بقلم :- زيد ابوزيد
قدم ماسلو نظرية في الدافعية الإنسانية Human motivation حاول فيها أن يصيغ نسقا مترابطا يفسر من خلاله طبيعة الدوافع أو الحاجات التي تحرك السلوك الإنساني وتشكله. في هذه النظرية يفترض ماسلو أن الحاجات أو الدوافع الإنسانية تنتظم في تدرج أو نظام متصاعد Hierarchy من حيث الأولوية أو شدة التأثير Prepotency، فعندما تشبع الحاجات الأكثر أولوية أو الأعظم قوة وإلحاحا فإن الحاجات التالية في التدرج الهرمي تبرز وتطلب الإشباع هي الأخرى وعندما تشبع نكون قد صعدنا درجة أعلى على سلم الدوافع.. وهكذا حتى نصل إلى قمته. هذه الحاجات والدوافع وفقا لأولوياتها في النظام المتصاعد كما وصفه ماسلو هي كما يلي:
1- الحاجات الفسيولوجية Physiological needs
مثل الجوع.. والعطش.. وتجنب الألم.. والجنس.. إلى آخره من الحاجات التي تخدم البقاء البيولوجي بشكل مباشر.
2- حاجات الأمان Safety needs
وتشمل مجموعة من الحاجات المتصلة بالحفاظ على الحالة الراهنة.. وضمان نوع من النظام والأمان المادي والمعنوي مثل الحاجة إلى الإحساس بالأمن.. والثبات.. والنظام.. والحماية.. والاعتماد على مصدر مشبع للحاجات. وضغط مثل هذه الحاجات يمكن أن يتبدى في شكل مخاوف مثل الخوف من المجهول.. من الغموض… من الفوضى واختلاط الأمور أو الخوف من فقدان التحكم في الظروف المحيطة.
وماسلو يرى أن هناك ميلا عاما إلى المبالغة في تقدير هذه الحاجات.. وأن النسبة الغالبة من الناس يبدو أنهم غير قادرين على تجاوز هذا المستوى من الحاجات والدوافع.
3- حاجات الحب والانتماء Love & Belonging needs
وتشمل مجموعة من الحاجات ذات التوجه الاجتماعي مثل الحاجة إلى علاقة حميمة مع شخص آخر الحاجة إلى أن يكون الإنسان عضوا في جماعة منظمة.. الحاجة إلى بيئة أو إطار اجتماعي يحس فيه الإنسان بالألفة مثل العائلة أو الحي أو الأشكال المختلفة من الأنظمة والنشاطات الاجتماعية.
(أ) المستوى الأدنى أو مستوى الحب الناشئ عن النقصDeficit or D-love وفيه يبحث الإنسان عن صحبة أو علاقة تخلصه من توتر الوحدة وتساهم في إشباع حاجاته الأساسية الأخرى مثل الراحة والأمان والجنس….. الخ.
(ب) المستوى الأعلى أو مستوى الكينونةBeing or B-love وفيه يقيم الإنسان علاقة خالصة مع آخر كشخص مستقل… كوجود آخر يحبه لذاته دون رغبة في استعماله أو تغييره لصالح احتياجاته هو.
4 – حاجات التقدير Esteem needs
هذا النوع من الحاجات كما يراه ماسلو له جانبان:
(أ) جانب متعلق باحترام النفس.. أو الإحساس الداخلي بالقيمة الذاتية.
(ب) والآخر متعلق بالحاجة إلى اكتساب الاحترام والتقدير من الخارج… ويشمل الحاجة إلى اكتساب احترام الآخرين.. السمعة الحسنة.. النجاح والوضع الاجتماعي المرموق.. الشهرة.. المجد… الخ.
وماسلو يرى أنه بتطور السن والنضج الشخصي يصبح الجانب الأول أكثر قيمة وأهمية للإنسان من الجانب الثاني.
5- حاجات تحقيق الذات Self-actualization والحاجات العليا Metaneeds
تحت عنوان تحقيق الذات يصف ماسلو مجموعة من الحاجات أو الدوافع العليا التي لا يصل إليها الإنسان إلا بعد تحقيق إشباع كاف لما يسبقها من الحاجات الأدنى. وتحقيق الذات هنا يشير إلى حاجة الإنسان إلى استخدام كل قدراته ومواهبه وتحقيق كل إمكاناته الكامنة وتنميتها إلى أقصى مدى يمكن أن تصل إليه. وهذا التحقيق للذات لا يجب أن يفهم في حدود الحاجة إلى تحقيق أقصى قدرة أو مهارة أو نجاح بالمعنى الشخصي المحدود.. وإنما هو يشمل تحقيق حاجة الذات إلى السعي نحو قيم وغايات عليا مثل الكشف عن الحقيقة.. وخلق الجمال.. وتحقيق النظام.. وتأكيد العدل.. الخ. مثل هذه القيم والغايات تمثل في رأي ماسلو حاجات أو دوافع أصيلة وكامنة في الإنسان بشكل طبيعي مثلها في ذلك مثل الحاجات الأدنى إلى الطعام.. والأمان.. والحب.. والتقدير. هي جزء لا يتجزأ من الإمكانات الكامنة في الشخصية الإنسانية والتي تلح من أجل أن تتحقق لكي يصل الإنسان إلى مرتبة تحقيق ذاته والوفاء بكل دوافعها أو حاجاتها.
بعد تحقيق الذات يتبقى نوعان من الحاجات أو الدوافع هما الحاجات المعرفية والحاجات الجمالية ورغم تأكيد ماسلو على وجود وأهمية هذين النوعين ضمن نسق الحاجات الإنسانية إلا أنه فيما يبدو لم يحدد لهما موضعا واضحا في نظامه المتصاعد.
(1) الحاجات الجمالية Aesthetic needs
وهذه تشمل فيما تشمل عدم احتمال الاضطراب والفوضى والقبح والميل إلى النظام.. والتناسق.. والحاجة إلى إزالة التوتر الناشئ عن عدم الاكتمال في عمل ما،أو نسق ما.
(2) الحاجات المعرفية Cognitive needs
وتشمل الحاجة إلى الاستكشاف والمعرفة والفهم، وقد أكد ماسلو على أهميتها في الإنسان بل أيضا في الحيوان، وهي في تصوره تأخذ أشكالا متدرجة.. تبدأ في المستويات الأدنى بالحاجة إلى معرفة العالم واستكشافه بما يتسق مع إشباع الحاجات الأخرى ثم تتدرج حتى تصل إلى نوع من الحاجة إلى وضع الأحداث في نسق نظري مفهوم.. أو خلق نظام معرفي يفسر العالم والوجود. وهي في المستويات الأعلى تصبح قيمة يسعى الإنسان إليها لذاتها بصرف النظر عن علاقتها بإشباع الحاجات الأدنى.
تحقيق الذات أو مرحلة الدوافع العليا
يعد هذا الجانب أهم ما تنفرد به نظرية ماسلو. إذ أنه حاول فيه أن يدرس ويفهم الشخصية الإنسانية من خلال الصحة.. من خلال حالات اكتمالها وتفوقها وليس من خلال حالات مرضها وضعفها أو تفككها، وهو مدخل معاكس لما هو سائد لدى الغالبية العظمى من علماء النفس وأصحاب نظريات الشخصية.
من أجل تحقيق هذا الهدف قام ماسلو ببحث متعمق وشامل لمجموعة من الأشخاص الذين تمكنوا من تحقيق ذواتهم.. أو حققوا إمكانياتهم إلى أقصى مداها.. ويمكن اعتبارهم ضمن قمة هرم التطور والنمو والاكتمال الإنساني. وقد شملت المجموعة بعض معاصريه من أمثال أينشتين وروزفلت وألبرت شفيترز، بالإضافة إلى شخصيات تاريخية مثل لنكولن.. وجيفرسون وبيتهوفن. وكان المنهج الذي اتبعه في هذه الدراسة منهجا إكلينيكيا أو بتعبير أدق منهجا فنومنولوجيا، استخدم فيه المقابلات الإكلينيكية.. وملاحظات السلوك.. ودراسة السير أو السير الذاتية.. الخ.
الحاجات:
فسر بعض علماء النفس دوافع تصرفات الإنسان وسلوكه على أساس إشباع الحاجات النفسية، أي الرغبات الطبيعية لدى الكائن الحي التي يهدف من ورائها إلى تحقيق التوازن النفسي والانتظام في السلوك.
ونعرِّف الحاجة كحالة من النقص أو الافتقار يُصاحبها نوع من التوتر والضيق لا يلبث أن يزول عندما تلبَّى الحاجة، سواء أكان هذا النقص مادياً أم معنوياً، داخلياً أم خارجياً.
وتجدر الإشارة هنا انه على المربين والمعلمين توجيه الحاجة النفسية بدلاً من قمعها أو إطلاق العنان لها، والتوجيه نوعان:
* النوع الأول هو التوجيه عن طريق التنشيط أو التشجيع أي تشجيع الفرد على إشباع ميوله ما دام اتجاهها مرغوباً فيه، كالحاجة إلى المعرفة والتفهم، وذلك عن طريق المكافأة المادية أو المعنوية .
*النوع الثاني، أي التثبيط أو التزهيد، فهو طريقة تحويل الميل من وجهة غير مرغوب فيها إلى وجهة مرغوب فيها .فمثلاً، الولد العنيف الذي ينزع إلى ضرب الأولاد والى ممارسة القوة والنفور والسيطرة يمكن تحويل حاجته هذه بإعطائه دور الحماية والرعاية للأولاد في النشاطات الكشفية.
طبيعة المتعلم وعوامل نموه:-
1- الغرائز : ( وهي الغريزة عند الإنسان هي ما لديه من استعدادات فطرية تدفعه إلى القيام بسلوك خاص، إذا ما أدرك نفسه في موقف أو مجال معين ) . وقد وضع مكدوجل قائمة تتكون من 14 غريزة، وأضاف إن هذه الغرائز ممكن أن تعدل وتتسامى بفعل الذكاء، ( غريزة الخلاص، غريزة المقاتلة، غريزة الوالدية ، غريزة الاستطلاع، غريزة البحث عن طعام، غريزة الاستغاثة، غريزة النفور، الغريزة الجنسية، غريزة السيطرة، غريزة الخنوع، غريزة التملك، غريزة الحل والتراكيب، الغرائز الاجتماعية، غريزة الضحك، غرائز ترتبط بالحاجات الجسمية).
2- الحاجات : هي حالة النقص والافتقار يصاحبها نوع من التوتر والضيق لا يلبث أن يزول عندما تلبي الحاجة سواء أكان هذا النقص ماديا أو معنويا داخليا أو خارجيا.
3- الدوافع : ( الدافع هو كل حالة داخلية جسمية أو نفسية تثير السلوك في ظروف معينة، حتى يصل إلى غاية معينة ) . والدوافع أربع أنواع : دوافع أولية، دوافع ثانوية، دوافع شعورية، دوافع لا شعورية. وأهمية الدوافع من النظرة التربوية حيث تعتبر هدفا تربويا بذاتها. وقد تعرض البعض للفروق الفردية بالدافعية وأهميتها في التعلم ، حيث نرى الفروق الفردية في مجالات الاستعدادات، والقدرات، والسمات، والذكاء. وقد تعرض الكثير من المفكرين والعلماء لهذه المجالات وتحدثوا عنها بإسهاب.
النظريات في طبيعة المتعلم:-
وقد اختلفت وجهات نظر الفلاسفة وعلماء النفس والمربين عبر العصور وانقسموا إلى وجهات النظر التالية:-
الفئة الأولى تعتبر أن الطفل ميال بطبيعته إلى الشر ومطبوع على الرذيلة ومن واجب المربي قمع هذه الميول بأقسى الوسائل وأعنفها.
الفئة الثانية ترى أن الطفل ميال إلى الخير مطبوع على الفضيلة وان نزعاته الفطرية صالحة، فما على المربي إلا أن يطلق لها العنان.
أما الفئة الثالثة فتقول أن الطفل لا يميل بطبعه إلى الشر ولا إلى الخير بل إلى الجهة التي توجهه إليها التربية.
الصورةpixabay