الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية التي تصيب الاطفال، اذ يعاني منه ما يقارب 60 % من الاطفال الذين يراجعون عيادات الامراض النفسية.
والاكتئاب عند الاطفال يختلف عن الكبار، حيث لا يستطيع الطفل التعبير عن معاناته بالحديث النفسي كما هو بالنسبة لكبار العمر، فتظهر الاعراض بشكل سلوكي متمثلة باضطراب النوم، والانعزالية، او السلوك العدواني، والعنف، وتدني التركيز والانتباه، وتدني التحصيل الدراسي، او رفض المدرسة وعدم الانتظام فيها وتدني روح التعاونّ والمشاركة الجماعية مع بقية الاطفال وكثيرا ما يصاحب ذلك المخاوف المتعددة، او الحركات المتكررة الوسواسية، ونوبات الفزع، او الخجل الشديد المزمن، او التبول الليلي اللاإرادي.
وأعراض التوتر والقلق النفسي من عصبية وعناد وغيرها وتزداد حدة هذه الاعراض عادة بانتقادات الاهل وغضبهم من سلوكيات الطفل وبالضرب والعقاب.
ان عدم المعالجة المبكرة لهذا المرض تؤدي الى انحرا افات سلوكية مثل العنف والعدوانية كوسيلة حياة، والانتحار خاصة في سن المراهقة لدى الذكور وفي ظل التفكك الاسري، واضطراب الشخصية واللجوء الى التدخين والادمان على المسكرات او المخدرات، وعلاج هذه الحالات يتم بواسطة الطبيب النفسي بالعلاج الدوائي والجلسات النفسية الخاصة والعلاج العائلي.
والادوية النفسية التي تعطى لهذه الحالات ليس لها اضرار انية او مستقبلية سواء من ناحية التعود أو اي تأثير عضوي جسدي. وقد بينت الدراسات الطبية اهمية المعالجة المبكرة لمثل هذا الداء في سرعة الشّفاء والتأثير الايجابي على تطور حياة الطفل ايجابيا من جميع النواحي سواء كانت بالنمو الجسدي، او النمو الذهني المتمثل بالذكاء، والقدرة على التحصيل العلمي السوي، اضافة الى القدرة على بناء علاقات اجتماعية بناءة، وتعلم السلوك الاجتماعي، والقدرة على تشرب المثل والقيم الاجتماعية والعائلية، وزوال الاضطرابات السلوكية السابقة الناجمة عن الاكتئاب.
د. محمد عبد الكريم الشوبكي
اختصاصي الامراض العصبية والطب النفسي