قصة الألمنيوم: المعدن الذي كان أغلى من الذهب

أول ما عرف بوجود عنصر الألمنيوم كان حوالي عام 1782. لكن عزل أول كمية منه جاءت بعد جهود أكثر من 40 عاماً، وبالتحديد عام 1825 على يد كيميائي دانماركي يدعى هانز كريستيان أورستيد Hans Christian Ørsted. لكن أورستيد لم يتمكن إلا من استخلاص كمية صغيرة جداً وغير نقية منه، لا تكفي حتى لدراسة خواصه. وكان لا بد من الانتظار 20 عاماً أخرى حتى يتمكن الكيميائي الألماني فريدريك فولر Friedrich Wöhler من عزل كمية كافية منه لدراسة خواصه الرئيسة. ولا عجب إذن أن يكون الألمنيوم ذا قيمة كبيرة في ذلك الوقت. ولكن العجيب أنه بقي فترة طويلة نسبياً أغلى من الذهب.

فقد قدر السعر المتوسط لكيلوغرام واحد من الألمنيوم عام 1852 بـ 1200 دولار (أي ما يعادل بالقيمة الحالية للدولار الأمريكي 33650 دولار للكيلوغرام الواحد من الألمنيوم).

تمكن الكيميائيون في الأعوام التالية من إيجاد طريقة جديدة لتصنيع الألمنيوم سمحت بانتشار استخدامه إلى حد ما، ولكنه بقي مرتفع السعر بشكل عام. فقد استخدم رئيس الجمهورية الفرنسية الذي تحول إلى الإمبراطور نابليون الثالث مجموعة أواني طعام من الألمنيوم، كان يقدم فيها الطعام لأكثر ضيوفه قيمة وعلواً في الشأن. أما ضيوفه العاديين فقد كان يقدم لهم الطعام في آنية من الذهب أو الفضة.

أما ملك الدانمارك فقد صنع تاجه من الألمنيوم، في حين اختير الألمنيوم ليغطي رأس النصب التذكاري للعاصمة الأمريكية واشنطن عام 1884 باستخدام حوالي 2.5 كيلوغرام من الألمنيوم، كانت أكبر كمية من الألمنيوم تستخدم دفعة واحدة في ذلك الوقت، حين كان استخدام الألمنيوم يعادل استخدام الفضة الخالصة. وكانت سيدات المجتمع الراقي في باريس يضعون جواهر ونظارات من الألمنيوم للمفاخرة بما هم فيه من جاه وثروة.

لذلك تجاوز سعره سعر الذهب بعد فترة وجيزة من اكتشافه ولم ينخفض إلا بعد بداية أول إنتاج صناعي من قبل الكيميائي الفرنسي هنري إتيان سانت كلير ديفيل في العام 1856

الألمنيوم من الناحية التاريخية أكثر صعوبة في استخراجه من خامه ، البوكسيت ، مما جعله نادرًا ومكلفًا نسبيًا في الماضي. ومع ذلك ، في أواخر القرن التاسع عشر ، أدت التطورات التكنولوجية إلى تطوير طرق أكثر كفاءة لاستخراج الألمنيوم ، مما أدى إلى خفض تكاليف الإنتاج بشكل كبير. ونتيجة لذلك ، أصبح الوصول إلى الألومنيوم أكثر سهولة وانخفض سعره بشكل كبير.


وكما نعلم فإن قيمة الألمنيوم انخفضت بشدة وبشكل مفاجئ وملأ أنحاء الأرض بعد هذه الفترة الذهبية، ابتداء من العام 1886، مع البدء باستخدام طرق جديدة رخيصة للحصول عليه، وخصوصاً أثناء الحرب العالمية الأولى 1914- 1918 حين ازدادت الحاجة للألمنيوم لصنع الطائرات الحربية.

اليوم، يستخدم الألمنيوم على نطاق واسع في الصناعات التي تتراوح من صناعة الطائرات والسيارات إلى البناء والتعبئة والتغليف. إن كثافته المنخفضة ومقاومته للتآكل وموصلية عالية تجعله لا غنى عنه في العديد من التطبيقات الحديثة. ومع ذلك، فإن وفرتها وتكاليف إنتاجها المنخفضة نسبيًا تعني أنها ليست ذات قيمة عالية من حيث سعر السوق.

المصدر- مواقع الكترونية

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

مقياس باولنج في الكيمياء: فهم الكهروسالبية ودورها في التفاعلات الكيميائية

مقياس باولنج Pauling Scale هو أحد أهم المفاهيم في علم الكيمياء الذي ساعد العلماء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *