تنتابنا جميعا مشاعر الحنين الى الماضي، وعندما نسرح بخيالنا نشعر بالحنين الى ما مضى وخصوصا عنما تكون اعمارنا في الخمسين والستين، وهذا يثير سؤال هام وهو هل الماضي بالفعل أفضل من الحاضر؟
الإجابة على هذا السؤال ليس بالأمر السهل، فلكل تجربته لكن ما هو مشترك بين معظم الناس هو ان الحاضر أصبح أكثر رفاهية وزادت الرعاية الصحية والاجتماعية وأصبحت حياة البشر بشكل عام أكثر ديناميكية وانفتاحا على العالم الخارجي.
يقول علماء النفس في هذا المجال ان الحنين للماضي هو خدعة يقوم بها الدماغ حيث تتم إزالة التفاصيل السلبية لأحداث الماضي من ذاكرتنا ويتم تركيز الدماغ على التفاصيل الإيجابية وهذا يعزز صحتنا النفسية.
ويمكن القول إن التصور بأن الماضي كان أفضل من الحاضر هو تجربة إنسانية مشتركة، ويمكن أن تعزى إلى مجموعة متنوعة من الأسباب:
1- الحنين إلى الماضي Nostalgia: الحنين هو الشعور بالشوق إلى الماضي. يميل الناس إلى إضفاء الطابع الرومانسي على ذكرياتهم ومشاهدة الماضي من خلال فلتر من المشاعر الإيجابية. هذا يمكن أن يخلق الوهم بأن الماضي كان أفضل مما كان عليه في الواقع.
2- الذاكرة الانتقائية Selective Memory : نميل إلى تذكر الأشياء الجيدة عن الماضي ونسيان الأشياء السيئة. على سبيل المثال ، قد يتذكر الناس الأوقات الممتعة التي مروا بها مع الأصدقاء أو الإثارة لعلاقة جديدة ولكنهم ينسون المصاعب أو الصعوبات التي واجهوها.
3- الإفراط في المعلومات Information Overload : مع ظهور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي ، يتم قصفنا بالأخبار والمعلومات باستمرار. يمكن أن يخلق هذا شعورًا بالارتباك والشعور بأن العالم أسوأ مما كان عليه من قبل.
4- إضفاء الطابع المثالي على الماضي Idealization of the Past : يميل الناس إلى جعل الماضي مثاليًا والنظر إليه على أنه وقت أبسط وأكثر براءة. يمكن أن يؤدي هذا إلى تصور أن الحاضر أكثر تعقيدًا وصعوبة.
5- التحيز الادراكي Confirmation Bias : يميل الناس إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد معتقداتهم وقيمهم. إذا اعتقد شخص ما أن الماضي كان أفضل من الحاضر، فقد يبحث بنشاط عن المعلومات التي تدعم هذا الاعتقاد ويتجاهل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك.
6- عندما نفكر بالماضي فاننا نتذكر أشخاص يمكن ان نكون قد فقدنا بعضهم وكذلك نفكر في احداث بشكل مجرد حيث يتم التركيز على العموميات وتجاهل التفاصيل الجوهرية التي قد تكون قاتمة ومؤلمة.
من المهم أن ندرك أنه بينما كان للماضي بعض الجوانب الإيجابية، إلا أنه كان له أيضًا نصيبه العادل من المشاكل والتحديات. من المهم التركيز على الحاضر والعمل من أجل خلق مستقبل أفضل.