بالرغم من أن التهاب اللوزتين يعد من الأمراض البسيطة، إلا أن تكرار حدوث التهاب اللوزيتن وعدم الخضوع للعلاجات الصحيحة وفي الوقت المناسب يمكن أن يتسبب بحدوث أمراض قلبية خطيرة.
واللوزتان هما أجربة لمفاوية توجد في الحلق وهما خط الدفاع الأول في الجسم حيث تحميان الجسم من الإصابة بالأمراض والجراثيم التي تدخل عن طريق الفم.
وحول علاقة التهاب اللوزتين بأمراض القلب بين الدكتور بسام الحريري أخصائي الأمراض الداخلية والقلبية، أن بعض أنواع الجراثيم تتسبب في حدوث التهاب اللوزتين، وبعض الجراثيم كالجراثيم العقدية من ضمن مجموعة بيتا النمط أ يمكن أن تشكل تهديدا حقيقيا لصمامات القلب، حيث يتم تخرب الصمامات القلبية بآلية تسمى المناعة الذاتية حيث تقوم وسائط الدفاع والمناعة في الجسم بتشكيل مواد قاتلة خاصة بالجراثيم العقدية تسمى أضداد الجراثيم العقدية، وبما أن الصمامات القلبية تشبه في بنيتها بنية الجراثيم العقدية فإن هذه الأضداد تخرب الجراثيم العقدية وتخرب معها الصمامات القلبية بدرجات مختلفة، وتحدث الإصابة عادة بعد 7 – 21 يوماً من التهاب اللوزتين الحاد وهو الوقت اللازم للبدن كي يشكل أضداد الجراثيم العقدية ولا تتعلق شدة التهاب اللوزتين دائما ً بشدة الإصابة القلبية إذ يمكن لالتهاب اللوزتين الشديد أن لا يؤثر على القلب في حين قد تتخرب الصمامات القلبية بشدة من التهاب لوزتين بسيط قد لا يعيره الأهل اهتماماً إنما يتعلق الأمر بالدرجة الأولى بنوع الجرثومة وشدة الارتكاس المناعي تجاهه.
ويشمل المرض الفعال كما وضح الدكتور الحريري إصابة المفاصل حيث يشكو المصاب من التهاب وتورم في المفاصل الكبيرة(الركبة ،المرفق ،الكتف،الورك) ويتنقل الالتهاب غالبا ً من مفصل لآخر كما يمكن أن يصاب الجلد حيث يظهر مايسمى الحمى القرمزية( تشبه الحصبة) أو يصاب الدماغ على شكل مرض يسمى داء الرقص (قليل الحدوث) .. يعاني المصاب من ألم الصدر أو الزلة (ضيق النفس ) أو الخفقان وارتفاع الحرارة، وتشفى إصابة المفاصل تماما ً في غالب الأحيان في حين أن الإصابة القلبية تترك أثراً بدرجات مختلفة قد تصل إلى تخرب الصمام التام .
هذا وتسمى الحدثية الإلتهابية السابقة (الحمى الرثوية) وتكثر في المناطق الباردة والرطبة والفقيرة والمزدحمة … وتبرز فيها دائماً إصابة المفاصل وقد تمر إصابة القلب بشكل خفي وتبقى كذلك لسنوات عديدة (10-15 سنة ) حيث تبدأ الأعراض بالظهور على شكل زلة مترقية أثناء الجهد أو بالاستلقاء(زلة استلقائية) حيث يضطر المصاب إلى زيادة عدد الوسائد عند النوم أو يستيقظ من نومه فجأة بسبب ضيق النفس الشديد (الزلة الليلية الإشتدادية) أو يعاني من الخفقان أو السعال الجاف خاصة الليلي وكل حالة سعال ليلي أو سعال يثار أو يشتد بالاستلقاء غير واضحة السبب يجب فيها تحري إصابة صمام قلبي وخاصة تضيق الصمام التاجي. وقد لاتكشف الإصابة إلا صدفة ً عندما يراجع المريض طبيبه لسبب آخر كما قد لا تكشف إلا أثناء الحمل عندما تنهار معاوضة القلب بسبب الحمل الدموي الزائد المرافق للحمل. لذلك يقال أن الحمى الرثوية تنبح على المفاصل وتعض القلب.
وأكد الدكتور بسام الحريري على ضرورة مراجعة الطبيب المختص للكشف عن الإصابات القلبية المختلفة حيث تسمع أصوات نفخات قلبية مختلفة الشكل والشدة تدل على الصمام المصاب ونوع ودرجة الإصابة وعند وجود إصابة قلبية أو الشك بها يجب إجراء الدراسة المخبرية ( التي تساعد في إثبات التشخيص ) وإجراء تخطيط القلب الكهربائي وربما نحتاج إلى إجراء تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو)، ويكون العلاج بالراحة المطلقة في الفراش لمدة يحددها الطبيب حسب شدة الإصابة المفصلية أو القلبية ويعطى الاسبيرين بكميات كبيرة 3غ يومياً للأطفال(30 حبة تاميرين أطفال) و6-8 غ يومياً للكبار(12-16 حبة أسكالتين) . والمقادير الكبيرة ضروية للشفاء ولاتشكل خطرا ً على الصحة باستثناء أولئك الذين يعانون من قرحات هضمية أو اضطرابات في تخثر الدم .. وفي الإصابات القلبية المتوسطة والشديدة يجب إعطاء الكورتيزون وبكميات كبيرة ايضا ً (60-80 ملغ) وهو دواء سيء السمعة بين الناس رغم براءته مما ينسب إليه من مضاعفات ضارة والحقيقة أن هذه المضاعفات الضارة قد تحدث (وليست حتمية الحدوث) بالاستخدام الفوضوي والعشوائي للدواء دون إشراف الطبيب …
ومن أجل القضاء على الجراثيم الموجودة في اللوزتين لابد من إعطاء المضادات الحيوية( وأحسنها البنسلين ) لمدة لاتقل عن 10 أيام . ..وقد لانستطيع القضاء على الجراثيم المستوطنة في اللوزتين إلا باستئصالهما.
يصاب القلب بنسبة 3-5% فقط في الهجمة الأولى من الحمى الرثوية وتزاد النسبة بشكل كبير في الهجمات التالية بحيث تصل إلى 30-50% أي تتضاعف 10 مرات ، ولذلك يجب محاولة منع تكرر التهاب اللوزتين بإعطاء البنسلين المديد بمقدار 600.000-1.200.000 وحدة كل 21- 30 يوماً لمدة لا تقل عن خمس سنوات أو إلى عمر 18 سنة وأحيانا ً مدى الحياة ..
وفي حال تخرب الصمامات القلبية فإن العلاج يختلف حسب الحالة لكن العلاج النهائي هو تبديل الصمام المصاب بصمام آخر صنعي .
ويبين الدكتور الحري أنه بالرغم من الكلفة المادية الباهظة لعمليات القلب المفتوح التي يتم من خلالها تركيب الصمام الصناعي فإن الصمام الصناعي يؤدي الوظيفة ويحافظ على الحياة لكنه لا يعيد المرء إلى الحالة الطبيعية تماما ولا يعفيه من الاستخدام الدائم للأدوية (بعكس ما نراه في عمليات الزائدة أو المرارة مثلاً حيث تنتهي الحالة المرضية بالجراحة في معظم الأحيان) إذ لابد مع الصمامات الصناعية من مراقبة دورية للقلب ولعمل الصمام الصناعي بوسائط مختلفة أحسنها الايكو- دوبلر الملون. كما يجب تناول الأدوية المميعة للدم بشكل دائم ومراقبة فعالية هذه الأدوية بشكل دوري أيضا ً لأن نقص التمييع يؤدي إلى تخثر الدم على الصمام، وهنا لا علاج سوى إجراء جراحة جديدة واستبدال الصمام مرة ثانية وزيادة التمييع تؤدي إلى نزوف قد تكون خطرة.
وفي ختام حديثة ذكر الدكتور بسام الحريري أن الكثير من لا يدركون مدى الضرر الذي يمكن أن يتسبب به التهاب اللوزتين الحاد على صمامات القلب، علما بان نحو 90 بالمائة من إصابات صمامات القلب تكون ناتجة عن التهاب اللوزتين الحاد والذي لم يتم علاجه بشكل صحيح وتحت إشراف طبي مباشر.