يقول الكاتب هاري ميلز في كتابه ” فن الاقناع ” أنه عندما تعرض سلعة أو خدمة او فكرة، فإن الزبون الذي تحاول اقناعه، يريد دائما ان يعرف مدى الفائدة التي سيجنيها.. ولن يمكنك اقناعه مالم يعرف تلك الفائدة ويقتنع بها..
مثلا.. قارن عبارة:” يحتوي التفاح على الفيتامينات والسكر الطبيعي” بعبارة:
” ان تناولك لثمرة واحدة من التفاح يبعدك عن الطبيب”
العبارة الاولى تهتم بالتفاحة، بينما تعنى الثانية بالعميل!
تحت عنوان الإغراءات واحتياجات البشر الأساسية، يقول الكاتب:
الناس يستجيبون لأي اقتراح أو أي فكرة، لسببين : إما للحصول على شيء غير متوفر لديهم، أو لتفادي فقدان شيء ما يمتلكونه!
” هناك طريقة واحدة لإقناع أي فرد لعمل أي شيء..أن تجعله يرغب في ذلك” !….. ديل كارينجي
تحت عنوان علم لغة النفس يقول الكاتب:
قلما تكون الكلمات محايدة في تأثيرها.. لقد اكتشف العلماء ان الكلمات مليئة بالرموز.. والمقصود بالرموز شيء ما يثير رد فعل انفعاليا داخل اعماق اللاوعي .. وغالبا ما تحمل الكلمات المعاني الانفعالية التي تزيد على تعريفات المعجم..
مثل كلمات: طائفة، شيعة، فرقة..
كلها لها نفس المعنى الحرفي، وكلها معناها مجموعة من الناس لها نفس المعتقدات الدينية.. ولكن المحتوى الانفعالي لكل كلمة يختلف تماما من كلمة لأخرى!
في إحدى التجارب، ظهرت كلمة “بدون أمل” بحروف كبيرة على شاشة السينما، وطلب من مختلف الناس النظر لهذه الكلمات لعدة دقائق.. فكان للمعاني السلبية للكلمة تأثير..
اذ تغيرت وجوه الناس.. وفي بعض الحالات هبط نبض القلب!
وعلى النقيض من ذلك، فإن الكلمات الايجابية مثل الصبر والشجاعة كان لها تأثيرا إيجابيا وطيبا على الجمهور.
كيف تضفي على الكلمات تأثيراً إضافياً ؟
يمتاز المحدثون المهرة بأنهم ذوو بيان وصناع كلمة ممتازون.. فهم يدركون فنون استعمال قوة الكلمات..
ويمتازون بالخصائص التالية:
1- يتحدثون بطريقة الإثبات في اللغة:
إنهم يتحدثون بالإيجاب، وعندما يرغبون في شيء ما.. فإنهم يستخدمون كلمات تتصل بدقة بما يتوقعون حدوثه.. فعلى سبيل المثال، لو ارادوا من عامل غير متحمس أن يكمل تقريره، فبدلا من عبارة: ” لو انك أنجزت التقرير الليلة، فسوف نقيم لك حفلاً” يستخدمون :” عندما تنجز تقريرك الليلة، فسوف نقيم لك حفلاً”!
2- التحدث بطريقة التأكيد:
عند الحديث يصفون أنفسهم ومعتقداتهم وإنجازاتهم على نحو إيجابي..
يتجنبون أي كلمة قد تضعف من موقفهم امام جمهورهم او تشكك بثقتهم في انفسهم .. مثلا بدل من استعمال :” استطيع القول”.. يستعملون” أنا اعتقد” .. فالتركيبة الاولى ضعيفة.. والثانية قوية وحاسمة وجازمة..
3- تحمل المسؤولية:
هم يتجنبون لغة تقديم كبش الفداء..
فبدلا من أن يلقوا باللائمة على الاخرين، فإنهم يمسكون بزمام الامور ويتحملون المسؤولية..
فبدلا من قولهم :” تلك ليست مسؤوليتي او من نطاق مهامي، يمكنك اللجوء لغيري ليقدم لك المساعدة”
يقولون: “سوف اساعدك بنفسي، وأحضر لك الشخص المسؤول عن قضيتك او الخدمة التي تريد”
4- ابتغاء المكسب المشترك:
إنهم يحاولون في عباراتهم، وعند التفاوض أن يغيروا قاعدة المكسب لك والخسارة للآخرين، إلى قاعدة المكسب للجميع.
5- التحدث على نحو قاطع:
إن المتحدثين البارعين يتمتعون بالصراحة والوضوح.. لا يسرفون في استخدام الكلمات، ويتكلمون دوما في صلب الموضوع.. وعلى نحوٍ قاطع..
فبدلا من قولهم : “اعتقد ان ذلك قد يفي باحتياجاتك، وارجو ان يمنحك ما تنشده”
يقولون:” ان ذلك يفي باحتياجاتك تماما.. وانني على يقين من ان ذلك سوف يوفر لك بالضبط ما تحتاجه”
6- عدم استخدام عبارات التردد واللعثمة:
مثل : آه، ها، حسناً.. حيث تدل هذه الكلمات على عدم التأكد وفقدان الثقة..
7- تجنب العبارات المثيرة:
وهي تلك الكلمات التي تضايق المستمع، بالاضافة إلى ما تنطوي عليه من غموض وعدم ثقة وعجز..
فعندما تقول:” اعلم انني لا استطيع استعمال العبارات المناسبة.. لكنك تعلم مقصدي”
فكأنك تقول: ” إنني لست مبالٍ بشأن توضيح أفكاري”!
8- تجنب فرط التأدب:
وهو أحد سمات المتحدث غير الكفء..الذي يستخدم عبارات : اشكرك، من فضلك وغيرها من مثيلاتها بصورة متكررة جدا!
ان فرط التأدب ينطوي على الجبن وعدم الثقة!!!
إذا أخطأت أو تسببت في إزعاج شخص ما، فالاعتذار واجب!
أما إذا قلت :” أنا أعتذر، لقد فشلنا فشلا ذريعاً” ،فإنك تعتذر عن موقف لست متحكما فيه تماما.. والافضل ان تستعرض المشكلة مبينا تفاصيل حلها!
الكلمات الجاذبة للانتباه
تبين الدراسات أن من بين نصف مليون أو أكثر من الكلمات التي خضعت للاختبار، فإن هناك ست عشرة كلمة تجذب الانتباه.. وهي كالتالي :
فائدة، ضمان، مال، نتائج، سهل، صحة، جديد، آمن، حر- مجاني، كيفية، الآن، اقتصادي- توفير، مسلّ ، حب، أكيد، أنت- ملكك..
إنه جديد:
هناك شيء لا يمكن مقاومته بشأن كلمة جديد.. ادخل أي غرفة واسأل:
هل سمعتم ما هو جديد؟!
إنني متأكد من أن كل فرد تقريباً سوف يهب واقفا وينصت!
إنها مجانية:
هل تعجبت ذات مرة من اقتران الاعلانات والكتالوجات والبريد المباشر بعبارة “هدية مجانية”؟!
إن كلمة مجاناً كلمة زائدة عن الحاجة، لأن الهدية من البديهي ان تكون مجانية!
والسبب وراء اضافة كلمة “مجانية” هو أننا نهوى الحصول على الأشياء بدون مقابل!
وتكون النتيجة ان المعلنين يستخدمون كلمة “مجاناً” كلما امكن ذلك..
إن الأبحاث بشأن البريد المباشر تبين أن نسبة الاستجابة من الناس لعبارة “هدية مجانية” تبلغ ثلاثة أمثالها بالمقارنة مع كلمة “هدية” فقط!
لطف العبارة
يلجأ الزعماء إلى استعمال التعميمات المتألقة.. ويحاولون اقناع الجمهور بكلمات بناءة مثيرة..
ولأن الحقيقة تبدو بغيضة في بعض الاحيان، فإنهم يحاولون تهدئة الجمهور باستخدام كلمات لطيفة التعبير..
ولما كان للحرب وجهاً دميماً.. قد غيرت امريكا في الاربعينيات اسم وزارة الحربية الي وزارة الدفاع..
وفي عهد الرئيس ريجان،تحول اسم الصاروخ الحامل لرأس نووية الى اسم الصاروخ الحافظ للسلام!
يقول الممثل الكوميدي جورج كارلون:
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كان المتطوعون المصابون، يعانون من صدمة القذائف ” اضطراب عصبي او عقلي ينجم عنه فقدان الذاكرة او الكلام او البصر، ويظهر عند بعض الجنود الخائضين غمار الحرب الحديثة”.. ان تركيبة صدمة القذائف تعبر بقوة عن فظائع المعركة.. فبمجرد سماعها، يستطيع الفرد سماع انفجار القذائف فوق الرؤوس!!
بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ الناس باستخدام مصطلح إجهاد المعركة للتعبير عن نفس الأعراض..
فهو تعبير ألطف قليلا وإن كان يخص المعركة كمصدر للقلق!
وفي أعقاب حرب فيتنام، كان الناس يستخدمون تعبير اضطراب بعد معاناة الإصابة.. وهو تعبير لا علاقة له بحقيقة الحرب! ”
سحر التضاد..
اقرأ هذه العبارات الشهيرة، ترى ما هو سبب سهولة تذكرها وترديدها؟!
1- خطوة قصيرة لرجل، وهي قفزة عملاقة للبشرية نيل ارمسترونج
2- علينا ألا نتفاوض من منطلق الخوف، بل علينا الا نخاف التفاوض! جون كينيدي
3- لا تكن صلبا فتكسر، ولا لينا فتعصر قول مأثور.
في هذه الاقوال ظهرت المعاني المتضادة في نفس الجملة.. مما جعلها مقربة الى النفس سهلة الحفظ والتذكر..
وهذا ما يطلق عليه قاعدة أب – ب أ
حيث تنص هذه القاعدة على انه لتكوين جملة فيها سحر التضاد، سهلة التذكر والحفظ، ينبغي على النصف الثاني من قاعدة أب – ب أ أن يظهر المعنى المعاكس أو المخالف للمعنى في النصف الأول!
كيف تنشئ تضادا جديرا بالذكر؟
من أجل ان تنشئ تضادا تذكر القواعد الثلاث الآتية:
1- انشد الاتزان: حاول أن يكون عدد الكلمات في كل جانب متساويا..
2- لتكن الكلمات قصيرة، سهلة قدر الامكان.. فالتضاد الطويل المعقد يؤدي إلى الارتباك والخوف.
3- لتكن الخاتمة إيجابية: ما لم يكن التركيز على السلبي ضروريا، فلتكن النهاية إيجابية، فعادة ما يكون ذلك أقوى وأيسر تذكرا وترديداَ..