ما أسباب الفصام العقلي ؟

من التساؤلات القديمة والضرورية التي طرحت عن أسباب الفصام العقلي ومن الوقت الذي تعرف إليه الأقدمون كحالة ذهانية بالمطلق دون الدخول في التصنيفات المتخصصة ظهرت الحاجة الملحة للوصول الى ما وراء هذا الاضطراب.

بالواقع لا يمكن الاستناد إلى نظرية مفردة في تفسير أسباب الفصام بل هو حصيلة عوامل متداخلة.

ووفقا للنظرية البيولوجية – الكيميائية والتي تعرض لها علماء العرب الأقدمون كابن سينا بالمشاهدة والتحليل لا بالجزم فان خللا کیمیائيا يحدث في الدماغ وتحديدا بالنواقل العصبية الكيميائية، وان كانت زيادة الناقل العصبی دوبامين هي الأساس، فان النظرية تمتد لتشمل تدخل النواقل العصبية الأخرى، كذلك فان أساليب التصوير الدماغي الحديثة (, MRI – CT SCAN) أشارت إلى وجود تغيرات تشريحية في الدماغ خاصة عند أولئك المصابين بأعراض فصامية سلبية أو مزمنة مما يعطي تثبیتا اخر لبيولوجية المرض.

ولكن ماذا عن العوامل الوراثية ومدى مساهمتها في النقل ضمن أفراد العائلة؟ هذا التساؤل وان حمل تحسبا وقلقا إلا انه من الواجب القول أن التناقل الوراثي لا يحصل بناء على النموذج المندلي البسيط لحدوث الأمراض أو الصفات الوراثية وهنالك تفضيل للنظرية المتعددة الجينات كطريقة للتوارث مما يفقد إمكانية الدقة بالتوقع والاستنباط بحدوث المرض ولكن الإحصائيات جاءت لتؤكد على زيادة نسبة حصول المرض كلما زادت درجة القرابة وعليه فان التوأمين المتشابهين يرتبطان بأعلى نسبة (50%) ويلي ذلك الطفل المولود لوالدين فصاميين (40%) وهكذا دواليك.

والعوامل العائلية والاجتماعية قد تساهم بشكل أو بآخر بزيادة معدل الانتكاسات لدى مرض الفصام وتعمل على زعزعة الحالات المستقرة ومن الطبيعي كذلك أن تأخذ الأثر الايجابي المعاكس، ومن الضروري أن تتصرف العائلة بطريقة مناسبة تضمن استقرار مريضهم ومن المعروف أن العائلات التي تعبر عن عواطفها بأسلوب مبالغ فيه وهو على الأغلب يشمل التعليق والانتقاد الشديد لتصرف المريض والتدخل الزائد في شؤونه تعتبر من النماذج العائلية التي لا يحظى ضمنها مريض الفصام بالراحة والاستتباب وهو الأكثر حاجة للمساندة والدعم المعنوي والنفسي والمادي كذلك.


من الأخطاء الشائعة القول بان الإصابة بالفصام تحدث نتيجة الصدمة ما «فقدان، خوف أزمة عائلية أو اجتماعية، الخ» ولكن الواقع غير ذلك حيث أن كل هذه الصدمات هي شدة تؤدي إلى ظهور المرض بتعبيراته المختلفة عند الأشخاص المهيئين للإصابة وهذا التهيؤ هو نتاج جميع العوامل السابقة الذكر مما يدفع للتأكيد على أهمية إيجاد جو مناسب للمريض ليس من الأسرة فقط بل من مجتمع العمل ودائرة الاتصال الاجتماعي لهذا المريض.

د. محمد الحباشنة

مصدر الصورةpixabay

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

أفضل النصائح الغذائية لعلاج مرض النقرس

مرض النقرس Gout ، أو ما يُعرف بمرض “داء الملوك”، هو حالة صحية تصيب المفاصل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *