تلقى السيارة الكهربائية حاليا اهتماما عالميا متزايدا، نظرا لمميزاتها الكثيرة، ويمكن القول أن المستقبل سيكون للسيارة الكهربائية وان سيارات الاحتراق الداخلي التقليدية سوف يتراجع إنتاجها مستقبلا.
المقال التالي للأستاذ ” رءوف وصفي ” يتناول موضوع السيارات الكهربائية ومدى التطورات التي حدث في صناعتها.
بعد أكثر من قرن من تشغيل محركات الاحتراق الداخلي “Internal Combustion” تقوم شركات صناعة السيارات بإنفاق البلايين، لتطوير تقنيات الوقود البديل لتقليل الاعتماد علي موارد الوقود الأحفوري “كالنفط” المحدودة. وثمة مستقبل يبشر بالخير. معقود علي الشركات التي تبذل في الوقت الحاضر. جهوداً هائلة لاستخدام خلايا وقود هيدروجينية Hydrogen Fule cells لإمداد السيارات بالطاقة. ومن مزاياها أنها لا تترك وراءها سوي بخار الماء الذي لا يضر أبداً بالبيئة.
الهيدروجين.. وقود الغد
إن الحاجة لإعادة النظر في تصميم سيارات جديدة ذات مواصفات معينة. قد فات ميعادها منذ وقت طويل.. فالسيارات الأمريكية – علي سبيل المثال- تطلق نحو بليون “ألف مليون” ونصف البليون طن من غازات الاحتباس الحراري Greenhouse Gases – مثل أكاسيد الكربون – في الجو سنويا. مما يحدث اختلالاً في البيئة ويرفع درجة حرارة الأرض. ومنذ بضعة عقود أصبح من الضروري التفكير في مصدر بديل الطاقة.
وعندما يضخ الهيدروجين في خلية الوقود وترتفع درجة حرارته فينقسم كل جزيء هيدروجين إلي أيونين لهما شحنتان موجبتان “الأيون: ذرة أو مجموعة متماسكة من الذرات لها شحنة موجبة أو سالبة” والكترونان. يتجه الألكترونان إلي دائرة تشغيل المحرك. بينما يمر الأيونان – من خلال غشاء- حيث يتحدان مع أيوني أكسوجين قادمين من الهواء الخارجي. وعلي أثر اتحاد الأيونات معاً. فإنها تكون بخار الماء الذي يعد غاز عادم السيارة الوحيد وهو لا يحدث أي تلوث للبيئة.
والمشكلة الأولي هنا. هي أن الهيدروجين يتم الحصول عليه كهربائيا بتحليل الماء. إلي هيدروجين وأكسوجين أو نزع الكربون من الهيدروكربونات Hydrocarbons “مثل الغاز الطبيعي” إلا أن ذلك يحتاج إلي طاقة. والحل المثالي. هو تدبير تلك الطاقة من مصادر متجددة. لكن في أكثر بلاد العالم فإن هذا الخيار ليس مطروحاً الآن.
وثمة مشكلة أخري. خاصة بالهيدروجين. هي النقص في أعداد المضخات اللازمة لملء السيارات بالهيدروجين. في محطات تموين السيارات.
مقاومة.. الاحتباس الحراري
السيارة المستقبلية التي ستدار بالكهرباء. لن يكون بها مقود “عجلة قيادة” ولا دواسات. بل ستكون مثل لوح تزلج ضخم يتكون من أربع عجلات. وسوف تستغني الادارة بالكهرباء. عن الجزءين الأساسيين من تقنية السيارات التقليدية فلا يوجد محرك تحت الغطاء الأمامي للسيارة.
كما ليس هناك وصلات هيدروليكية Hydraulic “تدار أو تتحرك بواسطة السوائل” أو ميكانيكية أسفل الشاسية. “اطار معدني مستطيل الشكل يحمل هيكل ومحرك السيارة”.
وكل ما يلزم لدفع السيارة الكهربائية. وتوجيهها إلي الأمام والخلف ويمينا ويساراً. موجود داخل الشاسية. بأسفل السيارة سمكه نحو ثلاثين سنتيمتراً يسمي “لوح التزلج” Skateboard. وهو مصنوع من الألومنيوم. وتتوفر الطاقة من خلال مجموعة من خلايا وقود هيدروجينية. تضم مئتي خلية منفصلة بمقدورها تحريك السيارة بأقصي سرعة تبلغ 160 كيلو متر/ ساعة. ويخزن وقود غاز الهيدروجين في ثلاثة خزانات اسطوانية مصنوعة من مركب من الكربون.
وبدلاً من عجلة القيادة ولا دواسات. هناك مقبض قيادة كهربائي By-wire Steering grip متصل بحاسوب “كمبيوتر” مركزي. مبيت في لوح التزلج. ولزيادة سرعة السيارة الكهربائية. يتم لف المقبض أما ذا أردت إيقاف السيارة فأضغط عليه. ويتم التوجيه يمينا ويساراً بدفع المقبض إلي أعلي وإلي أسفل.
إن اختناقات المرور أخذه في الازدياد. وكذلك الغازات المنطلقة من عوادم السيارات. ولذلك فإن تلوث هواء المدن. أصبح مشكلة كبيرة تتزايد يوما بعد يوم. وخاصة أنها تلعب دوراً متزايداً في تسخين جو الأرض “الاحتباس الحراري”.
تري إلي ماذا سيقودنا كل ذلك؟ هل إلي كوارث؟ أم إلي تغييرات جذرية في منظومات حياتنا؟ إلي توقف التقدم التقني؟ أم إلي كل ذلك معاً؟
الحقيقة أن البحث عن طرق بديلة لقيادة سياراتنا بدأ منذ سنوات كثيرة. ويبدو الموقف العام الآن. كما لو أن تلك الجهود سوف تؤتي ثمارها عن قريب. وأنواع الوقود الجديدة. لن تطرد تلك المستخدمة منذ وقت طويل. لكننا نأمل في أن تخلصنا من الغازات الضارة المتصاعدة. وعلي الأقل تخفض بعض سخونة جو الكوكب.
وهناك عدة بدائل مطروحة لتطوير أنواع بديلة من الوقود. لتقليل الملوثات الجوية الضارة. وبالتحديد لخفض تصاعد غاز ثاني أكسيد الكربون. ويتم انتاج أنواع الوقود هذه. بتطوير وقودي البنزين والديزل التقليديين. لانتاج ديزل يحتوي علي نسبة كبريت ضئيلة -علي سبيل المثال- وهي تشتعل معطية ابتعاثات ضئيلة. وسرعان ما سوف تصبح هي أنواع الوقود التقليدية. بعد وقت قصير نسبيا.
عندما يبطل استخدام أنواع الوقود الحالية
والبديل الثاني. هو الغاز الطبيعي الذي يتكون أساساً من الميثان. وينتج غاز ثاني أكسيد الكربون أقل بنسبة 20% من البنزين. وقد بدء في استخدامه في الوقت الحاضر. ولكن علي نطاق ضيق. كذلك أصبح يستخدم الغاز الطبيعي السائل الذي يتكون أساساً من البوتين Butana “مركب هيدروكربون برافين مشبع” والبروبين Propane “غاز لا لون له. يوجد في الغاز الطبيعي والنفط”.وهما يستخرجان من آبار الغاز الطبيعي. وكمنتج فرعي من عملية تكرير النفط. وفي أفضل الحالات ينتج الغاز الطبيعي السائل. ثاني أكسيد الكربون بنسبة 30% أقل من البنزين. وهو يستخدم أيضا في الوقت الحاضر.
والبديل الثالث هو الإيثانول Ethanol “الكحول الأثيلي”.
والميثانول Methanol “سائل عديم اللون يختلط بالماء بجميع النسب”. يتم إنتاجهما من المواد النباتية مثل الأخشاب أو الذرة أو السكر. وكذلك ويستخرج الميثانول من الفحم الحجري. وينتجان ثاني أكسيد الكربون بنسبة منخفضة اثر احتراقها.
والبديل الرابع هو الديزل الحيوي Biodiesel . ينتج من زيوت البذور مثل اللفت. ويعتقد العلماء بأنه صديق رائع للبيئة. إلا أن بعض البيانات توحي بعكس ذلك.
البديل الخامس هو الهيدروجين الذي ينتج من الميثانول أو البترول “النفط” أو الماء. وعلاوة علي ذلك فإنه يستخدم في خلايا الوقود لتوليد كهرباء.
ويمكن إحراق الهيدروجين مباشرة في محركات الاحتراق الداخلي. بعد عمل التعديل الملائم له. وهو بحق وقود المستقبل. ويجري في الوقت الحاضر تطويره أو انتاجه بمعرفة كثير من شركات صناعة السيارات.
وثمة اقتراح جيد هو استخدام سيارة مختلطة Hybrid . التي تجمع بين محرك البنزين أو الديزل التقليدي. والمحرك الكهربائي. والنتيجة هي سيارة لها انبعاثات منخفضة مثل السيارة الكهربائية. ولها نفس سرعة محرك الاحتراق الداخلي.
ويكمن سحر السيارة المختلطة. في البساطة الكبيرة لتقنية محركها. فكل ما عليك عمله هو وضع محرك وقود تقليدي ومحرك كهربائي بسيط في السيارة ولكن المشكلة هي في كيفية جعل المحركين يعملان معاً بطريقة فعالة يمكن الاعتماد عليها.
المصدر مجلة العلم