مخاطر الاحتباس الحراري والتغير المناخي على البيئة

أشار التقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC انه بات من المؤكد بالنسبة للعلماء بان الحرق الزائد للوقود الاحفوري في الأنشطة البشرية المتعددة هو المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري. وكان التقرير الأخير لهذه الهيئة والصادر عام 2001 قد توقع ان ترتفع درجة حرارة المحيط الجوي لكوكب الارض بما يتراوح بين 1.8 الى 5.8 درجة مئوية بحلول العام 2100.

وتؤكد التقارير المذكورة أن الإنسان ومن خلال نشاطاته المتعددة أصبح يواجه مشاكل بيئية كبيرة كان هو السبب الرئيسي في حصولها. يشير الارتفاع في أسعار النفط في الاسواق العالمية الى وجود زيادة كبيرة في معدلات الطلب على المنتجات البترولية مما يعكس ان استهلاك الوقود الاحفوري للحصول على الطاقة في تصاعد مستمر رغم تحذيرات العلماء والمتخصصين بالبيئة بضرورة الانتقال التدريجي لمصادر طاقة أخرى كالطاقة المتجددة تكون اكثر رفقاً بالبيئة من الوقود الاحفوري.

مخاطر ارتفاع درجة حرارة الأرض

إن انخفاض معدلات درجة حرارة كوكب الارض يمكن له أن يوصلنا الى عصر جليدي جديد أما ارتفاع معدلات درجة حرارة كوكب الأرض حتى ولو كان بمقادير بسيطة كما هو حاصل الان فانه سيؤدي بالتأكيد الى كوارث بيئية لا يمكن تخيلها. تشير مراكز الارصاد المناخي ان متوسط درجة حرارة الارض قد ارتفعت خلال القرن الماضي 0.6 درجة مئوية وان هذا الارتفاع في درجة الحرارة سوف يزداد بالمستقبل بسبب الانفجار السكاني وتزايد استهلاك الوقود الأحفوري ان هذه الزيادة الطفيفة في درجة الحرارة قد سببت الكثير من الكوارث البيئية المتمثلة بالفيضانات، الجفاف، الاعاصير، وحرائق الغابات.

كما أشارت توقعات اخرى الى أن متوسط درجة حرارة الأرض سيبلغ عند نهاية القرن الحالي 1.4 – 5.8 درجه مئوية وستؤدي هذه الزيادة في متوسط درجة الحرارة الى مشاكل بيئية وإنسانية لا يمكن السيطرة عليها.

إن متوسط درجة حرارة كوكب الارض ارتفعت في المئة سنة الأخيرة 0.6 درجة مئوية وان هذا التغيير في درجة الحرارة رغم محدوديته كان مؤثراً جداً بحيث ادى الى حدوث تغيرات كبيرة في مناخ الكرة الأرضية منها ازدياد عدد الكوارث الطبيعية والذوبان المتسارع لثلوج القطبين الشمالي والجنوبي وانقراض انواع كثيرة من الحيوانات والنباتات. شهدت العقود الخمسة المنصرمة إعتباراً من ستينيات القرن الماضي إرتفاعاً ملحوظاً في معدلات درجة حرارة كوكب الأرض كانت نتيجتها تغيرات كبيرة في المناخ العالمي وخصوصاً في الدول النامية والفقيرة وهي أكثر الدول التي تعاني من مساويء هذه الظاهرة.

ان جليد القطب الشمالي قد خسر نحو ثلث مساحته خلال الثلاثين سنة المنصرمة. كما وان ذوبان الجليد القطبي يبطل مفعوله التبريدي العاكس لأشعة الشمس مما يعني ازدياداً في الاحترار الكوني واختلالاً في انماط الطقس.

يؤكد جيردس Gerdes من معهد الفريد فيكينرAlfred-Wegener Inistiut في المانيا ان تحليل البيانات التي التقطتها الاقمار الصناعية اعتباراً من العام 1979 تشير الى ان حجم الجليد الموجود في القطب الشمالي تراجع الى اقل مستوياته 4.1 مليون كيلو متر مربع في عام 2007 وان القطب الشمالي قد خسر خلال السنوات السابقة اعتباراً من عام 1979 أكثر من 2.2 مليون كيلو متر مربع من الجليد بسبب الاحترار الكوني).

ارتفاع درجة الحرارة عالمياً خلال الخمسين عام المنصرمة

من جانب آخر تؤكد بعض التقارير إن الجليد في القطب الشمالي سوف يقل بنسبة 50% بحلول العام 2100 إذا استمرت درجات الحرارة بالارتفاع عن معدلاتها. وهذا يعني ان خاصية عكس الأشعة الشمسية الساقطة على الجليد (البيدو) ستقل مما يسبب في زيادة ارتفاع حرارة كوكب الارض وقد يفاقم مشكلة التغير المناخي التي يعاني منها كوكب الارض حاليا .

يقع جبل كليماندشارو Klemandscharo بين كل من تانزانيا وكينيا وهو أعلى جبل في قارة أفريقيا ويبلغ إرتفاع قمته 5895 متر فوق مستوى سطح البحر وكان الجبل مغطى بكميات كبيرة من الثلوج في القرن قبل الماضي. تشير التقارير والصور الميدانية الحديثة لجبل كليماندشارو الى ان هذا الجبل قد فقد نسبة عالية جداً من الجليد بحيث لم يبقى به سوى بقع من الثلج تغطي قمته. السبب يعود كما تؤكد هذه التقارير الى قلة المتساقطات من الثلوج وارتفاع درجة الحرارة, حيث ان درجة الحرارة فوق هذا الجبل في النهار في موسم الشتاء تعدت الصفر المئوي ، من جانب اخر اثبتت التقارير العلمية الصادرة عن الأكاديمية العلمية الصينية في بكين من ان الجبال الثلجية المتواجدة بالصين فقدت حوالي 18 % من حجمها خلال السنوات الخمس الماضية، وان المساحة الكلية للجليد في الجبال الصينية والبالغة مساحتها 20 الف كيلو متر مربع فقدت حوالي 7.4 من مساحتها الاجمالية بسبب الاحترار الكوني.

الأخطار التي تواجه البيئة بسبب الاحتباس الحراري

نتيجة للارتفاع الذي حصل في معدلات درجة حرارة كوكب الأرض وارتفاع درجة حرارة مياه البحار والمحيطات اعتبارا من عام 1970 م والتي لم تحصل بسبب زيادة في شدة الإشعاعات الشمسية (Solanki, 2003).حصلت تغيرات مناخية وبيئية جوهرية في الكرة الأرضية خلال العقود الأربعة الماضية سببها ظاهرة الاحتباس الحراري نوجز أبرزها بما يلي :

ازدياد عدد وشدة الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات وموجات الجفاف التي حصلت في مناطق مختلفة من العالم وخصوصاً في المناطق التي يزداد بها استهلاك الوقود الأحفوري وما يصاحبه من انبعاثات غازية مثل اميركا الشمالية واوربا وجنوب شرق اسيا وذلك لان هذه المناطق من العالم هي مناطق صناعية عظمى وتستهلك نسبة عالية من حجم استهلاك العالم للطاقة.

شدة الاعاصير والامطار الغزيرة وارتفاع مستوى سطح البحر يهدد المناطق الساحلية والمعروفة بارتفاعاتها المنخفضة مثل بنغلاديش وهولندا وجزر الكاريبي ومدن مثل هامبورغ وهونج كونج والبصرة بالغرق. سيؤدي هذا الامر مستقبلاً الى نزوح الملايين من البشر من مناطق سكنهم وسيسبب خسائر مادية تقدر بالاف المليارات من الدولارات.

زيادة في عدد وشدة حرائق الغابات التي اجتاحت مناطق كثيرة من العالم كما حصل مؤخراً في كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليونان وتركيا وايطاليا والبرتغال ولبنان والتي ادت الى القضاء على الحياة في الغابات وزادت من معدلات التلوث الهوائي والمائي في هذه المناطق وادت الى تشريد الملايين من مدنهم وقراهم.

الذوبان السريع لجبال الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي وجبال الهملايا مما أدى وسيؤدي إلى ضياع الاحتياطي العالمي من الماء العذب والصالح للاستهلاك البشري والزراعي وسيؤدي الى ارتفاع مستوى سطح البحر مما يهدد المناطق الساحلية بالفيضانات المدمرة. رصدت الأقمار الصناعية انخفاضا في كميات الجليد في القطبين بين 1979- 2005 مقداره 25% .

زيادة معدلات الامطار في الجزء الشمالي من العالم والمناطق المدارية مقابل تعرض المناطق الوسطى والمناطق الجافة والاستوائية الى موجات من الجفاف والتصحر وهذا بدوره سيؤدي الى موت الحيوانات والنباتات والى تشريد ملايين من البشر عن اوطانهم.

اجتياح موجات من الحر الشديد لمناطق كانت تعرف باعتدال مناخها او بأجوائها الباردة مثل اوروبا تلك الموجات من الحر سببت في صيف عام 2003 وفاة 35 الف شخص في اوروبا غالبيتهم من كبار السن والاطفال.

الانتقال التدريجي للحشرات والآفات الزراعية من أفريقيا الى جنوب أوربا او من جنوب اوروبا الى شمالها كما حصل مع حشرة صغيرة تشبه القراد اجتاحت غابات المانيا في الأعوام الثلاث الماضية وأدت لإصابة أكثر من 200 ألف شخص بأمراض متعددة منها التهاب الدماغ وأغشيته والحساسية المزمنة.

توسع مدى انتشار وانتقال بعض الامراض مثل الملاريا الى مناطق اخرى لم يكن المرض معروفاً بها مثل جنوب اوروبا واصابة الألاف. معروف ان مرض الملاريا هو من الأمراض التي تستوطن المناطق الاستوائية الحارة وان هذا المرض يحصد ارواح الملايين من البشر سنويا وان انتشاره يعتبر كارثة بيئية وصحية.

إزدياد عدد المجاعات بسبب الجفاف الشديد الذي يصيب بعض مناطق أفريقيا وأسيا كالسودان وكينيا والصومال واثيوبيا والهند وباكستان ويؤدي الى موت الملايين من الماشية ناهيك عن الدمار الذي يصيب الحقول الزراعية اضافةً لموت وتشريد ملايين من البشر عن مناطقهم.
تفاقم ازمة المياه الصالحة للشرب بالعالم نتيجة التسارع في تبخر مياه البحيرات والأنهار والجليد القطبي مما يهدد بكوارث بيئية خطيرة بسبب معانات مناطق كثيرة في أفريقيا كاثيوبيا والصومال وفي آسيا مثل سوريا ولبنان والاردن وفلسطين وإسرائيل والهند وبنغلاديش من ندرة المياه الصالحة للشرب والري. كما ويهدد هذا الموضوع إستقرار هذه المناطق بسبب خطر نشوب حروب على المياه بين هذه البلدان.


انتشار الأوبئة والامراض مثل الكوليرا والاسهال وموت الآلاف من البشر وخصوصاً الأطفال منهم بالمناطق المنكوبة بالأعاصير والفيضانات بسبب اختلاط مياه المجاري بمياه الشرب.

التهديد المباشر للحياة البرية والذي يصل نحو 30% بسبب التغيير السلبي والخطير الذي حصل في البيئة الحيوانية والنباتية كنتيجة لظاهرتي الاحتباس الحراري والتغير المناخي. سيؤدي التغيير حتماً الى انقراض الكثير من الأنواع النباتية والحشرية والحيوانية البرية كما هو حاصل حالياً للدب القطبي. تؤكد بعض الدراسات أن التغير المناخي يؤدي الى انقراض حوالي 40 – 100 كائن حي نباتي او حيواني يومياً.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

شبكة بيئة ابوظبي تنظم منتدى حفظ النعمة الأول في شهر رمضان

خلال منتدى حفظ النعمة الأول الذي نظمته شبكة بيئة ابوظبي خبراء حفظ النعمة يستشعرون خطر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *