مفهوم الإدارة المدرسية وتطورها وأنواع المدارس التربوية

في ظل الثورة المعرفية المتسارعة وتطور وسائط الاتصال والمواصلات ، وما يترتب عليها من ظواهر ومشكلات ، تبرز الإدارة المدرسية كعمل قيادي إداري وفني ، يحرص على استيعاب المستجدات ، ويربط الأصيل بالمعاصر ، لتغدو المدرسة في بيئتها بؤرة دينامية للنشاط والتغيير الايجابي نحو الأفضل .

فالإدارة المدرسية علم وفن والتزام بأخلاقيات المهنة ، فهي علم لان ممارستها تتطلب معارف ومعلومات علمية ومهنية دقيقة ، كما تتطلب مهارات إدارية ومسلكية تربوية متطورة ، كي يكون مدير المدرسة قادرا ً على إدارة المدرسة والعاملين فيها ، ومستثمرا ً الوقت والموارد والمصادر المتوافرة ، وقادرا ً على اتخاذ القرارات الرشيدة التي تؤثر في أداء المؤسسة والعاملين فيها بشكل يوجه جهود الجميع وامكاناتهم نحو تحقيق الأهداف المنشودة بنجاح وفعالية .

والإدارة المدرسة فن لأنها تتطلب من مدير المدرسة حسا ً مرهفا ً وحكمة بالغة وتفهما ووعيا ً لحاجات الآخرين ومشاعرهم ، كي يستطيع حفظ التوازن بين سير العمل باتجاه تحقيق الأهداف المنشودة ، ورفع كفايات العاملين ومستويات أدائهم ، والاهتمام بشؤونهم ، وبذالك يكون قائدا تربويا ً كفيا ً فعالا ً .

مفاهيم الإدارة :

الإدارة التربوية ، الإدارة التعليمية ، والإدارة المدرسية :
وجدت الإدارة في المجتمع منذ بدأ الإنسان يعيش في جماعات ، وقد تطور مفهومها عبر العصور ، تبعا لتطور حياة الناس ، وتطور نظرتهم للأمور ، ومن التعاريف الحديثة لها أنها :
تنظيم جهود الأفراد وتنسيقها واستثمارها بأقصى طاقة ممكنة ، للحصول على أفضل النتائج بأقل جهد ووقت ممكنين . ( الخطيب ، 2000 ) .

الإدارة التربوية :

هي تنظيم جهود العاملين وتنسيقها لتنمية الفرد تنمية شاملة في إطار اجتماعي متصل بالفرد وبذويه ، وببيئته . ( الدويك ، 1985 ) ، حيث تطور مفهومها متأثرا ً بما طرأ من تطور على المفهوم العام للإدارة أولا ً ، وبما طرأ على مفهوم التربية وإدارتها ثانيا ً .

الإدارة التعليمية :

في حين عرف ( هانسون وآخرون ) الإدارة التعليمية بأنها :
عملية توجيه وتنسيق جهود الأفراد بأقل جهد ووقت ممكنين نحو تحقيق الأهداف التعليمية المشتركة . ( كايد سلامة ، 2000 ) .

الإدارة المدرسية :

أما الإدارة المدرسية فليست غاية في حد ذاتها ، وإنما هي وسيلة لتحقيق أهداف العملية التربوية ، وقد عرفها ( جود ) بأنها :

عملية توظيف للامكانات المادية والبشرية المتوافرة في المدرسة بأقل جهد ووقت ممكنين ، وبأقل التكاليف من اجل تحقيق الأهداف المنشودة .
( اليونسكو ، 2000 ) .

تطور الفكر الإداري والمدارس الإدارية :

لقد تعددت المداخل لدراسة الإدارة ، ويمكن تصنيف هذه المداخل في ثلاث مدارس هي :

أولا ً : المدرسة الكلاسيكية( The Classical School ):
وتتألف من اتجاهين هما :

* الإدارة العلمية ( Scientific Management ) :
وقد بنيت على نظرية الرجل الاقتصادي ، التي مؤداها أن العامل رجل كسول ، وانه لا ينتج بقدر طاقته الإنتاجية ، وانه أناني يهتم بمصلحته الشخصية دونما أي اعتبار لعلاقاته مع زملائه ، وان النواحي المادية تلعب دورا ً كبيرا ً في حفزه لبذل المزيد من الجهد .

ومن رواد هذه المدرسة ( فردريك تايلور وهنري غانت وفرانك وليليان جلبرت ) وقد اهتم رواد هذه المدرسة بالكفاية الإنتاجية والسلطة وإصدار الأوامر ، وعاملوا العامل على انه آلة بيولوجية .

وتنصب ابرز الانتقادات التي وجهت إلى الإدارة العلمية على الفرضيات التي بنيت عليها نظرية الرجل الاقتصادي ، وعلى تجاهلها النواحي الإنسانية في نظرتها للعامل ، والى محاربتها للتنظيم غير الرسمي ، أما ايجابيات هذه المدرسة فيتمحور معظمها حول ما جاء به ( فايول ) من آراء ، حيث قسم أنشطة المؤسسة إلى ست مجموعات :

1. أنشطة فنية .

2. أنشطة تجارية .

3. أنشطة مالية .

4. أنشطة ضمان وحماية .

5. أنشطة محاسبة .

6. أنشطة إدارية ( تخطيط ، تنظيم ، إصدار الأوامر ، تنسيق ، ورقابة )
جعلت الكثير من الكتاب يعتبرونه الأب الحقيقي للإدارة الحديثة .

* البيروقراطية ( Bureaucracy ) :
وقد جاء بها العالم الألماني ( ماكس فيبر ) الذي طور مفهومها بهدف توفير الحد الأعلى من الكفاية الإنتاجية ، إذ لا بد من توافر سمات مرغوبة في المؤسسة البيروقراطية لكي تقوم بواجبها على أتم وجه ، منها : التدوين الكتابي ، السرية ، الأنظمة ، التعليمات ، خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المؤسسة ، وقد وجه لها بعض الانتقادات التي تركزت حول : عمل الموظفين بحرفية التعليمات والمغالاة في تطبيق قواعد البيروقراطية والروتين .

والتظيم البيروقراطي في إطاره السليم والمفاهيم الأساسية التي يبنى عليها وجد ليبقى ويستمر في خدمة المجتمعات البشرية . أما التصورات السلبية التي تحيط بمفهوم البيروقراطية فهي في حقيقة الأمر تتعلق بالبيروقراطيين أنفسهم .
( الطويل ، 1986 ) .

وقد أشار( فيبر ) إلى أن النمط البيروقراطي هو النمط الأفضل لإدارة نظم المستقبل المتنامية التعقيد . وبشكل عام فالبيروقراطية كما يراها ( فيبر ) ما زالت النموذج الأكثر ملائمة لتسهيل إحراز المنظمات التربوية لأهدافها وغاياتها
( الطويل ، 99 ) .
ثانيا ً : المدرسة السلوكية ( The Behavioral School ) :
اهتمت هذه المدرسة بدراسة سلوك الفرد والجماعة في أثناء العمل من اجل زيادة الإنتاج ، ومن روادها الأوائل : ( التون مايو ، وزميله روثلز بيرجر ) وقد استمدت آراءها ومبادئها من علم النفس وعلم النفس الاجتماعي ، وعلم الاجتماع ، وعلم الإنسان . ومن معالم هذه المدرسة البارزة حركة العلاقات الإنسانية التي انطلقت من تجارب الهوثورن في مصانع شركة وسترن الكتريك ، تحت إشراف : ( التون مايو وروثلز بيرجر ) وكان الغرض من هذه التجارب تحديد تأثير عدد من المتغيرات المادية كالإضاءة وظروف العمل وفترات الراحة على إنتاجية العاملين ، وتركز هذه الحركة على أن المؤسسة نظام اجتماعي ، إضافة إلى كونها نظاما ً فنيا ً .كما أنها ربطت بين رضا الفرد العامل وإنتاجيته ، وخرجت بنتائج منها :

أن الإداريين يحتاجون إلى مهارات اجتماعية بقدر حاجتهم إلى مهارات فنية ، واعتمدت هذه المدرسة الأساليب العلمية كأسلوب التجارب وأسلوب دراسة الحالة والاستقصاء ، ومن الكتاب الذين ساهموا فيها :
( ماري باركر ، وبرنارد ) اللذان ركزا على التعاون . إن أهم الانتقادات التي وجهت لهذه المدرسة فتتمحور حول إهمالها للجوانب الأخرى للمؤسسة بسبب انشغالها بالعامل الإنساني ، كما يرى البعض أنها بالغت في تعظيم دور العلاقات الإنسانية كرد فعل على مبادئ المدرسة الكلاسيكية التي أهملت العنصر الإنساني
القيادة في ظل النظرية السلوكية عملية يتم التأثير من خلالها على الاخرين لإنجاز أهداف معينة في موقف محدد . ( الطويل ، 97 ) .

ثالثا ً : المدارس الحديثة :
وتشمل مجموعة متنوعة من المداخل لدراسة الإدارة وهي :
1. مدرسة علم الإدارة ( Management Science School ) :
نشأت هذه المدرسة نتيجة للأبحاث التي أجريت في الحرب العالمية
الثانية ، وهي تختلف عن الإدارة العلمية التي جاء بها :
( فردريك تايلور ) في أنها لا تركز فقط على الإنتاج وكفاية الأفراد
والآلات فهي بدلا ً من ذلك تعتبر الكفاية إنجازا ً يتبع التخطيط السليم .
وبذلك يمكن القول بان مدرسة علم الإدارة أتت لتوفق بين اهتمام الإدارة العلمية بالإنتاج والكفاية وبين عملية التخطيط .

2. مدرسة النظم ( The System School ) :
تعتمد الفكرة الأساسية لهذه المدرسة على مفهوم النظام وبموجب هذه الفكرة فان المؤسسة عبارة عن نظام اجتماعي مفتوح ومصمم لتحقيق أهداف معينة ، ويعيش هذا النظام في بيئة أو مجتمع يحصل منه على موارده أو مدخلاته الأساسية ، ثم يقوم بمعالجة هذه المدخلات وتقديمها للمجتمع على شكل مخرجات .

ومن أهم خصائص هذه المدرسة أنها تهتم بدراسة الصورة الكلية للمؤسسة
بدلا ً من التركيز على دراسة بعض أجزائها ، كما أنها توضح العلاقات المتعددة والمتشابكة بين أجزاء المؤسسة ، وتعني بعلاقات المؤسسة مع البيئة المحيطة بها .

3. المدرسة الظرفية في الإدارة ( The Contingency School ) :
تمثل المدرسة الظرفية في الإدارة اتجاها ً حديثا ً في الفكر الإداري ، الذي يقوم على أساس انه ليس هناك مدرسة أو نظرية يمكن تطبيقها باستمرار في مختلف الظروف ، وعلى كل أنواع المؤسسات وإنما يجب استخدام هذه المدارس والنظريات بشكل انتقائي بحيث تتناسب مع الظروف والأوضاع التي تعيشها المؤسسة .

وقد تزايد الاهتمام بالاتجاه الظرفي في الإدارة منذ بداية السبعينات بعد أن تعددت الدراسات والأبحاث في هذا المجال ، وقد أكدت هذه الدراسات أهمية اثر المتغيرات البيئية والتكنولوجية والقيم الاجتماعية على طبيعة التنظيم الإداري وأسلوب العمل المتبع في المؤسسة ، ودعت إلى وجوب تطبيق المبادئ والمفاهيم الإدارية بشكل يتناسب مع الظروف التي تمر بها المؤسسة .

4. المدرسة اليابانية ( Japanese Management ) :
بدأ الاهتمام بالإدارة اليابانية منذ بداية الثمانينات نتيجة النجاحات الهائلة التي حققتها مؤسسات الأعمال اليابانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن من حيث جودة المنتجات وحجمها وإنتاجية الأفراد ، ومن أهم أساليب هذه الإدارة :


· أسلوب اختيار العنصر البشري وتدريبه والمحافظة عليه مدى الحياة وكيفية تقويمه وترقيته وظيفيا ً .

· أسلوب العمل بروح الفريق . أسلوب المشاركة في اتخاذ القرارات .

· توفير المعلومات والمشاركة في استخدامها من جميع الأفراد .

· الشعور الجماعي بالمسؤولية عن العمل الذي يقوم به الفرد .

ومن عناصر الإنتاجية في المدرسة اليابانية : الثقة وهي الدافع للقيام باي سلوك حيث يرى ( اوتشي ) أن الإنتاج والثقة متلازمات ، يجب ان تنمو بين العاملين في كافة المستويات في الإدارة ( الطويل ، 85 ).

المراجع

الخطيب ، احمد وآخرون ، ( 2000 ) ، الإدارة والإشراف التربوي اتجاهات حديثة ) ، اربد ، دار الأمل للنشر والتوزيع .

سلامة ، كايد ، ( 1989 ) ، القيادة التربوية ، مادة أساسية لمدير المدرسة الفعال ، مسقط ، سلطنة عمان ، ورقة عمل مقدمة لوزارة التربية والتعليم والشباب .

اليونسكو ، دائرة التربية والتعليم ، ( 2000 ) ، HT . 1 / 2001 .

الطويل ، هاني عبد الرحمن ، ( 1986 ) ، الإدارة التربوية والسلوك المنظمي ، سلوك الأفراد والجماعات في النظم ، مطبعة كتابكم ، عمان .

الطويل ، هاني عبد الرحمن ، ( 1999 ) ، الإدارة التعليمية مفاهيم وآفاق ، دار وائل للنشر ، عمان .

الطويل ، هاني عبد الرحمن ، ( 97 ) ، الإدارة التعليمية مفاهيم وآفاق ، دار وائل للنشر ، عمان .

الطويل ، هاني عبد الرحمن ، ( 85 ) ، الإدارة التربوية والسلوك المنظم ، دار وائل للنشر ، عمان .

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

دور تكنولوجيا المعلومات في تعزيز التعليم ورفع كفاءة المعلم

شهد العقد الأخير تطورًا ملحوظًا في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما أدى إلى تغيرات جوهرية …

تعليق واحد

  1. لمدير المدرسة دور فعال في نجاح العملية التعليمية في مدرسته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *