تأثير تغير المناخ على انقراض الكائنات الحية

لقد خلق الله ـ عز وجل ـ الأرض بل الكون أجمع وفطر عناصره ومكوناته على التغير والتحول، زيادة ونقصاناً تارة ووجوداً وعدماً تارة أخرى (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). والعناصر الجوية للغلاف الجوي لكوكب الأرض محط تغير نسبي دائم عبر دورات زمنية قصيرة وأحياناً طويلة لأسباب داخلية أرضية وأحياناً خارجية كونية ولقد جعل الله الشمس هي المصدر الأساسي للطاقة ومنبع الحياة مرسلة أشعتها عبر الفضاء، ولله في خلقه شؤون.

وتغير المناخ هو الاختلاف سواء في متوسط حالة المناخ أو في تذبذبه أو في الاستمرار لفترة طويلة والتي، عادة ما تكون عقودا أو أكثر. ويشمل زيادات في درجة الحرارة (“الاحتباس الحراري العالمي”)، وارتفاع مستوى سطح البحر والتغيرات في أنماط سقوط الأمطار، وزيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة.

ولم تكن التغييرات التي حدثت في العصر الجليدي / في آخر 1.8 مليون سنة والتي ظهرت في صورة طفرات كبيرة في حدود انتشار الأنواع وفي إعادة تنظيم متميز للعوالم البيولوجية وفى المناظر الطبيعية والمجتمعات البيئية المتماثلة (Biome) قد حدثت بشكل مجزأ كما هو الحال عليه اليوم بسبب الضغوط الناجمة عن الأنشطة البشرية المختلفة.

ومع رصد التغيرات في النظام المناخي، خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين (مثل: زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وزيادة درجة حرارة الأرض والمحيطات، والتغيرات في مواسم هطول الأمطار، وارتفاع مستوى سطح البحر) وخصوصا في درجات الحرارة الإقليمية الأكثر دفئـًا …كل ذلك اثر على توقيت التكاثر من الحيوانات والنباتات و / أو على هجرة الحيوانات وطول موسم الزراعة وتوزيعات الأنواع وأحجام السكان، وتواتر تفشي الآفات والأمراض.

إن التغيرات المتوقعة في المناخ خلال القرن الحادي العشرين سوف تكون أسرع منها في الماضي على الأقل أسرع مما حدث للمليون سنة الماضية وسيرافق هذه التغيرات التغير في استخدام الأراضي وانتشار الأنواع الغريبة الغازية، ومن المرجح أن تحد هذه التغيرات من قدرة الأنواع على الهجرة وكذلك قدرتها على الاستمرار في العيش في موائل مجزئة، كما سيؤدي إلى انقراض كثير من الأنواع التي كانت معرضة من قبل لخطر الانقراض، تأثر بعض النظم الايكولوجية الهشة بوجه خاص بتغير المناخ ، مثل الشعب المرجانية ، الدب القطبي وأشجار المنجروف ، والنظم الايكولوجية لأعالي الجبال وغيرها.

ولسوف تتأثر سلبيا معيشة كثير من المجتمعات الأصلية والمحلية وستتضرر طالما أدي تغير المناخ وتغير استخدام الأراضي إلى خسائر في التنوع البيولوجي. لذا يتحتم على المجتمع الدولي المضي قدما في تطبيق البروتوكولات والاتفاقيات البيئية للحد من ظاهرة تغير المناخ والاحترار العالمي والحفاظ على التنوع البيولوجي الذي بات مهددا لعدة أسباب من أهمها ظاهرة الاحتباس الحراري. ويجب أن يتخذ كل فرد التدابير اللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ولحماية التنوع البيولوجي داخل نطاق بيئته بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الحكومة وغير الحكومية المعنية بذلك. ولقد تمت الإشارة داخل البحث لبعض الاتفاقيات الدولية التي تساهم في حماية العالم من تغير المناخ بالإضافة إلى الحفاظ على التراث البيئي، وبعض الاقتراحات التي من شأنها تعضد أثر تلك الاتفاقيات.

ولكن لا تصل أشعة الشمس التي تسقط على الغلاف الجوى كلها إلى سطح الأرض، إذ أنه من ميزات هذا الغلاف انه يسمح بمرور الأشعة ذات التردد المنخفض ويمنع ذات التردد العالي. إن الأشعة القادمة من الشمس والتي تكون عادة ذات تردد منخفض تمر من خلاله نحو الأرض، وعند وصولها الأرض تمتص الأرض جزء من طاقة الأشعة وتعكس الباقي إلى الجو مره أخرى ولكن بتردد عالي على شكل أشعة تحت حمراء حيث يتم امتصاصها في هذا الغلاف الغازي مما يؤدي إلى اكتسابه بعض طاقتها ويقوم بدوره بإعادة إرسالها نحو الأرض مما يشكل مصدر إضافي للطاقة.

إنّ النتيجة النهائية لهذه العملية هي إعادة توزيع الطاقة بحيث يجعل الحرارة في الطبقة ما بين الغلاف والأرض مرتفعة والتي فوق الغلاف منخفضة. إن هذه الظاهرة وما يرافقها من ارتفاع في درجة حرارة سطح الأرض تجعل من الأرض كوكب مناسب لكافة أشكال الحياة. فينعكس حوالي 25% من هذه الأشعة إلى الفضاء، ويمتص حوالي 23% أخرى في الغلاف الجوى نفسه. وهذا معناه أن 52% فقط من أشعة الشمس تخترق الغلاف الجوى لتصل إلى سطح الأرض.

ومن هذه النسبة الأخيرة ( 52 % ) نجد أن 6% منها ينعكس عائدا إلى الفضاء، بينما يمتص الباقي ( 46% ) في سطح الأرض ومياه البحار ليدفئها . وتشع هذه الأسطح الدافئة – سطح الأرض ومياه البحر – بدورها الطاقة الحرارية التي اكتسبتها على شكل أشعة تحت حمراء ذات موجات طويلة، ونظرا لأن الهواء يحتوى على بعض الغازات بتركيزات شحيحة (مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء) و التي من خواصها عدم السماح بنفاذ الأشعة تحت الحمراء، فإن هذا يؤدى إلى احتباس هذه الأشعة داخل الغلاف الجوى. وتعرف هذه الظاهرة باسم ” الاحتباس الحراري ” أو الأثر الصوبي ولولاه لانخفضت درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 33 درجة مئوية عن مستواها الحالي – أي هبطت إلى دون نقطة تجمد المياه – ولأصبحت الحياة على سطح الأرض مستحيلة.

غازات الاحتباس الحراري الأساسية و ارتفاع معدلاتها

يعد غاز ثاني أكسيد الكربون هو غاز الاحتباس الحراري الرئيس. وتتوقف تركيزاته في الهواء على الكميات المنبعثة من نشاطات الإنسان خاصة من احتراق الوقود الحفري (الفحم والبترول والغاز الطبيعي) ومن إزالة النباتات، خاصة الغابات الاستوائية التي تعتبر مخزنا هائلا للكربون. فنحن نعيش في الكرة الأرضية التي تعج بالكربون -مع نباتاتها وحيواناتها وكائناتها الحية الدقيقة وبشرها- ومع كل هذا فنسبته في الهواء الجوي قليلة إذا ما قورنت بالأكسجين (21 % من الهواء الجوي) والنيتروجين حوالي (75 %) أما الكربون (0.3%) فقط والباقي محبوس في جميع المركبات الحيوية المحتوية على الكربون. كما تتوقف تركيزاته في الهواء على معدلات إزالته وامتصاصه في البحار وفى الغطاء النباتي على سطح الأرض فيما يعرف بالدورة الجيوكيميائية للكربون والتي تحدث توازنا في تركيزات الكربون في الهواء. ودورة الكربون هي الطرق التي يسلكها الكربون في الطبيعة، فالكل ينفث الكربون في الجو والهواء: المصانع، والمزارع، والمنازل، والمدارس، والسيارات، والطائرات، والحيوان، النبات، والكائنات الحية الدقيقة. والكل يحرق الوقود ويقوم النبات وبعض الكائنات الحية الأولية والطلائعية الأخرى بتثبيت ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الغذاء والخشب والأكسجين والمركبات الكربونية الأخرى.

ولقد أوضحت الدراسات المختلفة أن هذا التوازن قد اختل نتيجة لنشاط الإنسان المتزايد. ففي عصر ما قبل الصناعة (عام 1750 – 1800) كان تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء حوالي 280 جزءا في المليون حجما. أما الآن فيقدر هذا التركيز بنحو 360 جزءا في المليون أي بنسبة 31 % في زيادة لم يسبق لها مثيل خلال العشرين ألف سنة الماضية حتى أصبحت دورة ثاني أكسيد الكربون الطبيعية في الجو غير قادرة على استيعاب هذه الكمية مما يؤدي إلى تراكمها في الغلاف الجوي. وتقدر كمية ثاني أكسيد الكربون التي انبعثت في الغلاف الجوى في العالم عام 1900 بحوالي 1960 مليون طن، ارتفعت إلى 5961 مليون طن في عام 1950 ثم إلى 16902 مليون طن في 1975 ووصلت إلى 22800 مليون طن في1998
) وتوضح هذه الأرقام الزيادة الكبيرة في معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون منذ منتصف القرن الماضي. وتعتبر الدول المتقدمة مسئولة عن حوالي 50% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والولايات المتحدة الأمريكية وحدها مسئولة عن حوالي 23% من إجمالي الانبعاثات في العالم تليها الصين (14.8%) ودول الاتحاد الأوروبي (7.3%) وروسيا (7%) واليابان (5%).

وبالإضافة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون، هناك عدة غازات أخرى لها خصائص الاحتباس الحراري وأهم هذه الغازات هي الميثان الذي يتكون من تفاعلات ميكروبية في حقول الأرز وتربية الحيوانات المجترة ومن حرق الكتلة الحيوية (الأشجار والنباتات ومخلفات الحيوانات) الذي سجل زيادة 1060 جزء بالمليون (151%) منذ عام 1750.. وبالإضافة إلى الميثان هناك غاز أكسيد النيتروز (يتكون أيضا من تفاعلات ميكروبية تحدث في المياه والتربة )و الذي قدرت الزيادة في تركيزه بنحو 46 جزء بالمليون (17%) منذ عام 1750 ومجموعة غازات الكلوروفلوروكربون التي تستخدم كمبردات في أجهزة تكييف الهواء والثلاجات، ولإنتاج رغوة بلاستيكية تستخدم في صنع الأثاث ومواد العزل تتسبب في تآكل طبقة الأوزون ، حيث تحول ذرات الأوزون إلى أكسجين عادي وأخيرا غاز الأوزون الذي يتكون في طبقات الجو السفلى ، و طبقة الأوزون تعمل على امتصاص معظم الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس والمتجهة نحو الأرض ، ومن المعلوم أن الأشعة فوق البنفسجية تمتلك طاقة عالية وقدرة هائلة على إحداث الأمراض السرطانية لدى من يتعرض لها ، كما أن هذه الأشعة وخصوصا UV-B تسهم بشكل كبير في إحداث تشوهات في الجينات الوراثية للكائنات الحية و تمتلك هذه الأشعة قدرة تخريبية تطال مواد البناء والدهانات ومواد العزل والبلاستيك وأجسام السيارات .وحيث أنه من المتعذر إجراء دراسة مباشرة للتأثير الناجم عن تراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوى، فقد وضعت خلال العقدين الماضيين طائفة من النماذج الرياضية للتنبؤ بما قد يحدث .

ولقد أوضحت هذه النماذج أنه لو تضاعفت تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوى عن معدلها في عصر ما قبل الصناعة فإن هذا سيؤدى إلى رفع درجة الحرارة على سطح الأرض بمتوسط يتراوح بين 1.5 – 4.5 درجة مئوية خلال المائة عام القادمة. ولقد بينت تقارير الفريق الحكومي الدولي المعنى بتغير المناخ (IPCC ) Intergovernmental Panel on Climate Change والتي صدرت كل خمسة أعوام منذ 1990 ، أنه إذا استمر انبعاث غازات الاحتباس الحراري بمعدلاتها الحالية فمن المحتمل أن ترتفع درجة حرارة العالم من 1.5 إلى 6 درجات مئوية في غضون المائة سنة القادمة (الاحتمال الأكبر هو 3 درجات مئوية).

وقد جرى التنبه إلى حدوث ظاهرة الاحترار العالمي من خلال مقارنة التسجيلات السابقة لدرجات حرارة سطح الأرض والغلاف الجوى، حيث بدأ تسجيل هذه القراءات علمياً منذ عام 1860 وبمقارنة هذه التسجيلات بدرجات الحرارة الحالية، مع ربط ذلك بظواهر أخرى مثل تقلص حجم الغابات، وزيادة عدد موجات الأيام الحارة وأيام المطر الشديد، فقد تكون اقتناع، من كل ذلك، بأن هناك تغير في المناخ في اتجاه الاحترار العالمي، عززته حقيقة ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بنحو 0.3 – 0.6 درجة مئوية مقارنة بعام 1860.

ولكن هناك بعض العلماء يرون أن هذه الزيادة هي في حدود التغيرات الطبيعية التي تحدث للمناخ، وبذا لا يمكن اعتبارها زيادة حقيقية خاصة وأن التحليل المفصل لدرجات الحرارة خلال المائة سنة الأخيرة يوضح أنه كانت هناك فترات انخفضت فيها الحرارة عن معدلاتها (من 1950 – 1960 ومن 1965 – 1975 مثلا) .وقد تبين من الدراسات بأن المتوسط العالمي لدرجة الحرارة السطحية أرتفع منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى الآن بحوالي 0,6 درجة حرارية حتى عام 1994 بالإضافة إلى ارتفاع أخر منذ عام 1995 حتى الآن بفارق 0,15 درجة حيث كانت عقد التسعينات من القرن الماضي من أشد العقود حرارة وأن عام 1998 كان من أشد الأعوام حرارة منذ عام 1861 م وفعلا فقد سجلت أعلى درجة حرارة عظمى قياسية في الكويت في 20 أغسطس 1998 وكانت الحرارة 51,3 درجة مئوية وفيما يتعلق بالشتاء- كان شتاء 1999- 2000 الأعلى حرارة وكان خريف 2001 هو الأحر.

كما تشير الدراسات الأخيرة بأن تناقص الغطاء الثلجي وانحسار الرقعة الجليدية بالقطب الشمالي والتي رصدتها التوابع الاصطناعية قد تناقصت بنسبة 10% منذ أواخر الستينيات كما تناقصت المدة السنوية للغطاء الجليدي فوق البحيرات والأنهار في المناطق ذات خطوط العرض الوسطى والقطبية في نصف الكرة الشمالي قد انخفضت خلال القرن العشرين و تلك التغييرات ليست واضحة في القطب الشمالي وحده فهنالك تغييرات واضحة تحدث أيضا في القطب الجنوبي، في القارة القطبية الجنوبية ففي العام 1995 انفصلت عن القارة الجليدية كتلة جليدية عملاقة، سميت لارسن A ، بمساحة 8000 كيلو متر مربع. هذه الكتلة العملاقة ذابت وتفككت في المحيط. ولم تكن هذه الحادثة وحيدة. كتلة جليدية أخرى،سميت لارسن B ، والذي تبلغ مساحتها 3250 كيلو متر مربع، تفككت أيضا وذابت في المحيط. هذه العمليات الدراماتيكية لا تحدث فقط في القطبين إنما في الكتل الجليدية على اليابسة أيضا. إحدى الحالات المقلقة هي ذوبان الجبال الجليدية في الهيمالايا التي تغذي كل الأنهر الكبيرة في جنوب آسيا وجنوب شرق القارة، ويعيش حول هذه الأنهر مئات الملايين من البشر..
كما أرتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر حيث تشير بيانات مقياس المد إلى أن المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر قد أرتفع بما يتراوح بين 0,1 و 0,2 متر خلال القرن العشرين وهي على ارتفاع خلال هذا القرن أيضا. كما ارتفعت درجات الحرارة للمحيطات منذ أواخر الخمسينيات مما زادت في نسبة الأمطار والأعاصير في السنوات الأخيرة أما القطب الشمالي فقد واصل تقلصه بمعدل يصل إلى 2.7% في العقد الواحد.

وفي دراسات التغيرات الأخرى في جوانب مناخية في العالم من الواضح تزايد هطول الأمطار بنسبة 0,5 و 1% في العقد الواحد من القرن الماضي فوق معظم المناطق ذات خطوط العرض الوسطى والقطبية في النصف الشمالي للكرة الأرضية ومن المرجح كذلك زيادة هطول الأمطار بنسبة 0,2 إلى 0,3% للعقد الواحد في المناطق المدارية ( 10 ْ شمالا و10 ْ جنوبا).

التغيرات المتوقعة في المستقبل

1- ارتفاع جديد في متوسط المنسوب العالمي لسطح البحر بمقدار 9 إلى88 سم.
2- هطول أمطار أكثر في المناطق المعتدلة وفي جنوب شرق آسيا، يصاحبه احتمال أكبر بحدوث الفيضانات.
3- هطول أمطار أقل في آسيا الوسطى والبحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وبعض أجزاء من استراليا ونيوزيلندا، يصاحبه احتمال أكبر بحدوث جفاف.
4- أحداث مناخية متطرفة أكثر تكرارا وقسوة مثل موجات السخونة والعواصف والأعاصير.
5- اتساع مدى بعض الأمراض المنقولة بالحشرات أو الماء، مثل الملاريا.
6- زيادة احترار القطبين الشمالي والجنوبي مما يؤدي لذوبان معظم الجليد في البحار.
كما زادت نسبة غطاء السحب بنسبة 2% عند خطوط العرض المتوسطة والقطبية خلال القرن العشرين والقرن الحالي. دار صراع مرير في سنوات التسعين، خاصة في الولايات المتحدة عن مسئولية الإنسان. أدير الصراع من قبل كيان باسم Global climate coalition. بعكس ما يبعثه الاسم، لم تكن هذه مجموعة من محبي البيئة إنما إطارا وقفت من ورائه كبريات شركات النفط في الولايات المتحدة.

لقد أداروا صراعا مريرا وحملة إعلامية شرسة حول الادعاء بأن هنالك ارتفاعا بالحرارة بالفعل، بل وبأنه خطر ومقلق، لكنه غير ناجم عن تصرف بشري. في إطار هذا الصراع، عملوا على طرح نظريات مختلفة منها النظرية عن دورية في بقع الشمس التي تشرح عملية ارتفاع الحرارة.

لكن في هذا المجال أيضا فإن الصورة العلمية واضحة للغاية. اليوم، توجد أنظمة علمية تحلل الاحتباس الحراري بشكل دقيق، وهنالك اتفاق علمي واسع حولها. حسب هذه الأنظمة فإن التصرف البشري يفسر 95% من عملية ارتفاع الحرارة الحادثة اليوم.

ولكن في ظل حدوث تغيرات مناخية دورية قديمة قبل استخلاف الإنسان في الأرض أحسب أنه من الصعوبة إصدار الحكم الجازم في الوقت الراهن والقول أن أنشطة الإنسان في عصر الصناعة و توحش النظام الرأسمالي تقف خلف تغير المناخ الحالي 100%، إذ أن تغير المناخ مسألة طبيعية معقدة وشائكة تقف نتائج الدراسات المناخية لها بذلك شاهدة. وما زالت النماذج العددية(Atmosphere-Ocean General Circulation Model) ومعها سيناريوهات انبعاثات غازات الدفيئة (Greenhouse Gas emission scenarios) تعطي نتائج متوافقة من جهة ارتفاع درجة حرارة الأرض، وفي الوقت نفسه متباينة بشكل واضح في نسبة الارتفاع مما يدفعنا إلى التريث في توجيه تهمة المسئولية الكاملة للإنسان.

بيئة الكائن الحي أحد ضحايا تغير المناخ

ولما كانت البيئة هي كل شيء خارجي حول الكائن الحي ومن هذه العوامل مالها تأثير على نمو واستقرار الكائن الحي في الوجود ويسمى عندئذ بالمحيط المؤثر وينقسم إلى:

المحيط الفيزيائي: و هي مجموعة العوامل الفيزيائية التي تؤثر على الكائن الحي و مثالها: الهواء و الماء و الرياح و التربة و الطاقة (الشمس) التي تحدد كلا من : الرياح و الرطوبة و الضوء و الضغط الجوي.

المحيط الحيوي: هي مجموعة العوامل الحيوية التي تؤثر على حياة الكائن الحي أو مجموعة العلاقات المتداخلة بين الكائنات ومحيطها.

وذكر بيئيون أن المحيط يتكون من أسس أربعة (المكان – الجو – الغذاء – الأحياء الأخرى) لذا فإن التفاعل المتوازن و العلاقات المتبادلة بين الأحياء يخلق استقرار في معدلات التكاثر للأنواع أي محيط مستقر للكائن و عدمه قد يخلق عدم استقرار في معدلات التكاثر و الانقراض.و تشير نتائج الدراسات التي تبحث العلاقة بين المناخ ومعدلات الاندثار والتنوع البيولوجي على امتداد فترة طويلة إلى أن التغيرات المناخية كانت السبب الرئيسي للاندثارات الواسعة للكائنات الحية.

وحللت الدراسة السجلات الحفرية وتغيرات درجات الحرارة على مدى 500 مليون سنة ووجدت أن ثلاثة بين أكبر خمسة اندثارات -والتي جرى تحديدها بأنها تلك التي اختفت فيها أكثر من 50 في المائة من أنواع الكائنات الحية على الأرض- حدثت خلال فترات كانت فيها درجات الحرارة مرتفعة. من جهة ثانية بينت أبحاث العلماء أن التنوع الحيوي كان اكبر خلال الفترات الباردة مما يدلل على أن الارتفاع في درجات الحرارة ينذر بموجة جديدة من انقراض الأنواع و يهدد التنوع البيولوجي الذي يقصد به التعدد في أنواع الكائنات الحية وعددها والتباين بين هذه الأنواع ، وكذلك الاختلافات بين أفراد النوع الواحد ويعرف التنوع البيولوجي بالمصطلح الإنجليزيBiodiversityوالذي اشتق من دمج كلمتي الأحياءBiologyوالتنوعDiversity .

أهمية التنوع البيولوجي

أولاً: القيمة الاقتصادية والاجتماعية

يوفر التنوع البيولوجي الأساس للحياة على الأرض. إذ تساهم الأنواع البرية والجينات داخلها مساهمات كبيرة في تطور الزراعة والطب والصناعة. وتشكل أنواع كثيرة الأساس لرفاهية المجتمع في المناطق الريفية. فعلى سبيل المثال يوفر الحطب وروث الحيوانات ما يزيد على 90% من احتياجات الطاقة في مناطق كثيرة في دول آسيوية وأفريقية، وفى بوتسوانا يوفر ما يزيد عن 50 نوعا من الحيوانات البرية البروتين الحيواني الذي يشكل 40% من الغذاء في بعض المناطق. وبالرغم من أن الإنسان استعمل أكثر من 7000 نوع من النباتات للطعام إلا أن 20 نوعا فقط تشكل 90% من الغذاء المنتج في العالم وتشكل ثلاثة أنواع فقط – القمح والذرة الشامية والأرز – أكثر من 50% منه . وبالرغم من أنه من العسير تحديد القيمة الاقتصادية للتنوع البيولوجي إلا أن الأمثلة التالية فيها التوضيح الكافي لهذه القيمة :

1- يشكل حصاد الأنواع البرية من النباتات والحيوانات حوالي 4.5% من الناتج القومي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية
2- أدت التحسينات الجينية في آسيا إلى زيادة إنتاج القمح والأرز بدرجة كبيرة
3- تمت الاستفادة من جين واحد من الشعير الإثيوبي في حماية محصول الشعير في كاليفورنيا من فيروس القزم الأصفر، وحقق هذا عائدا يزيد عن 160 مليون دولار سنويا للمزارعين
4- تبلغ قيمة الأدوية المستخلصة من النباتات البرية في العالم حوالي 40 مليار دولار سنويا
5- تم استخلاص مادة فعالة من نبات الونكه الوردية في مدغشقر، كان لها أثر كبير في علاج حالات اللوكيميا ( سرطان الدم ) لدى الأطفال، مما رفع نسبة الشفاء من 20% إلى 80% ‎.

ثانياً: الإبقاء على الموارد البيئية :

يعد كل نوع من الكائنات الحية ثروة وراثية، بما يحتويه من مكونات وراثية. ويساعد الحفاظ على التنوع البيولوجي في الإبقاء على هذه الثروات والموارد البيئية من محاصيل وسلالات للماشية ومنتجات أخرى كثيرة. ولاشك أن السبل مفتوحة أمام العلماء لاستنباط أنواع جديدة من الأصناف الموجودة، خاصة الأصناف البرية، باستخلاص بعض من صفاتها ونقله إلى السلالات التي يزرعها المزارعون أو يربيها الرعاة. ولكن تطور التقنيات العلمية وخاصة في مجال الهندسة الوراثية، يفتح المجال أمام نقل الصفات الوراثية ليس بين الأنواع المختلفة فحسب، بل بين الفصائل المتباعدة. ومن ثم أتيح في كل نوع من النبات والحيوان مكونات وراثية يمكن نقلها إلى ما نستزرعه من محاصيل أو ما نربيه من حيوان. وهكذا نرى أن المزارعون يستثمرون في تحسين المحاصيل والخضر والفاكهة وراثياً، ليجعلوها أكثر مقاومة للعديد من الآفات. كذلك يتطلع العلماء إلى نقل الصفات الوراثية التي تجعل لبعض الأنواع النباتية القدرة على النمو في الأراضي المالحة والماء المالح، إلى أنواع نباتية تنتج الحبوب والبقول أو غيرها من المحاصيل . هكذا نجد أن التطور العلمي يجعل كل من الكائنات الحية مصدراً لموارد وراثية ذات نفع.

ثالثاً: السياحة البيئية

يعتبر نمو السياحة البيئية أحد الأمثلة للاتجاه الحالي لتنويع أنماط السياحة، فالطبيعة الغنية بالنظم البيئية الفريدة والنادرة بدأت تأخذ قيمة اقتصادية حقيقية. فعلى سبيل المثال تدر المناطق الساحلية بما فيها من شعاب مرجانية في غربي آسيا ومنطقة جزر الكاريبي مئات الملايين من الدولارات سنويا من الدخل السياحي، وفى جمهورية مصر العربية تدر مناطق سياحية مثل رأس محمد بسيناء أكثر من ثلاثة ملايين جنيه سنوياً من الغطس لمشاهدة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وخليج العقبة. كذلك نمت سياحة الحدائق الطبيعية، بما فيها من تنوع حيواني برى واسع، في أفريقيا ومناطق أخرى بدرجة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية. فعلى سبيل المثال يقدر أن كل أسد في حديقة قومية أفريقية يجذب من الزوار سنوياً بما قيمته 27000 دولار أمريكي، وكل قطيع من الفيلة له قيمة مالية سنوية تقدر بحوالي 610000 دولار أمريكي.

وبجانب هذه الأنماط السياحية هناك سياحة الجبال وسياحة الصحارى التي تعتمد بشكل أساسي على تنوع الموائل البيئية الطبيعية.

رابعاً: القيمة الروحية

لكل نوع من الكائنات الحية حق البقاء، لأنه شريك في هذا التراث الطبيعي الذي يسمى المحيط الحيوي. وتنشأ القيم الروحية والأخلاقية للتنوع البيولوجي من المشاعر الدينية، حيث تعطى بعض الأديان قيمة للكائنات الحية بحيث تستحق ولو درجة بسيطة من الحماية من بطش الإنسان وتدميره. وقصة سيدنا نوح وفلكه الذي أمره الله تعالى أن يحمل فيه من كل زوجين تؤكد حق الكائنات جميعاً في البقاء. ولذلك فإن فقد هذه الكائنات من البيئة الطبيعية خلل ثقافي. ولعلنا نذكر في هذا الصدد أن نبات البردي وطائر الأيبس المقدس قد اندثر من البيئة المصرية، وهذه خسارة ثقافية بالغة.

وفقدان الأنواع يومًا بعد يوم يضعف قدرة البيئة على دعم الحياة.. بل إن فقدان النوع الواحد قد يؤدي إلى انقراض آخر، مثال ذلك العصفور الناقل لحبوب اللقاح من زهرة إلى زهرة.. فإذا فُقد هذا العصفور فإن ذلك يؤدي يومًا ما إلى فقد النبات.و قد برز أن الروابط بين التنوع البيولوجي و تغير المناخ تعمل في الاتجاهين ؛ فالتنوع البيولوجي مهدد جراء تغير المناخ ، ولكنه هو يمكنه أن يخفض من تغير المناخ و تأثيراته. وتشمل عواقب تغير المناخ على عنصر الأنواع في التنوع البيولوجي ما يلي:

– تغيرات في توزيع الأنواع.
– تزايد معدلات الانقراض.
– تغيرات في توقيت التكاثر.
– تغيرات في طول فترة النمو.

وتلك التغيرات تنذر بحدوث انقراض جماعي الذي يمكن تعريفه بأنه ظاهرة دورية تتكرر على الأرض من آن لآخر وينتج عنها اختفاء جماعي لمعظم مخلوقات الأرض لتظهر بعد ذلك مجموعة أخرى من الكائنات ذات صفات جديدة ومختلفة في الغالب عن سابقتها. إن الانقراض بدأ مع الحياة منذ ما يقرب من أربعة بلايين سنة.

ويقدر علماء الحفريات أن هناك ما يقرب من خمسة انقراضات كبيرة حدثت منذ بداية الكون، وهي غالبًا إما أن تحدد نهاية حقبة من الزمان أو بداية أخرى. وتتم الدراسات عادة على بقايا حفريات الكائنات البحرية والتي تؤكد للعلماء أن في كل مرة من تلك الانقراضات يموت من ربع إلى نصف الأنواع الحية جميعها خلال عدة ملايين من الأعوام. وكان أكبر انقراض حدث منذ 240 مليون سنة، فقد قضى على 54% من الفصائل، و96% من الأجناس البحرية، مما يعنى القضاء على أعداد كبيرة من حيوانات المحيطات، واختفت المفصليات (الحشرات والعنكبوت والقشريات والحيوانات عديدة الأرجل) مثلها مثل العديد من الحشرات والمرجانيات السائدة في ذلك الوقت و إجمالا اختفى فيه من 80 إلى 96% من كل الأنواع الموجودة، ومن قبله كان الانقراض الذي حدث منذ 435 مليون سنة نتيجة جليد هائل اكتسح الأرض ، وآخر منذ 360 مليون سنة مات فيه عشرات الآلاف من المخلوقات خاصة الكائنات الدقيقة، وكان هناك انقراض آخر من 205 ملايين سنة.. قضى على كثير من أنواع الزواحف والبرمائيات؛ مما أدى إلى ظهور عصر الديناصورات، أما أحدث انقراض فقد حدث منذ 65 مليون سنة حينما اختفت الديناصورات ليظهر عصر الثدييات الذي نعيش فيه الآن.

وقد تكررت هذه الظاهرة في الخمس مرات كلها لأسباب طبيعية نتيجة تغيرات مناخية شاملة أو ثورات بركانية ضخمة أو غيرها من الكوارث المفاجئة، و قبل ظهور الإنسان . لكن الجديد في موضوع الانقراض أن كوكب الأرض يعاني حالياً من أعراض انقراض جماعي كبير، سيكون السادس في تاريخ هذا الكوكب والمفارقة في ذلك، أن أول انقراض كبير تشهده البشرية قد يكون من صنع يديها.

وقد بلغت جملة الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض حوالي 15,589 نوعاً، منها 7266 نوعاً من الحيوانات و8323 نوعاً من النباتات والأشينات.و يتضح من الأبحاث أن نسبة الأنواع المهددة بالانقراض هي:

“1”من كل “4 ” أنواع من الثدييات ،”1″ من كل “7” أنواع نباتية،”1″ من كل “8” أنواع من الطيور.

وكان أول ضحايا تغير المناخ الضفدع الذهبي الذي انقرض مؤخرا وضفدع مونتفردي المهرج، ، كما أن التغير الحالي في المناخ أدي بالفعل إلى تحويل مجتمعين من هذه الضفادع إلى لاجئين فمستعمرة لاتو الواقعة في سلسلة جزر المحيط الهادي في فانواتو، و قرية شيشماريف الواقعة على جزيرة صغيرة في ألاسكا نقلا من موقعيهما مؤخرا ؛ لتمكن الأولى من الهروب من ارتفاع منسوب مياه سطح البحر ، والأخرى للهروب من الأراضي دائمة التجمد التي تسبب وهن الكائنات ، دولفين البايجي يعد في عداد المنقرضين تقريبا في عام 2006، حيث لم يظهر المسح الصوتي والبصري شيئا يدل عليه، وذلك نتيجة للآثار الحالية والمستقبلية لتغير المناخ وقبل سنوات قليلة تم شطب الفراشة الخضراء التي عرفت على إحدى جزر هاواي من القائمة باعتبارها مُنقرضة علاوة على ذلك يوجد عدد كبير من الأنواع مهددة بسبب تغير المناخ و فيما يلي أمثلة لتلك الأنواع:

الشعاب المرجانية

تعد الشعاب المرجانية الأكثر تعرضا لمخاطر التغيرات المناخية، جراء زيادة غازات الدفيئة في الجو وارتفاع حموضة البحار والمحيطات بسبب ذوبان ثاني أكسيد الكربون بشكل متزايد في المياه وتكون حامض الكربونيك مما ينجم عنه ضعف حاد في تركيب تلك الكائنات البحرية، وهذا بدوره يؤدي إلى إصابة الشعاب المرجانية بظاهرة الابيضاض، أضف إلى ذلك أن ارتفاع درجة حرارة المياه يسهم أيضا في حدوث هذه الظاهرة المدمرة للشعاب المرجانية، و يهدد تلك الشعاب المرجانية بالزوال والفناء.

وقد أكد تقرير صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية أن خُـمس مساحة الشعاب المرجانية في العالم، فقدت بالكامل وهو ما يعادل 19% منها، كما أكد التقرير أن 35% أيضا من تلك الشعاب مهددة بالزوال خلال السنوات القليلة القادمة.

وقد بين التقرير أن المخاطر التي تواجه الشعاب المرجانية تتمثل في الدرجة الأولى بالتغيرات المناخية المتسارعة التي شهدها كوكب الأرض خلال السنوات القليلة الماضية مما أدى إلى ابيضاض الشعاب Coral bleaching ( فقد دائم أو مؤقت للصبغات أو الطحالب الموجودة في أنسجة الشعاب المرجانية)، و تتميز الشعاب المرجانية بأنها كائنات بحرية حساسة لكافة التغيرات في بيئتها، كدرجة الحرارة ودرجة الحموضة والتلوث وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى تغير في التوازن الايكولوجي للبيئة البحرية الخاصة بها.

وتعد الموائل الطبيعية لهذه الكائنات من أولى الأنظمة البيئية البحرية تأثرا بالانعكاسات الخطيرة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمية وتعد ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية، من الظواهر المعروفة عالميا، وقد شهد العالم حدوثها في عدد كبير من البيئات البحرية العالمية أشهرها في عام 1998حيث قدرت الدراسات أن زهاء 16% من مساحة الشعاب المرجانية في العالم أصابها الدمار، وأعقب ذلك في عام 2002 حدوث مثل هذه الظاهرة، ويتوقع علماء البيئة انه خلال السنوات القليلة القادمة سوف يشهد كوكب الأرض مثل هذه الظاهرة الخطيرة والتي ستكون واسعة الأثر ومدمرة لمعظم موائل الشعاب المرجانية في العالم، لذا قد يفقد الرصيف المرجاني الكبير في استراليا 95 % من عدد الشعاب الموجودة به بحلول عام 2050.

الدب القطبي:

في القطب الشمالي، يهدد انصهار الجليد وانحسار مساحته موئل الدب القطبي الذي يقتصر وجوده على منطقة القطب الشمالي وألاسكا وكندا وروسيا والنرويج و جرينلاند و ما حولها، لا توجد إحصاءات دقيقة عن العدد الإجمالي للدببة القطبية في العالم ولكن البعض يقدر أعدادها بحوالي 22.000 – 25.000 ويعيش حوالي 60% منها في كندا، و يُشار إلى أن الدب القطبي يعيش في المتوسط قرابة 30 عاماً شريطة توافر الشروط البيئية والغذائية المناسبة. وللدب القطبي قدرة فائقة في تقدير الأعماق و المسافات ولديها حاسة شم قوية وبإمكانه الجري بسرعة تصل إلى 55 كم في الساعة، كل هذه الصفات بالإضافة إلى اللون الأبيض لفروة الدب التي تمنح القدرة على التخفي فوق الثلج جعلت من الدب القطبي صيادا ماهرا . تعتبر الدببة القطبية من أكلة لحوم الحيوانات الضخمة كالفقمة، وهي مهيأة للعيش في بيئة جليدية، حيث أن لديها خمسة مخالب طويلة ومنحنية تساعدها على عدم الانزلاق ولها وسائد من الفراء في باطن القدم يساعد على تدفئة القدمين. يعد الدب القطبي من أمهر الدببة في مجال السباحة وهي أقل حجما من الدببة البنية الضخمة ولها رأس أصغر حجماً إلا أن عنقها أكثر طولاً وأقل سمكاً من معظم الأنواع الأخرى.

واعتبر حاليا من الحيوانات المهددة بالانقراض وذلك بسبب انحسار موطنه بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. هناك دراسات أجريت مؤخرا وأفادت بأن معدلات بقاء صغار الدببة القطبية على قيد الحياة انخفضت مقارنة بما كانت عليه قبل 20 عاما ويعزي الباحثون سبب انخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض مما أدى إلى ذوبان أجزاء كبيرة من الكتل الجليدية قبالة سواحل شمال ألاسكا مما قلص المساحة التي تبحث فيها الدببة عن الطعام عند حافة الكتل الجليدية.

الحيتان

تقلبات المناخ في أمريكا الشمالية تخفض أواهل البلاكتون، التي هي مصدر الغذاء الأساسي للحوت الحقيقي في شمال الأطلنطي.كما أن تضاؤل القشريات الصغيرة “الكريل Krill” في المياه القطبية نتيجة الاحتباس الحراري, يشكل تهديدا لاستمرار الحيتان الزرقاء التي تعد أضخم أنواع الحيتان على الإطلاق، نوع من الحيتان عديمة الأسنان يعرف باسم (الحوت الأزرق) ويتميز هذا الحوت الأزرق بلون جلده الأزرق المائل إلى الدكنة (أو اللون الرمادي) والمنقط بعدد من النقاط الأفتح قليلاً في اللون، وهو صاحب أضخم جثة لكائن حي عَمَرَ الأرض في القديم والحديث وأعلى نبرة صوت لكائن حي، يتراوح طول الحوت الأزرق البالغ بين 20 متراً، و33 متراً، أما وزنه فبين 90 طناً و180 طناً، ورأس هذا الحوت وحده ربع طول جسده، وجسمه الطويل يستدق في اتجاه الذنب وهذا الحوت العملاق يتميز بالهدوء الشديد. “الكريل” -وهي قشريات مجهرية تشكل الغذاء الرئيسي للحيتان الزرقاء- تختفي من البحار القطبية بسبب ذوبان الجليد الذي تسكنه طحالب بحرية مجهرية تتغذى منها الكريل بدورها. وأدى ارتفاع حرارة الأرض في العقود الأخيرة إلى تقلص مساحات الجليد وكمية الطحالب البحرية التي تستهلكها الكريل. وإذا استمرت هذه الظاهرة فقد تؤدي إلى انقراض هذه الحيتان وبلبلة النظام البيئي برمته في جنوب الأطلسي.

البرمائيات

وعلى نطاق عالمي، تعد التغيرات في البيئة الطبيعية وانتشار الصناعة، وتغير المناخ، أهم العوامل التي أثرت سلبا على الأنواع المعروفة للبرمائيات والتي يبلغ عددها 5743 نوعا. وعلى مدى الخمسة وعشرين عاما الماضية انقرض 122 نوعا من أنواع الحيوانات البرمائية في العالم . وتصاب الضفادع(شكل8) بفيروس يؤدي إلى إصابتها بالمرض، ولكن فطرا جديدا بدأ يهدد الضفادع في أنحاء العالم المختلفة مؤخرا و يرتبط ارتفاع درجة الحرارة بتفشي ذلك الفطر . ظهرت أولى حالات الإصابة بالفطر في بريطانيا. ومن أعراض الإصابة بالفيروس إصابة الضفدع بالقروح والنزيف مع ضعف في الساقين. أما أعراض الإصابة بالفطر فتشمل ميل الجلد إلى أن يصبح أكثر سُمكا، وإصابة الضفدع بالتشنجات. كما أن الدفء يسبب تغير في طبيعة موطن تلك الأنواع ما يؤثر سلبا على تكيفها مع حياتها وذكر على سبيل المثال العلجوم أو الضفادع العادية الأكثر شيوعاً في أوروبا التي تواجه تهديداً متزايداً في جنوب بريطانيا بسبب دفء الشتاء، ما يؤثر على وظائفها خلال سباتها الشتوي.

السلاحف

درجات الحرارة الأكثر ارتفاعا في مناطق المحيط الهادئ تقلل من عدد المواليد من الذكور من السلاحف البحرية وتهدد أواهل السلاحف. والواقع أن جنس مواليد السلاحف البحرية يتوقف على درجات الحرارة إلى أن يصل للانقراض، كما تعد السلحفاة المصرية (شكل 9) من أكثر الكائنات المهددة بالانقراض و قد تم إدراجها على القائمة الأولى من اتفاقية GIIES التي تحرم الاتجار الدولي بهذا النوع الذي لا يتواجد إلا في ثلاث دول من العالم و هي مصر و ليبيا و فلسطين ، كما أنها ذات معدل منخفض في التكاثر حيث تضع الأنثى عددا متواضعا من البيض كل سنة يتراوح بين 4 و7 في حفرة صغيرة في الأرض. و تعد السلحفاة المصرية واحدة من أصغر السلاحف في العالم، حيث لا يتجاوز طول الأنثى 14 سم أما الذكر فهو أصغر حجما ويتميز عن الأنثى بطول ذنبه. هذا النوع الذي يتحمل ظروف حياة قاسية وتساعدها على البقاء عدة خصائص، منها صغر حجمها ولونها الرملي مما يساعدها على الاختفاء عن أنظار أعدائها تتوافق فترات نشاطها مع مواسم هطول الأمطار فتنشط في فصلي الخريف والربيع وحتى في الشتاء، لكنها تكمن وتختفي تماما في الصيف ، و ارتفاع أكثر في درجة الحرارة يعني موجات أشد من الجفاف ونسبة أقل من الأمطار، مما يعني فناء هذا النوع النادر تماما.

الكنغر

يعد الكنغر أشهر وأكبر الحيوانات الجرابية. ويضم 90 نوعا ، أكبرها الكنغر الأحمر ويبلغ علوه المترين ويعيش في المناطق العشبية المكشوفة في جماعات أو أسرابا، وترعى هذه الأسراب أثناء الليل وتستريح في الظل في النهار، يستعمل أرجله الخلفية للحركة وذنبه القوي يتحرك بالقفز والركض وباستطاعة الكنغر البالغ أن يقفز مسافة عشرة أمتار ويجتاز حاجزا علوه مترين ونصف والرجلان الخلفيتان والبراثن تستعمل للدفاع مثلا عندما يتنافس ذكران أو أن تهاجمها كلاب المزارع وعندها يمكن أن يلحق الكنغر أذى بالغا بالكلاب والكنغر سباح ماهر وحفار سريع وكثيرا ما يحفر في الأرض بحثا عن ماء الشرب ، و النوع الصغير منه يدعى الكنغر الجرذ. وظاهرة الاحترار العالمي كانت لها آثار كارثية على فصيلته كلها إذ أن زيادة درجات الحرارة بمعدل درجتين مئويتين فقط يقلص أعداد الكنغر بنسبة 48%، أما في حال ارتفاعها بمعدل ست درجات فقد تتراجع أعداد الفصيلة بنسبة96%.

النسور

النسور السمراء والتي تنتمي لجنس Gyps وهو من فصيلة الصقور، وتتميز تلك الأنواع بخلو منطقة الرقبة والرأس من الريش وطول الرقبة. وهي مهمة جدا بالنسبة للتوازن البيئي حيث أنها تتغذي على الأنسجة الطرية في جيف الحيوانات النافقة. وقد بدأت أعداد هذه الحيوانات في الانقراض خلال العقود الأربعة الماضية بسبب إصابتها بفيروس يزداد انتشاره مع ارتفاع درجة الحرارة، لذا يشكل الاحترار العالمي خطرا على أنواع النسور السمراء الآسيوية.

خلود حمودة

المراجع و المصادر

مراجع باللغة الانجليزية:

– دلمولينو،ألكسندر.وآخرون(2006).الإنسان والبيئة.بيروت:دار عويدات للنشر والطباعة.
– ج.ج.ماكارثي،أ.ف.كنزياني،ن.أ.ليري،د.ج.دوكان،وك.س.وايت،2001 تغير المناخ التأثيرات و التكيف و الأخطار. الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، مطبعة جامعة كامبريدج، المملكة المتحدة.
– الصندوق العالمي للطبيعة ،تغير المناخ،الطبيعة في خطر ،الأنواع المهددة.
– س.ج.هاسول،تأثيرات احترار القطب الشمالي،مطبعة جامعة كامبريدج،المملكة المتحدة.
– تقرير المسح البريطاني لأنتاركتيكا،الغطاء الجليدي في أنتاركتيكا وارتفاع مستوى البحار.
– د.دادجون وآخرون 2006.التنوع البيولوجي للمياه العذبة: الأهمية والتهديدات والحالة وتحديات الحفظ.
– الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إستراتيجية جديدة لمساعدة المرجان و المنجروف على مواجهة تغير المناخ.
– مجلة ساينس العلمية.15/إبريل/2009م.
– منظمة الأرصاد الجوية العالمية:البيان العلمي والفني لمؤتمر المناخ العالمي الثاني الذي عقد في مدينة جنيف في الفترة 29/10-7/11/1990(جنيف، 1990، بيان غير منشور)
– بلاك، ريتشارد (2007) ، الاحتباس الحراري “يغير العالم فعلا” .

مراجع باللغة العربية:

– الخطوط التوجيهية للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، 1999
– عبد الله.عيسى محمد التوبي، مقابلة شخصية،20 أكتوبر 2008م.
– لموسى، جمال (2007)، الاحتباس الحراريGlobal warming / دائرة الأرصاد الجوية.
– اجتماع الخبراء لمراجعة مسودة دراسة التشريعات البيئية في الدول العربية و مدى التزامها بمتطلبات الاتفاقيات الدولية و المفاهيم البيئية الحديثة و الاتفاق على محتوى مشروع دليل تشريعي استرشادي نموذجي عربي لحماية البيئة، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية 4-5/6/2007 .
– سيف (2009).بوادر مشجعة لوقف تصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
– أ.د.شحاذة، نعمان، (1998م)، علم المناخ المعاصر، دبي، دار القلم للنشر والتوزيع (ص216-217).
– عبد العزيز،فتحي عبدا لله أبو رضي (2006)،الأصول العامة في الجغرافية المناخية،مصر، دار المعرفة الجامعية،(ص299).
– الهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتقنية والتكنولوجية الاجتماع السابع مونتريال ، 12 – 16 تشرين الثاني /نوفمبر 2001
– جريدة الوطن المصرية، 13/4/2005

مراجع من شبكة المعلومات (الانترنت):

– موقع منظمة الأمم المتحدة للأغذية و الزراعة http://www.fao.org/climatechange/home/en/
– موقع منظمة الأمم المتحدة للأغذية و الزراعة
http://www.fao.org/biodiversity/biodiversity-home/en/
– موقع مشروع البيوماب http://www.zone.biomapegypt.org/hiaa/forumdisplay.php?s=&daysprune=-1&f=37&x=3&y=67
– موقع وزارة البيئة المصرية http://www.eeaa.gov.eg/arabic/main/env_ozone_ecc.asp
– المجلس اليمني http://www.al-yemen.org/vb/archive/index.php/t-51679.html
– مدونة آفاق علمية http://amjad68.jeeran.com/archive/2008/3/498525.html
– مدونة آفاق علمية http://amjad68.jeeran.com/archive/2009/7/917181.html
-منتدى يوم جديد http://yomgedid.kenanaonline.com/posts/83655

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

النمو السكاني وتأثيراته البيئية.. تحديات وفرص

النمو السكاني Population Growth موضوع يشغل العالم اليوم لما يحمله من تأثيرات كبيرة على البيئة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *