مبررات دمج طلاب صعوبات التعلم في صفوف التعليم العام وفوائده والتحديات

• مبررات الدمج في التعليم العام
• فوائد الدمج
• عناصر عملية الدمج
• تحديات الدمج
• إعداد المعلمين
• الاعتبارات الرئيسية لعملية الدمج
• خصائص مدرسة الدمج الشامل
• الكفايات الضرورية لنجاح الدمج الشامل

يعد دمج الطلاب ذوي صعوبات التعلم في مدارس التعليم العام موضوعًا مهمًا ومعقدًا في مجال التعليم. وهو ينطوي على ممارسة تعليم الطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية المتنوعة جنبًا إلى جنب مع أقرانهم الذين يتطورون عادةً في نفس بيئة الفصل الدراسي. يعتمد هذا النهج على مبادئ توفير فرص متساوية، وتعزيز التنوع، وتعزيز الشعور بالانتماء لجميع الطلاب.

المفهوم الشامل لعملية الدمج يعني أن تشمل صفوف ومدارس التعليم العام جميع الطلبة مهما اختلفت درجات ذكاءهم أو مواهبهم أو قدراتهم أو مستواهم الاجتماعي والاقتصادي، أو وجود الإعاقة لديهم، أو الخلفية الثقافية لهم، وعلى المدرسة تقديم الدعم اللازم لتلبية الحاجات الخاصة لكل طالب (سيسالم، 2016)، وقد عرفه كوفمان، وجوتليب، وأجارد، وكوكي ( Kaufman, Gottleib, Agard & Kukie, 1975) على أنه الدمج الوقتي، والتعليمي، والاجتماعي للطلبة ذوي الحاجات الخاصة مع أقرانهم العاديين، بتعاون كوادر التعليم العام وكوادر التربية الخاصة من خلال عملية تخطيط تربوية مستمرة وفردية ( أورد في: الخطيب، 2004 ).

مبررات الدمج في التعليم العام

تبنت جمعيات حقوق الإنسان فكرة مفادها أن التعليم حق لكل إنسان مهما اختلفت قدراته أو مواهبه، وعليه فإن ذوي الحاجات الخاصة يجب أن يكون لهم مكاناً في التعليم في المدارس العامة. ويتطلب ذلك اجراء التعديلات على المناهج وأساليب التدريس والتقويم، وعلى البنية التحتية، وكذلك الإدارات وأساليبها، وقبل كل هذا إجراء تعديلات شاملة على المفاهيم بما يتناسب مع الحاجات الخاصة لهؤلاء الطلبة ( سيسالم، 2016).

وفي المؤتمر العالمي لليونسكو الذي عقد في عام 1994 ( International league of Societies For Persons with mineral Handicap ,1990)) تمت الدعوة لإتاحة فرص التعليم للمعوقين عقلياً جنباً إلى جنب مع الطلبة العاديين في المدارس العادية تحت عنوان ما يعرف بالدمج. وقد نص كلا القانونين، القانون العام94/142 وقانون تربية الافراد Individual with Disabilities Education Act (IDEA, 1990) على التربية لجميع الطلاب وعلى ضرورة تلقي الطلبة ذوي الحاجات الخاصة تربيتهم في البيئة الأقل تقييداً، حيث اشترطت هذه القوانين ضرورة تقديم الخدمات وأشكال الدعم لهذه الفئة من الطلاب في تلك البيئة الأقل تقييداً، وعليه فإن توافر التربية العامة والتربية الخاصة والمساندة يعتمد على الأهداف وبالتالي توفير الخدمات وإيصالها للطالب حيث يكون بدلاً من انتقال الطالب إلى حيث يتم تقديم الخدمات Bradley, Sear & Switlick, 1997 ) ).

فوائد الدمج

1- التحسين الأكاديمي: يتيح الدمج للطلاب ذوي صعوبات التعلم الوصول إلى مناهج التعليم العام، مما قد يؤدي إلى تحسين النتائج الأكاديمية. يمكنهم التعلم من أقرانهم وتلقي الدعم المستهدف من معلمي ومحترفي التعليم الخاص.

2- التفاعل الاجتماعي: يسهل الدمج التفاعل والعلاقات الاجتماعية بين الطلاب ذوي الإعاقة وغير ذوي الإعاقة. وهذا يساعد في بناء التعاطف والتفاهم والقبول بين الطلاب.

3- مفهوم الذات الإيجابي: يستفيد الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم من الشعور بالانتماء الذي يأتي مع كونهم جزءًا من الفصل الدراسي العادي. وهذا يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على احترامهم لذاتهم ومفهومهم الذاتي.

4- الإعداد للعالم الحقيقي: تعمل الإعدادات الشاملة على إعداد الطلاب للحياة خارج المدرسة، حيث سيواجهون أفرادًا متنوعين ذوي قدرات مختلفة. إنه يعزز تطوير المهارات الاجتماعية ومهارات الاتصال التي تعتبر ضرورية في مرحلة البلوغ.

عناصر عملية الدمج

لإنجاح عملية الدمج يجب أن يكون هناك تعاون وترابط قوي بين متخصصي التربية الخاصة والمعلمين العاديين بالإضافة إلى توفير الامكانات وفق احتياجات الطلبة الخاصة.

وتتضمن عملية الدمج ثلاثة عناصر رئيسية:

أولاً : التعاون المنظم والشامل بين جميع المسؤولين من عملية الدمج.
حيث حدد كل من ( Stone and Collicott, 1994 ) المشار إليهما في ( سيسالم، 2016 ) الجهات المسؤولة عن عملية الدمج وهم :

1- فريق مختص يقدم الخدمات على مستوى المدرسة.
2 – فريق مختص يقدم الخدمات على مستوى الإدارة التعليمية.
3 – المؤسسات الاجتماعية الداعمة لعملية الدمج.

وعلى هذه الفرق أن تعمل بشكل تعاوني من أجل تطوير قدرات المعلمين والعاملين بالإضافة إلى تقديم الخدمات والدعم للطلبة.

ثانياً : يتم تكوين فريق واحد من الخبراء في التخصصات المختلفة حيث يعمل أعضاء الفريق معاً في تخطيط وتنفيذ البرامج التربوية اللازمة للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تم دمجهم في صفوف التعليم العام.

ثالثاً : تفعيل التعليم التعاوني الذي يضم جميع مكونات عملية التدريس مما يؤدي إلى توفير مناخ تعليمي للوصول بجميع الطلبة إلى أقصى ما تسمح به قدراتهم الكامنة (سيسالم، 2016).
الاعتبارات التربوية للدمج

بين ( Ferguson & Asch, 1989) الاعتبارات التربوية للدمج إذ أنه كلما قضى الطلاب ذوو الحاجات الخاصة وقتاً أطول في صفوف المدرسة العادية في عمر مبكر كلما زاد تحصيلهم تربوياً ومهنياً مع تقدمهم في العمر ( أورد في: السرطاوي، الشخصي، والعبد الجبار، 2000 ). وقد تميز الدمج الشامل بالتزامه بتعليم جميع الطلبة في المدارس الموجودة في أماكن سكنهم بغية إعدادهم للمستقبل، حيث يعكس تعليم جميع الطلبة المختلفين في المدرسة المعايير والنماذج للمجتمع، وبالتالي إعداد هذه الفئة للأداء والمشاركة في عالم معقد وغير متجانس على طبيعتهم عندما يصبحون كباراً ( السرطاوي وآخرون، 2000) .

تحديات الدمج

1- الاحتياجات المتنوعة: يجب أن تعالج الفصول الدراسية الشاملة مجموعة واسعة من احتياجات التعلم، مما يجعل من الصعب على المعلمين التمييز بين التدريس بشكل فعال.

2- نقص الموارد: يتطلب التعليم الشامل موارد مناسبة، مثل دعم التعليم الخاص، والتكنولوجيا المساعدة، وتدريب المعلمين. وبدون الموارد الكافية، قد يكون التنفيذ صعبا.

3- إدارة الفصل الدراسي: يمكن أن تكون إدارة الاحتياجات والسلوكيات المتنوعة في فصل دراسي شامل أمراً صعباً بالنسبة للمعلمين، حيث تتطلب استراتيجيات تحقق التوازن بين احتياجات جميع الطلاب.

4- وصمة الإعاقة والتنمر: قد يواجه الطلاب ذوو الإعاقة وصمة عار أو تنمر من أقرانهم، مما قد يؤثر سلبًا على صحتهم الاجتماعية والعاطفية.

5- الاختبار الموحد: قد تواجه الإعدادات الشاملة صعوبة في استيعاب الطلاب أثناء الاختبار الموحد، مما قد يؤثر على التقييم الدقيق لقدراتهم.

إعداد المعلمين

يعتبر إعداد المعلم الجيد من العناصر الأكثر أهمية لرفع كفاءة العملية التعليمية، لأن المعلم هو العامل الأساسي المؤثر لإحداث التطوير المطلوب في مختلف جوانب العملية التعليمية.

ويواجه المعلمون عدداً من التحديات بشكل ملحوظ عندما يتواجد لديهم طلبة من ذوي الحاجات الخاصة في الصف، ومن أهم هذه التحديات إدارة الصف، لأن هؤلاء الطلبة قد يقومون بسلوكيات غير تكيفية قد تؤثر سلباً على البيئة الصفية التعليمية (الخطيب،2004 )، وعلى الرغم من أن الطلبة العاديين ينجحون بتوجيه جهودهم نحو التعلم بإشراف و توجيه المعلم، إلا أن وجود ذوي الحاجات الخاصة يتطلب إشرافاً وتوجيهاً أكثر من المعلم وتقديم المعلم للتعليم المباشر بشكل أكبر مما يضع تحدياً جديداً أمام المعلم، إضافةً إلى أن تقييم الطلبة ذوي الحاجات الخاصة يعد أوسع وأكثر تفصيلاً، إذ يجب عليه أن يكون أكثر دقة في تحليل الأخطاء وأنماط القوة و الضعف لدى الطلبة، كما يتحتم عليه التدريس بدرجة أعلى من الدقة والإتقان والتنويع بوجود الطلبة ذوي الحاجات الخاصة في الصف العادي، ومن الأمور الهامة أيضاً تقديم الخدمات التربوية المخطط لها للطلبة دون تحميل أولياء الأمور أي تكاليف مادية ( Hallahan, Lloyd, Kauffman, Weis & Martinez, 2005 ).

وقد أشار (السرطاوي وآخرون، 2000) إلى مقولة (Steinbak & Steinbak, 1990) والتي مفادها أن المعلمين العاديين ومعلمي التربية الخاصة لا يستطيعون تقديم الخدمات التربوية للطلبة ذوي الحاجات الخاصة كلٌ على حدة، لذا يطلب من المعلمين في المدارس التي تجمع بين طلاب التربية الخاصة والتربية العامة أن يقدموا تربية مناسبة للطلبة الذين تتزايد احتياجاتهم التعليمية وتتفاوت، حيث يعزى أي إخفاق في الدمج في معظم الأحيان لطرق التدريس أو المواد التعليمية المستخدمة، إذ أن جميع الطلبة يمكنهم التعلم إذا ما لبى التدريس والمواد التعليمية احتياجاتهم، ويتطلب هذا التفكير أن يعمل كلٌ من المعلم العادي ومعلم التربية الخاصة معاً لتلبية الحاجات الفردية لكل طالب، وكلما ازدادت حساسية المعلمين للفروق الفردية بين الطلبة فإنهم سيقدمون الدعم بتوفير المواد التعليمية المناسبة وهنا يعمل كلاهما ضمن فريق واحد، للحصول على المعرفة اللازمة حول كيفية تقديم الخدمات التربوية للطلبة، ويتعين على المعلمين في مدارس الدمج توضيح عملية الدمج للطلبة العاديين قبل البدء بعميلة التغيير في الصفوف والبحث عن الافكار والمقترحات، لأن مشاركة الطلبة بأفكارهم واقتراحاتهم تولد لديهم الدافعية للمشاركة وتقديم الدعم لزملائهم من ذوي الحاجات الخاصة(Bradley & et. Al., 1997 ).

الاعتبارات الرئيسية لعملية الدمج

خطط التعليم الفردية (IEPs): يجب أن يكون لدى كل طالب يعاني من صعوبات في التعلم خطة تعليم فردية تحدد أهدافه التعليمية المحددة والتجهيزات اللازمة.

تدريب المعلمين: يحتاج معلمو الفصول الدراسية العادية إلى التدريب على أساليب التدريس الشاملة، وفهم صعوبات التعلم، وتكييف المناهج والتقييمات.

التعاون: يعد التعاون بين معلمي التعليم العام ومعلمي التعليم الخاص وموظفي الدعم وأولياء الأمور أمرًا بالغ الأهمية لنجاح الدمج.

التصميم الشامل للتعلم (UDL): تتضمن مبادئ التصميم الشامل للتعلم تصميم تعليمات وتقييمات تلبي أنماط وقدرات التعلم المتنوعة منذ البداية.

بيئة مرنة: يجب أن تكون بيئة الفصل الدراسي مرنة وملائمة لاحتياجات التعلم المختلفة.

خصائص مدرسة الدمج الشامل

أشار (السرطاوي وآخرون، 2000) إلى الخصائص التي تتوفر في المدرسة للدلالة على تحولها إلى مدرسة دمج شامل :

1- ضرورة أن يلتحق جميع الطلبة على اختلافاتهم في مدرسة المنطقة.
2- يمثل الطلبة ذوي الحاجات الخاصة في المدرسة نسبة من أولئك المتواجدين في المجتمع العام.
3- وجود إدارة واحدة مسؤولة عن جميع البرامج التربوية في المدرسة.
4- تفعيل فلسفة عدم الرفض (Zero rejec).
5- التواصل المستمر بين الطلبة العاديين وزملائهم من ذوي الحاجات الخاصة.
6- وجود الطلبة في الصفوف المناسبة لأعمارهم.
7- عمل الطلاب في الصفوف ضمن مجموعات غير متجانسة.
8- توفير الخدمات المساندة في البيئة الطبيعية للتدريس.
9- مشاركة الجميع في الخبرات والمواد التعليمية.
10- التعاون الملاحظ بين العاملين في المدرسة.
11- توظيف نظم الدعم الطبيعية.
12- احترام الفروق الفردية من قبل المعلمين والطلبة.
13- إظهار الاهتمام باكتساب المهارات الاجتماعية بنفس درجة الاهتمام باكتساب بالمهارات الاكاديمية.


الكفايات الضرورية لنجاح الدمج الشامل

وبالإضافة إلى تفعيل المشاركة المستمرة في التعليم التعاوني، وتدريس الأقران، واتخاذ القرارات وتشجيع الاستفادة من مصادر الدعم الطبيعية، وتقدير جميع الطلبة وتقبل مواطن ضعفهم والانطلاق بهم من نقاط القوة. فقد أشار الخطيب ( 2004 ) إلى بعض الكفايات الضرورية لنجاح الدمج الشامل وهي :

1 – التمكن من تقييم حاجات الطلبة واستثمار الاهتمامات الفردية لهم.
2- التمكن من تحديد المهارات الأكاديمية وغير الأكاديمية التي ترافق الطالب في غرفة الصف.
3 – النجاح في إظهار توقعات مناسبة من كل طالب، وتوفير فرص النجاح لكافة الطلبة.
4 – النجاح في تعديل التعيينات الدراسية للطلبة وتكييف الأنشطة الصفية ليشارك فيها أكبر عدد من الطلبة.

إن الدمج هو فلسفة تعزز المساواة والتنوع في التعليم. ومع ذلك، يتطلب التنفيذ الناجح تخطيطًا دقيقًا وموارد كافية والتزامًا بالتطوير المهني المستمر للمعلمين. من المهم أيضًا إدراك أن النهج الأفضل قد يختلف بناءً على الاحتياجات الفردية لكل طالب، والموارد المتاحة، والسياق التعليمي العام.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *