صياغة عنوان البحث العلمي

تجب صياغة عنوان البحث صياغةً جيِّدة توضِّح هدفَ الدراسة ومجالها التطبيقيِّ وألاَّ تتجاوز كلماته خمس عشرة كلمة، فإن احتاج الباحثُ إلى مزيد من الكلمات أو العبارات الدالَّة دلالةً حقيقيَّة عن البحث فلا مانع من إتمام العنوان بعنوانٍ تفسيريٍّ أصغر منه أو شرح العنوان في مستخلص البحث، وقد يكون العنوانُ أحد فرضيَّات البحث الأساسيَّة أو مطابقاً لأبرز نتيجة متوقَّعة للبحث، ومهما يكن من أمرٍ فإنَّ العنوان ينبغي أن يعبِّر بدقَّة واختصار شديد عن البحث في طبيعته وموضوعه وأبعاده وربَّما اقتضى الأمر أن يكون فيه إيحاءٌ بنتائجه.

وعنوان البحث لا بدَّ أن يحتوي على ما يشير إلى الهدف الرئيس للدراسة وتحديد أبعادها العلميَّة والمكانيَّة والزمانيَّة كما هو واضح في العنوان التالي:

مراكز استقطاب الخدمات الريفيَّة ودورها في تنمية القرى في منطقة حائل: دراسة في جغرافيَّة الريف

فهذا العنوان بصياغته تلك حدَّد موضوعَ هذه الدراسة بمراكز استقطاب الخدمات الريفيَّة مشيراً إلى بعض أهدافها بتقويم دور تلك المراكز في تنمية القرى، وعيَّن مجالَها التطبيقيَّ بمنطقة حائل، وأوضح انتماءَها في ميدانهـا التخصُّصيِّ إلى جغرافيَّة الريف، ويتحدَّد بعدُها الزمانيُّ بعام تقديمها.

ولعلَّ أهميَّة الصياغة لعنوان البحث تتَّضح بمقارنة العنوان السابق بعنوان آخر أذن لي صاحبُه بهذه المقارنة، ذلك هو العنوان التالي:

العمليَّات الحسابيَّة الأربعة
بين التحليل والتقويم وتحديد الأخطاء الشائعة فيها ومعالجتها

فممَّا يلاحظ على العنوان السابق ما يأتي:

1) أنَّ هذا العنوان يحتوي على خطأ لغويٍّ بصياغته بتأنيث العدد مع المعدود المؤنَّث، والقاعدة اللغويَّة بعكس ذلك، وصحَّته أن يقال: العمليَّات الحسابيَّة الأربع.

2) أنَّ صياغة العنوان أخفقتْ في تحديد الهدف من البحث، بل إنَّها حدَّدت هدفاً لم يكن صاحبُ العنوان يتصوَّره أو يقصده، فليس هناك من شكٍّ أنَّ هدفه هو تحديد الأخطاء الشائعة في تطبيق العمليَّات الحسابيَّة لدى مجتمعٍ مدرسيٍّ محدَّد في ذهنه بافتراض أنَّ الخطأ جاء نتيجةً تعليميَّة كأثر للمعلِّم وليس نتيجة تعلُّميَّة ترتبـط بقدرات الطلاَّب، ويستوحى ذلك من كلمات بين التحليل والتقويم، وفهم ذلك باستجلائه من صاحب العنوان.

3) أنَّ صاحب العنوان زاد على الهدف السابق هدفاً آخر يتحدَّد بكلمة (ومعالجتها)، فأصبح لدراسته هدفان، ولو أنَّه حُدِّدَ مجتمعُ البحث وفق الهدف الأول لكان مجتمع البحث هم مجموعةُ طلاَّبٍ في مجموعة مدارس، ولو حُدِّدَ مجتمعُ البحث وفق الهدف الثاني لكان مجتمع البحث هم مجموعة المعلِّمين في تلك المجموعة من المدارس، أي أنَّ هناك مجتمعين للبحث، أو بعبارة أخرى هناك بحثان مزدوجان.

4) أنَّ الباحث لم يحدِّد المجالَ التطبيقيَّ لبحثه، فهل سيصل البحثُ إلى نتيجة يمكن تعميمها على جميع الطلاَّب في جميع المدارس لمختلف الصفوف ومختلف المراحل في مختلف المناطق والدول؟، لا يمكن ذلك ولا يُظَنُّ ذلك ولكن الصياغة الحاليَّة للعنوان توحي بذلك.

5) أنَّ الباحثَ لم يحدِّد البعدَ الزمنيَّ لدراسته، فهل مشكلة دراسته قديمة أم طارئة، مستمرَّة أم محدَّدة بزمن؟، وبمعرفة السبب لمشكلة دراسته باعتبار أنَّ هناك فرضيَّة غير ناضجة أو مصاغة صياغة جيَّدة احتواها عنوان الدراسة، ذلك السبب هو الطريقة التعليميَّة للمعلِّمين في تلك المدارس، أي أنَّ السببَ لم يرتبط بالمعلِّمين أنفسهم، فبالإمكان أن يغيِّر أولئك المعلِّمون طرائقهم التدريسيَّة فتختفي المشكلـة.


6) أنَّ الباحثَ بعنوان بحثـه لم يقصدْ وجودَ أخطاء شائعة في العمليَّات الحسابيَّة الأربع بذاتها، وإنَّما قصد إلى وجود أخطاءٍ شائعة في تطبيقات المتعلِّمين، ولكن بالعودة إلى العنوان يتَّضح أنَّ العنوان بصياغته يعني وجود أخطاء شائعة في العمليَّات الحسابيَّة الأربع بذاتها وليس بتطبيقاتها من متعلِّمين معيَّنين.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

استراتيجية التفكير الناقد وأهميتها في العملية التعليمية

استراتيجية التفكير الناقد هي مهارة معرفية تتضمن القدرة على تحليل المعلومات، وتقييم المواقف، واتخاذ قرارات …

تعليق واحد

  1. يجب اختيار عنوان دقيق وواضح للبحث العلمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *