يعد الجدول الدوري (Periodic Table) حجر الأساس في علم الكيمياء، حيث ينظم جميع العناصر الكيميائية المكتشفة وفقًا لخواصها الذرية والكيميائية.
المهندس أمجد قاسم
ومنذ إعلانه لأول مرة بواسطة العالم الروسي ديميتري مندلييف (Dmitri Mendeleev) في القرن التاسع عشر، خضع الجدول الدوري للعديد من التحديثات مع اكتشاف عناصر جديدة.
ففي عام 2011، تم الإعلان عن انضمام عنصرين جديدين، وهما الفليروفيوم (Flerovium, Fl) والليفرموريوم (Livermorium, Lv). وبعد ذلك، تمت إضافة أربعة عناصر أخرى عام 2016، وهي النيهونيوم (Nihonium, Nh)، الموسكوفيوم (Moscovium, Mc)، التينيسين (Tennessine, Ts)، والأوغانيسون (Oganesson, Og). .
تاريخ إضافة العناصر الجديدة
إضافة الفليروفيوم والليفرموريوم (2011)
في عام 2011، أعلن الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية (International Union of Pure and Applied Chemistry, IUPAC) عن انضمام عنصرين جديدين إلى الجدول الدوري، هما:
- الفليروفيوم (Fl, 114): تم اكتشافه في معهد دوبنا للأبحاث النووية في روسيا، وسمي نسبة إلى العالم الروسي جورجي فليروف (Georgy Flerov)، مؤسس مختبر فليروف للفيزياء النووية.
- الليفرموريوم (Lv, 116): تمت تسميته نسبةً إلى مختبر لورنس ليفرمور الوطني (Lawrence Livermore National Laboratory) في الولايات المتحدة، حيث تم إنتاجه لأول مرة بالتعاون مع علماء روس.
هاتان المادتان تنتميان إلى مجموعة العناصر الفائقة الثقل (Superheavy Elements)، وهي عناصر يتم إنتاجها في المختبرات عبر تفاعلات نووية ولا توجد بشكل طبيعي على الأرض.
إضافة أربعة عناصر جديدة (2016)
بعد خمس سنوات، وتحديدًا في ديسمبر 2015، أعلن الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية عن التحقق من أربعة عناصر جديدة، مما أكمل الصف السابع من الجدول الدوري. هذه العناصر هي:
- النيهونيوم (Nh, 113): أول عنصر يتم اكتشافه من قبل علماء يابانيين في معهد ريكن (RIKEN Institute). سمي “نيهونيوم” نسبةً إلى “نيهون” (Nihon)، وهو الاسم الياباني لليابان.
- الموسكوفيوم (Mc, 115): سُمي نسبة إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث جرت أبحاث مكثفة لاكتشافه.
- التينيسين (Ts, 117): سُمي بهذا الاسم تكريمًا لولاية تينيسي الأمريكية (Tennessee)، التي تضم مختبر أوك ريدج الوطني (Oak Ridge National Laboratory)، وهو أحد المؤسسات المساهمة في اكتشاف العنصر.
- الأوغانيسون (Og, 118): أُطلق عليه هذا الاسم تكريمًا للعالم الروسي يوري أوغانيسيان (Yuri Oganessian)، تقديرًا لإنجازاته في مجال الكيمياء النووية.
كيفية إنتاج العناصر الفائقة الثقل
لا توجد العناصر الفائقة الثقل في الطبيعة، بل يتم إنتاجها صناعيًا باستخدام مسرعات الجسيمات (Particle Accelerators)، حيث يتم قذف نوى عناصر أخف بأيونات مشحونة عالية الطاقة.
فعندما تتصادم النوى، قد تندمج لتشكيل عنصر جديد، لكنه يكون غير مستقر ويتحلل بسرعة عبر سلسلة من الاضمحلالات الإشعاعية (Radioactive Decay).
التحديات في اكتشاف العناصر الجديدة
تواجه الأبحاث في مجال العناصر الفائقة الثقل تحديات عديدة، منها:
- عدم الاستقرار النووي (Nuclear Instability): تتحلل هذه العناصر بسرعة كبيرة، مما يجعل دراستها وتأكيد وجودها صعبًا.
- تقنيات التصنيع المتقدمة: يتطلب إنتاج هذه العناصر مسرعات جسيمات متقدمة وتقنيات عالية الدقة في الكشف عن نواتج الاضمحلال.
- التكلفة المرتفعة: تحتاج التجارب إلى تمويل ضخم لتشغيل المعدات المتطورة وإجراء البحوث المستمرة.
الأبحاث الحديثة: هل هناك عناصر جديدة قادمة؟
حتى مارس 2025، لم تتم إضافة أي عناصر جديدة إلى الجدول الدوري خلال العام الماضي، لكن الأبحاث مستمرة لاكتشاف عناصر ذات أعداد ذرية أعلى من 118. من بين العناصر المقترحة:
- العنصر 119 (“يونونيوم” Ununennium, Uue)
- العنصر 120 (“يونبينيليوم” Unbinilium, Ubn)
وتشير بعض النظريات إلى أن هذه العناصر قد تكون ضمن “جزيرة الثبات” (Island of Stability)، وهي منطقة نظرية في الجدول الدوري حيث يُتوقع أن تكون بعض العناصر الفائقة الثقل أكثر استقرارًا من غيرها.
أهمية اكتشاف العناصر الجديدة
لا تقتصر أهمية اكتشاف العناصر الجديدة على توسيع الجدول الدوري، بل يمكن أن تسهم في تطوير:
- المواد الجديدة (Advanced Materials): قد تؤدي دراسة هذه العناصر إلى ابتكار مواد ذات خصائص غير مسبوقة.
- التقنيات النووية (Nuclear Technologies): يمكن أن تسهم في فهم أعمق للفيزياء النووية وتطبيقاتها.
- الطب الإشعاعي (Radiomedicine): بعض العناصر المشعة تُستخدم في تشخيص الأمراض وعلاجها، وقد يكون للعناصر الجديدة دور مستقبلي في هذا المجال.
لقد شهد الجدول الدوري تطورات هامة مع إضافة عناصر جديدة استكملت الصف السابع. ورغم أن العام الماضي لم يشهد إضافات جديدة، إلا أن الأبحاث مستمرة لاكتشاف عناصر تفوق العدد الذري 118.
حيث يشكل هذا المجال تحديًا علميًا كبيرًا، لكنه في الوقت ذاته يفتح آفاقًا جديدة لفهم الكون وخصائص المادة. ومع تقدم التكنولوجيا، قد يكون المستقبل حافلًا بالمزيد من المفاجآت في عالم الكيمياء.