مخطَّط البحث هو مشروعُ عمل أو خطَّة منظَّمة تجمع عناصر التفكير المسبق اللازمة لتحقيق الغرض من الدراسة، ويهدف مخطَّط البحث إلى تحقيق ثلاثة أغرض أساسيَّة، هي:
1) أنَّه يصف إجراءات القيام بالبحث ومتطلَّباته.
2) أنَّه يوجِّه خطوات البحث ومراحل تنفيذها.
3) أنَّه يشكِّل إطاراً لتقويم البحث بعد انتهائه.
ويتساءل البعض عن كون مخطَّط البحث من الجوانب العلميَّة أم من يعدُّ الجوانب الفنيَّة للبحث؟، والإجابة على هذين السؤالين تتَّضح بما يأتي:
1) أنَّ مخطَّطَ البحث لا يأخذ صورته النهائيَّة إلاَّ بانتهاء البحث.
2) أنَّ مخطَّطَ البحث يحتوي على عناصر وأجزاء ينالها التعديل والتغيير بتقدَّم البحث.
3) أنَّ الحديث عن مخطَّط البحث في هذا الفقرة المتأخِّرة سيتناول جانـبَه الفنيَّ فقط.
4) أنَّ الجانب العلميَّ لمخطَّط البحث تناولته الفقرات المتقدِّمة بطريقة مجزَّأة.
5) أنَّ المراجعة الأخيرة للبحث تهدف – ممَّا تهدف إليه – إلى فحص مخطَّط البحث.
6) أنَّ مخطَّطَ البحث أداة من أدوات تقويم البحث، والتقويم عمل إجرائيُّ يتمُّ أخيراً.
والحقيقة أنَّ مخطَّط البحث يتطلَّبُ وقتاً وجهداً أكثر ممَّا يظنُّ بعض المبتدئين في البحث، فحينما يضع الباحثُ مخطَّطاً ناجحاً لبحثه فهو يعني أنَّه قد اختار مشكلة بحثه وصاغها بعناية وحدَّد فرضياتها وأسئلتَـها وأهدافها، وتَعَرَّف على الدراسات السابقة والنظريات ذات العلاقة بالموضوع وعرف مكانةَ بحثه منها والجانب الذي يجب أن تنحوه الدراسة وتركِّز عليه، واختار أداة جمع البيانات المناسبة وصمَّمها وحدَّد مفردات البحث وأسلوب دراستها واختيار عيِّنة الدراسة إن كان ذلك هو الأسلوب المناسب وحدَّد المتعاونين معه، وفكَّر بأسلوب تصنيف البيانات وتجهيزها، وبذلك لم يبق بعد إعداد مخطَّط البحث إلاَّ تجميع البيانات وتحليلها وتفسيرها واختبار الفروض والإجابة على أسئلة الدراسة، وهذه ربَّما لا تحتاج من الجهد إلاَّ القليل وبخاصَّة إذا كان مخطَّط البحث متقناً.
وممَّا تجب الإشارة إليه في مخطَّط البحث هو شرح وافٍ بالطريقة التي سوف يجيب فيها الباحث عن أسئلة دراسته، والطريقة التي سيختبر فيها فرضيَّاته، ويلزم أن يكون ذلك الشرح تفصيليّاً بحيث يستطيع أيُّ باحث آخر أن يستخدم طريقة الباحث نفسها بالكيفيَّة التي استخدمها الباحث، ويتضمَّن ذلك تحديداً لمجتمع الدراسة الذي يلزم تعميم نتائج الدراسة عليه، ووصفاً لعمليَّة اختيار العيِّنة وتعريفاً بها حتى يكون بالإمكان تعميم النتائج على مجتمعاتٍ لها نفس خصائص العيِّنة، كذلك لا بدَّ من تحديد المتغيِّرات المستقلَّة والمتغيِّرات التابعة والمستويات الخاصَّة بكلِّ متغيِّر، ولا بدَّ من إيضاح الترتيبات والإجراءات المتَّخذة لجمع البيانات اللازمة، وإجراءات جمع البيانات باستخدام أدوات ومقاييس واختبارات معيَّنة، ويلزم هنا وصف الأدوات وكيفيَّة تطويرها ومعايير الصدق والثبات التي تتَّصف بها، ويلزم أيضاً تحديد الطريقة المستخدمة في تفريغ البيانات الناتجة عن استخدام أدوات الدراسة المشار إليها، ولا بدَّ أيضاً من إيضاح الطرق والأساليب المستخدمة في تنظيم البيانات من أجل تحليلها، وإيضاح أساليب التحليل ذاتها، ومن الجدير ذكره أنَّ الباحث بتقدُّمه في بحثه يجد قد في مخطَّط بحثه ما يمكن التوسِّع فيه أو تغييره أو حذفه بناءً على ما توفَّر لديه من بيانات ومعلومات جديدة.
وبعد ذلك فملامح ومكوِّنات الهيكل النهائيِّ لمخطَّط البحث تتألَّف من الآتي:
– صفحات تمهيديَّة: تتمثَّل عادةً بصفحة العنوان، وصفحة البسملة، وصفحة الإهداء، وصفحة الشكر والتقدير، ومستخلص البحث، وقائمة المحتويات، وقائمة الجداول، وقائمة الأشكال، والمقدَّمة أو التقديم.
– فصول إجرائيَّة: تشمل تحديد ووصف مشكلة الدراسة، وتحديد دوافع الباحث لاختيارها، وبيان بأهدافها وأسئلتها وأهميَّتها، وإيضاح فرضيَّاتها ومتغيِّراتها المستقلَّة والتابعة، وبيان ووصف لأدواتها، وإيضاح أساليبها ومناهجها وكيفيَّة تطبيقها، وتعريف بمصطلحات الدراسة وتحديد لمفاهيمها، واستعراض للدراسات السابقة لها وللنظريَّات ذات العلاقة بموضوعها لاتِّخاذها إطاراً نظريّاً للدراسة، ووصف الأسلوب المتَّبع في جمع البيانات وتسجيلها وتبويبها، وبيان ما إذا كان الباحث قام بنفسه بجمع البيانات أم بالتعاون مع فريق مدرَّب ويذكر كيفيَّة تدريب هذا الفريق، كما يذكر الوقت الذي استغرقته كلُّ عمليَّة، وكذلك لا بدَّ من وصف الأساليب المستخدمة في تحليل البيانات، وما إذا كانت يدويَّة أم استخدم فيها الحاسوب، كما يصف الباحثُ الأساليبَ الإحصائيَّة والكميَّة المستخدمة ومبرِّرات استخدام كلٍّ منها، ويصف الأساليب المستخدمة في تمثيل البيانات وتحليلها.
– فصول تطبيقيَّة: وتشتمل على مقدِّمة يبيِّن بها الباحثُ كيفيَّة تنظيمه لمحتوى هذه الفصول، يلي ذلك وصفُ خصائص مشكلة الدراسة ثمَّ يلي ذلك عرض النتائج مدعَّمةً بالأدلَّـة تحت عناوين فرعيَّة ذات صلة بفرضيَّات الدراسة أو أسئلتها، مع مراعاة مناقشة ما يتوصَّل إليه الباحثُ من نتائج في ضوء نتائج الدراسات السابقة والاتِّجاهات النظريَّة التي يتبنَّاها الباحثُ والتي تمثِّل أفضل الأطر النظريَّة لتفسير نتائج الدراسة، وتوضيح مدى تأييدها أو معارضتها لتلك الأطر النظريَّة أو للدراسات السابقة وتفسير ما يمكن أن يجده من اختلاف، مع ضرورة عرض الجوانب التوزيعيَّة لموضوع الدراسة وعناصره والعوامل المؤثِّرة فيه، ومحصِّلة التفاعل بين العناصر والعوامل، وما يستخلص منها من نتائج أو قواعد تفيد في التوصيف العلميِّ للموضوع محلِّ الدراسة، ومعالجة جوانب القصور أو المشكلات التي تنطوي عليها المشكلةُ المدروسة حاليّاً ومستقبلاً وبما يحقِّق أهداف الدراسة المبيَّنة سلفـاً.
– خاتمة الدراسة: وقد تعطى رقم الفصل الأخير من الدراسة وقد تُعَنْوَن بالخلاصة والاستنتاجات والتوصيات، وفيها يبلور الباحثُ دراستَه بلورة مركَّزة مستقاة من الدراسة التفصيليَّة لمشكلة دراسته، ويبيِّن ما أوضحته من مشكلات وصعوباتٍ متَّصلة بها، ويعرض توصياته بحلولٍ تطبيقيَّة ممكنة التنفيذ لمشكلاتها وصعوباتها، ويقترح دراساتٍ لاستكمال جوانبها أو لبحث قضايا مشابهة تولَّدت منها.
– نهايات بحثيَّة: وتحتوي على قائمة المصادر، وعلى ملاحق الدراسة إن احتوت على ملاحق، وعلى كشَّاف بالأسماء الواردة فيها، وعلى صيغ المعادلات والأساليب الكميَّة إن احتوت على شيءٍ منها، وعلى الصور الفوتوغرافيَّة إن لم توضع في مواضعها من البحث.