تكنولوجيا جديدة لإنجاب اطفال حسب الطلب

مع ثورة علم الاحياء المعاصرة، تبرز باستمرار قضايا تثير جدلا اخلاقيا واسعا، كونها تمس قيما تتعلق بوجود الانسان نفسه، ومن أحدث هذه القضايا تلك المرتبطة بجواز تصميم طفل بمواصفات معينة بهدف انقاذ حياة أخ له محكوم عليه بالموت فقبل ايام اثار تقدم عائلة بطلب للسماح لها بإجراء مثل هذا الامر جدلا كبيرا آخذ بالتزايد.

بعض خبراء الاخصاب اثاروا احتمالية معاملة الطفل كسلعة، والجمعية الطبية البريطانية تساءلت بدهشة ان كان الطفل سيعتبر فعلا كائنا بشريا، او انه سيكون مجرد متبرع. في حين عارضت جمعيات الحياة قبل الولادة الامر، رافضة انتاج اطفال ليكونوا اعضاء احتياط، لكن د. سايمون فايشل من عيادة في نوتنغهام حيث ستجرى العملية لا يرى ان العملية لا اخلاقة.

الزوجان راج وشاهانا هاشماي ارادا إنجاب طفل انبوب يمكن ان تؤخذ منه خلايا جذعية منتجة لخلايا الدم لتزرع في طفلهما زين البالغ من العمر سنتين، والمصاب بالتلاسيميا، وهي مرض دم وراثي. وقد تقدما بطلب لذلك الى سلطة الاخصاب وعلم الاجنة البشري البريطانية، والتي ينتظر ان تتوصل الى قرار حول ذلك في غضون الشهور الثلاثة القادمة.

عيادة فايشل في مستشفى بارك في نوتنغهام والمسماة The Center for Assisted Reproduction وافقت على مساعدة الزوجين لاختيار جنين من خلال عملية اخصاب خارج الجسم والجنين الذي سيتم فحصه للتأكد مطابقته نسيجيا لطفلهما المريض سيزرع في رحم الزوجة، وعند الولادة، ستزرع خلايا من حبله السري في جسم هذا الطفل.

معارضو العملية يقولون ان الطفل الجديد هذا سيجبر على اعطاء خلايا من نخاع العظم عنده الى اخيه طوال حياته. ولن يكون بالتالي طفلا له حقوقه الكاملة.

بالمقابل يشير فايشل الى حالة مماثلة ناجحة جرت في الولايات المتحدة، انجب زوجان طفل انبوب بهدف تزويد طفلتهما البالغة من العمر ست سنوات بنخاع عظم، وهذه الطفلة موللي فاش تعاني من انيميا فانكوني، ويقول فاشل انه غير مختص بزراعة نخاع العظم. وبالتالي لا يعرف ان كان الطفل زين سيحتاج الى عمليات تبرع لاحقة بالنخاع من اخيه الجديد، ويقول ان الذي يعرفه ان الوقت المثالي الذي سيحتاج فيه زين الى زرع نخاع هو عندما يكون في عمر2 – 5 سنوات وإلا فانه سيموت في اوائل سنى المراهقة.

ويقول انه بعد ولادة زين اتجه الابوان الى انجاب طفل آخر بصورة طبيعية، لكن نخاع العظم عنده لم يكن مطابقا لجسم زين.

ويرد فايشل على معارضي العملية بقوله انه باستمرار كانت هناك معارضة لعمليات المساعدة على الانجاب الجديدة، ويستذكر في هذا المجال حالة اول طفلة انبوب لويزا براون التي واجه انجابها احتجاجات واسعة، ويقول انه كان من ضمن فريق البحث الذي عمل مع باتريك ستبتو وروبرت ادواردز في اجراء هذه العملية.

ويقول فايشل عن العملية، انه سيتم اخذ خلايا جذعية من الحبل السري للجنين الذي يرمى عادة بعد الولادة، وبالتالي فانه لا اجراء اجتياحيا للجنين، كما انه لا وجود لعملية «تصميم» كما يقول البعض، وكل ما هنالك «اننا نختار» فالطبيعة هى التى تصمم ونحن نتفحص الاجنة جيدا ونختار منها ما يناسب الهدف، اي مطابقة النسيج لانسجة جسم الطفل المريض زين.


هذا ويؤكد فايشل ان التكنولوجيا الجديدة ستكون مفيدة للكثيرين وهدية لاطفالنا بخاصة ويقول انه من المثير
للدهشة تلك السرعة التي تتقدم بها تكنولوجيات التكاثر الحديثة، فالاخصاب المجهري مثلا، وهو رائد فيه، جعل من95% من الرجال العقيمين قادرين على الانجاب، وجعل من النساء اللواتى يولدن بدون مبايض قادرات على الحمل والانجاب.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

في المستقبل المزارع العمودية داخل بنايات المدن الحديثة

على غرار حدائق بابل المعلقة والتي اعتبرت من عجائب الدنيا، برزت فكرة بناء المزارع العمودية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *