وظائف الغدة الصنوبرية
التخاطر عن بعد .. التلباثي
تقع هذه الغدة في مكان يصعب الوصول إليه وهذا مما دعا إلى عدم معرفة دور هذه الغدة الحقيقي، فهي تقع في أعلى الجذع الدماغي قريبا من السويقات المخية بين حديبات تسمی الحديبات التوأمية، ولقد لوحظ أن هذه الغدة تشبه العين الثالثة عند الحيوانات مثل الضفادع، فهي تلون الجلد حسب حاجة البدن فيما إذا تعرض للنور، ونزع هذه الغدة يفضي إلى عدم الاصطباغ المعهود للجلد في حال التعرض للنور، وأما في الإنسان فدورها مجهول وغامض حتى الآن وهذا يذكرنا بالفكرة المعروفة وهي: أن هناك قارات وقارات مجهولة ولكن أين؟ في الدماغ البشري، وقد أورد البعض أن لها دورا في الحاسة السادسة وقراءة الأفكار.
وظائف الغدة الصنوبرية
يرى كثير من العلماء أن وظيفة هذه الغدة تتعلق بنمو الحاسة الجنسية، وهي تماثل في الحشرات العيون والنوافذ اذ تتلقى الإشعاعات الاثيرية التي يستعصي إدراكها على الحواس المعروفة فتنقلها الى أجزاء المخ، وهذه تجعلها جلية واضحة وتحولها إلى لون من ألوان الوعي.
وهي بذلك تعتبر مقر الحساسة السادسة، وتكون في الحيوانات حاسة الاتجاه وغريزة التأويب فالنحلة تجمع الرحيق ثم تندفع نحو قفيرها في اتجاه مستقیم قاطعة طريقا قد يبلغ طولها الميلين أو أكثر مهتدية بهدي هذه الحاسة، ولذلك فهي عضو حسي يتلقى الذبذبات من الخارج ووظيفتها في الإنسان حسب رأي ” سينال ” ، الاستجابة إلى الذبذبات التي تنبعث من الأشياء ولا تستطيع الحواس الخمس المعروفة أن تدركها إما لبعدها أو لتدخل ما نسميه المواد المعتمة، وهي إذن مقر المواهب الخفية التي تسمى عند الإنسان بالاستشفاف، وكذلك التخاطر التلباثي أي انتقال الأفكار من ذهن شخص لآخر، والفقرة الأخيرة تذكرنا بحادثة عمر رضي الله عنه عندما كان واقفا على المنبر يخطب وفجأة توقف عن الكلام ثم قال يا سارية الجبل الجبل ! أي ألزم الجبل، وسارية هذا أحد القواد الذين يقاتلون في جبهة تبعد مئات الكيلومترات عن المدينة المنورة مركز القيادة العامة حيث كان يخطب أمير المؤمنين، ويسمع القائد في نفس اللحظة هذا الكلام ويلتجيء إلى الجبل الذي كان يمر بجانبه وينجو من كمين كان قد نصبه العدو.
التخاطر عن بعد .. التلباثي
الذي يستوقفنا في هذا المجال رؤية عمر رضي الله عنه هذا الشيء من مكان سحيق، وسماع سارية كلام عمر من بعد سحيق، إنها ظاهرة تستلفت النظر حقا ولنستمع الى الدكتور الكسیس کاریل صاحب کتاب الإنسان ذلك المجهول، وهو يحدثنا عن هذه النقطة بالذات: «إن البصر المغناطیسی وتراسل الأفكار: معلومات أولية للملاحظة العلمية وفي استطاعة من وهبوا هذه القوة ان يستشفوا أفكار الأشخاص الآخرين السرية دون أن يستخدموا أعضاءهم الحسية، كما أنهم يحسون أيضا بالأحداث السحيقة سواء من الناحية الفراغية ام من الناحية الزمنية، وهذه الصفة استثنائية وهي لا تنمو الا في عدد قليل من بني الإنسان الا ان هناك كثيرين يملكون هذه الصفة بحالة بدائية، وهم يستخدمونها دون بذل اي جهد وبطريقة تلقائية، ويبدو البصر المغناطیسی مسألة عادية لمن يملكونه، وهو يجلب لهم معلومات اکثر توكيدا من المعلومات التي يحصل الإنسان عليها بواسطة أعضاء الحس.
وتراسل الأفكار كثير الحدوث، ففي كثير من المناسبات في أوقات الموت أو الخطر العظيم يدفع الفرد إلى إنشاء علاقة معينة بشخص أخر، فالرجل الذي كتب عليه الموت ان يصبح ضحية احدي الحوادث وان لم تعقب الوفاة إصابته في الحادث يبدو لصديقه وكأنه في حالة طبيعية لا غبار عليها، لان شبح الموت يظل عادة صامتا، وقد يحدث أحيانا أن يعلن الشخص الذي سيموت أنه سيموت عما قريب، وكذلك فان البصر المغناطيسي قد يرى أيضا منظرا أو شخصا أو قطعة من الأرض على بعد سحيق تذكر حادثة عمر رضي الله عنه، ويكون في استطاعته أن يصفها بدقة تامة، وهكذا فان معرفة العالم الخارجي قد تصل إلى الإنسان عن طريق مصادر أخرى غير أعضاء الحس، ومن المحقق أن الفكر قد ينتقل من فرد لأخر ولو كانت تفصل بينهما مسافة كبيرة، وهذه الحقائق التي تنتمي إلى علم ما وراء النفس الجديد يجب أن تقبل على علاتها، إنها تكون جزءا من الحقيقة، وتعبر عن جانب نادر يكون غير معروف من أنفسنا، ومن الجائز أنها مسؤولة عن الدقة العقلية الحاذقة التي تلاحظ في أفراد معينين) من كتاب الإنسان ذلك المجهول.
إن ما مر يذكرنا بما جاء في القرآن الكريم على لسان يعقوب عليه السلام « وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ » سورة يوسف الآية 94 ، هذا بعد قطع الأمل من رؤيته وكان الأخوة في طريقهم لأخذ الوالد الصبور للقاء ولده الذي فقده منذ بضعة عشر عاما، وهم على بعد مسيرة سبع ليالٍ أو ثمان ليال.
أنه عالم مجهولة عند الإنسان وكنا حتى الآن نسبح في العالم المادي للإنسان فلننتقل لبحث قضايا تعد من أخطر القضايا التي يبحثها الأطباء والفلاسفة والمفكرون وهي كيفية التفكير والمحاكمة الذهنية، وكيف يحدث التذكر وأين يوجد؟
سؤال طرح وما زال يطرح وسيظل يطرح: ما الذاكرة وأين تقع؟
د. محمد خير
سبحان الله