أثر العوامل الاجتماعية والاقتصادية في نشوء الأمراض النفسية

تشير الدراسات النفسية على الأقوام البدائية في حضارتها وتركيبها الاجتماعي إلى تدني حصول الأمراض النفسية عندها، ومن هذه الدراسات تلك التي أقيمت في إفريقيا ( في كينيا خاصة) وفي ( تروياند )، وغيرها في الأقوام البدائية، وقد أشارت هذه الدراسات ان نمط الحياة البسيطة والقائم على إرضاء الحاجات الأساسية ضمن الإطار الاجتماعي هو الأكثر ملائمة للتوازن النفسي واقل حفزا للإصابة بالأمراض النفسية وان المجتمع الاكثر تعقيدا في نمط حياته الاجتماعية اكثر تسببا بالأمراض النفسية.

أما العامل الثقافي فقد بينت الدراسات ان نسبة حدوث الأمراض النفسية بين الفئات المثقفة خاصة الجامعيين إضعاف نسبتها عند من هم اقل منهم ثقافيا، وقد تبين انه كلما تعرض المجتمع الى مؤشرات ثقافية متعددة وغير موجهة أو تعارض معالم الثقافة الأساسية لذلك المجتمع كلما زادت نسبة الأمراض النفسية وهذا ما يحدث للمجتمعات العربية منذ عقود بسبب الغزو الثقافي الغربي والتعارض مع قيمنا وأعرافنا الاجتماعية والدينية.

كما ان مستوى الحياة المعيشية والاقتصادية ذو ارتباط وثيق بالمستوى الثقافي والاجتماعي للأفراد والعامل الاقتصادي ذو أهمية بالغة في تأثيره على شعور الفرد بالطمأنينة النفسية الآنية والمستقبلية له ولأفراد أسرته.

وتزداد فعالية العامل الاقتصادي بزيادة مسؤولية الفرد المعاشية، ومن المعروف أن نسبة الأمراض النفسية تزداد في المجتمع الذي تزيد فيه البطالة.


وتبعا لما قاله العلماء النفسيين في الاتحاد السوفياتي سابقا أن نسبة حدوث الأمراض النفسية في بلادهم اقل بكثير مما عليه في البلدان الرأسمالية التي لا تتوفر فيها الضمانات الاجتماعية والاقتصادية، وان نظام حياة السوفيات القائم على أساس الجماعة يقي الفرد من ضرورة التحسس الفردي والتصدع النفسي وهذا ما يفسر ندرة حصول الأمراض النفسية في المجتمعات الميدانية، فكيف سيكون الحال في ظل وجود المجتمع الاسلامي، نظام الجماعة والتكافل الاجتماعي والاقتصادي والعاطفي ووحدة المبادئ والعقيدة وزوال الفردية والانعزالية.

د. محمد عبدالكريم الشوبكي
استشاري الطب النفسي والأمراض العصبية

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

نصائح غذائية في عيد الفطر المبارك

خلال شهر رمضان، اتبع الصائمون نمطا غذائيا يختلف تمام عن نمطهم الغذائي خلال الأيام العادية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *