القرن الحادي والعشرين هو قرن العولمة …. هو قرن هيمنة العولمة على مسار البشرية… فالعولمة هي \”فيروس أيديولوجي\” حيث يغزو العقول. انه \”شعار العصر\” وأداة الحضارة المعرفية الجديدة في نشر أفكارها وقيمها. وهكذا فان حتمية العولمة تفرض على الناس نمطاً جديداً من التفكير ونمطاً جديداً من التعايش معها، ونمطاً جديداً من الإنتاج للاستفادة منها.
العولمة هي نظام عالمي جديد له أدواته ووسائله وعناصره، وميكانيته…. هكذا اخترقت العالم من خلال وسائل مختلفة: القنوات الفضائية والإلكترونيات والحواسيب والانترنيت ووسائل الاتصال الجديدة والعلوم الفيزيائية والجينية والبيئية والطبيعية والاجتماعية….
أمام هذا الطرح، أركز تفكيري في هذا البحث حول العولمة والتربية دون الخوض في المؤثرات الكثيرة لجميع أبعاد الحياة الإنسانية السياسية والاقتصادية وغيرها… سنناقش مفهوم العولمة والتربية، التحديات التي تواجه كليهما، وما مقدار تأثير العولمة الجديدة على التربية، واخيراً نظرة إلى المستقبل إزاء هذا التغير وهذه الثورة \”العولمية\”.
تعريف التربية :
عند الحديث عن التربية نجد انه من الصعب علينا إعطاء تعريف محدد وشامل لها، فهنالك العديد من هذه التعريفات التي تختلف باختلاف الفلسفة أو النظرة للتربية، وان كان لا بُدَّ لنا في هذه الدراسة من إعطاء تعريف فانه من يمكن أن نقدم بعض الومضات التي تشير إليها وهي:
أن التربية عملية تكيف، أو تفاعل بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها، وعملية التكيف، او التفاعل هذه تعني تكيف مع البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية ومظاهرها، وهي عملية طويلة الامد ولا نهاية لها الا بانتهاء الحياة.
فالتربية هي أداة التغير في أي مجتمع، فإذا كان العالم الآن يبحث عن العالم الواحد، فقد أصبح لزاماً علينا البحث عن الدور الذي ستؤديه التربية في هذا العالم الواحد.
هدف التربية :
تهدف التربية إلى تحقيق الإنسان لذاته والاهتمام بالفروق الفردية التي تميز شخصاً عن آخر بما يحصله من مكاسب فكرية وعملية. والاهم في التربية هو إيجاد المواطن الصالح، وذلك بالتكيف الجيد في البيئة والمجتمع المحيط .
تهدف التربية إلى تربية الإنسان من الناحية العقلية والخلقية والجسدية والعاطفية والإنسانية. وذلك بالارتباط مع العديد من العوامل والروابط المحيطة (اجتماعية وقومية ووطنية ودينية واقتصادية وسياسية وعلمية وتقنية…. وهكذا يتم إعداد الفرد للحياة الفعالة في المجتمع، ولحياة أسرية مع الآخرين بنجاح.
وظيفة التربية :
نقل الأنماط السلوكية للفرد من المجتمع. نقل التراث الثقافي من الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة. تغيير التراث الثقافي وتعديل في مكوناته. إكساب الفرد خبرات اجتماعية نابعة من قيم ومعتقدات ونظم وعادات وتقاليد وسلوك الجماعة التي يعيش فيها. تنوير الأفكار بالمعلومات الحديثة.
الأسس التربوية الحقيقية :
يقول هارون الرشيد :\”الجواب ما ترى لا ما تسمع\”. من هنا نذكر الثوابت الروحية والأخلاقية والحضارية ومتطلبات المصالح المستقبلية.
· آليات التحديث المعاصر وتجاربه النهضوية التربوية والعلمية والفكرية والنقدية ووسائله التكنولوجية المتطورة ومعارفه وتراثه العالمي.
· الاستجابة للتحديات المستقبلية والأساليب الذكية من اجل التعامل والاستفادة من العولمة الجديدة.
التجديدات التربوية :
من أهم السمات الجديدة التي ظهرت في العصر الحديث وأدت إلى التغيرات السريعة في كافة مجالات الحياة، مثل: التفجير المعرفي، ظهور التكنولوجيا الحديثة، سهولة الانتقال والاتصال، التطورات المختلفة لجميع مجالات الحياة…. وعليه لا بدَّ من: تجديدات في السياسة التربوية ، تجديدات في الإدارة التربوية، تجديدات في البنى التعليمية، تجديدات في المناهج وطرق التدريس، تجديدات في الوسائل التعليمية، تجديدات في التعليم المستمر…..
أليس هذه \”عولمة حقيقية\” مستندين إلى أسس ومرتكزات من القرن الماضي للنظر إلى المستقبل ولفهم العولمة الجديدة وذلك من خلال:
· النظر إلى الواقع الذي يعيشه المجتمع…. بكل ما يتصف به ذلك من مزايا ورزايا…. أحاديات وثنائيات…. توافقات وتناقضات…
· التفكير الذي يطغى على أذهان الشعب سواء على مستوى القيادات أم النخب أم الفئات أم الجماهير…
· المصير الذي سيحيق بها من خلال التحديات الصعبة التي ستفرضها العولمة الجديدة وسياقاتها في القرن الحادي والعشرين.
· قبول الحضارة : لا تستطيع حضارة أن تبقى منعزلة في إحدى زوايا الأرض. فقد حان الوقت لكل حضارة أن تدافع عن نفسها وان تتعلم من غيرها من الحضارات وان تكون دينامية سريعة التطور والنمو وإلا فلا مكان لها لمنافسة ومضاهاة غيرها من الحضارات.
التحديات التي تواجه التربية :
من أهم التحديات التي تواجه التربية ما يلي:
· تطلعات القرن الحادي والعشرين للتربية حيث يكون من أهم مخرجاتها بناء الإنسان الحر وتحقيق نضج الفرد المتعلم في مختلف مستوياته العقلية والجسمية والاجتماعية والانفعالية والروحية. حيث يتم بناء الإنسان المؤمن الواعي القادر على البناء والعطاء ضمن إطار من وضوح الرؤيا وتحقيق الهدف المرجو ضمن المسؤولية.
· الاعتراف بالواقع المعاصر، وهو هزال في بناء الثقافة العامة والمكتسبات المعرفية وتخلخل الإبداعات وعدم رعاية الكفاءات في العلوم والآداب والفنون والاضطراب في الرؤية الاجتماعية في النظر إلى التخصصات العلمية والأدبية. مما يؤدي إلى الخلل والاضطراب التي تتصف به الأجهزة التربوية والمؤسسات التعليمية التي تعد من أبرز الدعامات والمرتكزات القوية في البناء الثقافي والمؤسسات المعرفية…
· تحدي الانفتاح: إن تطور سبل الاتصال والتواصل جعلت الانفتاح أمراً حتميا لا بد من التعامل معه. فالانفتاح يساعد على العمل الجماعي والتنسيق وزيادة الوعي ونقل التكنولوجيا بصورة افضل وسهولة أكبر…
· تحدي تجاوز أمراض البيروقراطية: من خلال الإبداع والسعي الذاتي نحو الإنجاز والإبداع والتطور الذاتي والجماعي…
· تحدي المأسسة: من خلال وضع مخطط تربوي جديد مستند إلى الماضي لبناء مستقبل النظام التربوي لبناء إنسان القرن الحادي والعشرين.
· تحديات الإدارة التعليمة: توافر بيئة تربوية معلمة، توافر محتوى ومضمون أكاديمي وثقافي، توافر مربين متميزين يعيشون بين الطلبة، تنمية إحساس الطلبة بالغيرية والآخرية، تحديات التربية الموازية والإدارة التعليمية…
· تحديات تربوية واسرية: كيفية تربية الأبناء في هذا المجتمع الجديد بعولمته الجديدة. يعيش الإنسان تحديات معاصرة قد تزول أمامها شخصيته، أهمها كيفية التربية والتعامل مع الأبناء الذين يواجهون هذا العالم بتغيراته الكثيرة.
· تحديات تواجه المثقف العربي ، ناشئة عن الأزمة الكلية للأمة العربية، في مجالات السياسة والفكر والمجتمع، نذكر منها: وجود نظم تربوية متناقضة، حسب أيدلوجيات الفكر السياسي المطبق في كل دولة وفي كل قطر. وبالتالي عدم وجود تربية سياسية واضحة ومتفق عليها للإنسان العربي. كما نذكر آثار الغزو الفكري والثقافي، والفراغ الفكري. ارتفاع نسبة الأمية في المجتمع. أزمة المعلم ومهنة التعليم.
· \”إن من أكبر التحديات التي تواجه مسؤولي وقادة النظم التربوية في القرن الحادي والعشرين تأكيد وتعميق مفاهيم التقارب والتضامن بين الأفراد والجماعات والشعوب وتمكينهم من امتلاك منظر عالمي وبلورة مهارات فاعلة تمكنهم من استشراف المستقبل وتبصر بدائل إدارة شؤونه\”
تعريف العولمة Globalization:
· تسمى العولمة Globalization، وتعني لغوياً تعميم الشيء أو المفهوم أو القيمة أو السلعة أو الموقف وتوسيع دائرته ودائرة تأثيره لتشمل كل الكرة الأرضية على اعتبار إن Globe هي الكرة.
· قال برهان غليون \”العولمة هي ديناميكية جديدة تبرز داخل العلاقات الدولية من خلال تحقيق درجة عالية من الكثافة والسرعة في عملية انتشار المعلومات والمكتسبات التقنية والعملية للحضارة يتزايد فيها دور العامل الخارجي في تحديد مصير الأطراف الوطنية المكونة لهذه الدائرة المندمجة وبالتالي لهوامشها أيضا\”.
· أما احمد أبو زيد ، فقد عرفها بقوله: إن العولمة تعمل على توحيد الأفكار والقيم وأنماط السلوك وأساليب التفكير بين مختلف شعوب العالم كوسيلة لتوفير مساحة واسعة من الفهم المتبادل والتقريب بين البشر واقرار السلام العالمي.
ومن هذه التعريفات، يمكن تلخيص العولمة في كلمتين: كثافة انتقال المعلومات وسرعتها إلى درجة أصبحنا نشعر بأننا موجودين في قرية كونية Global Village ، فان ما يحصل في بقعة ينتشر خبره في البقعة المجاورة وكل ما يحدث في جزء يظهر أثره في الجزء الآخر .
أهداف العولمة:
لفهم أهداف العولمة ومرامها نرى هناك وجهين الأبيض المشرق والأسود المظلم، وهنا لابد أن نرى سلبيات وايجابيات هذه العولمة الجديدة؟
1. سلبيات العولمة:
أثار الكتاب والمفكرون المصطلح الآخر للعولمة وهو (ألأمركة) وذلك استناداً إلى تصريحات وسياسات وخطط أمريكية في العالم. أوضح يوماً أحد فلاسفة الغرب المعاصرين محذراً من العولمة قائلاً: \”إذا كانت البراءة تظهر في عموميات العولمة فان الشياطين تختبئ في تفاصيلها\”. نذكر منها:
· حديث الرئيس جورج بوش 24/1/1990 حيث قال: إن القرن العشرين أمريكي ويجب أن يكون القرن الحادي والعشرين أمريكيا أيضاً.
· حديث بريجنيسيك 10/8/1990 حيث قال: ليست هناك سوى قوة عظمى واحدة في العالم، هي الولايات المتحدة الأمريكية وهذه القوة العظمى يجب أن تكون مطلقة وشاملة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. فنحن القوة الوحيدة على جميع الصعد.
· في كتابه (توازن الغد) يرى روبرت شتراوس: إن المهمة الأساسية لأمريكا تتمثل في توحيد الكرة الأرضية تحت قيادتها، واستمرار هيمنة الثقافة الغربية، وهذه المهمة لا بد من إنجازها بسرعة في مواجهة آسيا، وأي قوى أخرى لا تنتمي للحضارة الغربية. إن مهمة الشعب الأمريكي القضاء على الدول القومية.
· قال فرانسوا بايروا، وزير التربية والتعليم العالي الفرنسي: \” إن هدف العولمة هو تدمير الهويات القومية والثقافة القومية للشعوب\” .
· ألقى الأستاذ حسني عايش محاضرة في النادي الأرثوذكسي في عمان، غنية مليئة بالكنوز والمعاني التي نراها هامة للتأثير على العولمة من خلال التأثير على التحولات الاجتماعية في الإنسانية. كان عنوان المحاضرة \”الخشية أن يتحول الإنسان إلى آلة أو العكس\”، نذكر النقاط الرئيسة لهذه التحولات الاجتماعية الواقعة، والإشكاليات والمشكلات الناجمة عنها: الانتقال من سحر الطبيعة إلى سحر التكنولوجيا، الانتقال من أسرة ممتدة إلى أسرة نووية (ذرية) فأسرة مخترقة، فأسرة طاردة أو نابذة، الانتقال من انحراف اجتماعي إلى إفراز تكنولوجي، ومن عالم ثابت ومعقول إلى عالم هارب ومجنون ومن المناعة الذاتية أو الطبيعية إلى المناعة الطبية، ومن حضارات زراعية إلى حضارة تكنولوجية- معرفية….
الآثار السلبية من الناحية الأخلاقية والتربوية: استشهد بقراءة سريعة في جريدة الرأي ليوم الأحد 25/2/2001 حيث قرأت \”بعد أيام يبدأ العمل ليولد أول طفل مستنسخ مع نهاية العام\” ويضيف بأنه تمت تكلفة العملية نصف مليون دولار والتعاقد مع 20 امرأة للتبرع بالبويضات، و50 أخريات ليكن أمهات بديلات…. فأين الأخلاق والتربية أن ابتعدنا عن الأسس التربوية والدينية؟ وما هذه العولمة التكنولوجية الجديدة؟
· أشار الدكتور حربي عريقات في مقال له \”العرب وتحديات ظاهرة العولمة\” حيث ذكر أهم الآثار السلبية لظاهرة العولمة التي ستعاني منها الدول النامية وهي: ازدياد معدلات البطالة، انخفاض الأجور، تدهور مستوى المعيشة، اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء ، تقليص دور الدولة في مجال الخدمات كالصحة والتعليم والإسكان والبنية التحتية الأخرى.
2. إيجابيات العولمة:
عند إثارة هذه المشكلات والتحولات الاجتماعية لا يعني ذلك غياب التطور التكنولوجي الإيجابي. إن له إيجابيات كثيرة لا مجال لذكرها، فالتكنولوجيا، مثلاً تحول الصحراء إلى واحة، في الوقت الذي تستطيع فيه أن تحوّل الواحة إلى صحراء.
وفي مجال التكنولوجيا والتطور في النطاق التربوي، علينا أن لا ننسى توجهات جلالة الملك عبد الله الثاني للاستفادة من العولمة بمفهومها التكنولوجي حيث ركز جلالته على استخدام التكنولوجيا ونشر الكمبيوتر في كافة المدارس وذلك لأنه سيساهم في تحسين الأداء التربوي لدى الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية ويطور مفهوم عملية التعليم والتعلم. كذلك ركز جلالته على تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس وهذا يدل على انفتاح على العالم وعدم التقوقع على الذات وتوسيع الآفاق التربوية والثقافية، فاللغة مناسبة للتعامل مع التكنولوجيا والتطور….
لكن هذه الإشكاليات والتحولات الإيجابية والسلبية تضعنا أمام التساؤل والسؤال. ما التقدم؟ وأين نحن من العولمة وتأثيراته الاجتماعية علينا وفي مجتمعنا؟ وكما يقول بعض المفكرين: نحن أمام خطين وهما: خط كان يخشى أن يتحول الإنسان إلى ما يشبه الآلة وخط آخر صار يخشى إن تتحول الآلة إلى ما يشبه الإنسان.
العرب والعولمة:
إن العولمة بالنسبة لنا، واقع معقد ومتناقض يختلط فيه الماضي العريق بالحاضر المتوتر وتتداخل فيه المشاعر القومية بالمشاعر الدينية وعناصر المادة بعناصر الروح، والولاءات القطرية بالولاءات القومية، ولا تتطابق فيه حدود السياسة مع حدود الأمة، ولا تستقيم فيه وفرة السكان مع ندرة الموارد ولا وفرة الموارد مع ندرة السكان…. فما مستقبل الأمة العربية في القرن الحالي؟
قبل بروز العولمة برزت مدرسة البحث عن المستقبليات: بعضها يقوم على رسم المشاهد أو السيناريوهات المستقبلية المتوقعة اعتماداً على الوقائع الراهنة دون تدخل أحد وبعضها يقوم على دراسة قدراتنا على التأثير في هذه السيناريوهات أي قدرة تطلعات الحاضر على رسم المستقبل، أي التدخل فيما سيأتي، والعولمة بكل ما تملك من طاقات الفعل والتأثير تحاول التأثير في مستقبل الكرة الأرضية. وهل نحن قادرون على صناعة مستقبلنا بغض النظر عن تأثير أرباب العقل في العالم؟
ولفهم واقع العولمة وتأثيرها علينا في العصر الحاضر وخصوصاً من الناحية التربوية، لا بد ّمن إدراك التحديات والعراقيل التي تواجهنا، ومنها :
· الابتعاد عن التعصب والتمذهب والطائفية، لأننا نملك شريان حضاري وثقافي مركزي لا بد إن تتمثل فيه التعددية والشفافية والانفتاح المعاصر.
· تنمية التفكير بوسائل تربوية متطورة تتلاقى مع روح العلم والتفكير النقدي وحرية الرأي. والتحرر من رواسب الماضي العقيم والحفاظ على ثرواته الحضارية والدينية والثقافية…
· الحاجة إلى تفكير جديد يعمل على إنتاج تاريخ جديد وتشريع جديد وتعليم جديد ومنهج جديد … وذلك من خلال تشكيل بنى اجتماعية موحدة ومتحضرة لها القدرة على الحركة والتفاعل مع الآخرين على اختلاف مذاهبهم….
· وضع سياسات وطنية راسخة وليس شعارات وهمية خاوية تجاه الغزو بأنواعه المختلفة: الثقافية والأخلاقية….
· التفاعل بين التراث القومي والحاجات المعاصرة. والانفتاح إلى الأنظمة التربوية العالمية بطريقة هادئة وعلمية وواعية وناضجة.
· تولي السياسات التربوية المعاصرة مبدأ الثقافة الحاسوبية الاجتماعية بحيث تكون متماشية مع ثقافة حاسوبية تعليمية شاملة متكاملة.
· زرع انفتاحات داخلية واسعة الجوانب بين مختلف الاتجاهات تمارس فيها الديمقراطية الحقيقية ويتقبل كل تيار أو اتجاه الحد الأدنى من التنازل من أجل الصالح العام والواقع الراهن والمصير الواحد.
· الاهتمام بالأدمغة التربوية ومحاربة هجرتها وكسب رضاها وتوفير الفرص والحوافز أمامها للعمل وللتطوير. والحث على تنمية الفكر الإبداعي في التربية من خلال خلق الوسط العلمي وتطوير بيئة البحث (الموارد البشرية، المادية، التفاعل المهني، التواصل الاجتماعي….)
· رصد ميزانية من الدخل القومي والوطني للتطوير التربوي والبحث العلمي الحقيقي لإنعاش الاقتصاد وتطويره. لان \”التربية ثروة واستثمار\”.
· المحافظة على الهوية العربية. فلكل أمة هوية ومهما أصاب هذه الهوية من تطور في نظراتها الجزئية بما يتلاءم مع قوانين التبدل والتغير فإنها تبقى الأساس في تحديد النظم الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية العامة لتلك الأمة، والتربية جزء من أية هوية وفق احتياجات التلاؤم مع غايات الحياة المقصودة في كل عصر، تعمل مع الوضع الطبيعي على تأصيل وترسيخ قيم ومثل وأنماط السلوك المحددة .
· ظاهرة التكيف والعولمة: أثارت انقساماً بين المفكرين والدارسين في العالم. فالبعض يعتبر العولمة نعمة تجلب معها الثروات والنمو الاقتصادي والتطور والحضارة فيما يحذر الآخرين من أنها نقمة تشكل خطراً عظيماً متفاقماً على الاستقرار الاجتماعي والمكاسب والبيئة الطبيعية. وبين حدود النعمة والنقمة، أي طرفي النقيض للتكيف والعولمة. وقد برزت مواقف تحاول أن تجمع بين فضائل الاستعجال نحو السوق والانفتاح وحسنات البناء تحت حماية الحضارة والتراث والصفات الخاصة لكل جماعة ورأفتها والتوجه نحو الذات والأصول.
خاتمة:
باتت العولمة واقعاً لا مفر من التعامل معه، فليست هي بالفجر البازغ ولا بالفخ الخادع. وعلى عاتقنا تقع مسؤولية العيش في ظل ما تفرض من قيود وما تتيحه من فرص. ومن هنا شاع واقع \”سوق العولمة\” وتأثير تجارة المعرفة والتعليم والتعلم على التربية، فبدأت المدارس التربوية تتسابق في تسويق مبادئها وقيمها واعمالها في عالم تربوي متغير. واصبح سوق العولمة يتجول في العالم لينقل فكره لمنفعته وإنتاجيته وتجارته وعالمة الخاص.
فالعالم قرية صغيرة Global Village فلا بدّ من أن يكون متماسكاً ومترابطاً ضمن أسس تربوية ثابتة وحقيقية. وهكذا نرى إيجابيات وسلبيات العولمة وتأثيره على التربية.
وان العولمة لتتحقق وترتبط مع التربية المعاصرة لبيئتنا ومجتمعنا أن كانت ضمن \”التبني والتكيف\” ADOPT & ADAPT ، كلُ حسب بيئته وقناعاته وعدم \”التقنص\” الواحد للآخر وعدم تبعية هذا لذاك، فلكل مجتمع بيئته السليمة وتربيته العظيمة وتراثه المجيد وغناه الفريد وكنوزه الثمينة.