تعود كلمة تأخر او اضطراب الى جميع المشاكل التي تعتري التواصل البشري والمواضيع ذات العلاقة بها (مثل فعالية اداء اعضاء النطق). ويتراوح ذلك بين الاصابة البسيطة مثل استبدال صوت مكان باخر اثناء الكلام، الى الاصابة الشديدة مثل عدم القدرة على الكلام نهائيا.
ويعود ذلك الى العديد من الاسباب من ابرزها اسباب:
– عضوية أوعصبية : مثل الامراض التي تصيب اعضاء النطق او المناطق ذات العلاقة بالنطق و/ أو اللغة و / أو الفهم في الدماغ.
– تشريحية: وتشمل اى اصابة او تشوه لاعضاء النطق مثل انشقاق الشفة او سقف الحلق او استئصال الحنجرة.
– وظيفية: وتشمل اي اضطرابات لا يعرف لها سبب واضح. او يكون السبب المعتقد هو سوء الاستخدام (مثل الضرر الذي يلحق بالحبال الصوتية جراء الصراخ) او خطأ في التعلم مثل بعض الاخطاء النطقية.
نسب الاصابة :
ليس هناك دراسة توضح نسب الاصابة في الدول العربية بالتحديد (على حد علمي المتواضع). وقد اظهرت دراسة في الولايات المتحدة اجريت في العام 1994 ان نسب اضطرابات النطق واللغة بلغت الربع في المدارس العامة التي تقدم برامج او خدمات التعليم الخاص .
وكانت هذه النسب خاصة بالإصابات التي لم تكن مصحوبة بإصابات أخرى مثل مشاكل السمع او الشلل الدماغي او غيرها. والنسب المقدرة لعدد المصابين في الولايات المتحدة يصل الى واحد لكل عشرة أشخاص.
وتشمل هذه الاضطرابات:
– النطق : وهو القدرة على اصدار الاصوات الكلامية، وفعالية أعضاء النطق لأداء هذه الوظيفة، وتشمل اي خلل او اضطراب في القدرة على البلع او وجود سيلان لعاب.
– الصوت: ويشمل العلو والنغمة والطبقة الصوتية المناسبة وايضا القدرة على التآزر بين التنفس والكلام. وحالة الحبال الصوتية. ومن الامثلة على الاضطرابات الصوتية البحة او خشونة الصوت او عدم القدرة على اصدار الصوت تماما.
– الطلاقة: وهي عامل مهم لارسال الرسالة الكلامية بشكل فاعل للشخص المستمع. وينبغي ان تكون السرعة في الكلام مناسبة. ومشاكل الطلاقة تشمل السرعة البطيئة او المتقطعة مثل التأتأة stutteringاو السرعة الزائدة (cluttering).
– اللغة: وتشمل جميع المهارات التعبيرية من نحو وصرف ومفردات ورواية، والتعبير عن الحاجات والمشاعر وتبادل المعلومات، والاستيعابية مثل اتباع الاوامر اللفظية (مع سلامة القدرة السمعية)، وفهم اللغة المحكية (الشفهية) او المقروءة او المكتوبة ويشمل ذلك ايضا فهم لغة الجسد والاشارة وتعابير الوجه والمعاني المبطنة والنكات والمجاز وغيرها.
– الاستخدام: وهو استعمال هذه المهارات في الوقت والمكان المناسبين وبطريقة مناسبة لتوصيل الرسالة وتحقيق التواصل والذي هو الهدف الرئيسي والاسمى للكلام.
وقد يعانى الشخص من مظهر واحد او اكثر من مظهر معا.
التصنيف :
اذا لوحظ وجود مشاكل في اكتساب المهارات النطقية او اللغوية عند الاطفال او التأخر فيها قبل او خلال مرحلة اكتساب اللغة فانها تدعى اصابة تطورية. اما اذا لوحظ هذا الاختلاف او الاضطراب عند شخص ما بعد سن اكتساب اللغة فان ذلك يدعى اصابة مكتسبة.
أهمية التدخل المبكر
لا بد من الاسراع باستشارة الاخصائيين عند وجود اى مظهر يستدعي القلق بخصوص القدرات النطقية واللغوية منذ بداية ملاحظتها او حتى توقع حدوثها، فالتدخل المبكر يكون احيانا ذو اهمية قصوى للتحسن في هذه المهارات، ذلك انه في حالة الاطفال فان التدخل في مرحلة اكتساب اللغة وخلال تطور الدماغ البشري تجعل من اكتساب اللغة اكثر سهولة (ذلك لان الدماغ البشري مجهز بطريقة تجعل اكتساب هذه القدرات اثناء النمو اكثر سهولة، بل يعتقد بانه اذا كان هناك اصابة في الجزء الايسر من الدماغ والذى هو مسؤول عن اكتساب اللغة عند معظم البشر فانه يمكن ان يتم تحفيز الجزء الايمن للقيام بجزء من هذه المهارات اذا تم ذلك في سن مبكرة)، اما بالنسبة للاصابة عند الكبار فانه في بعض الاصابات تكون هناك فترات حرجة يمكن فيها استغلال التحسن الطبيعي للقدرة الجسدية في تحسين استعادة القدرات النطقية او اللغوية (مثل بعض حالات
الاصابة بالجلطات الدماغية).
أهمية اللغة والكلام
ربما تبدو هذه الاهمية من البديهيات. فكيف يمكن تخيل النجاح في الحياة او العمل او الدراسة بدون هذه القدرات. بل ان أي اصابة ولو كانت بسيطة يمكن ان يكون لها اثر كبير سواء من الناحية النفسية للمصاب او العائلة او توقعات المجتمع منه. حيث يتم الحكم احيانا كثيرة على اي شخص تبعا لمهاراته اللغوية سواء من رفاق المدرسة او العمل (مثل التأتأة والمشاكل النطقية) او في اختيار مسار الحياة من مواضيع الدراسة او شركاء الحياة. وكلما كانت المشكلة اشد كان اثرها اكبر. والمشكلة الاكثر تعقيدا هي اما جهل الاهل او المصاب بوجود حل لمشكلته يمكن ان يساعده في التغلب عليها او التقليل من حدتها، او عدم الاعتراف بالمشكلة في الوقت المناسب والذي من الممكن ان يساهم بشكل فاعل في تجنب الكثير من المشاكل النفسية والدراسية والاجتماعية.
الاكتشاف
ينبغي ملاحظة اي عرض مهما كان صغيرا او كان الوقت مبكرا، وذلك خلال أي مرحلة من عمر الطفل / الشخص، حيث قد يتم ملاحظة او توقع وجود مشاكل في النطق واللغة منذ الولادة (الاطفال المعرضون للخطر) والذين تظهر لديهم مشاكل مثل مشاكل التنفس او الرضاعة، او تشوهات خلقية في اعضاء النطق. ويتم عادة في البداية اللجوء الى طبيب (عادة يكون طبيبا عاما او اخصائي طب تطوري) عند ملاحظة ما يستحق الاهتمام ، وينبغي للطبيب ان يكون على علم واطلاع بالمظاهر التي قد تشير الى وجود مشاكل او توقع وجود مشاكل نطقية أو لغوية مستقبلية، وبالتالي الاتصال باخصائي النطق واللغة لتحديد طبيعة المشكلة وطرق التعامل معها، وبالتعاون بين الطبيب المختص واخصائي النطق واللغة ( مثل حالات الشلل الدماغي – انشقاق سقف الحلق – الالتهابات لاذن ومشاكل السمع ) وتكون نسب التحسن افضل وخصوصا اذا تمت في الوقت المناسب.
وينبغي ايضا التنبه الى اي تأخر في اكتساب اي مهارة مهما كان ذلك مبكرا، مثل المناغاة او الاتصال البصري او السمع او فهم الكلام في سن ما قبل المدرسة من الولادة وحتى 5 سنوات(.
كما ينبغي على المعلم – في مرحلة المدرسة او رياض الاطفال – ملاحظة أي تأخر او اختلاف في قدرات الطفل عن اقرانه وسرعة احالته الى اخصائي النطق واللغة.
ورغم عدم معرفة او عدم اقتناع البعض بفاعلية التدريب النطقي لجهلهم بها او للطريقة التقليدية بالنظر الى ان كل اصابة يجب ان يكون العلاج لها بالادوية او الجراحة فقط، فان هناك وعيا أفضل الآن بهذه الاضطرابات وتوجها للتعامل المبكر معها وهو المطلوب.
وينبغي التأكيد على أهمية التعاون بين الأهل والمصاب وجميع المختصين ذوي العلاقة (من أطباء واخصائيي سمع واخصائيين نفسيين واجتماعيين ومعلمين وأخصائي علاج طبيعي ووظيفي وتربية خاصة وغيره ) ، لتحقيق افضل النّتائج الممكنة.
– سناء جميل ابو نبعة
اخصائية نطق ولغة