافة إلى الدياستيل، تم العثور على مواد كيميائية أخرى مثل الفورمالديهايد والأسيتالديهايد في بخار السجائر الإلكترونية، والتي تُعتبر أيضًا ضارة عند استنشاقها.
ما يزيد من خطورة الأمر هو أن بعض المواد البديلة للدياستيل، مثل الأسيتوين و2،3-بنتانديون، قد تكون ضارة بنفس القدر. وعند تسخين هذه المواد، قد تتحلل إلى مركبات جديدة لم يتم اختبار سلامتها عند الاستنشاق، مما يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض تنفسية خطيرة.
حالة واقعية: تحذير من الواقع
في حادثة حديثة، تم تشخيص فتاة أمريكية تبلغ من العمر 17 عامًا بمرض “رئة الفشار” بعد استخدام السجائر الإلكترونية سرًا لمدة ثلاث سنوات. بدأت الفتاة في استخدام السجائر الإلكترونية للتعامل مع القلق الناتج عن العودة إلى المدرسة بعد جائحة كوفيد-19. وفي إحدى حصص التشجيع المدرسية، شعرت بصعوبة في التنفس وتم نقلها إلى المستشفى، حيث تم تشخيص حالتها.ScienceAlertPeople.com
على الرغم من أن حالتها تم اكتشافها في مرحلة مبكرة، إلا أن الأطباء أكدوا أن المرض لا يمكن علاجه بشكل نهائي، وأن الأضرار التي لحقت برئتيها دائمة. تستخدم الفتاة الآن جهاز استنشاق للمساعدة في التنفس، ومستقبل صحتها التنفسية غير مؤكد.People.com
الوقاية خير من العلاج
نظرًا لعدم وجود علاج نهائي لمرض “رئة الفشار”، فإن الوقاية تُعد السبيل الوحيد لتجنب الإصابة. يتطلب ذلك توعية الشباب والمراهقين بمخاطر استخدام السجائر الإلكترونية، خاصة تلك التي تحتوي على نكهات مغرية قد تُخفي وراءها مواد كيميائية ضارة.
كما يجب على الجهات المعنية فرض رقابة صارمة على مكونات السوائل المستخدمة في السجائر الإلكترونية، والتأكد من خلوها من المواد الضارة، بالإضافة إلى توعية الأهل بمخاطر هذه المنتجات ومراقبة استخدام أبنائهم لها.
خاتمة
تُظهر الأدلة المتزايدة أن استخدام السجائر الإلكترونية ليس بديلاً آمنًا للتدخين التقليدي، بل يحمل في طياته مخاطر صحية جسيمة قد تؤدي إلى أمراض لا يمكن علاجها. من الضروري أن نأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد، وأن نعمل جميعًا—أفرادًا ومجتمعًا—على حماية أنفسنا وأحبائنا من هذه المخاطر.
المراجع:
- ScienceAlert: ‘Popcorn Lung’: Vapers at Risk of Irreversible Disease, Experts WarnScienceAlert+1ScienceAlert+1
- People: High School Cheerleader Left with ‘Deadly Diagnosis’ After Secretly Vaping for 3 YearsPeople.com+1ScienceAlert+1