التفكير في المذاق الحلو يهيئ عضلات الجسم

وفقا لدراسة يابانية، مجرد التفكير في تذوق وشيك لطبق حلو، قد يغير عن طريق هرمون دماغي، تركيز الغلوكوز في الدم.

بينما تقترب التحلية، فإن مجرد التفكير في تذوقها قريبا يكفي لإيقاظ براعم التذوق لعشاق الأشياء الحلوة.

ولكن ليس فقط على حلمات ذوقهم بل عضلاتهم تُحفز أيضا وتبدأ بتخزين السكر، وذلك وفقا لدراسة حديثة أجرتها ياسوهيكو مينوكيشي وتيتسويا سييوشي، من المعهد الوطني للعلوم الفسيولوجية في اليابان وزملاؤهما.

والسكر في أبسط أشكاله هو الجلوكوز وهو مصدر الطاقة لأجسادنا ولعضلاتنا. واستهلاك طبق محلى يسبب زيادة مؤقتة في نسبة الجلوكوز في الدم، بمعنى زيادة تركيز الغلوكوز في الدم.

لدى الأشخاص الطبيعيين، نسبة الجلوكوز-على الريق-مستقر بين 0.7 و 1.2 غرام من الغلوكوز لكل ليتر من الدم؛ بعد تناول وجبة طعام، يمكن أن تصل إلى 1.4 جرام لكل لتر. حتى الآن، نحن نعلم أن نسبة السكر في الدم مراقبة من طرف جهاز معروف: هرمون — الأنسولين — المفروز من طرف البنكرياس مسئول عن تنظيم مستويات السكر في الدم أثناء وبعد الوجبات. وهو يسهر خصوصا على تخزين الجلوكوز في العضلات، الذي تستخدمه كوقود.

إلا أن الفريق الياباني عثر على جهاز آخر للمراقبة – دماغي هذه المرة – للجلوكوز الدموي. وهو يستدعي نظام “المتعة” أو نظام المكافأة الذي يعوض بالأحاسيس الممتعة عن الجهود المبذولة لتلبية حاجياتنا الأساسية. وهو ينتمي إلى الجهاز اللمبي، المنطقة الدماغية التي تشمل -ما تحت المهاد-الهيبوتالاموس ، حيث تولد العواطف .

في دراسة سابقة، أظهر هؤلاء الباحثون أنه عندما يلتصق هرمون “الليبتين” leptine, -المفروز من طرف الخلايا الدهنية- ، بالهيبوتالاموس ، فانه ينشط تخزين الغلوكوز وينظم مخزون الدهون في العضلات.

وبالاستناد على هذه النتيجة اشتبه الباحثون في أن نسبة السكر في الدم يجب أن تسيطر عليها أيضا دائرة المكافأة. وهذه المراقبة تتم عن طريق هرمون دماغي اكتشف مؤخرا يتدخل في النوم والشهية : “اوريكسين” orexin ، الذي تنتجه الخلايا العصبية في الهيبوتالاموس.

كيف تم التحقق من أثر الاوريكسين على نسبة السكر في الدم ؟

لقد بين الفريق الياباني المذكور أن حقن هذه المادة في الفئران، في منطقة الهيبوتالاموس تؤدي إلى تراكم الجلوكوز في العضلات الهيكلية، إذن إلى انخفاض نسبة الجلوكوز في الدم. وعندما يحرم الحيوان منها، من خلال حقن مادة مثبطة لمستقبلات الاوريكسين ، فان التأثير لم يعد ملاحظا.

في تجربة ثانية ، اعتادت فئران لعدة أيام متتالية على الطعم الحلو لمادة الساكارين ، ثم حرموا منها. فوجد الباحثون أن الجهاز العصبي الودي لدى الفئران ، المنشط عن طريق الاوريسكين ، يعطي أوامره للعضلات لتخزين السكر في الدم.


ويمكن في نفس الوقت ملاحظة انخفاض في تركيز السكر في الدم.

ومن جهة أخرى، عن طريق حقن بعض الفئران بمثبط لمستقبلات الاوريكسين ، نجد أن تركيز السكر في الدم يتجاوز تركيزه لدى فئران أخرى لم تتلق هذه المادة.

وحسب منجزي هذه الدراسة، يكشف هذا الاكتشاف عن أهمية نظام المتعة، وخصوصا الاوريكسين في تنظيم نسبة السكر في الدم. إلا أن علماء البيولوجيا العصبية يفترضون أنه يتم إفراز الاوريكسين عندما نفكر في التحلية يكفي التفكير في طبق حلو لتفعيل نظام التعديل هذا وتحفيز الشهية .

عن مصطفى شقيب

كاتب ومترجم علمي وأدبي. ترجم العديد من المقالات والكتب والقصص. مهتم بمستجدات العلوم التجريبية والانسانية. chaqib@yahoo.fr

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *