هل يوجد معلم واحد لم يصادف طالبا مهرجا في أحد الصفوف المدرسية، سؤال طرحه على نفسه المربي روبرت ديبراين واضاف: يضيع مثل هذا الطالب وقت الصف بالتهريج بدءا من ملاحظاته البارعة وانتهاء بملامح وجهية غريبة يصطنعها.
وقد لا يتورع عن قول اي شيء او عمل اي شيء لجعل الناس يضحكون ويكون في بؤرة الانتباه.
وتتعقد المشكلة عندما لا يعرف متى يتوقف ، ومن المؤكد انه لا يفعل ما لم يتم الانتباه اليه. وحتى وان وجه اليه تنبيه او لفت نظر فانه قد يتمتع به ما دام يجلب له الانتباه من زملائه او زميلاته او معلمه او مديره.
وفي الحقيقة فان الطلبة المهرجين مضحكون، وقد يكون بعضهم في غاية الذكاء او ضعيفا أكاديميا او هامشيا.
ومنهم من يكون بأمس الحاجة الى الرفاق. ولذا يغطي بعضهم بالتهريج او التنكيت على ضعفه الاكاديمي، او يتجنب المسؤولية به، او يخفي جديته الحقيقية به. . ان الشيء الوحيد المؤكد انهم عندما يتصرفون بأمان من الخارج، فانهم لا يشعرون – عادة- بأمان من الداخل.
ولذا يجدر بالمدرسة ان تنتبه اليهم وان لا تتجاهلهم. وطريق ذلك معرفة او تحديد حاجاتهم النفسية التي يعبر عنهم سلوكهم او فلتات منه. انهم بحاجة قوية الى الانتباه. وربما كانت هذه الحاجة محركهم الاول للتهريج وبأي ثمن. ولعله من سوء حظهم شعورهم ان التهريج هو السبيل الوحيد في هذا الصف او المدرسة لجلب الانتباه.
يسعى المهرج -في كثير من الاحيان – لاقامة علاقات مع زملائه. ولكنه لا يعرف كيف يفعل او لا يثق بما يفعل لإقامتها. كما قد يكون مرفوضا في البيت او الصف او المدرسة. ومن هنا فانه قد يلجأ الى التهريج ليهرب من الم الرفض، ومن العجز عن الانجاز الاكاديمي فيبحث عن النجاح من خلال التهريج او الاضحاك. وكأنه يقول: انظر. انني شخص ذو شأن. ولكن ذلك غير صحيح في جميع الحالات، فلدى بعض الطلبة المهرجين تقدير مرتفع للذات ولكنهم يحبون المرح والتسلية والتهريج ولكنهم قد لا يحبون دور المهرج.
واذا كان الامر كذلك فيجب ان نساعدهم على اكتشاف طريق يخرجون به من هذا الدور الذي لا يرغبون فيه.
وفيما يلي مدخل اجمالي مناسب للتعامل مع الطلبة المهرجين:
اولا: تذكر ان الطالب المهرج مضحك غالبا فاستمتع بالمرح معه وشاركه فيه لبرهة ومع طلبة الصف اذا كان ذلك ممكنا. واعلم انك اذا اخفقت في ذلك فان الصف قد يعتبرك بليدا . ان المرح ليس هو المشكلة بل التوقيت.
ثانيا : خطط مسبقا للتعامل مع المهرج المزعج واستخدام لغة العيون بدلا من الكلمات لجعله يدرك متى يكفي ما يكفي، تحرك نحوه بسرعة لأنك كلما اقتربت منه أسرع التوقف التهريج.
ثالثا : استجب بضحكة قصيرة واشارة عين سلبية ثم بصمت لطيف أو مجامل للمهرج لمساعدته على التوقف والاستقرار، ولا تقل كلمة واحدة عندما يتوقف، استمر في الدرس كالمعتاد، واياك ان تتعامل مع هذا الموقف بغضب أو رفض أو سخرية، كما لا تحاول المزايدة على الطالب المهرج أو التنافس معه لأنك قد لا تستطيع.
رابعا : تذكر أن تلبية حاجة المهرج الى الانتباه ضرورية، فانتبه اليه ليس في اثناء التهريج او في أوجه فقط بل في بقية الاوقات والا فان سلوكه لا يتغير.
خامسا: استخدام استراتيجية الزمان والمكان والتكرار مع المهرج، لا تهنه امام زملائه، اعقد معه لقاءات خاصة قل له مثلا: أن المرح والتهريج والتكيت شيء عظيم كلنا بحاجة اليه، ولكنك قد تفقد الاحترام اذا قمت به في الوقت الخطأ، أو زاد على حده، وانك تفقد الاحترام الا جعلت نفسك دائما مضحكة أو اضحوكة، لا تنتقد وانت ملتق معه – المرح والتنكيت او تحط من قدرهما، وتأكد انك تقول له : انه لمدعاة لسروري أن تكون في الصف، وانك ستفيد نفسك وزملائك اذا سيطرت على الاضحاك.
وبما انك طالب ناضج فانني اغتاظ او امتعض عندما ارى بعض الطلبة يضحكون عليك، كما تزعجني مساعدتك لهم على ذلك، واخبره انك ستساعده في السيطرة على التهريج بصورة ناجحة وذكية وبحيث يصبح تهريجه شيئا نافعا ومصدر قوة له، لا عائقا في طريقه.
سادسا : يجب علنا ان لا ننسى ان للمرح والضحك والنكتة مكانة كبيرة في الصف والمدرسة والحياة، وان استعادة الانتباه الصفي هي المشكلة، وان افضل طريقة لاستعادته هي المشاركة في الضحك ولو للحظة ثم المضي بالدرس كالمعتاد.
ان كثيرا من المشكلات تحل بتجاهلها، واذا لم يستطع بعض طلبة الصف العودة الى الانتباه كالمعتاد فأصمت للحظة والق بنظرة جادة منك في اتجاههم.
بمثل هذه التصرفات التربوية سيقدر طلبتك الانصات والحاجة الى التصرف اذا قمت بلفت نظر طالب أو تنبيهه.
سابعا: يجب علينا كمعلمين ومعلمات ومديرين ومديرات ان لا نعتقد ان الطالب المهرج يهدف الى تسخيفنا والسخرية منا، مثل هذا الاعتقاد مدمر للعلاقة معه ولامكانية مساعدته على السيطرة على نفسه، ولنتذكر ولا ننسى انه يسيء التصرف ليجذب الانتباه اليه، وانه لا علاقة لذلك باشخاصنا.
وأخيرا : علينا ان لا ننسى ان للمرح والنكتة في الصف والمدرسة والحياة فوائد كثيرة ، انها تخلصنا من كثير من الضغوط الداخلة، ان المرح او النكتة و التنكيت .. ليست خاصية انسانية سلبية.
انها خاصية انسانية ايجابية ويمكن تحويلها الى عامل بناء في نجاح الفرد، أن الهدف هنا جعل هذه الخاصية تعمل في صالح الطالب والصف والمدرسة، فهلا تذكرتم ذلك وعملتم به.
حسني عايش