أسباب اضطرابات الدورة الشهرية وتصنيفها

إن التحكم بالطبيعة السوية للدورة الشهرية معقد للغاية، فهناك عوامل هرمونية وعصبية تلعب في حدوثها الدور الأهم دون شك. والجهاز التناسلي شديد الارتباط بهذه العوامل.

والدورة الشهرية هي العملية التي تحضر المرأة للحمل مرة كل شهر عندما تزداد سماكة بطانة الرحم وتصبح جاهزة لاستقبال البويضة الملقحة. فإذا لم يحدث الحمل، تنتهي الدورة بانسلاخ بطانة الرحم وخروجها مع كمية من الدم وذلك لعدة أيام يطلق عليها اسم العادة الشهرية أو فترة الحيض. وبعد انتهاء فترة الحيض تتكون بطانة جديدة للرحم وتزداد سماكتها لتبدأ الدورة الشهرية من جديد.

تختلف مدة الدورة من امرأة الى أخرى وتختلف قليلا عند المرأة نفسها، وتعتبر الدورة طبيعية إذا استمرت ما بين واحد وعشرين وخمسة وثلاثين يوما.

لا تنتبه المرأة الى الدورة الشهرية الا أثناء الحيض، حيث تراقب خروج الدم وانتظامه، وقد يرافق الحيض بعض الألم. لكن الكثير من التغييرات غير المحسوسة ترافق الدورة الشهرية بأكملها.

يحدث اهم امر في الدورة في منتصفها، أي بعد حوالي اربعة عشر يوما من بدئها. هذا الحدث هو الإباضة، حيث تخرج بويضة جديدة من احد المبيضين لتعلق في الفتحة ذات الشكل المخروطی لقناة البيض وخلال رحلة البويضة، تحدث تغييرات جسمية خفيفة تهيء المرأة للحمل.

تبدأ الدورة الشهرية كل شهر بإشارة من الغدة النخامية التي تنتج الهرمون الحافز للجريب المبيضي FSH والهرمون المتحكم بالجسم الأصفر LH . يحفز الهرمون الأول FSH المبيض لينتج بويضة ناضجة واستجابة لهذا الهرمون يفرز المبيض الهرمون الأنثوي المعروف بالاستروجين الذي ينظم النصف الأول من الدورة الشهرية ويعمل على زيادة سماكة بطانة الرحم وتحضيرها للحمل ويتوقف الاستروجين عن العمل مع خروج البويضة من المبيض.

ما إن يصل الاستروجين الى اعلى مستوى له في الدم حتى يطلق المبيض البويضة من الجريب الصغير الذي يضمها، ويحدث ذلك في اليوم الرابع عشر من الدورة الشهرية، وهو اليوم الذي تتوقف فيه الغدة النخامية عن انتاج هرمون FSH لتبدأ بانتاج هرمون ال LH.

في هذه المرحلة، يتبع الجريب الفارغ الموجود على سطح المبيض نمطا مستقلا فيتحول إلى ما يسمى الجسد الأصفر الذي يفرز هرمونا جنسيا هو البروجيسترون يعمل البروجيسترون على زيادة سماكة بطانة الرحم اكثر فأكثر، وإذا لم تخصب البويضة، يتضاءل حجم الجسم الأصفر حوالي اليوم الثاني والعشرين من الدور الشهرية يهبط مستوى البروجيسترون في الدم. وتنسلخ بطانة الرحم حوالي اليوم الثامن والعشرين من الدورة الشهرية.

تصنف الاضطرابات الطمثية حسب اختلاف اوقات حدوثها وباختلاف كمية الدم النازف اثناءها، ومن أكثر اصناف اضطرابات الدورة الطمثية التي تصادف الطبيب في عيادته هي :

1. عدم انتظام الدورات الطمثية، مثل: ندرة الطموث، تعدد الطموث.
٢. النزوف الإضافية في الدورة الطمثية ومنها: النزوف ما قبل الطمث وما بعد الطمث وما بين الطموث ونزوف منتصف الدورة الشهرية.

ندرة الطموث :

في هذ الحالة لا تتكرر الدورة الطمثية كل أربعة أسابيع، أي تحدث الطموث بفواصل اكثر من 31 يوما. ويعود تطاول الدورة الطمثية الى تطاول فترة نضج جريب المبيض بينما يكون دور الجسم الأصفر طبيعيا. ويعتقد بأن تطاول دور نضج الجريب يعود الى توقف في سیر نموه.

تعدد الطموث :

في هذه الحالة تتقارب الدورات الطمثية التي تقل مدتها عن 21 يوما. وأسبابها هي ثلاثة: أ. قصر فترة نضج الجريب المبيضي ، ب . او قصر فترة الجسم الأصفر، ج. او اذا كانت الدورة الطمثية لا أباضية.

الطمث الخفيف:

هو ذلك الطمث المنتظم الذي تكون فيه كمية الدم قليلة جدا والذي ينقطع نهائيا بعد ساعات من بدئه. ولا تعرف أسباب ذلك، ولكن نجد غالبا آفات عضوية لبطانة الرحم مرافقة له، كما يعزى السبب ايضا الى تجريف عنيف لبطانة الرحم ادى الى تخريب في الغشاء المخاطي الباطن الرحم. كذلك يحدث الطمث الخفيف في بداية سن اليأس او نتيجة لأسباب نفسية، وفي حالات نادرة قد يكون مرافقا لحالات قصور المبيض.

الطمث الشديد :

هو زيادة كمية الدم النازف أثناء الطمث عن 150 مل، وقد يكون هذا النزف من الغزارة بحيث يؤدي مع مرور الزمن الى فقر دم يستدعي المعالجة. وتعود 90% من الحالات الى اسباب عضوية كائنة في الأعضاء التناسلية مثل: الإصابة بداء البطان الرحمي او ورم لیفی ما تحت الغشاء المخاطي لبطانة الرحم، او خارج الأعضاء التناسلية كارتفاع الضغط الشرياني، او اضطرابات تخثر الدم نتيجة لنقص الصفيحات الدموية. وأحيانا يكون السبب راجعا الى خلل هرموني.

النزوف الإضافية في دورة طمثية :

وهي النزوف التي تظهر ما بين اليوم 8-28 من أیام الدورة الطمثية. وأسبابها هرمونية او عضوية.

تشخيص اضطرابات الدورة الشهرية :

من المهم أن يتعرف الطبيب على القصة المرضية بدقة، خاصة تتابع الدورات الطمثية، وهل هي طبيعية ام مضطربة؟


ونوع هذا الاضطراب اذا وجد. ويجري للمرأة فحصا سريريا وفحصا للمعايرات الهرمونية الخاصة بالجهاز التناسلي. واذا لزم الأمر اخذ خزعة من الغشاء المبطن للرحم وفحصها خلويا لمعرفة اذا كان الإضطراب ناتجا عن مرض عضوي في الرحم او عن خلل في الميزان الهرموني للأنثي.

يعتمد علاج الاضطراب على السبب. ففي حال وجود خلل هرموني، يعطى للمرأة العلاج الهرموني المناسب الكل حالة على حدة. والمعالجة الهرمونية لا تطبق إلا إذا انتفى وجود كافة الأسباب العضوية.

د. سميح خوري
اختصاصي في الأمراض النسائية والتوليد

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *