أهمية اتفاق الوالدين على وضع القواعد السلوكية لتربية طفلهم

ان وضع قواعد سلوكية للأطفال متفق عليها بين الام والاب يجب ان يراعى فيها عمر الطفل، فما نتوقعه من طفل ما قبل السابعة غير السلوك الذي نتوقعه من طفل ما بعد السابعة.

طفل ما قبل المدرسة

لا يميز الطفل الصغير بين العمل واللعب، فهو ينهمك في كل عمل يقوم به من تلقاء نفسه مثل استماعه الى قصة او لعبه بدمية او وهو يراقب فراشة تحوم حوله، وهو لا يشعر بمواعيد الاكل او الوقت ولا يستطيع التوقف عن نشاط يمارسه اذا كان يثيره، وهو يلعب بأي شيء يصادفه، فاذا وقع في يده ملعقة كبيرة ومقلى فانه يتذوقها بلسانه ويضرب المقلى بالملعقة ويستمع للصوت الناتج عن ذلك، ويحاول ان يضع المقلى بالملعقة، ويقلب المقلى ليخبئ الملعقة تحته، ثم يخرج الملعقة من تحت المقلى، واذا لم يجد اكتشافا جديدا فانه يمل، ويحاول ايجاد اشياء اخرى ليلعب بها، ويزداد نشاطه اذا اضيف اشياء اخرى ليلعب بها مثل الرمل او الماء او الحصى او الدمى او ملاقط الغسيل او اغطية القناني او… الخ. والطفل بلعبه هذا يتعرف على الخصائص الظاهرة للأشياء، فيعرف كيف تتحرك وكيف تتدحرج الى اعلى والى اسفل، وكيف يتلاءم معها، ويدخل بعضها في بعض .. الخ ويتعلم كيف يستخدم اعضاء جسمه، كيف يحرك ذراعيه ورجليه وجذعه في اتجاهات مختلفة، وكيف يستعمل اصابعه ويديه. وكلما ازداد النشاط الحركي للطفل ازداد ميله للبحث والتعرف على البيئة، ويجب ان يشجع على ذلك الى ابعد الحدود، ويجب عدم ايقافه دون ضرورة عن ممارسة انشطته التي تشبع حب استطلاعه الا في حالتين:

1- اذا حاول ان يقوم بعمل خطر او مزعج لنفسه او للآخرين
2- اذا حاول ان يتلف ممتلكات الغير او اشياء ثمينة.

في هاتين الحالتين يجب ايقافه فورا وبحزم، وعلى الام او من يقوم مقامها ان تراقب الطفل باستمرار وهو يتحرك في بيئته، وكما يجب ان توفر له شروط السلامة وان تهيء له مواقف يمارس فيها انشطة مثيرة له.

وأفضل طريقة لإيقاف عمله الخطر في سن اقل من سنة هو تشتيت انتباهه عن القيام بعمله وتوجيه انتباهه لشيء آخر او نشاط بديل.

فاذا حاول الطفل لمس شيء ممنوع فيجب سحب يده بلطف بعيدا عن ذلك الشيء وان يقال له كلاما يفهم منه ان عمله هذا يؤذيه او يؤذي غيره.

اما إذا كان الطفل في السنة الثانية او الثالثة وقام يسلوك خطر على نفسه او غيره فعلى الام ان تثير انتباهه لسلوكه هذا وتحاول ردعه بما لديها من وسائل مثل استخدام تعبيرات وجهها ولهجة صوتها، واذا استمر في سلوكه عليها ان تنقله الى مكان آخر، وفي جميع الاحوال عليها الالتزام بهدوءها وان لا تلجأ الى الضرب.
وأفضل وسيلة للتعامل معه هو عزله لوقت قصير في مكان يخلو من أي وسيلة ممتعة له(الاقصاء) وهذا ما سيأتي الحديث عنه لاحقا.

في بداية السنة الثانية يعاني الطفل من نوبة انفجارات انفعالية شديدة، في هذه الفترة يمكن للام ان توجه طفلها وتعلمه السلوك الجيد ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع اجباره على ان ينفذ تماما ما تريده منه او ينفذه بشكل تام لانه لا يدرك مفهوم القواعد السلوكية التي يجب التعامل على اساسها. فهو لا يعقل مثلا قول امه له كن لطيفا مع القطة الصغيرة، ولا يدرك سوء عمله اذا ركض في شارع مزدحم بالسيارات، او اذا ابتعد عن جدته التي تريد تقبيله، فهو لا يدرك معنى السلوك السيء وهو يتصرف بعفوية دون ان يدرك عاقبة الامور، فافعاله تلقائية مرتبطة بدوافعه الآنية التي تظهر في الحال. ولا يتوانى عن اشباعها دون تفكير وقد تستغرق هذه الحالة سنوات، وكل ما على الام ان تفعله ان توجهه بشكل حازم مع مراعاة عدم حرمانه من محبتها وحنانها في أي لحظة من اللحظات. لان حب الام واحترامها لطفلها هو المنبع الذي يستمد منه حبه واحترامه لنفسه وللآخرين.

القدوة الصالحة

وهنا لا بد من التذكير بان على الوالدين ان يكونا قدوة صالحة للطفل بالاتصاف بالحب والصدق والامانة والاخلاق والتفاني في رعاية الطفل فانه سيتشرب منهما هذه الاخلاق من غير وعي منه، فعن طريقهما يتعلم الصدق والامانة والاتقان في العمل والثقة بالنفس، وعليهما ان يبديا محبتهما لطفلهما عددا من المرات أكبر من انتقادهما وتوبيخهما او عقابهما له. ان معاملة الطفل بقسوة كلما سلك سلوكا سيئا وعدم احترامه وعدم مكافئته إذا قام بسلوك جيد يعزز السلوك السيء لديه.

لذا على المربي ان يتعامل مع الطفل في السنة الثانية بالرحمة والمحبة والعدل وان أكبر اثابة له في هذا العمر هي احترامه والاهتمام به مما يدفعه لطاعة المربي من اجل الحصول على رضاه عنه ومحبته له.

وعلى الام ان تكون توقعاتها لسلوك طفلها واقعية وبعيدة عن الخيال، فليس من المعقول ان تصر على ان يقضي يومه في غرفته او مقيدا على كرسي عال لان ذلك مخالف لطبيعة حب الاستطلاع لديه، وسيكون أكثر اصرارا على المقاومة والعناد ويزيد ذلك من شعوره بالإحباط.

وعلى الام ان تدفع طفلها ليعبر عن انفعالاته ودوافعه بالكلام وليس بالغضب او أي فعل آخر مذموم، وإذا لم يستطع ان يعبر عن انفعالاته تساعده على ذلك. يجب ان تكون القواعد التي يجب على الطفل التقيد بها في سلوكه ضيقة في ادنى الحدود، فقط في المواقف التي تشكل خطرا على الطفل او تضر الاخرين وممتلكاتهم كما اسلفنا سابقا.

وعلى الطفل ان يسمع كلمة “لا” في كل مرة يقترب من الخطر او الاضرار بالغير وعندما يستطيع الطفل التقيد بهذه القيود، توجه العناية الى منعه من انواع اخرى من السلوك المذموم الاقل درجة من الايذاء الجسدي مثل الصراخ في مكان عام او رمي الطعام او الكتابة على الحائط او نزع الملابس بشكل غير لائق في مكان غير مناسب.

طفل ما بعد المدرسة

في السنة الخامسة من عمر الطفل يبدأ الطفل بالمشاركة في الالعاب التي تخضع لقواعد معينة لأنه يبدأ بادراك القواعد وما فيها من نفع له ولغيره ولهذا نجد الطفل في هذا السن يرغب في التقيد بالقواعد السلوكية المقبولة لدى الكبار، وفي عمل الاشياء الصحيحة، وتدفعه الرغبة في التقيد بالنظام ان يشي برفاقه الى المدرسة او الام، وهذه الوشاية قد تكون بغرض اختبار الام او المدرسة ليرى مدى ردة فعلها تجاه من يخالف القواعد حتى يقوم بمخالفتها ايضا، وقد تكون الوشاية بدافع الحسد والكراهية للآخرين.

ولهذا لا مانع من توسيع دائرة الممنوعات والقيود التي على الطفل التقيد بها، فيحاول معالجة بعض انواع السلوك المذمومة كالحقد والحسد والوشاية والسرقة والكذب…الخ

وعلى الوالدين الرجوع الى مقياس الحلال والحرام في تقييد الطفل بالقواعد السلوكية: فيركز بالدرجة الاولى على منع الوقوع في الحرام كمنع الكذب والسرقة والاعتداء على الاخرين وايذائهم. وبالدرجة الثانية تدريب الطفل على القيام بالفروض كتدريبه على القاء التحية واداء الصلاة والاستئذان بأوقات معينة والتعاون مع الاخرين واداء الواجبات المدرسية. ثم التركيز بالدرجة الثالثة على التقيد بأصول التعامل والتهذيب مع الاخرين حتى إذا وصل الاولاد الى سن البلوغ يجب ان يتحقق في سلوكهم أربع قيم هي القيم الروحية والانسانية والخلقية والمادية.

دع الطفل يجرب عمل اشياء بنفسه

يتعلم الاطفال بأساليب كثير منها الخبرة، لذا يجب السماح لهم عمل الاشياء بأكبر قدر من الامكان، فمثلا يتعلم الطفل (2+2=4) بعد عشرات المحاولات من العد بالحصى وحبوب البقول وقطع النقود والازرار والخرز…الخ وكذلك يتعلم قاعدة سلوكية( اذا ضربت اصدقاءك فسيغضبون منك ويتركون اللعب معك وقد يضربونك) بعد عشرات المرات من الصراع مع اصدقائه.

تأكد من خطورة ما تريد منعه منه

لا تستطيع الام ان تسمح لطفلها ان يجرب الاشياء التي تؤذيه، ولكن قبل ان توقفه عن ذلك، ان تتأكد من خطورة ما تريد ان توقفه عن فعله. كثير من الاباء يقولون للطفل دون تفكير (لا تركض حتى لا تقع على الارض) ولكن ذلك لا يضره ولا يسبب له خطرا، فعندما يتشقلب او يتعثر لو وقع على العشب او على ارض لينة لن يصاب بأذى، فلا يصح ايقاف الطفل عن ذلك.

يجب منعه من ممارسة ما فيه خطورة عليه

إذا قام الطفل بعمل سيؤذيه حتما كالوقوع من فوق سطح او السقوط في حفرة فيجب منعه بحزم وبشكل واضح، واخباره مسبقا ما يستطيع او لا يستطيع فعله ووضعه تحت الاشراف، ويجب ان تكون التوجيهات للطفل مناسبة له.

وحتى نزيد من نشاط الفعل وتعلمه يجب توفير المواد المثيرة له، وتقليل الممنوعات والمحرمات اثناء ممارسة نشاطه مع توفير السلامة له.

يمر فيها الطفل، فالطفل قبل خمس سنوات لا ينضج وانتباهه قصير ويتشتت بسرعة وينسى بسرعة ويفقد السيطرة على نفسه بسهولة لذا ينبغي التركيز على الاتقان وانجاز المهمة، بل يجب الابتهاج والسرور بقدرة الطفل على ضبط نفسه وتزايد معرفته، وتشويقه للإقبال على التعلم وعلى الاندماج مع الاخرين، وكلما تقدم به العمر تقدم الاهتمام بالإتقان والانجاز.

لا تردع الطفل عن افعال كثيرة دفعة واحدة

على الام ان لا تمنع طفلها من القيام بأعمال كثيرة دفعة واحدة في وقت واحد، لان ذلك سيثقل كاهل طفلها ويعرضه للأذى والارتباك، كما سيؤدي ذلك الى احباطها لان الطفل لن يستجيب لها مما يزيد شعورها بالإحباط والفشل. لذا عليها ان تعطي الاولوية للقيود التي تساهم في سلامة الطفل من الاخطار التي تهدده كما تهتم بالقيود التي تحد من اعتدائه على الاخرين مثل ضربهم او عضهم او ركلهم، ثم تعطي الاولوية للقيود التي تمنعهم من اتلاف ممتلكات الغير، فاذا اتقن الطفل هذه القواعد انتقلت الى منع انواع اخرى من السلوك المذموم كالصراخ في مكان عام او رمي الطعام ثم تخطط الام بعد ذلك لتوجيه طفلها نحو التحلي بسلوك اكثر تهذيبا كالتعاون مع الاخرين واحترامهم.

التقليل من حالات التوتر والغضب عند الطفل

حتى تقلل الام من ارتكاب الطفل للمزيد من السلوك غير المقبول، عليها ان تزيد من انتباهها له في الحالات التي يعاني فيها من التوتر او عدم الارتياح او الغضب والمرض او أي وضع غير مريح بالنسبة له. فاذا كان الطفل متوترا فلا تزيد من الضغوط عليه، فلا تلزمه بالتقيد بالروتين اليومي الذي وضعته له. واذا اضطرت الى الخروج من المنزل بصحبة طفلها في وقت نومه او قبل تناوله لطعامه وكان جائعا اومتعبا فعليها ان تتحمل سلوكه الغريب اذا اظهره خارج المنزل. واذا اساء الطفل سلوكه على الرغم من كل احتياطاتها فعليها:

1- اذا كان الطفل صغيرا تشتت انتباهه عن القيام بالفعل وتوجيه انتباهه الى شيء آخر او الى نشاط بديل، واذا حاول لمس شيء ممنوع فيجب سحب يده بسرعة وبلطف بعيدا عن ذلك الشيء، وان يقال له كلاما يفهم منه ان عمله هذا يؤذيه او يؤذي غيره.
2- اذا كان الطفل اكبر سنا فعليها ان تلفت نظره الى خطورة سلوكة، وتحاول ردعه بما لديها من وسائل مثل استخدام تعبيرات وجهها ولهجة صوتها، واذا استمر في ممارسة السلوك السيء فعليها ان تنقله من مكان لاخر، وقد يكفي ذلك لردعه ولكن اذا استمر في ممارسة السلوك السيء عليها ان تحتفظ بهدوءها وان لا يصدر عنها أي سلوك تندم عليه مستقبلا. فلا تستخدم الضرب مثلا قبل العاشرة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” مروا اولادكم وهم ابناء سبع واضربوهم عليها وهم ابناء عشر” ، وعليها ان تستخدم وسائل اخرى كالاقصاء وغيره.

في تشتيت الانتباه: اخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة تسأل رسول الله، فجعل الفضل ينظر اليها وتنظر اليه، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل الى الشق الاخر.

التكرار: على الام ان لا تتوقع من ابنها ان يتعلم قواعدها السلوكية وتعليماتها من حادثة او حادثتين لان مدى ذاكرته قصير، لذا يجب تكرار منعه من الوقوع في المحظور، ومع التكرار يستطيع الطفل ان يدرك ما الذي تريده امه منه وما الذي لا تريده ان يفعله.

احرص على الثبات في التعامل مع الطفل : من الاساليب الجيدة في معاملة الطفل، استخدام الاساليب الثابتة في المواقف المتماثلة بحيث اذا لم يسمح للطفل القيام بعمل ما في موقف ينبغي ان يتكرر منعه من القيام بنفس العمل في مواقف اخرى مماثلة مثل: العبث باسلاك الكهرباء او عدم اتلاف ممتلكات الغير…الخ ويجب ان تتأكد الام انها بسلوكها الذي يعتبره الطفل نموذجا يقتدى به وباساليبها الثابتة في معاملته تستطيع ان تؤثر فيه الى حد كبير، ولذا على الام الا تغير القواعد السلوكية او العقوبات بشكل عشوائي حتى لا يضطرب الطفل، وكلما كبر الطفل يسلك سلوكا اكثر نضجا من السلوك الذي كان يسلكه سابقا في صغره. ولكن عندما تغير الام القواعد السلوكية بشكل يتماشى مع مستوى تطور الطفل فعليها ان تخبره بذلك، فمثلا قد تقبل الام من طفلها ان يسحب ملابسها او شنطتها ليلفت انتباهها وهو في السنة الثانية من العمر ولكن اذا وصل عمره سن الرابعة تطلب الام من ابنها ان يجد طرقا افضل للاقتراب منها وجذب انتباهها، وتوضح له سبب ذلك قبل ان تجبره على البدء بسلوك آخر.وحتى تتأكد الام من عدم استعمال اساليب متناقضة في معاملة الطفل من قبل الاخرين في اسرتها او خارج اسرتها من الذين يشرفون على رعايته في غيابها، لا بد ان تتفق معهم على استخدام الاساليب التي تستخدمها في معاملته، وان تتأكد من اتفاقهم معها على اساليب معاملته، وتتأكد من انهم يفهمون الحدود المقيدة لسلوكه، والعقوبات التي تستعملها لتعليمه النظام، ومن امثلة التناقض في معاملة الطفل ان يبيح الاب للطفل ارتداء ملابس معينة في وقت معين او اللعب بالدمى في وقت تناول الطعام او على الفراش، بينما تقوم الام بمنعه من ذلك، فهذا التناقض في المعاملة يسبب الاضطراب للطفل فلا يميز بين الخطأ والصواب، ويسبب له الازدواجية في الشخصية.

القيم : حتى ينشأ الابناء نشأة سوية لا بد ان يتحقق في سلوكهم اربعة قيم بشكل متوازن فلا تطغى قيمة على قيمة ولا تمحى قيمة لاجل قيمة اخرى، بل لا بد ان تتحقق في سلوكهم جميعا وهي:

1- القيمة الروحية : تتحقق القيمة الروحية في سلوك الابناء بربطهم منذ الصغر بالعقيدة الاسلامية وتعاليم الشريعة من عبادات ومعملات وانظمة واحكام.

– استحباب التأذين والاقامة في اذن الطفل عند الولادة فيؤذن في الاذن اليمنى وتقام الصلاة في الاذن اليسرى، لما روى ابو داود والترمذي عن ابي رافع انه قال: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في اذن الحسن بن علي لما ولدته فاطمة”.

وروى البيهقي وابن السني عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم :” من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام الصلاة في أذنه اليسرى لم تضره ام الصبيان”.

– تعليمه شيئا من الدعاء عند طعامه وشرابه وقضاء حاجته، منها دعاء الطعام” اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار” ، ” بسم الله ” ودعاء الانتهاء من الطعام “الحمد لله الذي اطعمني هذا ورزقني من غير حول مني ولا قوة” واذا دخل الحمام قال: ” اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث ” واذا خرج قال: ” غفرانك” واذا استيقظ من النوم قال: ” الحمد لله الذي احيانا بعدما اماتنا واليه النشور” وان يعلم الطفل البسملة في كل شيء وقبل البدء باي عمل.

– تعليمه شيء من القرآن حتى يتمكن من اداء الصلاة في سن السابعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” مروا ابناءكم وهم ابناء سبع بالصلاة واضربوهم عليها وهم ابناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ” وعلى الوالدين اتباع الاساليب والوسائل المحببة للأطفال حتى يعودوهم على الصلاة والصيام منذ سن مبكرة، لان هذه العبادات تحتاج الى تدريب منذ الصغر، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يعودون ابناءهم على الصيام، واذا بكى احدهم من الجوع اعطوه بعض الدمى ليلعب بها لتلهيه عن طلب الطعام وهنا لا بد من التنبيه الى ان بعض الآباء يلزمون اولادهم ببعض الاحكام الشرعية التي لم يفرضها الاسلام على الصغار ولم يكلف الكبار بفرضها على الصغار من ذلك لبس الجلباب للصغيرة او لبس الدشداش للصغير مما يعرقل لعبهم ومرحهم وجريهم وتسلقهم، وهذا اللعب ضروري في بناء اجسامهم وتقوية عضلاتهم، ويفرض الاهل هذا اللباس على الاولاد بحجة تعويدهم عليه عندما يبلغوا، وهذا اجتهاد عقلي، بل ان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح ان الحجاب غير مفروض الا عند البلوغ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماء عندما رآها تلبس ملابس غير ساترة وقد بلغت: ” يا اسماء اذا بلغت المرأة المحيض فلا يجوز ان يظهر منها الا هذا وهذا، واشار الى الوجه والكفين” فالحجاب غير واجب على المرأة قبل البلوغ، ولم يرد نص يوجب على الاهل اجبار الصغيرة على لبسه كما ورد في الصلاة والصيام. ذلك ان الاطفال قبل سن البلوغ ذكرانا واناثا يحتاجون الى اللعب الذي يبني اجسامهم ويقوى عضلاتهم واجهزتهم الداخلية، والحجاب يعوق الحركة النشطة للأطفال، وهم كذلك بحاجة الى التعرض لأشعة الشمس لبناء العظام والحجاب يمنع ذلك بخلاف الصلاة والصيام، فالصيام يريح المعدة لمدة شهر في السنة والصلاة فيها شحن للطاقة وصقل لشخصية المسلم.

– كما ينبغي للوالدين تعليم الاطفال حب الله وحب نبيه وذلك بذكر مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته وسيرته، يقول احد الصحابة كنا نعلم اولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن

– كما ينبغي تربية الاولاد على مراقبة الله في افعالهم وتصرفاتهم والخوف منه وطاعته والبعد عن نواهيه، روي ان معلما امر طلابه ان يحضر كل واحد منهم دجاجة وسكينا، فلما احضر الطلاب ذلك، قال لهم: اريد ان يذهب كل واحد منكم الى مكان لا يراه فيه احد ويذبح دجاجته، فذهب الجميع وذبحوا دجاجاتهم ثم عادوا الى المعلم الا واحدا، فقال له المعلم: لماذا لم تذبح دجاجتك؟ قال: لأني لم اجد مكانا لا يراني فيه احد، فكل مكان اذهب اليه يراني الله فيه، فقال المعلم: احسنت، هذا الدرس الذي اردتكم ان تتعلموه، يجب ان تعرفوا ان الله مطلع عليكم فتراقبوه في السر والعلن.
2- القيمة الانسانية : لقد اوجد الله في الانسان غريزة النوع، وهي خاصية في الانسان تدفعه للمحافظة على بقاء النوع الانساني، ومن مظاهر هذه الغريزة عواطف الابوة والبنوة والامومة، ولولا هذه العواطف لانقرض الجنس البشري، ولما صبر الوالدين على رعاية ابنائهما، ولما قاما بكفالتهم وتربيتهم والسهر عليهم في مرضهم والنظر في مصالحهم. قال تعالى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) الكهف:46 وقال تعالى (وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍۢ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) الفرقان: 74

مقابل هذه العواطف الجياشة التي تحمي الاطفال وتساعدهم في حياتهم، طلب من الاولاد محبة والديهم ومعرفة حقهم واحترامهم ببرهم وطاعتهم والاحسان اليهم والقيام على خدمتهم في الكبر قال تعالى (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) الاسراء 23

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين” ولا يقف الامر عند الاحسان الى الوالدين بل يتعدى الاحسان للوالدين الاحسان الى كل من له صلة بهما من صديق او قريب. قال صلى الله عليه وسلم ” من البر ان تصل صديق ابيك ” ومن القيم الانسانية ايضا ان تحسن الى الجيران والاصدقاء والمقربين خاصة والناس عامة وان تتعاون معهم وتساعد في قضاء حوائجهم، قال صلى الله عليه وسلم” الله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه” و قال ايضا ” تبسمك في وجه اخيك صدقة” وقال ايضا ” لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يجب لنفسه قال تعالى (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34 فصلت

3- القيمة الخلقية :الاخلاق هي صفة ملازمة للشخص وسجية فيه ويجب ان يربى الاولاد منذ الصغر على الصدق والامانة والاستقامة والوفاء وتنقية اللسان من السباب والشتائم والكلام البذيء، وان يربى الاطفال على الترفع عن الدنايا وكل ما يحط بالمروءة وان يتعلم الطفل كيف يتحكم في ذاته وفي مشاعره بحيث يفصل بين الاحساس وردة الفعل المباشرة بالتفكير، فاذا سبه احد او شتمه لا يندفع فورا الى الرد عليه والانتقام منه، بل يهدأ ويمسك نفسه ويتحكم فيها ويمنعها من الاسترسال بغضبها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” وان يعود الطفل على الصدق وعدم الكذب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، اذا اؤتمن خان واذا حدث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اياكم والكذب فان الكذب يهدي الى الفجور وان الفجور يهدي الى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ” وقال ايضا: ” كبرت خيانة ان تحدث اخاك حديثا هو لك مصدق وانت له مكذب ” فعلى المربي ان يحذر منه ابناءه وينهاهم عنه ويحذرهم عواقبه ويكشف لهم مضاره واخطاره في الدنيا والاخرة حتى لا يقعوا في حبائل الكذب ونزلقوا في اوحاله. وعلى المربي ان يكون قدوة في ذلك فلا يكذب على اطفاله بحجة اسكاتهم عن البكاء او ترغيبهم في امر ما، او تسكين غضبهم لانهم يتعلمون منه الكذب ويقلدوه. روى ابو داود والبيهقي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: ” دعتني امي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا فقالت: ها تعال اعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اردت ان تعطيه؟ قال: اردت ان اعطيه تمرة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم” اما انك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة “.

ظاهرة السرقة

اذا لم ينشأ الولد على مراقبة الله والخشية منه ولم يعود على الامانة واداء الحقوق واحترام ملكية الغير سيدرج على الغش والسرقة والخيانة واكل اموال الناس بالباطل، فعلى الاباء ملاحظة ابنائهم ومراقبتهم والاستفسار عما يحملونه من امتعة واشياء ونقود، فان اخذها من غيره عنوة يجب ردها الى صاحبها وان سرقها منه وجب ردها الى صاحبها، ولا يكتفي الاباء بتصديق الابناء لمجرد ان ادعوا ان هذه الاشياء التي معهم التقطوها من الشارع او اهداها لهم صديق، بل يجب التدقيق في ذلك والتأكد منه. والاقبح من ذلك ان يقوم الوالدان او احدهما بدفع الولد نحو السرقة وتشجيعه عليها. وعلى الآباء ان يكونوا قدوة للاولاد في ذلك وان يقصوا عليهم قصص السلف الصالح في الامانة والابتعاد عن الغش والسرقة. اصدر عمر بن الخطاب قانونا بمنع غش اللبن بخلطه بالماء، فطلبت الام من ابنتها ان تخلط اللبن بالماء. فقالت الفتاة: قد نهى امير المؤمنين عن ذلك. فقالت الام: واين انت من امير المؤمنين؟ فقالت البنت: ان كان امير المؤمنين لا يرانا فرب امير المؤمنين يرانا وقال عبد الله بن دينار: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى مكة فانحدر بنا راعي من الجبل. فقال له عمر ممتحنا: يا راعي بعني شاة من هذه الغنم، فقال : اني مملوك، فقال عمر: قل لسيدك اكلها الذئب فقال الراعي: فاين الله؟ فبكى عمر رضي الله عنه ثم غدا مع المملوك فاشتراه من مولاه واعتقه وقال له: اعتقتك في الدنيا هذه الكلمة وارجو ان تعتقك في الاخرة. وعلى الوالدين تعليم الاولاد ان السرقة عليها عقوبة شديدة وهي قطع اليد فاذا قطعت في الدنيا غفر ذنبه، وان لم يجد حاكما مسلما يقيم الحد عليه في الدنيا استحق العذاب في الاخرة .

ظاهرة السباب والشتم

هذه الظاهرة من اقبح الطواهر المتفشية في محيط الاولاد والمنتشرة في البيئات المختلفة البعيدة عن هدي القرآن وتربية الاسلام، وسبب ذلك يعود الى القدوة السيئة فهو يسمع من والديه او رفاقه كلمات الفحش والسباب والفاظ الشتم، فالولد الذي يلقى الى الشارع ويترك لرفقاء السوء والفساد يلقن اللعن والسب والشتيمة. لذا ينبغي لآباء ان يكونوا قدوة صالحة في البعد عن السباب والشتائم وان يعودوا انفسهم جمال اللفظ والتعبير، وان يجنبوا اولادهم صحبة الاشرار ورفقاء السوء حتى لا ينحرفوا مثلهم، ويجب ان يبصرهم بمساوئ آفات اللسان ونتائج البذاءة في تحطيم الشخصية وسقوط المهانة واثارة البغضاء والاحقاد بين افراد المجتمع. وان يلقنوهم النصوص الشرعية التي تحرم السباب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ان من اكبر الكبائر ان يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه فيسب امه” وقال ايضا : ” ان العبد ليتكلم بالكلمة في سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم ” وقال ايضا: ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء” وعلى الوالدين تعليم ابناءهم ان الاخلاق هي احكام شرعية يجب الاتصاف بها لان الله امر بها، لا لانها حسنة في ذاتها او قبيحة في ذاتها، حتى تتكون في النفس على اساس عقائدي ثابت، فلا تتحول الى اخلاق نفعية كما هي في الغرب، فالغرب يتعاملون بالاخلاق فيما بينهم وعند شعوبهم حتى اذا خرجوا الى العالم تعاملوا معهم بشكل مختلف. كما ان اخلافهم التي يتمسكون بها يتمسكون بها في الظاهر، اما في الظلام فيتخلون عنها عندما يغيب الرقيب والحسيب. وكم من مرة قطعت الكهرباء عن المدينة فانتشر فيها النهب والسلب. وقد ركز الاسلام على حسن الخلق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” انما بعثت لاتمم محاسن الاخلاق” وقال ايضا: ” اثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق” وقال ايضا: اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا”

4- القيمة المادية: وتشكل القيم المادية النواحي الصحية والجسدية والتعليمية والاقتصادية واعداد الاولاد للعمل في المستقبل، سواء في المهن الاكاديمية او المهنية، لذا وجب على المربين الاهتمام بهذه الامور جميعا.

التربية الجسدية

اهتم الاسلام بالجسد بان اوجب النفقة على الاهل والولد، قال تعالى ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة 223،كما اهتم الاسلام بالقواعد الصحية في المأكل والمشرب والملبس، والوقاية من الامراض السارية ومعالجة المرض بالتداوي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” فر من المجذوم فرارك من الاسد” وقال ايضا: ” لا يورد ممرض على مصح” وقال ايضا: ” لكل داء دواء فاذا اصاب الدواء الداء برأ باذن الله عز وجل” وقال ايضا: ” تداوي عباد الله فان الله انزل لكل داء دواء عدا الهرم والسام” أي الموت وتعويد الابناء على ممارسة الرياضة والعاب الفروسية لقوله تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) وقوله صلى الله عليه وسلم ” الا ان القوة الرمي، الا ان القوة الرمي، الا ان القوة الرمي ” وقوله صلى الله عليه وسلم ” علموا اولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل” وعلى المربين ملاحظة أي ظاهرة تؤثر على الناحية الصحية للاولاد مثل الخمر والمخدرات .


الناحية التعليمية

على الوالدين متابعة المناهج المدرسية لاولادهم ومشاركتهم وابداء الراي بها والاطلاع على الافكار التي تعطى للطلبة ومعالجة ما يتناقض مع الاسلام في ذلك. وهناك الكثير من الافكار في المناهج التعليمية التي تتعارض مع الاسلام منها الدعوة الى الديمقراطية وتقبل الاخرين وحقوق الانسان واحترام الدستور والقانون والشرعية الدولية والولاء للوطنية والقومية وترك الولاء للاسلام. وهذه تحتاج الى متابعة وتوضيح للابناء حتى لا ينحرف ابناءنا الى شخصيات علمانية مصيرها جهنم، فنحن نربي ابناءنا ليكونوا في الجنة لا ليكونوا حطب جهنم.

نجاح السباتين

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

طرق التربية بين الماضي والحاضر

لطالما كانت التربية أحد الأسس الرئيسية لتشكيل شخصية الإنسان وتطوير المجتمع. ومع تغير الزمن، شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *