الحمل وأمراض الغدة الدرقية

تحصل اثناء الحمل تغيرات وتفاعلات من أهمها التغير الذي يظهر في عمليات الأيض. فالحامل تكتسب ما بين عشرة وعشرين كيلوغراما اضافيا الى وزنها العادي، ويرتفع مستوى الدهنيات في دمها، كما يضطرب توازن بروتينات الدم، فمنها ما يعلو معدلها، ومنها ما يقل، ومنها ما يظهر لأول مرة، ويضطرب ايض السكريات وتزداد نسبة الانسولين، وتظهر خمائر جديدة متأتية من المشيمة.

كما تضطرب وظائف الغدد الصماء في جسم الحامل، وذلك لمساعدة الجنين في نموه، فيقل افراز الغدة النخامية للهرمونات المنشطة للغدد التناسلية، لكن افرازها لهرمون البرولاكتين (هرمون الحليب) يزداد، كما يزداد أيضا افرازها للهرمون المنشط للغدة الدرقية (ثايروتروبين) مما يوضح انتفاخ الغدة الدرقية وإفرازها اكثر فأكثر لهرمون الثيروكسين وبالمقابل تقل نسبة هرمون اخر (T3) بغية توازن هرمونی درقي في الحمل، هذه الاضطرابات لا يتحملها جسم عادي، لكن جسم الحامل قد لا يشعر بها.

من المعروف ان النقص في وظيفة الغدة الدرقية يتسبب في احداث الاجهاض، ذلك لأن هرمون الغدة هذه له أهمية بالغة في تكوين الاعضاء مورفولوجيا (شكليا )، اي بصورة أخرى، هناك ازدياد في معدل هذه المادة الهرمونية في الحمل، وهذا الازدياد عائد لازدياد الاحتياج لتلك المادة نظرا لتضاعف التفاعلات الأيضية.

وينتج عن ذلك كله، توازن دقيق في التأكسد الجسم، واستهلاك الأوكسجين ، بحيث أن الجسم يبقى في حال طبية سليمة. لكن اذا كانت الوظيفة الدرقية غير نشيطة، قد يحصل الاجهاض بسبب هذا النقص.

تتسبب أمراض الغدة الدرقية عند الحامل في حدوث تشوهات عند الجنين، مثل غيبة المخ، والصلب المفلوج وتشوهات في القلب والجهاز العظمي، وتفسير هذه التشوهات عائد الى نقص هرمون الدرقية في حالة نقص الدرقية الذي ينتج عنه اضطراب و تشويش في تمييز خلايا الجنين وفي نمو دماغه.

وعادة، تتسبب أمراض الغدة الدرقية في اجهاض الحمل بنسبة تصل الى 50٪، وعند علاجها في اثناء الحمل تنخفض الى 20%.

ويكون نمو الغدة الدرقية لدى الجنين خاضعا لهرمون ثايروتروبين الأم، الذي تفرزه غدتها النخامية والمسؤول الأول عن نمو وتوجيه وظيفة الغدة الدرقية عند الإنسان، وإذا كانت الحامل، تشكو من نشاط زائد لافراز هرمون الثايروكسين من قبل غدتها الدرقية، فهذا يعرقل افراز هرمون الثايروتروبين مما تكون نتيجته اضطرابا في نمو وتطور الغدة الدرقية عند الجنين.

وأما في حالة نقص الدرقية عند الحامل التي سببها على الأغلب نقص مادة اليود، تفرز كمية زائدة من هرمون الثايروتروبين من الغدة النخامية مما يؤدي الي تضخم الغدة الدرقية عند الجنين، ولهذا السبب يفضل ان يضاف اليود الى غذاء الحامل في المناطق التي يكثر فيها ظهور تضخم الغدة الدرقية.


ان علاج فرط او نقص الدرقية اثناء الحمل، هي مهمة مشتركة ما بين الطبيب المختص في الامراض الباطنية او اختصاصي الغدد الصماء والطبيب النسائی، والطبيب صاحب الخبرة الطويلة في علاج امراض الغدد الصماء هو الذي يقرر جرعة العلاج حسب نوع وشدة المرض وفترات الحمل.

د سميح خوري
اختصاصي في الامراض النسائية والتوليد

About فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

Check Also

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *