الطب في وقتنا هذا يعيش في عصر مضادات الأحياء ، وما ذلك إلا ما أحدثته هذه من الانقلاب في معالجة الأمراض المتسببة عن المكروبات و بوجه خاص ، وهذه المضادات هي مواد کيماوية عضوية ، تصنعها الأحياء المجهرية ، ولها خواص تجعلها تقتل او تعيق نمو وتكاثر الأحياء المجهرية الأخرى، إما في الأجسام الحية ، وإما في أدوات المختبر الزجاجية .
ويطلق اسم الأحياء المجهرية على البكتيريا والاكتینومایسز والريكستيا والفيروس والخمائر والفطريات وبعض انواع الطحالب من المملكة النباتية والبروتوزوا وغيرها من المملكة الحيوانية .
وسيحصربحثنا هذا في البكتيريا والاكتينو مایسز والخمائر والفطريات ولو أن بعض الطحالب ( Algae ) لها أهمية كبيرة ولا سيما من ناحية كونها الغذاء الذي تقتات به الحيوانات المائية التي يستفيد منها الإنسان في التغذية والصناعة . كما أن بعض الحيوانات الدنيا مثل البروتوزوا وما شاكلها تقوم بأعمال تعود بالنفع الكبير على بني الإنسان بطرق غير مباشرة .
وعندما تذكر البكتريا او الفطريات او غيرها من الأحياء المجهرية ينصرف ذهن السامع عادة الى مسببات الأمراض الإنسانية أو الحيوانية أو النباتية منها. وما ذلك الا لتسليط الضوء على تلك الأحياء بالنسبة لعلاقتها المباشرة أو غير المباشرة بالانسان وما تسببه له من ويلات ومصائب.
على ان الأكثرية الساحقة من هذه المخلوقات الدنيا لا شأن لها بالأمراض بل على العكس من ذلك فهي تؤدي خدمات جليلة للإنسان والحيوان والنبات .
اذ لولا البكتريا التي تحلل المواد العضوية من بروتينات و کربوهیدرات ودهنيات وغيرها لبقيت المواد العضوية دون تحلل ولتراكمت جميع هذه الفضلات ولاختلت الدورات الأزوتية والكربونية الى حد بعيد مما قد يؤثر في نظام الحياة في أرضنا هذه .
وهذه الأحياء المجهرية هي من عجائب المخلوقات حقا و يعتقد انها كانت أولى مباديء الحياة التي ظهرت على وجه الأرض كأحياء مائية ومهدت الطريق أمام تطور الأحياء على سنة النشوء والارتقاء . وبعض انواع البكتريا مثلا تستطيع العيش في ظروف قاسية جدا من البرودة الشديدة الى درجة الغليان ، و في البيئات القلوية الى الحامضية جدا و عند وجود الأوكسجين او عدمه . كما أن في مقدور بعضها أن تضاعف عددها خلال عشرين دقيقة عند توفر الظروف الملائمة .
وهذه الكائنات على صغر حجمها المتناهی ذوات صفات فريدة في نوعها تمكنها من العيش والتغذية و التكاثر، وتؤهلها للعيش في جميع الظروف والأحوال .
وتقوم هذه الأحياء بإعمالها المختلفة معتمدة على ما في خلاياها مما تفرزه من الانزيمات لتحليل المواد العضوية وغير العضوية او اکسدتها لتستمد الطاقة الحرارية والمواد الأولية اللازمة لتركيب المركبات المعقدة التي تكون بروتوبلازم خلاياها .
وتعتبر هذه الاحياء من وجهة نظر العاملين في حقل الميكروبيولوجيا الصناعية مصانع انزيمية تستغل في إنتاج المواد المختلفة. وللحصول على مادة معينة بحد ذاتها يجب ان تتوفر الأحوال المناسبة لإنتاجها ، كدرجة الحرارة ودرجة الحموضة او القلوية وهي ما يعبر عنها بال ( PH ) وتوفر الاوكسجين او عدمه و ايجاد بيئة صالحة من المركبات العضوية وغير العضوية الى جانب الزرعة المناسبة من الأحياء المجهرية التي تنتج المادة المطلوبة بمستوى اقتصادي . وهذه النقطة الأخيرة نعطي اهمية كبيرة ، فمن المعلوم أن الزراعات المختلفة من النوع الواحد ( Species ) من الكائنات المجهرية تختلف في متطلباتها الغذائية والفيزيائية وفي مقدرتها على انتاج المادة الصناعية المرغوبة .
ولذلك تجري تجاربا كثيرة قبل اختيار الزراعات المناسبة ، وتعالج بمختلف الوسائل بغية الحصول على سلالات عالية الإنتاج . و تتخذ أشد الاحتياطات لعدم تلوث هذه الزراعات أو المحاليل التي تعيش فيها ، بالأنواع غير المرغوبة من الكائنات المجهرية الاخرى التي قد تسبب خسائر مادية جسيمة .
وسأتناول هذا الموضوع بالتقسيم على أساس ما تقوم به الأحياء المجهرية من الأعمال المفيدة في النواحي المتعددة .
تخصيب التربة :
تحلل السليولوز :
تشترك البكتريا مع الفطريات والأكتينومایسز في تحويل السليولوز إلى مركبات بسيطة . ومادة السليولوز صعبة التحلل والأختمار ولكن المواد النباتية كالأوراق والسوق والجذور والأخشاب تحتوي على مركبات مختلفة من بروتينية وكربوهيدراتية عدا السليولوز واللجنين تساعد على نمو وتكاثر هذه الأحياء المجهرية وتسهل مهمتها في تحليل تلك المركبات الصعبة التحلل.
وتجري عملية تحلل السليولوز على عدة مراحل يشترك فيها عدد من أنواع الكائنات المجهرية المختلفة تنتهي بسكر السليبيوز ( Cellebiose ) الذي يمكن تحويله إلى سكر الجلوكوز، و هو المادة التي تستفيد منها الأحياء مباشرة في إنتاج الطاقة الحرارية . وتجري عمليات تحلل السليولوز بنشاط عند توفر الاوكسجين في التربة ، ويتبقى الذبال الذي يعتبر عاملا هاما في خصب التربة وتحسين خواصها الطبيعية .
وعند إضافة القش وسواه من المواد التي تفتقر إلى بعض المواد الغذائية إلى التربة تستنفد الأحياء المجهرية كميات كبيرة من النتروجين والفسفور والعناصر الضرورية الأخرى مما يؤثر على احتياجات النباتات المباشرة ، و لكن لا تلبث هذه الأحياء المجهرية أن تموت ، وتعود العناصر الممثلة فيها فتصبح في متناول جذور النباتات للاستفادة منها .
ومن البكتريا التي تهضم السليولوز انواع مختلفة من الأجناس ( Genus ) مثل (Cellulomonas) و (Cytophaga ) و ( Cellvibrio ) و ( Cellfacicula) . كما أن هنالك بعض الأنواع الأخرى من أجناس ( Pseudomonas ) و ( Achromobacter ) و ( bacillus ) بحسب ابحاث Fuller & Norman وهذه البكتريا يمكنها الاستفادة من النتروجين على شكل نترات او املاح الأمونيا في تغذيتها .
بكتيريا النتروجين :
إن مجموعة بكتريا النتروجين وخاصة ما كان منها من عائلات ألNitrobacteriaceae و Azotobacteriaceae و Rhizobiaceae هي من أهم المجاميع البكتريولوجية في التربة . وتشمل هذه المجموعة بكتريا النترجة ، و البكتريا التي تثبت نتروجين الهواء في الأرض او على جذور النباتات القرنية .
ويطلق على هذه البكتيريا اسم بكتريا النترجة لأنها تؤكسد املاح الأمونيوم والنتريت إلى نترات في التربة . وتستطيع هذه البكتريا الافادة من الطاقة الحرارية الناتجة من هذه التفاعلات الكيماوية للقيام بالعمليات الحيوية اللازمة لها . ويمكنها أن تعيش وتتكاثر في محلول من الأملاح غير العضوية على أن يشتمل هذا المحلول على أملاح الأمونيا او النتريت ولذلك يطلق عليها اسم (Autotrophic).
ومن المعلوم أن البروتينات والمواد العضوية التي تحتوي على النتروجين تتحلل وينتج من تحللها الأمونيا وغيرها ، كما أن الأمونيا تتكون كذلك بفعل البرق في الجو. وتتم عملية النترجة على مرحلتين تؤكسد الأمونيا الى نتريت في المرحلة الأولى ، وتؤكسد النتريت الى نترات في المرحلة الثانية .
والبكتريا التي تحول أملاح الأمونيوم إلى املاح نتريت تشمل أنواعا مثل Nitrosomonas europaea و Nitrosococous nitrosus وأنواعا من اجناس Nitrosospiara و Nitrosocystis و Nitrosoglea وتسمى هذه العملية احيانة (Nitrosofication) . وهذه الأنواع من البكتريا تعيش عند توفر الأوكسجين الهوائي ( Aerobic ) وتنشط في التربة الدافئة الرطبة والقلوية قليلا وهي واسعة الانتشار على وجه هذه المعمورة . وقد ثبت من التجارب المخبرية ان هذه الأحياء تعيش بصورة أفضل في الأوساط التي لا تحتوي على المواد العضوية. فهي تتكاثر في محلول يحتوي على سلفات الأمونيا و فسفات البوتاسيوم الثنائي وسلفات الحديدوز و ملح الطعام والماء ، و مجموع المواد الصلبة في هذا المحلول أقل من 5 في الألف.
وتوجد اجناس اخرى من البكتريا تحول النتريت إلى نترات وتشمل الNitrobacter وخاصة
N . Winogradsky و Nitrocystis وتسمى هذه العملية الترجة (Nitrification) .
البكتريا التي تثبت النتروجين:
وتنقسم هذه الى فئات : الفئة الأولى التي تثبت النتروجين بطريقه اشتراكية على جذور القرنيات ( Symbiotic ) والفئة الثانية التي تثبت النتروجين في الارض بصورة غير اشتراكية ( Non – Symbiotic ). والفئة الثالثة البكتريا الهوائية ( Anaerobic ) .
أ- البكتريا التي تثبت النتروجين على جذور النباتات القرنية بصورة اشتراكية :
وتوجد أنواع كثيرة من جنس ال Rhizobium تعيش على جذور النباتات القرنية المختلفة داخل الثآليل ، وهي لا تثبت النتروجين إلا داخل جذور هذه النباتات ، وهذه البكتريا تغزو جذور النباتات القرنية مكونة الثاليل المعروفة نتيجة لذلك ، وهي ذات نوعية ضيقة ( Specific ) أي أنها لا تهاجم الا نوعا من النبات وفي بعض الأحيان تهاجم بعض الأنواع القريبة منه ( Species ) واذكر فيما يلي بعض الأمثلة عن انواع الريزوبيوم المختلفة ، و النباتات القرنية التي تعيش داخل جذورها :
R . Leguminosum وتنمو على جذور البازيلا والبقلة
R . Phaseoli وتنمو على جذور الفاصوليا
R . Trifoli وتنمو على جذور انواع البرسيم
R . Iupini وتنمو على جذور الترمس
R . Japonicnm وتنمو على جذور فول الصويا
R . Maliloti وتنمو على جذور الفصة و البرسيم الحلو Sweet Clover
وكما هو الحال في معظم الكائنات المجهرية سلالات ( Strains ) النوع الواحد من هذه البكتريا في قدرتها على مهاجمة النباتات المعيلة لها . والسلالات الجيدة منها تكون عددا صغيرة من الثآليل الكبيرة الحجم الزهرية اللون بالقرب من فروع الجذور الرئيسية . وهذه البكتيريا تستفيد من الكربوهيدرات والأملاح والمواد الأخرى الموجودة في عصارة النبات وتستمد النتروجين من الهواء رأسا ، وتثبته بشكل مرکبات يمكن للنبات الاستفادة منها ، و تدعى هذه العلاقة ما بين البكتريا والنبات المشاركة ذات النفع المتبادل (Symbiosis) وفي الأراضي التي تزرع لأول مرة بالقرنيات ، تطعم البذور بزرعات من البكتريا المناسبة لتتمكن الثآليل من تزويد النبات بالمواد الآزوتية اللازمة للنمو ، و يمكن الحصول على هذه الزرعات من المختبرات العالمية التي تقوم بإنتاج هذه الزرعات وبيعها تجاريا . و بدون وجود هذه البكتريا لا تنجح زراعة النبانات القرنية ولا تؤدي الفائدة المرجوة من زراعتها .
وتحتوي جذور النباتات القرنية التي عليها ثآليل جيدة على كميات كبيرة من النتروجين المثبت ، ولذلك فان استعمال تلك النباتات کسماد اخضر يغني التربة بالمواد الأزوتية والعضوية اللازمة لخصوبة التربة
ب) البكتريا التي تثبت النتروجين الهوائي ( Aerobic ) بصورة غير اشتراكية :
هنالك أنواع مختلفة من الأحياء المجهرية تقوم بتثبيت النتروجين من الهواء رأسا و استعماله لتكوين بروتينات خلاياها . ومن أنواع البكتريا التي تثبت النتروجين على هذا الشكل ال (Azotobacter ) وال (Rhodospirillum rubrum ) ومعظم أنواع البكتريا التي لها القدرة على التمثيل الضوئي ، وبعض أنواع الطحالب الخضراء الزرقاوية ( Blue green algae ) مثل .Nostoc spp تثبت النتروجين الهوائي أيضا . ويعتبر الأزوتوباكتر من أهم الأحياء المجهرية ، واكثرها نشاطا في تثبيت النتروجين الهوائي في التربة ، و تعيش معظم أنواعه في التربة المهواة جيدة والقلوية قليلا ( Ph 7 – 7.5 ) من الأرض المزروعة ومن هذه الأنواع Azotobacter chroococcum ويعتبر النوع الممثل لهذا الجنس :
A. Agilis
A . Vinelandii
A. Beijerincki
وهذه تعيش في التربة القلوية قليلا .
وهناك جنس A . indicum ويستطيع العيش في التربة الحامضة لدرجة 3.0 Ph ويؤكسد الأزوتو باكتر الكربوهيدرات والمواد العضوية غير النتروجينية الموجودة في التربة كمصدر للطاقة الحرارية ، ويحصل على حاجته من النتروجين من الهواء . وهو يستفيد من الحوامض العضوية والكربوهيدرات الناتجة عن تحلل السليولوز وغيره في التربة ، و يبني الازوت الهوائي في بروتوبلازم خلاياه ، ويمكن الاستفادة من هذا الأزوت المثبت في غذاء النباتات بعد موت تلك البكتريا .
ج – البكتيريا غير الهوائية ( Anaerobic ) وغير الاشتراكية التي تثبت النتروجين في التربة :
وهي تشمل انواع الكلوستربدیوم ولا سيما Clostridium Pasteuriannan وتعيش في اراضي المستنقعات وما شاكلها من الأراضي التي لا يعيش فيها الأزونوباكتر لانعدام
التهوية فيها .
2- مضادات الأحياء « Antibiotics »:
إن الطب في وقتنا هذا يعيش في عصر مضادات الأحياء وما ذلك إلا لما احدثته هذه من الانقلاب في معالجة الأمراض المتسببة عن الميكروبات بوجه خاص . وهذه المضادات هي مواد كيماوية عضوية تصنعها الأحياء المجهرية ولها خواص نجعلها تقتل او تعيق نمو وتكاثر الأحياء المجهرية الأخرى ، أما في الأجسام الحية ( in vivo ) واما في ادوات المختبر الزجاجية ( in vitro ) .
وكان لاكتشاف فوائد البنسلين أثناء الحرب العالمية الأخيرة ان اندفع فريق كبير من العلماء للبحث عن مضادات الأحياء فعثروا على أعداد كبيرة منها تفرزها البكتريا والأكتينومایسز والفطريات وغيرها ولكن معظم هذه المواد لم يتوصل إلى الاستفادة منها في المعالجة بعد ، اما لكونها سامة او انها تفقد تأثيرها عند دخول الجسم .
ومضادات الأحياء اما ان يكون تأثيرها منحصرا في أنواع محدودة من البكتريا ( Narrow speetrum antibiotics ) – مثل البنسلين والستربتومايسين – أو أنها تؤثر في انواع مختلفة من البكتريا الموجبة تجاه صبغة جرام والسالبة والربكتسيا وبعض الفيروسات وعندها تدعى (
Wide – spectrun antibiotics) مثل الاوريو مايسين والترامایسین والكلورومایسین وغيرها وسأذكر بعض المضادات للأحياء المشهورة وموجزا عن خواصها و كيفية تحضيرها .
أ) البنسيلين Penscillin
لقد اكتشف فلمنغ البنسلين عرضا في سنة 1928 عندما لاحظ ان نوعا من الفطر كان يغزو زرعات بكتريا (Stapylococcus aureus) ويتلفها بكثرة مزعجة وقد اثار هذا العمل اهتمامه فعزل الفطر ودرس صفات المادة المضادة للاحياء التي يفرزها وتنبأ بأنه قد تكون لها فائدة علاجية .
وقام العالم توم بدراسة الفطر ومعرفة نوعه وأطلق عليه اسم (Penicillium notatun ) . ولكن ممكنات استعمال البنسيلين لم تتحقق الا في سنة 1940 على يد علماء جامعة أوكسفورد ، وما أن ظهرت قيمته العظيمة حتى بذلت الجهود لتحسين إنتاجه حتى بلغت صناعته من التقدم الى المستوى الذي نشاهده عليه اليوم .
وعندما بدىء في إنتاج البنسيلين استعملت في ذلك الزجاجات والزرعات السطحية وكانت العملية عالية التكاليف قليلة الإنتاج ، ولكن تطور الإنتاج بعدئذ إلى الزرعات المغمورة في براميل كبيرة جدا . وتستعمل الآن أنواع مختلفة من الفطريات في إنتاج البنسلين منها فطر فلمنغ ( pen
. notatum ) و Pen . chrysogenum وكذلك Aspergilluc giganteus و A
flavus .
وللبنسلين تأثير قوي على البكتريا الموجبة وبعض البكتريا السالبة مثل أل Gonococcus وأل Meningococcus والكثير من أنواع ال Spirochetes و بعض الفيروسات الكبيرة .
والظاهر أن تأثير البنسلين على تلك الأنواع ينحصر بتعطيل تمثيل حامض الجلوتاميك وإفساد العمليات الحيوية الخاصة بتركيب نواة الخلايا مما يتسبب في وقف نموها وتكاثرها بشكل يمكن الجهاز الدفاعي في الجسم من القضاء عليها ، على أن بعض الأحياء المجهرية تستطيع تركيب انزيم البنيسليناز الذي يبطل مفعول البنسلين .
وتختلف الطريقة المستعملة في انتاج البنسلين من معمل الى اخر ولكن المباديء الاساسية تشمل انتقاء سلالة مناسبة من الفطر واستعمال براميل او احماض كبيرة تتسع لالاف الجالونات من المزيج الذي ينمو فيه الفطر تكون مجهزة بمعدات للتحريك والتهوية وتضبيط الحرارة .. الخ .. والمزيج المستعمل عادة هو محلول الذرة الصفراء المتحلله (Corn steep liquor) واللاكتوز والجلوكوز والأملاح المعدنية وحامض الفنيل اسيتيك او مشتقاته و كربونات الكالسيوم .
ودرجة الحرارة الملائمة للتخمر هي 24 درجة مئوية. ويجب أن تتراوح أل PH من 5 – 7.5 ، ويحتاج زرع الفطر في الأحواض والبراميل العميقة الى تهوية بمعدل لا يقل عن 400 قدم مكعب من الهواء في الدقيقة للاحواض التي تتسع لخمسة آلاف جالون من المحلول. كما أن العملية تحتاج الى تحريك المحلول اثناء التخمر واستعمال المواد التي تمنع تكون الرغوة .
وقد أمكن الحصول بصورة تجارية على 245 وحدة بنسيلين في السم 3 الواحد في بادىء الأمر ولكن هذه النسبة امكن زيادتها في بعض سلالات الفطر الى اكثر من 1600 وحدة في السم 3 الواحد وتستعمل الأشعة فوق البنفسجية في ايجاد سلالات من الفطر ذات انتاج عال . ويصفى المحلول من مايسليوم الفطر اما بمصفاة او بقوة الابتعاد عن المركز ثم يغسل ويذاب البنسلين باستعمال اسيتات الاميل ويعقبها الكلوروفورم على درجة حرارة منخفضة او يمتص البنسيلين على سطوح الفحم المنشط ( Activated charcoal ) ويستعاد البنسلين بطرق مختلفة كاضافة محلول مركز من بيكاربونات الصوديوم لايجاد مركب بنسيلين الصوديوم ثم يجفف وهو متجمد، تحت الفراغ .
ب) الستربتومايسين ( Streptomycin )
ومكتشف الستربتومايسين هو الدكتور واكسان في سنة 1943 . ولهذا العقار تأثير مهلك ضد أل Pseudomonas aeruginosa و Shigella gallinarum و Hemophilus Influenza من البكتريا السالبة وكلاك میكروب السل Myc . tuberculosis اذ ثبت مفعوله في بعض حالات السل. ومن البكتريا الموجبة التي تتأثر بمفعول ال (Staph aureus).
ويعتبر الستربتومايسين من الكلوكوسيدات القاعدية، ويمكن تحويله الى Dihydrostreptomycin بعملية اضافة الهيدروجين وهو أفضل من الستربتومايسين لانه اقل خطرا . ومن مساويء الستربتومايسين أن البكتريا التي تتأثر به سرعان ما تعتاد عليه وتصبح عديمة التأثر به ( Drug – fast ) و الستربتومايسين يؤثر على عمليات الأكسدة في البكتريا. ( Respiration )
ج) الكلور ومابسيتين ( Chloromycetine ) ويدعی ایضا (Chloramphenicol) وقد وصفة ( Ehrlich ) في 1947 وهو من انتاج ( streptomyces venezuelae ) وقد امكن معرفة تركيبه الكيماوي وهو يستحضر الآن كيماويا على نطاق واسع .
وهذا العلاج له تأثير على البكتريا الموجبة والسالبة وخاصة میکروب التيفوئيد ، و له فاعلية ايضا ضد الرکستيا وبعض الفيروسات . ولكنه لا يؤثر على الميكروبات العضوية التي تسبب الإسهال. ولكن تأثيره على البكتريا وغيرها ينحصر في اعاقة تركيب البروتين فيها .
د) الاريومايسين ( Aureomycin ) ويعرف كيماويا ( chlor – tetracyclin )
وينتجه الStreptomyces aureofciens كما وصفه Doggar سنة 1948 . والاوريومايسين من مركبات Tetracycline وله تأثير على عدد كبير من البكتريا الموجبة والسالبة و الريكستيا و بعض الفيروسات كالكلورومايستين ولكن فاعليته ضد میکروب التيفوئيد اقل . ويظهر أن تأثيره على البكتيريا ينحصر في عرقلة عملية تركيب البروتين ايضا .
هـ ) الترامایسین ( Tarramycin ) و يعرف كيماويا بأل ( oxytetracycline )
ويشبه الاوريو مايسين في فاعليته و تركيبة الكيماوي فهو من مركبات التتراسايكلين وله تأثير على عدد كبير من البكتريا السالبه و الريكستيا والفيروسات . وله استعمالات كثيرة في الطب العلاجي . وقد وصف هذا العلاج بواسطة العاملين في مختبرات .Charles Pfizer
& Co وينتجه نوع من الاكتینومایسز يدعی Streptomyces rimorus و امكن تحويل الاوريو مايسين Chlortetracycline الى الاکرومایسین بصورة كيماوية واسم هذا العقار تتراسايكلين Tetracycline وهو اقل ضررا للجسم من المركبين الاخرين المشابهين له عند الاستعال .
وتستعمل بعض مضادات الاحياء مثل الكلورومايستين و الترامايسين والاوريومايسين وغيرها ، في حفظ لحوم الدواجن والابقار والاسماك والخضروات والفواكه والألبان وصونها من التلف .
وتحقن الدواجن والابقار قبل ذبحها بمحاليل من هذه المضادات الأحياء او تضاف الى الحليب او الثلج الذي يستعمل في تبريد الاسماك . وقد نجحت هذه الطريقة في حفظ هذه المواد اثناء الشحن من مسافات بعيدة ، او للخزن لمدد قصيرة ويبشر استعمالها باحداث انقلاب في تكنولوجيا الاطعمة .
ولقد لوحظ ان الاوريومايسين والترامايسين يزيدان في نمو الحيوانات الداجنة و الطيور عند إضافتها إلى الأعلاف ، وذلك لأنهما يقضيان على الميكروبات التي تعيق نموها . لذلك تستعمل هذه العقاقير بكثرة في هذه الأيام في تركيب اعلاف الدواجن والعجول والخنازير وغيرها .
إن تعاطي مضادات الأحياء عن طريق الفم له تأثير كبير على نوع البكتريا التي تعيش في الفم وفي القناة الهضمية . اذ تبقى بعض الأحياء المجهرية المقاومة لهذة العقاقير او التي تكتسب مقاومتها أو التي توجد بأعداد كبيرة ، وينشأ عن ذلك تكاثر بعض الأحياء المجهيرية الضارة . لذلك فان الإكثار من استعمال هذه العقاقير وخاصة بدون اشارة الطبيب قد يؤدي إلى نتائج سيئة في المستقبل . ولذلك وجب حظر تعاطي هذه العلاجات الا بامر الطبيب . وعلى الطبيب الا يصف هذه العلاجات الا في الحالات الضرورية جدا .
د. سليم الناشف
مصدر الصورة
pixabay.com