من مواضيع الساعة في ميدان التربية والتعليم الفسيح في العالم اجمع اليوم موضوع العناية بالطفل قبل التحاقه بالمدرسة الابتدائية اي ما يسمى مرحلة ما قبل المدرسة PRE-SCHOOL EDUCATION وهي المرحلة التي تشمل دور الحضانة و رياض الاطفال .
أهمية المرحلة :
ولا غرو ، فالسنوات الخمس الأولى سنوات حاسمة من عمر الطفل في تكوين شخصيته برمتها ، وأثرها عليه لا يمحى مدى الحياة ، بل أن فرص نجاحه في المدرسة وفي الحياة تعتمد اعتمادا كبيرا عليها ، ولذلك أطلق عليها « سن العبقرية في الطفولة ».
ومرحلة دور الحضانة و رياض الأطفال ( جنبا إلى جنب مع البيت وبخاصة الأم ) هي التي تساعد الطفل على النمو السوي جسميا وعقليا واجتماعيا ووجدانيا وتذوقيا وروحيا كما هو معروف ، ولكن الأهم من ذلك كله هو أنها هي التي تكون لديه الاستعداد المدرسي الذي يضمن نجاحه في المدرسة في المستقبل ، فقد ثبت أن الأطفال الذين يأتون من رياض الأطفال إلى المدرسة الابتدائية يتعلمون بسرعة اكبر وبیسر أكثر لأن صعوبات تعلمية معينة تكون قد استؤصلت في سن مبكرة ، ولذلك تتجه أنظار العالم اليوم إلى اطفال البيئات الفقيرة ذوي الخلفيات الاجتماعية المتخلفة الذين يحرمون من فرص دخول ذور الحضانة ورياض الأطفال، والى ضرورة تزويدهم بما يسمى التعليم التعويضي Compensatory.
أضف الى ذلك أن دور الحضانة و رياض الأطفال تسهم في حل بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية ، فهي برعايتها للأطفال تطلق لأمهاتهم حرية العمل وبذلك تسهم في تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة لأنها تمكن الأم من التمتع بالحقوق والفرص نفسها التي يتمتع بها الآباء وذلك بمشاركة المرأة في الأنشطة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وتسهم بذلك أيضا في التنمية الاقتصادية للأمة ، مع الاعتراف بان دور الأم في تنشئة الطفل لا يعدله ولا يحل محله اي شيء آخر .
وفي الأقطار التي سادت فيها دور الحضانة و رياض الأطفال في متناول الجميع أثبتت هذه الرياض جدارة كبيرة في تخطي الحواجز الطبقية بضمها تحت كنفها أطفال العائلات الميسورة جنبا إلى جنب مع اطفال الامهات العاملات .
إن للخلفية الاجتماعية أثر على حياة الطلاب الدراسية وعلى تكيفهم مع المجتمع برمته ومع الحياة العملية ، وضرورة انعكاس ذلك على بنيان النظام التعليمي ، فالتربية التي يتلقاها الأطفال قبل دخولهم المدرسة الابتدائية ذات أهمية كبرى ، ولذلك غدا من المهم توفير فرص التعليم قبل الابتدائي ( مرحلة الحضانة و رياض الاطفال ) او تطويره ثم جعله في متناول جميع الأطفال في الريف والمدينة على حد سواء، وبخاصة ضمن إطار برامج التنمية ، وبهذه الطريقة يمكن للأطفال جميعهم البدء في دراساتهم بداية تصف بالمساواة .
أهداف المرحلة :
لا تزال آراء فروبل و مدام مونتسوري حول تعليم الطفل في هذه المرحلة من الطفولة صامدة للتجربة في العالم اجمع حتى الآن ، نظرا لأن الأبحاث التربوية العلمية في هذا المضمار لا تزال نزرة، ولكن على الرغم من ذلك نجد أن موضوع النمو المعرفي ( Cognitive ) أخذ في الآونة الأخيرة يستقطب اهتمام العاملين في هذا الميدان ويحتل مكانة متقدمة في العملية التربوية لمرحلة ما قبل المدرسة ، « فالتجارب والبحوث البداغوجية تشير أن القدرات العقلية للطفل في هذه المرحلة هي اكبر بكثير مما كان معتقدا حتى الآن .
ولقد ثبت أن الطفل ابتداء من سن الرابعة يستطيع تحت ظروف معينة أن يستوعب لا الحقائق المتعلقة بالأشياء والمحسوسات وحسب بل تلك المعلومات ذات الطابع الأكثر تعميمية، وأن الطفل قادر في سن مبكرة أن يستوعب قدرا كبيرا من المعرفة والمهارات المختلفة، وقد أشار مکارنکو ان أساس التربية والتعليم يرس قبل سن الخامسة وان كل ما ينجز خلال هذه الفترة من عمر الطفل إنما يشكل 90% من العملية التربوية برمتها .
إلا أن الأهداف الأولى المعهودة لرياض الأطفال في تهيئة الطفل للمرحلة المدرسية التالية لا تزال باقية وعلى رأسها عملية التنشئة الاجتماعية Socialization في مساعدة النمو الاجتماعي والوجداني والسلوكي لدى الطفل وعملية التدريب الحركي الحاسي Sensory – Motor عن طريق اللعب والعمل اليدوي أثناء نمو الطفل الجسماني ، يضاف إلى ذلك تنمية التذوق الجمالي عن طريق الرسم والموسيقى وحب الطبيعة وأخيرا وليس آخرا النمو المعرفي في تعليم اللغة والحساب وتوسيع الخبرات والمعلومات .
وهذه الفرصة الذهبية في الحياة لا تتاح لجميع الأطفال في العالم ، ولذلك تعرض بعض الدول الاطفال المحرومين من هذه النعمة بالبرامج التعويضية أو العلاجية .
النشاطات والمناهج في رياض الأطفال . الخط العريض :
أ- الخبرات التعليمية :
1- نشاطات ابداعية : كالرسم ، والاعمال اليدوية بالمعجون والخشب .
2- اللعب : البناء بالمكعبات ، تقليد الحياة المنزلية ، تقليد الكبار ، التمثيل .
3- الألعاب الرياضية : استعمال العضلات الكبيرة كالتسلق والرفع والبناء بالصناديق الكبيرة والألواح الخشبية ، الألعاب الجماعية مع الأتراب .
4 – تذوق الأدب والفن : الاستماع إلى القصص التي تقرأ او تتلی ، تصفح كتب المصورات .
5- المشاركة الموسيقية : كالغناء والاناشيد والاستجابة الايقاعية واستعمال الآلات الموسيقية والرقص .
6- الخبرات العلمية : كتربية الحيوانات الأليفة ، والزراعة ، والطبيعة .
7 – الرحلات القصيرة
ب – المنهاج التعليمي :
يشمل المبادئ والمفاهيم الأساسية في القراءة والكتابة والحساب والعلوم والصحة والعلوم الاجتماعية والموسيقى والفن ، وذلك عن طريق الخبرات المحسوسة المباشرة مع النبات والحيوان والرحلات والقصص والمحادثة ، وبالمارسة اليدوية للأشياء ذات الأشكال والحجوم المختلفة في مواضيع الموسيقى والفن والعلوم والأرقام ، وإتباع أسلوب اللعب والعمل ومبدأ التعلم بالعمل.
أما الأهداف والمنهاج فالأساس في رياض الأطفال والمفتاح الرئيسي لها هو العناية الصحية والبدنية والغذائية الفائقة جدا بالطفل ، ويأتي بعدها العناية بالنمو العقلي والمعرفي.
الهدف الرئيس لمناهج رياض الأطفال هو الحيلولة دون نشوء الطفل نشأة إنسان مستهلك و حسب في الحياة ، وذلك بتنشئته تنشئة إنسان منتج، والهدف الثاني هو التأكيد على ضرورة العناية بتنمية حب الطبيعة لدى الطفل وتعويده احترام الآخرين. وأما المنهاج التعليمي فيشمل باختصار:
– اللغة : التدريب على التخاطب وعاداته الحميدة .
– القراءة : التمهيد لتعلم مبادىء القراءة والكتابة وغرس حب الكتاب منذ نعومة الأظفار.
– الحساب : مفاهيم الكيل والمساحة والعدد والزمن والحجم والأشكال الهندسية .
– السلوك : الادب ، الصدق ، التواضع ، اللطف ، التجاوب ، التعاون .
– التربية الفنية والجمالية : الرسم ، التشكيل ( المعجون ) ، حب الطبيعة ، الموسيقى ،
تنمية القدرات الخلاقة .
– اللعب والألعاب والدمى والتربية الرياضية : لتنمية القدرات الحركية .
– التدريب العملي والمهني : تربية الحيوانات، الزراعة ، التعرف على الآلات الصناعية ،
، كل ذلك لغرس موقف ايجابي تجاه العمل و حبه واحترامه .