مفهوم التقويم التربوي ودوره في التعليم

يشير مفهوم التقويم التربوي بمعناه الواسع إلى انه عملية منهجية منظمة تهدف إلى جمع وتحليل البيانات بغرض تحديد درجة تحقق الأهداف التربوية واتخاذ القرارات بشأنها من أجل معالجة جوانب القصور وتوفير النمو السليم للفرد أو الأسرة أو المدرسة من خلال إعادة تشكيل البيئة التربوية.

وإذا تفحصنا ما جاء في مفهوم التقويم التربوي نجده يلعب دوراً أساسياً وهاماً في العملية التعليمية التعلمية ، إذ يعد الأداة الضابطة والموجهة لعملية التدريس ، وقد يكون قبل البدء بعملية التدريس أو في أثناءها أو بعد الانتهاء منها بغية تزويد متخذي القرار(كالمعلم)بالتغذية الراجعة عن سير عملية التدريس ومستوى أداء الطلبة ومواطن قوتهم وضعفهم ومدى تحقيقهم للأهداف المرسومة ودرجة ملاءمتها لهم، ولا يقتصر دور التقويم على المساعدة في اتخاذ القرارات بالنجاح والرسوب بل يتعدى ذلك إلى تحسين عملية التدريس وتطويرها .

وتستمد عملية التقويم الناجحة أهميتها من خلال خصائصها التي تتلخص بالاستمرارية ما دامت العملية التربوية مستمرة، وبالشمولية بحيث تراعي جوانب النمو المختلفة – المعرفية والحركية والانفعالية- فهي تهتم بإحداث توازن في تنمية شخصية المتعلم، وبالتعاونية حيث يشترك في عملية التقويم المعلم والمتعلم والمدير والمشرف والمرشد…الخ.

ولقد وصف عدد من التربويين عملية التقويم بصمام أمان العملية التدريسية وأداة التحكم بها فمن خلالها يستطيع متخذ القرار توجيه العملية التربوية واتخاذ قرارات صحيحة بشان المتعلم والمؤسسة، لذلك أكدت برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة وفي أثناءها على ضرورة إكساب المعلمين جملة من الكفايات ليكونوا فاعلين في مواقعهم، ومن هذه الكفايات كفاية التقويم كونه ركن أساسي من أركان العملية التدريسية بصورة خاصة والتربوية بصورة عامة، ومن عناصر هذه الكفاية إكساب المعلمين الحد الأدنى من المعلومات والمهارات اللازمة في مجال التقويم واستراتيجياته بصورة خاصة لتساعده في اتخاذ قراراته بكفاءة واقتدار .

يشهد مجال التقويم التربوي بصورة عامة وتقويم التحصيل بصورة خاصة تطورات متسارعة وتحولات في منهجية التقويم ونقلة نوعية في أساليبه. ولقد أسهمت هذه التطورات في إحداث تغيرات تربوية شاملة في مختلف مكونات المنظومة التربوية وربما يُعزى هذا التطور إلى ما تفرضه تحديات العصر في مختلف مجالات الحياة ، وما تتطلبه الألفية الجديدة من إعداد أفراد يمتلكون كفاءات متنوعة ومهارات إبداعية وظيفية متعددة تمكنهم من الإسهام الإيجابي الفاعل في الإنجازات وتحسين الحياة .

كما يرجع ذلك إلى الشكوى المستمرة من التأثيرات السلبية للمفهوم السائد في الأوساط التربوية للتقويم في منظوره الضيق والذي يقتصر على الامتحانات التقليدية التي لا تعكس في الغالب واقع عملية التعلم ، وأنها محدودة الفائدة في مراقبة التقدم الدراسي للطلبة وفي متابعة نموهم مما يستدعي ذلك إعادة النظر في هذه الممارسات التقليدية التي تبين عدم كفايتها في تقويم تعلم الطلبة ، وفي تشخيص أدائهم والحكم على كفاءاتهم.


ولقد دفع ذلك خبراء التقويم التربوي إلى تبني مدخل ديناميكي جديد متعدد الأبعاد لتقويم الطلبة بديلاً عن المدخل التقليدي أحادى البعد الذي يركز على جوانب معرفية بسيطة تقاس بأنواع محدودة من الأسئلة الاصطناعية التي تتطلب في معظمها الورقة والقلم ويطلق على هذا المدخل التقويم التربوي البديل. إن هذا التقويم يساهم في رفع مستوى أداء الطلبة حيث يشاركون مشاركة فاعلة ويقومون بأنشطة تبرز تمكنهم من مهارات معرفية وأدائية وتطبيقية مهمة تتعلق بالمواد الدراسية وتكشف عن قدرتهم على ابتكار نتاجات واقعية أصيلة متنوعة Authentic Product تتميز بدرجة عالية من الجودة والإتقان.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

استكشاف أفضل طرق التعلم

تتعدد طرق التعلم من شخص الى آخر، كما تختلف باختلاف المواضيع الدراسية التي يراد تعلمها …

تعليق واحد

  1. يعتبر التقويم احد المكونات الهامة في المنظومة التربوية ,يؤثر ويتأثر ببقية المكونات الأخرى , وهو أيضا أحد المداخل الأساسية لتطوير التعليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *