انقرضت الديناصورات قبل ظهور الانسان على سطح الأرض / pixabay

ملايين أنواع الكائنات الحية تنقرض قبل اكتشافها

يحذر كبار البيولوجيين في العالم من أن قسما هاما من أنواع الكائنات الحية سوف يختفي من على سطح الأرض، قبل أن يتم اكتشافه. وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها مؤسسات دولية أو محلية في العديد من دول العالم لحماية أنواع معينة من الحيوانات البرية أو البحرية من الانقراض، فان المشكلة في الواقع اكبر من تلك الجهود بكثير لذا يؤكد هؤلاء العلماء على تكثيف الجهود لحماية الأنظمة البيئية المهددة بالأخطار في العالم وبخاصة بيئة الغابات الاستوائية الماطرة.

تشير العديد من للدراسات الحديثة. إلى أن أقل من عشر الأنواع الحيوانية والنباتية على سطح الأرض قد تم تصنيفها. وان عددا أقل بكثير قد تمت دراسته.

لذ ا يؤكد البيولوجيون على ضرورة العمل بكل الوسائل المتاحة لاكتشاف وتصنيف ودراسة ملايين أنواع الكائنات الحية قبل أن تنقرض٠ وهم يحذرون أيضا بأن الوقت قصير جدا، ففي الغابة الاستوائية مثلا – وهى تمثل أكثر الأنظمة البيئية تنوعا يعتقد – بانقراض آلاف أنواع الكائنات الحية كل عام. في هذا المجال يعلق د. أدوارد ويلسون من جامعة هارفارد. قائلا ( انه لمن المثير للدهشة حقا، أن أمرا أساسيا وهاما، مثل هذا التنوع الكبير في الحياة على سطح الأرض، لا زال مجهولا في معظمه. والمدهش أكثر أننا حتى لا نعرف ولو بالتقريب عدد الأنواع الحية، إن تقديرات العلماء تشير إلى وجود ما بين خمسة ملايين إلى ثلاثين مليونا من أنواع الكائنات الحية ٠ علما بأن 1.6 مليون نوع فقط قد تم وصفها وتصنيفها حتى الآن).

لقد صدم العالم بنتيجة التجارب والدراسات الحديثة حول المعدلات المتزايدة لانقراض الكائنات الحية. إذ تدل بعض الدراسات مثلا، إلى انه خلال عقود قليلة قادمة سيكون هناك تدمير شامل لمناطق عديدة من الغابة الاستوائية، بخاصة في أمريكا الوسطى وإفريقيا الغربية . وسيكون الانقراض رهيبا في الأمازون وجنوب آسيا .

المهمة ليست سهلة

هل ستكون مهمة العلماء في الدراسة والتصنيف والحماية، سهلة؟

الإجابة قطعا هي بالنفي.

يقول الدكتور توماس لوفجوي نائب رئيس المنظمة العالمية لحماية الحياة البرية في واشنطن :
( إن المعيقات عديدة، ففي العقود الأخيرة تضاءل الاهتمام بعمل شاق مرهق لوصف ومقارنة أشكال الحياة، مقارنة بذلك العلم المثير الذي سرق كل الاهتمام والدعم: البيولوجيا الجزيئية. وبالتالي فان عددا قليلا من الباحثين في علم التصنيف يتم تدريبهم هذا إضافة لاعتقاد خاطئ لا زال سائدا نسبيا بين العديد من البيولوجيين) يتمثل في انه ليس من شأن العلماء التورط كثيرا في السياسات الحكومية بشان حماية الغابات أو الحياة المائية)٠

الأخطار الكبيرة على الحياة الأرضية، دفعت البيولوجية إلى العمل وتوحيد جهودهم٠ لقد أخذوا على سبيل المثل يوحدون جهودهم مع جهود المدافعين عن البيئة، واخذوا يدرسون طرق الاستفادة من معونات مؤسسات دولية، مثل البنك الدولي والوكالة الأمريكية للإنماء الدولي، وغيرها من المؤسسات الدولية.

وفي سبيل مزيد من الدعم لجهودهم، أخذ هؤلاء العلماء يركزون الانتباه إلى ما تقدمه الكائنات الحية من فائدة للإنسان. مثل الطعام والدواء ومنتجات الصناعة المختلفة. والتي سيكون تطويرها مستحيلا في المستقبل. إذا لم يتم تدارك الانقراض الشامل الذي يهدد الكائنات الحية.

تقود العديد من المنظمات والمؤسسات في المعالم اليوم حملات مريرة شاقة لحماية أنواع حيوانية معينة من خطر الانقراض، كالنسور والحيتان والفقمة والباندا، إلا أن الصعوبات التي تواجه مثل هذه الجهود لا تكاد تقارن بجهود علماء الإحياء في سبيل حماية الحياة متنوعة الأشكال في الغابة الاستوائية مثلا، أو في البحار بشكل عام والسبب بسيط جدا. إذ أن معظم الأنواع المعرضة لخطر الانقراض، وغير المصنفة هي حشرات، والعديد من الأنواع الباقية حيوانات لا فقارية أخرى أو نباتات، فالخنفساء مثلا أو الطحالب البحرية لن تجد من الناس ذلك التعاطف الذي يجده حيوان كالباندا علما بأن مثل هذه المخلوقات الصغيرة المجهولة، تشكل القاعدة الأساسية لشبكة الغذاء المعقدة التي تنتظم فيها الحياة في سطح الأرض، والحشرة الصغيرة المجهولة هذه قد تكون حيوية لتلقيح أو حماية أنواع هامة من الأشجار. كما أن نوعا نباتية ينقرض، قد يأخذ معه العديد من الأنواع التي تعتمد – بشكل مباشر أو غير مباشر – في غذائها عليه، كالحشرات والحيوانات الراقية. والاهم من كل ذلك، أن كل نوع من الكائنات الحية، سواء كان ساحرا رائعا في نظر الناس أم لا، إنما هو مخزن حيوي زاخر بالمعلومات الوراثية والبيئية.

ملايين الأنواع من الحشرات

إن حوالي نصف 1.6 مليون نوع تم وصفها حتى الآن، هي حشرات ٠ وتمثل الخنافس اكبر مجموعة فيها. ويعتقد البيولوجيون، أن مئات الآلاف. إن لم يكن ملايين الأنواع من الحشرات تنتظر الاكتشاف والتصنيف. وهم يبنون اعتقادهم هذا على حقيقة انه مع كل دراسة لبقعة جديدة من الغابة المطرية، يتم اكتشاف العديد من الأنواع الحشرية الجديدة. ويوضح بعض الباحثين ذلك بقولهم ( تكفي نظرة إلى ذلك المستوى في الغابة المطرية، حيث تتشابك الأغصان في الأعلى، وحيث ذلك التنوع الكبير المذهل في الحشرات، يكفي ذلك لتعرف أن عدد أنواع الحشرات هو في الحقيقة اكبر كثيرا مما كان يعتقد).

د. يتري اروين من معهد سميثسونيان طور تقنية، ينشر بها على أشجار الغابة ضبابا من مادة قاتلة للحشرات. وذلك ليمكن الفنيين من جمع كافة الحشرات الموجودة على هذه الأشجار والتي تسقط نتيجة ذلك على الأرض، في إحدى تجاربهم ومن 19 عينة من نوع واحد من الأشجار جمع د.اروين أكثر من 682 نوعا من الخنافس٠ وبدراسة تفصيلية للأشكال المتنوعة لهذه الخنافس، قدر د. اروين أن 682 نوعا منها هي من آكلات النبات تتغذى على أجزاء متنوعة من الشجرة المضيفة. وان 296 نوعا مفترسة لنوع أو أكثر من آكلات الأعشاب، و 69 نوعا تأكل الفطريات التي تنمو على الشجرة، و 96 نوعا تقتات بالفضلات. كما لاحظ أن حوالي 14% من أنواع الخنافس هذه، تعتمد في معيشتها على هذا النوع من الأشجار فقط دون غيره٠

النباتات أفضل حالا

قد يكون وضع النباتات أفضل نسبيا من الحيوانات ومن الحشرات بالذات. فعلى حد قول د.جيليان برانس مدير معهد النباتات الاقتصادية التابع لحديقة نيويورك النباتية، فان 222 ألف نوع من النباتات الزهرية معروفة الآن، وان 90% منها قد تم تصنيفه. إلا أن الحجم ينخفض لنباتات أخرى مثل السرخسيات وأكثر انخفاضا في حالة الفطريات .

وكما هي الحال في الحيوانات، فان أكثر الاكتشافات للنبات ستكون في المناطق الاستوائية وبخاصة في أمريكا الوسطى والجنوبية كما هو متوقع. وفي ذلك يوضح د. برانس بقوله ( ان حوالي 1% من النباتات التي تم جمعها خلال أعمال بعثة علمية واحدة ذهبت مؤخرا إلى حوض الأمازون، هي أنواع جديدة بالنسبة للعلم.

وبناء على مقابلات مع أفراد من القبائل المحلية هناك فان العديد من هذه النباتات يمكن أن تكون ذات فائدة هامة للإنسان.


التصنيف وهندسة الجينات

هل يستحق اكتشاف ووصف ملايين أخرى من أنواع الكائنات الحية، كل هذا الجهد وهذه الضجة. علماء البيولوجيا يجيبون، وبصوت عال، نعم.

يقول د. لو فجوي المختص في بيئة المناطق الاستوائية، (إننا نتحدث هنا عن قاعدة أساسية من المعلومات للعلوم البيولوجية. فكيف نستطيع مثلا تخيل ما حدث على الأرض، إذا لم نكن نستطيع تكوين فكرة واضحة عن تنوع الحياة عليها)٠

علماء البيولوجيا يرفضون بشدة أيضا، ما يردده البعض الآن، من أن مستقبل علم البيولوجيا يحدد ملامحه الآن علم هندسة الجينات، وبالتالي فان الاهتمام بمعرفة أنواع جديدة سيتراجع تدريجيا مع الأيام، ويرد د. لو فجوي قائلا ( إن الأنواع الطبيعية هي المكتبة التي يستطيع من خلالها مهندسو الجينات العمل والإبداع، أن مهندسي الجينات لا يصنعون جينات جديدة، وإنما هم يعيدون بناء جينات موجودة ). ‏

ترجمة حيدر مدانات
العنوان الأصلي للمقال
The Vanishing Of Species
By Erik Eckholm

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للغذاء الأسبوع المقبل في أبوظبي

• عبد الوهاب زايد: يشهد معرض ابوظبي للتمور بدورته العاشرة مشاركة أكثر من 100 عارض …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *