البدائل التربوية لذوي الصعوبات التعلمية واستراتيجيات التدريس

اختلف العلماء في تحديد تعريف ملائم لذوي صعوبات التعلم، وذلك لصعوبة تحديد هؤلاء التلاميذ الذين يعانون من الصعوبات التعلمية، وكذلك صعوبة اكتشاف هؤلاء التلاميذ على الرغم من وجودهم في كثير من المدارس، فهم حقا فئة محيرة من التلاميذ؛ لأنها تعاني من تباين شديد بين المستوى الفعلي (التعليمي)، والمستوى المتوقع المأمول.

وهي فئة تحتاج إلى أساليب و وسائل خاصة في أثناء التدريس؛ لأن الأساليب المستخدمة في الصف العادي قد لا تحقق معهم التقدم المطلوب؛ لذا قام الخبراء في هذا المجال بتقديم بدائل تربوية وأساليب واستراتيجيات خاصة لهذه الفئة من الطلبة التي يتوقع من خلالها إطلاق الطاقات الكامنة لديهم.

البدائل التربوية المتاحة

تفترض هذه البدائل إمكانية دمج أفراد هذه الفئة من الطلبة الذين يعانون صعوبات تعلمية مع أمثالهم من الطلبة الأسوياء، والالتفات إلى نوعية الخدمات المقدمة لهؤلاء، ومهما تعددت الطرق والبرامج المقدمة لذوي الصعوبات إلا أنها تنطلق جميعها من الافتراض بضرورة تهيئة الفرد وإعداده ليندمج مع من حوله، وأن يكون هذا الدمج أقل تقييدا لإمكانات الفرد.

وقد تعددت الخيارات التربوية (البدائل المتاحة لذوي صعوبات التعلم اعتمادا على شدة الصعوبة، ومدى ترافقها مع غيرها من الإعاقات. والخيارات المتاحة هي:

1. الصف العادي

وهو صف المدرسة العادية، إذ يكون مجهزا بالوسائل التعليمية، والأثاث المناسب، يمضي فيه الطفل ذو الصعوبة معظم يومه الدراسي، وقد يشترك في التدريس معلم متخصص في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة.

2. غرفة المصادر
وهي غرفة صفية ملحقة بالمدرسة العادية، وتكون مجهزة بالوسائل والتجهيزات المناسبة، ويقضي فيها الطفل ذو الصعوبة جزءا من يومه المدرسي، ويتولى التدريس فيها معلم متخصص بفئة الصعوبات التعلمية.

3. المدرسة الخاصة
وهي مدرسة مجهزة بالكامل لتناسب أوضاع الطلبة الخاصة، والمنهاج فيها يختلف عن المدارس العادية، ويمضي الطالب فيها يومه الدراسي كله، وفيها إمكانية دمج ذوي الصعوبات التعلمية مع غيرهم من ذوي الإعاقات الأخرى.

ولعله جدير بالذكر أنه يوجد عدد من الخيارات التربوية المتاحة مثل:

أولا: أن يدمج الطالب في الصف العادي، وأن تستخدم استراتجيات علاجية مناسبة لحاجاته وحالته.

ثانيا : أن يدمج الطالب في الصف العادي، وأن تخصص بعض الأوقات التي يسمح فيها المعلم غرفة المصادر بالدخول لغرفة الصف؛ لتقديم المساعدة الضرورية للطالب.

ثالثا: أن تقدم المعالجة الفردية الضرورية للطالب في غرفة المصادر، ومن معلم متخصص في مجال صعوبات التعلم، ولعل غرفة المصادر من أبرز الخدمات التي يمكن تقديمها بقصد مساعدة ذوي الصعوبات على تحقيق تكيف أفضل، وتجاوز مشكلاتهم وصعوباتهم والتعايش معها، حتى يتمكن فيها الطلبة من التعلم بحسب قدراتهم وإمكاناتهم وسرعتهم التعلمية، وذلك باستخدام استراتجيات تعليمية تتناسب وأساليب تعلمهم وترتكز على نقاط القوة؛ لتدعم جوانب الضعف.

طرق التدريس والاستراتيجيات

إن تعليم الأطفال ذوي الصعوبات التعلمية؛ يفترض الانتقال والتنويع في استراتجيات التدريس وطرائقه، بهدف إيجاد برامج تعويضية لتقدم للطفل وسائل بديلة للتغلب على هذه الصعوبة، ولكن من الجدير بالذكر أنه ليست هناك طريقة ما أو شكل تعليمي ما يناسب ذوي الصعوبات جميعهم، لذلك يجب تنويع أشكال التعامل معهم لتحقيق النجاح.

ويتطلب تدريس فئات التربية الخاصة بعامة وذوي الصعوبات التعلمية بخاصة الإحاطة بأمرين:

1- أن يعد لكل طالب برنامج خاص به، ويعرف هذا عادة باستراتجيات التدريس الفردي التي تختلف عن استراتجيات تدريس الطلبة العاديين.

2- وضع أهداف تعليمية خاصة بالفرد وتختلف عما يوضع للطلبة العاديين من أهداف.

وتتلخص الخطوات الإجرائية لتنفيذ الاستراتجيات التعليمية لذوي الصعوبات بما يأتي:

1. قياس مستوى الأداء الحالي.
2. صياغة الأهداف التعليمية.
3. تحديد السلوك المدخلي (تحديد الصعوبة ودرجتها).
4. وضع خطة علاجية.
5. تنفيذ البرنامج العلاجي واستراتجيات التعليم.
6. التقييم النهائي للبرنامج.

ومن الأساليب والاستراتجيات التدريسية المناسبة لذوي الصعوبات التعلمية:

1. اسلوب تدريب العملية: وهو أسلوب للتعامل مع الصعوبات التطورية المحددة، ويستند إلى التركيز
في التدريب على العمليات النفسية التي يعاني ذو الصعوبة ضعفا فيها.
2. أسلوب تدريب المهارة: وهو أسلوب يركز على تعليم الطفل مجموعة من المهارات بعد تحليلها إلى
سلسلة من المهمات الجزئية.
3. الأسلوب التكاملي: وهو أسلوب يجمع بين التركيز على التدريب على العمليات النفسية والمهارات الأكاديمية الأساسية وهذا الأسلوب يكامل بين علاج القصور الوظيفي للعملية النفسية وتطوير المهارة.
4. الاستراتجيات الخاصة بالإدراك: وتشمل مجموعة من أساليب التعامل مع المشكلات التي تتعلق بالقوى الإدراكية (الإدراك السمعي والإدراك البصري)، ومن أمثلتها استراتجيات معالجة ضعف المتابعة
البصرية.
5. الاستراتجيات الخاصة بالذاكرة: وتشمل مجموعة من الأساليب للتعامل مع مشكلات اضطراب تذكر المعلومات التي سبق تعلمها مثل : أسلوب التجميع وتركيب الصور والتعلم الزائد.
6. استراتجيات الحواس المتعددة: وفيها يتم التركيز على استخدام الطفل لحواسه المختلفة في عملية التعلم، ومن أمثلتها طريقة (فيرنالد) أو ما يعرف بأسلوب vakt.
7. استراتجيات السلوك المعرفي: وهي تقنيات تحفيزية للطاقة الكامنة لأطفال الصعوبات، وكثيرا ما تستخدم في علاج مشكلات التنظيم الذاتي والدافعية ومن الأمثلة عليها، أسلوب مراقبة الذات وأسلوب التعليم الذاتي.
8. أساليب تعليم اللغة: وتضم مجموعة متنوعة من الأساليب والاستراتجيات المتعلقة بتعليم القراءة والكتابة والتهجئة والتعبير ومن الأمثلة عليها، الطريقة الكلية في تعليم اللغة، وأسلوب الخبرة اللغوية، وأسلوب اللغة المنمطة، وأسلوب القراءة العلاجية، والطريقة التحليلية في تعليم الأصوات، والطريقة اللغوية، وكذلك أساليب تعددية الحواس في تعليم اللغة، مثل أسلوب (جلنغهام – ستلمان). ومهما تنوعت أساليب التدريس واستراتيجياته وطرائقه، فلا بد من الاعتقاد بأن لكل طفل قدرة على التعلم، وأن له الحق بأسلوب تعلم يراعي قدراته وإمكاناته.


إن نتائج الدراسات الكثيرة التي أجريت في مجال صعوبات التعلم قد أشارت إلى وجود العديد من الطلبة الذين يعانون من صعوبات تعلمهم، وإن هذه الصعوبات ليست مقتصرة على مجتمع دون آخر أو عرق دون عرق، فلا بد لنا أن ندرس حجم هذه المشكلة، وأن نبدأ عند دراسة هذه الظاهرة التربوية بتطوير أداة ذات مصداقية مقبولة لتحديد المشكلة بأبعادها المختلفة من أجل فهمها، ووضع البرامج والحلول المناسبة لها، والتعرف إلى الطلبة الذين يعانون من هذه الصعوبات التقدير حجم هذه الظاهرة في مدارسنا، ووضع الخطط والاستراتيجيات الملائمة للتصدي لها، أو للتخفيف من حدتها وآثارها.

محمود عبد الكريم

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

أهداف التربية أساس بناء المجتمعات وتطوير الأفراد

تُعدّ التربية إحدى الركائز الأساسية في بناء المجتمعات، حيث تسهم في تشكيل الأفراد وتنمية قدراتهم، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *