في فصل الشتاء، يكون اتجاه حركة الحرارة المختزنة في داخل الابنية من الداخل الى الخارج اي ان الجدران الخارجية والسقوف المعرضة للجو البارد تفقد الحرارة الداخلية الى الجو الخارجي البارد. أما في فصل الصيف الحار فإن الجدران الخارجية والفتحات الموجودة فيها، فضلا عن السقوف المكشوفة «أي سقف الطابق الأخير في البناء» تكتسب الحرارة نتيجة تعرضها لأشعة الشمس المباشرة ولحرارة الهواء المرتفعة في الخارج.
وتتفاوت كمية الحرارة المكتسبة وسرعة انتقالها الى الداخل وفقا لعوامل كثيرة.
* صاحب البناء: ما هي العوامل التي تحدد كمية الحرارة المكتسبة وسرعة دخولها، وما هي تلك العوامل التي تؤثر في مدى الراحة الحرارية التي يمكن ان يتمتع الناس بها في داخل غرف بيوتهم في فصل الصيف؟
المهندس: نستطيع ان نذكر من العوامل الكثيرة ما يلي:
1- سماكة الجدار الخارجي وسماكة السقف ونوعية مواد البناء التي يتكون منها.
2- نوع المادة العازلة حراريا وكثافتها وسماكتها ولونها وطبيعة سطحها ونمط تركيب خلاياها ونحو ذلك.
3- موقع المادة العازلة في داخل الجدران او السقوف، هل هي قريبة من السطح الداخلي أم أنها أقرب الى
الخارج؟
4- طبيعة الفتحات الخارجية مساحتها، نوع النوافذ، ومقدار التظليل الذي يتعرض له البناء.
5- طبيعة الموقع والمناخ وسرعة الرياح والرطوبة النسبية ودرجة ميلان الشمس وعدد ساعات الاشراق وما الى ذلك.
* صاحب البناء: ما فائدة العازل الحراري في الصيف، وفي بلادنا على وجه التحديد؟
المهندس: ان العازل الحراري الموجود بين الجدران يخفض من درجة حرارة سطح الجدران والسقوف من الداخل، وبخاصة في المناطق الحارة والصحراوية خلال فصل الصيف، فبدلا من ان تصل درجة حرارة الجدران من الداخل الى ۳۰ درجه سلسیوسية «مئوية» مثلا، عندما تكون درجة حرارة الهواء الخارجي في الظل حوالي 45 درجة وذلك في الحالة التي تتألف فيها الجدران الخارجية من طوب اسمنتي مفرغ سماكة عشرة سنتمترات فقط مغطاة بطبقة من القصارة الإسمنتية على الوجهين الداخلي والخارجي، فإن وضع طبقة ثانية من الطوب الخرساني المفرغ من الداخل مع استعمال عازل حراري في الوسط يؤدي إلى خفض درجة حرارة السطح الداخلي للجدار من ۳۰ الی ۲۳ درجة وهذا يعني ان الساكن في الداخل سوف يشعر براحة حرارية أكثر نتيجة انخفاض درجة حرارة سطح الجدار الذي يشع الحرارة المزعجة في وجهه.
* صاحب البناء ولكن، ما هي درجة حرارة سطح الجدار من الداخل الملائمة التي تقدم الراحة الحرارية لساكن البناء ؟
المهندس: اذا افترضنا أن درجة حرارة الهواء في داخل الغرف تساوي عشرين درجة نتيجة استخدام وسائل التبريد مثلا، فإن درجة حرارة اسطح الجدران والسقوف من الداخل تؤدي الى تمتع سكان الأبنية براحة حرارية فقط إذا تراوحت درجة حرارتها من حوالي 17 – 27 درجة أما إذا تجاوزت ذلك فإن العيش في داخل البناء سيكون مزعجا.
* صاحب البناء وماذا بشان زمن دخول الموجة الحرارية الى الداخل، هل سيؤثر ذلك على راحة سكان البناء أيضا، وذلك إذا قمنا باستعمال العزل الحراري في الجدران والسقوف.
* المهندس: بالتأكيد، فإن أشعة الشمس الساقطة على السطح الخارجي لجدران البناء او سقفه تحتاج تقريبا إلى خمس ساعات لتخترق الجدار المكون من طبقة طوب خرساني مفرغ واحدة، بينما تحتاج الى حوالي 9 ساعات کي تخترق الجدار عند استخدام طبقتين من الطوب الخرساني المفرغ بينهما عازل حراري متوسط الكفاءة.
وهذا يعني ان البيت ذو الجدار المفرد المبني من دون استخدام عازل حراري سيصبح حارا لا يطاق بعيد فترة الظهيرة، أما في البيت الثاني المعزول حراريا فلا يصبح الجو الداخلي حارا نسبيا الا عند المساء.
وعند ذلك تكون درجة حرارة الهواء الخارجي قد بدأت تنخفض، فيتمكن اصحابه من ان يفتحوا النوافذ ليقوموا بتبريد المنزل، وذلك بالسماح للهواء الخارجي بالدخول وتخفيض درجة حرارة الهواء الداخلي وكذلك درجة حرارة الجدران بصورة تدريجية.
* صاحب البناء: وماذا يحدث في كل من الحالتين في أثناء الليل؟
المهندس: ان صاحب البيت الأول غير المعزول سيعاني من ارتفاع درجة الحرارة طوال الليل، ربما لغاية ساعات الفجر الاولى، لأن الجدار الخارجي يكون قد ارتفعت درجة حرارته كثيرا خلال النهار ويحتاج الى فترة تبريد أقصر لأن درجة حرارة الجدار الداخلي لن تتجاوز ۲۳ درجة ولذلك فإن تبريد الجدران سيكون أسرع، فما أن يأتي وقت النوم مساء حتى تكون درجة حرارة هواء الغرف ملائمة ومريحة.
خلاصة القول ان فوائد العزل الحراري لا تقتصر على التوفير في التدفئة في أثناء فترة الشتاء إنما تمتد لتعمل على جعل البيوت مريحة وباردة نسبيا في فصل الصيف الحار، فضلا عن أنها تؤدي الى وفر كبير في فاتورة الكهرباء اللازمة للتبريد عندما تكون الابنية معزولة حراريا بشكل ممتاز.
د. أيوب ابو دية