التربية وعلاقتها بالمجتمع

الدكتور طارق عبد الرؤف عامر

إن التربية لا يمكن أن تتم في فراغ وبالتالي فهي تعيش في مجتمع ذلك لأنها أداة المجتمع في تشكيل الأفراد الذين لا يمكن لهم أن ينمو في عزلة ولا يرجع هذا إلي أن الأفراد الإنسانيين يشكلون بيئة مناسبة تقدم الحماية واستمتاع فحسب ولكن لأن هؤلاء الأفراد يلعبون أيضا أدوار أكثر أهمية وهو أن وجودهم ضروري للعلاقات التي يكونها الفرد النامي معهم إذ هي المكونات الواقعية لذاته فالفرد النامي ليس مكتفيا بذاته له علاقته بالأفراد الآخرين ولكن العلاقات تدخل في ذات وجوده وفي جوهر شخصيته فالذات ليست شيئا في عزلة ولكنها دائما بالضرورة ذات في علاقة .
مما لا شك فيه أن المجتمع مدرسة كبيرة يتلقى فيها الفرد دروسا عملية كثيرة قد لا يتيسر له أن يتلقاها في حياته من علي مقاعد الدراسة العادية ومن المجتمع يكتسب الفرد ما لديه من السلوك ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الفرد يتلقى من المجتمع دروسا مختلفة الأنواع والصور يصقل بها معارفه وخبراته المدرسية وبما أن الحياة لا تنقطع بانقطاع الفرد عن الذهاب إلي المدرسة العادية فإن حياته في المجتمع تعتبر عملية استمرارية للدراسة والبحث والتعليم في المدرسة الكبيرة ( المجتمع ) بما فيه من مهن وأدوات اتصال ووسائل توضيح وبما فيه من نظم تفرضها الدولة أو المؤسسات العامة وتصقلها التجارب علي مر السنين وما الإنسان إلا مجموعة من القوى التي تظل كامنة حتى تظهرها التجارب علي السطح وتطلق سراحها الخبرات .
قد فطنت المجتمعات الحديثة إلي أهمية التربية فأولتها كل الاهتمام والعناية وخصصت لها المال والجهد وأعدت الخبراء والمتخصصين لذا تحتل التربية مكانا نافذا لم تحتله في أي عهد من العهود كما تحتله اليوم في عصر التحول والتقدم من المرحلة الصناعية إلي الثورة المعرفية لهذا فإن رجال التربية في كل بقاع العالم يهتمون الآن في العملية التربوية وما تؤدي إليه تلك العملية من خدمات للمجتمعات المتطورة علي أنه يمكن الاعتماد علي التربية سواء في نشر أي فكرة أو رأي أو معتقد معين من هنا يتضح لنا خطورة .
والمجتمع هو الوعاء الذي يحتوي التربية في داخله ومن ثم فإن التربية تتأثر بالمجتمع بتصوره أو بإطار حياته ومن أجل ذلك فإن فعالية برامج التعليم لا تتأتى من تلقاء نفسها ولا تفرض عليه من الخارج بقوانين خارجه عن طبيعته الاجتماعية وعن ظروف الزمان والمكان الذي يعيش فيه هذا التعليم ولذلك يجب دراسة المجتمع وثقافته الخارجية .
ومعنى هذا أن التربية تعمل بالضرورة في ضوء نظام اجتماعي معين يميزه أفراده ويختارونه من بين نظم اجتماعية أخرى لتحقيق أهداف معينة ومن ثم فإن أي تربية تعبر عن وجهة اجتماعية لأنها تعني اختيار نمط معين في الأنظمة الاجتماعية ومعنى هذا أن محور الدراسة في التربية هو المجتمع فمنه تشتق أهدافها وحول ظروف الحياة فيه مناهجها إذ لا قيمة للفكر التربوي النظري إلا إذا كان هذا الفكر مقترنا ببعض ديناميكيات العمل التطبيقي فلابد أن يترجم الفكر إلي واقع اجتماعي .

* تعريف المجتمع : –

لقد اختلفت تعار يف المجتمع باختلاف العلماء الذين تناولوا هذا الموضوع واختلفت كذلك لاختلاف المفاهيم الثقافية كل جماعة أو اختلاف العقيدة أو المبدأ أو الهدف الذي يسعون من أجل تحقيقه
ويعرف المجتمع (Society ) بأنه جماعة من الناس يعيشون معا ويعملون سويا مدة طويلة بصفة منتظمة وتربط بينهم علاقات اجتماعية ولهم أهداف وموارد مشتركة يستخدمونها في إشباع حاجاتهم في إطار نظام اقتصادي ونظم اجتماعية تساعد علي إشباع احتياجات المجتمع وعلي هذا الأساس يمكن اعتبار الدولة مجتمعا عاما .
ويمكن تحديد مقومات هذا المجتمع فيما يلي :-
1- جمع من الناس تربطهم علاقات وتفاعلات اجتماعية .
2- اشتراكهم في الموارد الطبيعية والخبرات القائمة في مجتمعهم .
3- وجود نوع من تقسيم العمل وتبادل المنفعة بين جماعاته بشكل يحقق التكامل الوظيفي في المجتمع .
4- وجود رغبات مشتركة بين أفراده .
5- وجود نظم اجتماعية تحدد العلاقات بين أفراده .

ويرى ابن خلدون أن المجتمع هو المبدع وهو خالق الحضارة والمدنية ثم إن ابن خلدون في مقدمته أيضا يرى أن الإنسان مدني بالطبع أي أنه لا يستطيع أن يعيش منعزلا عن الناس فهو كائن اجتماعي يشعر بالحاجة إلي سواه من الناس للتعامل معهم والاختلاط بهم وإعطائهم والأخذ منهم وهو في حاجة دائمة إلي بني جنسه لإشباع حاجاته الأساسية والثانوية .
وينطلق المفهوم العلمي للمجتمع من نظرة تكاملية للمجتمع علي أنه مجموعة من النظم الاجتماعية التي تتفاعل مع بعضها وترتبط وتتعاون ارتباطا وتعاونا عضويا لتحقيق أهداف اجتماعية وفق منهج للتخطيط العلمي الشامل من أجل التنمية الشاملة .ولذلك فكمن خصائص النظم الاجتماعية في المجتمع ما يلي :-

1) التشابك والتداخل في البنية وفي الوظائف بالذات .
2) التأثير والـتأثر المتبادل بين النظم المختلفة في المجتمع .
3) الأخذ والعطاء المتبادل بين النظم .

وكل نظام هو جزء من النظام الكلي في المجتمع وفي نفس الوقت فإن كل نظام جزئي هو نظام كلي بالنسبة لعناصره وأجزائه التي تكونت فالنظام التربوي جزء من نظام كلي هو المجتمع والنظام التربوي يتكون بدوره من عدة نظم منها الأهداف والكتب والمناهج المدرسية والتلاميذ والمباني واللوائح والقوانين المدرسية والإدارية والميثاق التربوي وهكذا .

وتتضمن هذه النظرة المتكاملة للمجتمع ما يلي :-

أ‌) كل نظام اجتماعي له هدفه الاجتماعي ضمن أهداف المجتمع العامة والكلية والمتكاملة .
ب‌) التربية نظام اجتماعي ضمن هذه الأنظمة وضمن النظام الكلي للمجتمع .
ت‌) التربية تقوم بإعداد القوى البشرية للأنظمة الاجتماعية المختلفة .
ث‌) التربية تأخذ من ثقافة المجتمع وتعطيها وتغذي الأجيال الجديدة علي ثقافة المجتمع وما تحدثه من تطوير فيها .

ويعود اختلاف العلماء في تعريف مصطلح المجتمع للأسباب التالية :

1- تركيز العلماء علي عنصر أو أكثر في تعريفهم للمجتمع دون أن يتفق الجميع علي
مجموعة من العناصر التي يمكن الاستناد إليها .
2- اختلاف وجهات النظر لدى العلماء في تعريفهم للمجتمع .
3- اختلاف ظروف المجتمعات للتغير الذي يمر به فقد تظهر أهمية عنصر أو أكثر في فترة معينة من مراحل التغير الاجتماعي .

وبالرغم من وجود الاختلاف في التعاريف جميعا إلا أنها تتقاسم معا وتشارك بعضها بعضا في عناصر أساسية ورئيسية هي الأفراد الذين يعيشون معا والمكان المعين لعيش هؤلاء الأفراد وقيم أو نظام معين يحدد علاقة الأفراد بعضهم ببعض

* عناصر المجتمع : –
لكل مجتمع من المجتمعات عناصر أساسية تؤثر كليا علي حياة الجماعة فيه وتصبغهم بصبغة معينة وتشكلهم بشكل خاص ومن هنا فإن مشاكلهم تختلف وحل تلك المشاكل يتنوع بتنوع الجماعة سواء كانت جماعة فردية أو جماعة صناعية حضرية أو جماعة تجارية لهذا لابد من ذكر العناصر الأساسية المكونة لكل مجتمع وهي :

1- الأوضاع الطبيعية
2- الناس ( الأفراد ) في المجتمع
3- التنظيم الاجتماعي

1-الأوضاع الطبيعية :
إن لكل مجتمع أوضاعا طبيعية وجغرافية معينة تؤثر بها عوامل كثيرة وبالتالي تتكيف حياة الجماعة مع تلك البيئة الطبيعية وأهم هذه العوامل :

أ-المـنـاخ : ويشمل درجات الحرارة والبرودة والرطوبة والعواصف والرياح وكمية الأمطار كل ذلك يؤثر علي نوعية الزراعة وحياة الجماعة .
ب-حجم الجماعة المحيطة :
ويقصد بذلك جماعة القرية أو المدينة أو المنطقة الزراعية أو الصناعية لأن حجم الجماعة يؤثر علي نوع الخدمات التي تقدم لهؤلاء الجماعة وطبيعتها .
جـ- الطوبوغرافيا :
ويقصد بذلك تخطيط الأماكن وخاصة البلدان أو القرى ومعرفة تضاريس المنطقة بما فيها من سهول أو جبال أو وديان لأن ذلك له أهمية كبيرة في طرق الاتصال والمواصلات وبالتالي في نوع المهن التي يمكن أن تهتم بها الجماعة .
د- نوع التربية ودرجة خصوبتها .
هـ- مصادر المياه والأنهار والحار .
و- المصادر المعدنية: من حديد أو فحم أو بترول .
س- المصادر الطبيعية من غابات وأشجار وما يعيش عليها من حيوانات ، كل ذلك له أثر فعال في تعامل الجماعة وفي حياة الأفراد ويؤثر كذلك في أسلوب حياتهم ونظرتهم للحياة وآمالهم وأهدافهم .

2- الناس ( الأفراد ) الذين يعيشون في المجتمع .
فقد تختلف المجتمعات ذات الوضع الجغرافي المتماثل عن بعضها البعض لاختلاف في نمط الحياة وسلوك الناس الذين يقطنون تلك المجتمعات لأن للناس أثرا كبيرا في حياة الجماعة .
ومن الأمور الهامة والواجب معرفتها عن الأفراد الذين يعيشون فوق بقعة واحدة أو في مكان واحد ما يلي :-

1. عدد السكان في المجتمع : ” لأن نظم المجتمع تختلف باختلاف عدد أفراده وحاجاته “.
2. السن والتركيب الجنسي : ويقصد به الشيوخ والأطفال والذكور والإناث .
3. الحالة الثقافية ومستوى التعليم ونسبة الأمية والمشاكل التربوية .
4. أنواع المهن التي يحترفها القاطنون في المجتمع تعطي لونا معينا للصورة التي يكون عليها المجتمع .
5. الأجناس والقوميات المختلفة الموجودة في المجتمع الواحد التي قد تؤدي إلي اختلاف في الاتجاهات والأهداف .
6. المستويات الاجتماعية في المجتمع ووجود الطبقات يؤدي إلي ظهور حالة معينة من العلاقات بين الجماعة الواحدة .

3- التنظيم الاجتماعي:
ويقصد به الوحدات الاجتماعية التي تقوم علي خدمة الجماعة في المجتمع الواحد وتكون مكونة من أفراد تلك الجماعة وهدفها مجابهة مشكلات الجماعة وسد حاجاتهم من تلك الوحدات .
أ-المؤسسات وتكون علي درجة كبيرة من الثبات والاستقرار ولها دستور خاص كالأسرة ، والمدارس ، ودور العبادة ، والإدارات الحكومية الأخرى .
ب-الجماعات التي لها نظام خاص :
1- المنظمات الخاصة بالأعمال والمهن ” كالغرفة التجارية ورابطة أصحاب المصانع ” .
2-الجماعات الخيرية . 3-النقابات بأنواعها . 4-النوادي الرياضية .
ج- الهيئات وهي جماعة مشكلة لها نظام خاص بها أنشئت لتأدية خدمات معينة ومحددة وقد تكون خاصة أو عامة مثل رابطة المكتبات ” مكتب الخدمات الاجتماعية ، مراكز الإرشاد الزراعي ، جمعية الشبان المسيحية ………الخ”
د- مشروعات خاصة : وهي منظمات أنشئت أساسا للكسب وقد تكون مشروعا أو مشاريع يديرها فرد أو مجموعة من الأفراد أو أنها تدار تعاونيا أو نقابيا .
هـ-جمعيات لا تتغير بنظام خاص وليس لها دستور وتقوم بتأدية خدمات معينة أنشئت من أجلها ” .

الشروط الواجب توافرها في المجتمع المتماسك :

1. أن يكون في المجتمع استمرار مادي أو شكلي أما الاستمرار المادي فهو أن يتصل أعضاء المجتمع بعضهم ببعض لمدة طويلة من الزمن أما الاستمرار الشكلي فمعناه أنه علي الرغم من التغير السريع نسبيا في أعضاء المجتمع فإن العادات والتقاليد في المجتمع تكون ذات طابع معين .
2. أن يكون لدى أعضاء المجتمع فكرة عن وجود هذا المجتمع ومكوناته وخصائصه .
3. أن تكون للمجتمع تقاليد نتيجة لمرور الزمن .
4. أن يقوى الوعي الجمعي وينمو عن طريق الاتصال والاحتكاك بالمجتمعات الأخرى .
5. أن يقوم في هذا المجتمع نظام محترم يضمن للأفراد سلامتهم وهويتهم .

* تركيب المجتمع : –

إن كل مجتمع من هذه المجتمعات يتركب من أبعاد بنائية معينة يمكن تلخيصها بما يلي :-

1-البناء الطبيعي أو الفيزيقي :
ويقصد به أن كل مجتمع يبنى علي طبيعة معينة ويؤثر به مؤثرات ليس للإنسان يد فيها لأنها موجودة في الطبيعة وتؤثر في المجتمع وثقافته ونظام حياته وما علي الجماعة إلا التكيف معها أو محاولة حماية أنفسهم منها أو التحكم بها مثل المناخ وطبيعة الأرض وتضاريسها والمصادر الطبيعية فيها .
2-البناء السكاني :
ويقصد به جنس السكان أو دينهم أو نوعهم أو أصلهم أو تركيبهم ألعمري أو تابعتهم مثال ذلك : عرب ،مسلمون ، يهود ، مسيحيون ، كبار السن أو صغار ، متعلمون ، أميون ، سكان مخيمات ، سكان أصليين وهكذا .
3-البناء المهني :
ففي بعض المناطق توجد صناعات معينة تؤدي إلي ظهور مهن معينة أو أوضاع خاصة تؤدي إلي ظهور مهن مناسبة لتلك الأوضاع كالمدن التي تقع علي شواطئ البحار تؤدي إلي ظهور العاملين في البحار أو المنتجات أو الخدمات البحرية وكذلك في معظم المناطق التي يوجد بها صناعات معينة .
4-بناء المؤسسات :
ويشمل ذلك نظام الأسرة كمؤسسة اجتماعية والمدارس وأماكن العبادة ودوائر الحكومة المختلفة وتهم كل منها في معالجة مشاكل الجماعة وتتضح الفروق هنا من النظر إلي نظام الأسرة في الريف ونظام الأسرة في المدن علما بان نظام الأسرة في المدن التجارية يختلف عن نظام الأسرة في المدن الصناعية أو الزراعية …..وهكذا
1-البناء الطبقي :
ويقصد به نظام الطبقات في المجتمعات أو ما يسمى بنظام المستويات الاجتماعية والنظام الطبقي ظاهرة موجودة منذ فجر التاريخ وتختلف من مجتمع لآخر ولكنها جميعا لا تخرج عن وجود ثلاث فئات طبقية هي ( العليا ، والوسطي ، والدنيا )
ب- البناء التنظيمي :
ويقصد به أساليب معالجة المشاكل التي تواجهها الجماعة ويتوقف ذلك علي أسلوب القادة أو القيادة التي تقوم بتنظيم حياة الجماعة وطبيعة تلك القيادة ونظام الحكم السائد في المجتمع : ديموقراطيا أو جمهوريا ، أو ملكيا أو أميريا أو شيوعيا ……..الخ

* أشكال المجتمع : –

يرى بعض علماء الاجتماع أن المجتمع يمكن أن يحتوي علي الأشكال الرئيسية التالية :
أ-الجماعات الأولية :
تعتبر الجماعات الأولية الجماعات التي يحتك بها الفرد وينتمي إليها ومن هذه الجماعات الأولية أسرة الطفل أو الأسر الأخرى التي ترتبط بأسرته عن طريق الجوار أو القربى كما ينطبق ذلك علي زمرة الرفاق ( شلة اللعب ) التي ينتمي إليها الطفل أن هذه الجماعات الأولية هي جماعات صغيرة نسبيا وتقوم فيها علاقة الأطفال فيما بينهم علي أساس المواجهة المباشرة في هذه الجماعات وعلي الرغم من أن الجماعة الأولية لها تأثير كبير في حياة الطفل وتكاد تحدد معالم شخصيته في المستقبل بل هي كذلك كما يقول علماء النفس إلا انه بالمقابل هناك حدودا لما يمكن أن يحققه أعضاء الجماعة من منا شط وأهداف .
ب-المجتمع المحلي : هو عبارة عن تنظيم اجتماعي أو نسق اجتماعي يحتوي علي مجموعة من الأسر والوحدات الاجتماعية الأخرى والتي تعتمد الواحدة منها علي الأخرى
اعتمادا متبادلا في سبيل إشباع الجزء الأكبر من حاجاتهم اليومية . وفي المقابل فان هناك اختلافا بين المجتمعات المحلية سواء أكان هذا الاختلاف كميا أو كيفيا فبعض هذه المجتمعات صغير نسبيا فهو يشمل عددا محدودا من الأسر والوحدات الاجتماعية كمجتمع القرية أو البادية وبعضها يتألف من آلاف الأسر ويحتوي علي وحدات اجتماعية تتبادل المنافع وتعتمد علي بعضها البعض كمجتمع المدن الكبرى والعواصم ومن ناحية أخرى فان بعض هذه المجتمعات يمتاز بدرجة عالية من التخصص بمعنى إن أفاد المجتمع المحلي متميزون بخط إنتاجي معين وعلي سبيل المثال فان هناك مجتمعات محلية تركزت حول آبار النفط وبعضها حول مناجم الحديد والفحم .
ج- الجماعة العارضة :
هي الجماعة التي لا يوجد بين أفرادها وعي مشترك وهي جماعة غير مستقرة وغير مقصودة وتلقائية كالعابرين في الطريق أو المجتمعين في دار السينما أو السكة الحديدية أو حفل ساهر أو ندوة خطابية أو محاضرة عابرة وهؤلاء لا يلبثون بعد انتهاء لقاءاهم العابرة أن ينفضوا .
د- الهيئات الاجتماعية
يمكن أن نضرب عليها أمثلة كثيرة مثل الأحزاب السياسية ، الجمعيات التعاونية ، الجمعيات الخيرية ، الأندية ، إتباع المذاهب الدينية ،الاتحاد العام لعمال النقل .
أ-خصائص المجتمع : –
يحتاج المجتمع إلي التربية كذلك لكي يحافظ علي خصائصه فكل مجتمع من المجتمعات خاصيته التي يرغب في المحافظة عليها ومن هذه الخصائص :
1-الخاصية الذاتية والهوية:
وهذه الخاصية موجودة في المجتمع ككل وفي كل المنظمات التي تتكون منها المجتمع بل كل إنسان به قوة تبعث من داخله المحافظة علي نفسه ماديا ومعنويا وهذه الخاصية تندفع المجتمعات إلي تربية الصغار لكي تحافظ علي مقوماتها الثقافية وثقافتها الخاصة وتحتل جيل مكان جيل فلا يخلى المجتمع لجماعة أخرى وتدفع أسرار إلي العمل علي أن يفهم الصغار الجماعة وطرق المحافظة عليها حتى لا تذوب أو تفنى .
كل مجتمع يرغب في أن يحتفظ بهويته ويعمل علي تهيئة أفراده وتزودهم بوسائل النضال والتعامل مع بقية أفراد المجتمع وبفكرة الولاء له ومن ثم فان التربية عمل تحتمه الضرورة الاجتماعية إلا الرغبة .
2-خاصية الاستمرار :
وهذه الخاصية لا تتحقق باستمرار أفراد الجماعة لان سنة الحياة الأساسية تقتضي بان يولد كل فرد في المجتمع ومصيره المحتوم الموت ( كل نفس ذائقة الموت ) بل يتحقق بالاستمرار أساليب حياة الجماعة وأنماط التفكير لا تنتقل عبر الأجيال انتقالا حدوديا أو غروري أي بالوراثة فان المجتمع يحتاج إلي التربية لنقل قيمته وإعادته منظمة إلي جيل الصغار الذين يولدون وهو لا يدركون شيئا من مهارات ومعارف وعادات وقيم الجماعة . فالتربية تكسب كل جيل مهارة الحياة في الجماعة ومهارة المحافظة عليها وتكسبه علومها وبذلك يوجد أفراد يحذقون مهارات الجماعة وطريقة الحياة فيها ويبقى المجتمع ويستمر باستمرار قيمة مثلنا الأعلى جيلا وراء جيل علي الرغم من اختفاء الأفراد تابعا للموت .وهكذا نجد إن خاصية الاستمرار لا تتوقف علي التناسل بمقدار ما تتوقف علي التربية التي يتمكن المجتمع من أن ينقل من خلال مؤسسته المختلفة والتراث الثقافي الذي يحرص عليه جيل الكبار اشد الحرص فيرغب بإخلاص في نقله إلي جيل الصغار لتستمر الحياة .
3-خاصية التقدم والتطور :
أن كل جماعة من الجماعات تسعى إلي أن ترفع مستوى الحياة فيها ترقى إلي مستوى العصر الذي يعيش فيه علي أن يكون ذلك في إطار قيمتها ومثلتها العليا وهذا لا يأتي إلا بالتربية التي لولاها لنزلت المجتمعات وربما مسحت من الوجود .

أهمية التربية للفرد والمجتمع : –

أ-أهمية التربية للفرد : –
التربية ضرورة فردية من جهة وضرورة اجتماعية من جهة أخرى فلا يستطيع الفرد الاستغناء عنها ولا المجتمع أيضا وكلما يرقى الإنسان ويتحضر ازدادت حاجته إلي التربية وأصبحت شيئا ضروريا لا كماليا فالتربية تحقق للفرد عملية الانتماء الاجتماعي وتشبه حاجته إلي التعامل مع أفراد المجتمع والمجتمعات الأخرى وتحقق له الاستمرار النفسي حيث يشعر بالانتماء والانضمام إلي جماعة تقبله لا نفاقه مع أعضائها في كثير من القيم والاتجاهات مع غيرها مما تكسبه الأفراد الآخرون والوليد البشري يولد عاجزا تماما عن إشباع أي حاجة من حاجاته الأساسية أو توفر الأمن والحماية لنفسه .
فالفرد يحتاج إلي التربية لأنه يولد مختلفا من النضج والنمو ويظل فترة طويلة لا يملك ما يعنيه علي رعاية نفسه والتفاعل مع غيره أي إن الوليد يحتاج إلي كل عناية جسمية ونفسية واجتماعية من جانب الكبار المحيطين به والذين يطبعونه علي حياة الجماعة ومما يزيد من حاجة الفرد إلي التربية إن البيئة الإنسانية والمادية تتعاقد مع الزمن وتشبع عناصرها ومكوناتها فرصيد الجنس البشري من المهارات والأفكار مما جعل الفرد في حاجة إلي كثير من الخبرات التي تعينه علي التكيف مع البيئة والتوافق مع ظروف الحياة المتغيرة المتجددة وهكذا تتضح ضرورة التربية وأهميتها بالنسبة للفرد وذلك للأسباب التالية :
1- العلم لا ينقل من يل لآخر بالوراثة : وهذا سبب واضح بين حديثي ولادة الأفراد علي اختلاف مستويات آبائهم الثقافية وعقولهم الخالية من أي اثر للمعلومات والمعارف وبمعنى آخر فان الثقافة ليست مورثة بيولوجيا كلون العين وطبيعة الشعر والقدرات الخاصة يرثها الأبناء عن الآباء دون عناء وإنما هي ميراث اجتماعي كافحت الأجيال البشرية المتلاحقة لاكتسابه وحفظه عبر السنين بالجهد والعرق إذا ما أراد جيل الكبار نقل تراثه الثقافي إلي الصغار فلابد له من عملية تربية تساعد في هذا الأمر ومن هنا تبرز أهمية التربية للفرد وحاجتهم إليها وقد أكدت أقوال العلماء المربين الكثيرة هذه الأهمية التي تتمتع بها التربية وحاجة الأفراد إليها يقول الإمام الغزالي ” لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم أي أنهم بالتعليم يخرجون الناس من حد الهمجية إلي حد الإنسانية ” .
2-الطفل البشري مخلوق كثير الاتكال قبل التكيف : يمتاز الطفل البشري بأنه مخلوق ضعيف كثير الاعتماد علي أفراد من بني جنسه بمقارنته مع صغار الحيوانات الأخرى فهو أطول الكائنات الحية طفولة وهذا راجع إلي انه يولد قبل أن يتم نضجه واكتمال قدرته علي مواجهة الحياة كالحيوانات الأخرى فتتلقاه البيئة وتساعد ه في تحقيق النضج وضعف الطفل البشري ترافقه خاصية أخرى من مرونته أو قدرته علي التكيف السريع كما نما وترعرع بالمقارنة مع الحيوانات الأخرى التي تقف عند حد لا تتجاوزه ونظرا لهاتين الخاصتين في الطفل البشري فانه يحتاج إلي كثير من الرعاية وتوجيهه حتى يعتمد علي نفسه ويسهم في تحسين مجتمعه ومدرسته هي التي تقوم بهذه المهمة الصعبة والخطيرة .
2-البيئة البشرية كثيرة التعقيد والتغيير : يولد الطفل البشري في بيئة معقدة ماديا واجتماعيا وروحانيا يصعب عليه التكيف معها كما ارتقى المجتمع البشري وازدادت البيئة تعقيدا واتساعا ومشكلات وازدادت حاجة الفرد بالتالي إلي التربية لتبسيط البيئة وحل مشكلاتها والتكيف معها أم تغيير البيئة السريع فهو مما يزداد الفرد حاجته إلي التربية ولذا فواجب المدرس إعداد الناشئين لعالم اليوم والغد معا عن طريق تعودهم والمرونة في أفكارهم وعملهم واحتياجاتهم ليكونوا قادرين علي تكيف أنفسهم تبعا للتغير الذي يجري حولهم في شتى نواحي الحياة وبمعنى آخر فان واجب المعلمين أن يعودوا الناشئين علي التفكير المستقل وحل مشكلاتهم بأنفسهم إلا أن يلقونهم حلولا جاهزة وقد قال الإمام علي بهذا المعني لا تعودوا بنيكم علي أخلاقكم فإنهم مخلوقون في زمان غير زمانكم .
ب-أهمية التربية للمجتمع :
هي التي تمكن المجتمع من أن يرى نفسه ويراجع ذاته ويبحث أوضاعه سعيا وراء التجديد وتمكن كل جيل من أن يتناول ما تصل إليه من تراث ثقافي بالإضافة والحذف والتغيير فيه والتصحيح والتطوير .
والحضارة الإنسانية تدين بوجودها إلي التربية التي تمكن كل جماعة من أن تنتقد نظامها وتصلح عيوبها وتعالج مشكلاتها وتواجه التحديات المختلفة التي تواجهها فالتربية ضرورية من ضروريات الحياة وخاصة في المجتمعات النامية إذ تعد الأفراد الذين لديهم من القيم الخليقة والمهارات الاجتماعية والطاقات الفكرية ما يمكنهم من العمل علي أن يلحق مجتمعهم بركب الحضارة الدائب السعي السريع الخطوة وهي لازمة لنهوض الفرد والمجتمع ورقيهما حيث أنها الوسيلة لبناء البشر وتزويد الأفراد تبعا لأعمارهم وقدراتهم ومستويات نضجهم بالمواقف التي تنمي العقلية الابتكارية التي تمكنهم من اكتشاف آفاق جديدة تنهض بواقعهم
فالمجتمعات تعتمد اعتمادا حياتيا علي التربية إذ هي وسيلة بقائه واستمراره وتثبيت أهدافه ومفاهيمه واتجاهاته وصنع مستقبله وبناء قوته السياسية والاجتماعية ولذلك فلا عجب أن يكون علي رأس البرامج والمشروعات التي تضطلع بها الدول الحديثة .

* حاجات المجتمع التربوية : –

إذا كانت الأسس النفسية متعلقة بالفرد وإمكاناته فان الأسس الاجتماعية لتربية تتعلق بطبيعة المجتمع وحاجاته وتلك هي الناحية الاجتماعية من التربية والتي تنظر إلي أن الغرض من التربية لا ينحصر في تنمية إمكانات الفرد تنمية كاملة منسجمة بصرف النظر عن علاقة ذلك بالمجتمع كما يرى علماء النفس ولكن الغرض من التربية بالإضافة إلي الاهتمام بالفرد هو الاهتمام بالمجتمع وسد حاجات المجتمع .
أما حاجة التربية للمجتمع فتظهر فيما يلي :
1- الاحتفاظ بالتراث الثقافي : فإذا أراد المجتمع حفظ تراثه الثقافي من الضياع فان الطريق إلي ذلك يكون بنقل هذا التراث إلي الأجيال الناشئة عن طريق التربية .
2- تعزيز التراث الثقافي : يجب علي الإنسان ألا يكتفي فقط بالمحافظة علي تراثه الثقافي بالرغم من محتوياته فبالرغم من أن محتويات هذا التراث تكون غزيرة وواسعة إلا أنها لا يمكن إن تخلو من بعض العيوب وعلي كل جيل أن ينفي تراثه الثقافي من العيوب التي علقت به وعجز الجيل القديم عن إصلاحها والتربية هنا هي القادرة علي إصلاح هذا التراث من عيوبه القديمة.
ويعتبر بعض المربين أن حاجات المجتمع ست في الأساس تمثل كل منها ناحية من نواحي الحياة الاجتماعية وهي هنا : الناحية الخلقية ، والناحية المهنية ، الناحية العائلية ، الناحية الوطنية ، الناحية الاستجمامية والصحية.
1- الحاجة إلي التربية الخلقية : يقصد بها التمسك بالمبادئ والقيم التي توارثها الإنسان عبر الأجيال والتمسك بالفضائل والابتعاد عن الرذائل المتفق عليها في ثقافة المجتمع .
2- الحاجة إلي التربية المهنية : وهي حاجة ملحة لمسايرة النهضة الصناعية التي أثرت تأثيرا كبيرا في التربية والتعليم وواجب التربية في هذا المجال أن تهتم بالمهن عامة وعلي مختلف أنواعها ويتجلى ذلك بالاهتمام بالتعليم المهني وتوفر الطاقات اللازمة لذلك من مدارس ومدرسين ومدربين وخبراء .
3- الحاجة إلي التربية العائلية : إن منشأ المجتمع وأساسيه هي العائلة وهي اصغر وحدة اجتماعية ينبض في عروق أفرادها دم واحد ولكن وظيفة العائلة قد اختلفت عنها في العصور الماضية فقد كانت تقوم بكل الوظائف تقريبا وترضى جميع الحاجات ولكنها في المجتمع الحديث نظرا لمتطلبات الحياة الكثيرة لا تستطيع القيام بكل متطلبات الحياة فنشأت المؤسسات الاجتماعية الأخرى ولكنها لا تزال تقوم ببعض وظائفها الأساسية كتربية النشء وتثقيفهم .
4- الحاجة إلي التربية الوطنية : لقد شعر الناس بالحاجة إلي إعداد المواطن الصالح منذ أقدم العصور والأزمان
5 -الحاجة إلي التربية الاستجمامية : كلما ارتقى الإنسان في سلم الحضارة ازداد وقت فراغه فالقوانين والاختراعات الحديثة إذ تعمل علي تخفيض أوقات الشغل وكلما توافرت لدى المرء هذه الأوقات الثمينة صار لزاما عليه أن يتعلم كيف يستفيد منها لكي لا تذهب ضياعا ولا تكون مدعاة للبطالة والفساد لان الحياة ليست كلها عمل ولابد من أوقات فراغ يقضيها الإنسان للترويح عن نفسه وتجديد طاقاته وإبهاج حياته فالعمل المستمر المتواصل يؤدي إلي العناء الشديد ثم الانهيار لذلك لابد من وجود وقت للترويح لكي يستعيد الإنسان نشاطه من جديد وهناك أنواع كثيرة من الأنشطة الترويحية منها الاجتماعي أو الفني أو الرياضي …….وغيرها .
6 – الحاجة إلي التربية الصحية : الأمة القوية وحدها هي التي تستطيع أن تخلق حضارة راقية وتحافظ عليهما كما أن الفرد القوي وحده هو الذي يستطيع أن يحقق إمكانياته إلي أقصى مداها فالصحة نعمة من نعم الله والمرض حالة يفقد بها الإنسان لذة الحياة فان يكون الفرد مخلوقا صحيح الجسم أو متطلبات النجاح في الحياة وان تتألف الأمة من أفراد أصحاء الأجسام أول شروط الفلاح في حياتها . إن الصحة بأوسع مفاهيمها من ضروريات الحياة الفردية والاجتماعية .

* أسباب ضرورية لتربية الفرد والمجتمع : –

وبناء علي ما تقدم يمكن القول بان التربية ضرورية وهامة بالنسبة للفرد والمجتمع وذلك للأسباب التالية :
1-التربية استراتيجية قومية كبرى لكل شعوب العالم : وأصبحت لا تقل من حيث الأولوية عن أولوية الدفاع والأمن القومي ذلك أن رقي الشعوب وتقدمها وحضارتها تعتمد علي نوعية الأفراد وليس عددهم ولتزايد أهمية التربية فان حياة الشعوب أصبحت تمثل اهتماما قوميا لكل الحكومات ولا يمكن لأي حكومة أن تترك ميدان التربية لتتولاه الجهود المحلية دون توجيه قومي منها ومن هنا يتضح أن التربية أصبحت تمثل عصب الحياة للشعوب .
2-أنها عامل هام في التنمية الاقتصادية للشعوب :فالعنصر البشري أهم ما تمتلكه أي دولة وقد تؤكد الدور الهام الذي تقوم به التربية في زيادة الدخل القومي وأصبح ينظر للتربية من الناحية الاقتصادية علي أنها استثمار قومي للموارد البشرية وللتربية در هام في تنشيط المؤسسات الصناعية والإنتاجية من خلال تطوير المعرفة وأساليب العمل والإنتاج .
3-إنها عامل هام في التنمية البشرية : للتربية دور هام في التنمية البشرية للأفراد من حيث كونهم أفرادا في علاقة اجتماعية تفرضها عليهم أدوارهم المتعددة في المجتمع كالقيام بدور المواطنة الصالحة القادرة علي تحمل المسؤوليات والقيام بالواجبات التي تفرضها هذه المواطنة وممارسة الحقوق والواجبات القومية والاجتماعية والقيام بدور الأب والأم ونجاح هذه الأدوار يتوقف علي درجة النضج التربوي .
4-إنها ضرورة لإرساء الديموقراطية الصحيحة :فهناك مثل يقول كلما تعلم الإنسان زادت حريته هذا يعني ارتباط الحرية بالتعليم فالتعليم يحرر الإنسان من قيود العبودية والجهل والحرية يمكن أن تعمل في ظل الأمية أو الفقر الثقافي وهذا يبز أهمية التربية في تكوين المواطن الحر المستنير القادر علي المشاركة .
5-إنها ضرورية للتماسك الاجتماعي والوحدة القومية والوطنية : فالتربية عامل هام في توحيد الاتجاهات الدينية والفكرية والثقافية لدى أفراد المجتمع وهي بهذا تساعدهم في خلق وحدة فكرية تساعدهم علي التفاعل وتؤدي إلي ترابطهم وتماسكهم .
6-أنها عامل هام في إحداث الحراك الاجتماعي : ويقصد بالحراك الاجتماعي أو التنقل الاجتماعي Social Mobility ترقى الأفراد وتقدمهم في السلم الاجتماعي والتنقل إما أن يكون أفقيا وهو اتنقال الظاهرة الثقافية من الشخص أو الجماعة إلي شخص أو جماعة أخرى متشابهين أو متطابقين وراسيا إذا مرت هذه الظاهرة الثقافية من أعلى إلي أسفل أو من أسفل إلي أعلى وقد يكون هناك تنقل توسطي إذا ظلت مراكز الناس ومواضعهم عند التنقل غير محددة وبالنسبة للفرد يكون التنقل أفقيا إذا انتقل من جماعة اجتماعية إلي جماعة أخرى لها نفس المستوى وراسيا إذا انتقل من جماعة أدنى أي جماعة أعلى أو العكس ويتأثر التنقل الاجتماعي بالظروف والأسباب التالية :
أ-التغير الاجتماعي : حيث يسهل عملية انتقال الأفراد من أدنى السلم إلي أعلاه أو العكس كما يعمل علي فتح الطبقات وإزالة التحديدات الطبقية الضيقة .
ب-وسائل الاتصال : فكلما زادت وسائل الاتصال بين الناس وبين الجماعات كلما شجع هذا علي التنقل الاجتماعي والعكس صحيح .


جـ-تقسيم العمل: وهو العامل الثالث المؤثر في عملية الحراك الاجتماعي فكلما اتسع نطاق تقسيم العمل وتنوع التخصص إلي درجة معقدة فان ذلك يخلق ظروفا تعوق الانتقال السهل من طبقة إلي أخرى داخل المجتمع وربما كان تقسيم العمل والتخصص احد العوامل الهامة في المجتمع الحديث التي أدت إلي خلق التمايزات بين الناس وتصنيفهم ي فئات وطبقات . وتلعب التربية دورا هاما في التقدم والحراك الاجتماعي لأنها تزيد من نوعية الفرد وترتفع بقيته ومن ثم يتحسن دخله ويزداد بمقدار ما يجيد من مهارات ومعرفة ويترتب علي زيادة دخله تحسن وضعه الاقتصادي والاجتماعي .
7- إنها ضرورية لبناء الدولة العصرية : فالدولة العصرية تعني الدول التي تعيش عصرها علي أساس من التقدم العلمي ويتمتع فيها الفرد بالحياة الحرة الكريمة ويرفرف علي جوانبها أعلام الرفاهية و العدالة الاجتماعية .

المراجع

1- إبراهيم ناصر : التربية وثقافة المجتمع : تربية المجتمعات – بيروت ، دار الفرقان ، مؤسسة الرسالة 1983 .
2- محمود السيد سلطان : مقدمة في التربية ، جدة ، المملكة العربية السعودية دار الشروق 1983 .
3- علي خليل أبو العنين وآخرون : تأملات في علوم التربية كيف نفهمها : القاهرة – الدار الهندسية ، 2004 .
4- إبراهيم عصمت مطاوع : أصول التربية ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1995 .
5- عطية محمد شعبان : فصول في أصول التربية ، الأصول السياسية والاقتصادية والاجتماعية – جامعة المنوفية – كلية التربية 2006 .

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

طرق التربية بين الماضي والحاضر

لطالما كانت التربية أحد الأسس الرئيسية لتشكيل شخصية الإنسان وتطوير المجتمع. ومع تغير الزمن، شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *