كيف تشكل القمر؟

نظرا لقرب القمر من الأرض فقد كان محط اهتمام الإنسان منذ القدم، وقد استطاع الإنسان زيارته والهبوط عليه وإجراء عدد كبير من التجارب العلمية عليه، كما تتواصل حاليا الأبحاث العلمية لسبر أغواره واكتشاف المياه على سطحه إذ يعتقد العلماء بوجودها وهم يسعون في ذلك إلى معرفة إمكانية بناء محطات فضائية دائمة على سطحه.

وتقترح إحدى النظريات العلمية أن القمر قد تشكل بعد ان اصطدم بالأرض جرم سماوي ضخم قبل حوالي 4.5 مليار عام، وان القمر قد انسلخ عن الأرض ، وكان في حينها ساخنا جدا ومتوهجا، ثم برد وتصدع سطحه.

وعلى امتداد ملايين السنوات، ارتطمت بسطح القمر الصخور الكبيرة والصغيرة والتي كونت على سطحه الحفر العميقة والأحواض ، كما تدفقت على سطحه الحمم وخصوصا في الجهة المقابلة للأرض والتي شكلت البحار المظلمة.

النظرية العلمية الرائدة حول تكوين القمر هي فرضية التأثير العملاق. ووفقا لهذه الفرضية، فإن القمر تشكل نتيجة اصطدام هائل بين جسم بحجم المريخ يسمى “ثيا” والأرض المبكرة، قبل حوالي 4.5 مليار سنة. فيما يلي شرح للعملية خطوة بخطوة:

النظام الشمسي المبكر: في المراحل الأولى من تكوين النظام الشمسي، كان هناك العديد من الكواكب المصغرة (الأجرام السماوية الصغيرة) والكواكب الأولية (الأجرام الأكبر) تدور حول الشمس الفتية. وكانت الأرض أيضًا في طور التشكل.

الاصطدام: يُعتقد أن كوكبًا أوليًا بحجم المريخ يُدعى ثيا، بحجم المريخ تقريبًا، قد اصطدم بالأرض الفتية. كان هذا التأثير حدثًا عنيفًا بشكل لا يصدق، حيث أطلق كمية هائلة من الطاقة.

قذف الحطام: كان الاصطدام بين الأرض وثيا قوياً للغاية لدرجة أنه تسبب في قذف جزء كبير من عباءة الأرض ومواد ثيا إلى الفضاء على شكل سحابة ضخمة من الحطام.

التراكم وتكوين القمر: بدأت سحابة الحطام الناتجة عن الاصطدام في الدوران حول الأرض بسبب جاذبيتها. وبمرور الوقت، تجمعت سحابة الحطام هذه تدريجيًا وشكلت قرصًا كبيرًا منصهرًا من المواد حول الأرض. في النهاية تم تبريد هذا القرص وتصلبه ليشكل القمر.

التمايز: عندما برد القمر، تغوص المواد الأثقل إلى مركزه بينما ترتفع المواد الأخف إلى السطح. أدت هذه العملية، المعروفة باسم التمايز، إلى البنية الداخلية للقمر التي نراها اليوم.

التطور المداري: كان القمر في البداية أقرب بكثير إلى الأرض مما هو عليه اليوم. على مدى ملايين السنين، تسببت تفاعلات المد والجزر بين الأرض والقمر في تحرك مدار القمر تدريجيًا بعيدًا عن الأرض. ولا تزال هذه العملية مستمرة، حيث يستمر القمر في التحرك حوالي 3.8 سم (1.5 بوصة) بعيدًا عن الأرض كل عام.


يتم دعم فرضية التأثير العملاق من خلال العديد من الأدلة، بما في ذلك أوجه التشابه في التركيبات النظائرية لبعض الصخور القمرية والأرضية، وكثافة القمر المنخفضة مقارنة بالأرض، والمحاكاة الحاسوبية لعملية الاصطدام.

في حين أن فرضية التأثير العملاق مقبولة على نطاق واسع، إلا أن الأبحاث والملاحظات المستمرة تستمر في تحسين فهمنا لتكوين القمر وتاريخه المبكر.

الفلم التالي يسلط الضوء على جار الأرض، القمر والذي تغزل الإنسان بجماله منذ فجر التاريخ

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

انفجارات النجوم العملاقة لوثت الأرض بالنظائر المشعة

كشفت أبحاث فلكية حديثة أن الأرض تعرضت لرشقات من النظائر المشعة نتيجة انفجارات نجوم عملاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *