عندما يكون الصداع تحذيرا لمرض خطير

بداية، تجدر الاشارة الى ان معظم اسباب الصداع تكون في الغالب غير خطيرة كالصداع التوتري نتيجة القلق النفسي والخوف والهم وشرب الكحول والتدخين والاجهاد الجسمي والوظيفي والفكري وسوء الهضم والامساك والارق وكعرض مرافق للامراض الدارجة كالرشوحات والانفلونزا والحميات كالتيفوئيد.

وكما هو الحال في انواع اخرى من الالم يمكن ان يشكل الصداع تحذيرا لامراض اشد خطورة وبخاصة اذا كان سببه ازدياد في حجم المادة داخل الجمجمة.

يحدث الصداع عندما تتعرض اجزاء الرأس الحساسة الى الشد او الازاحة والالتواء كالذى يحدث عندما تتقلص عضلات العين لتعوض الاجهاد الناتج عن ضعف النظر او ازدياد ضغط السائل داخل كرة العين كما في الفلوكوما.

كما يحدث الصداع عندما تلتهب اغشية المخ او الجيوب الانفية او النخاع الشوكي او الرقبة او الاذنين او الاسنان حيث يشمل الصداع الرأس والوجه معا. وقد ركزت الجمعية الوطنية الاميركية للامراض العصبية
والسكتة الدماغية في أحد تقريرها على اهم الاسباب الخطيرة للصداع ومواصفات كل منها، وهي الآتية:

1- ان الاورام الدماغية: يتم تشخيص حوالي احد عشر الفا من الاورام الدماغية كل عام، ويبدأ الصداع عندما يبدأ الورم بالضغط على الطبقة الخارجية للنسيج العصبي الذي يغطي الدماغ او بالضغط على الاوعية الدموية الحساسة ويبدأ الصداع على شكل نوبات متكررة يزداد تدريجيا حتى يصبح متواصلا وقد يصاحبه قيء واختلال في الرؤية ويكون بشكل ضغط شديد داخل الرأس ولا يزول بالمسكنات العادية الا باستئصال الورم إما جراحيا او بالعلاج بالاشعة او بالعلاج الكيماوي حسب نوع الورم وحجمه ومدى انتشاره وما اذا كان حميدا او خبيثا.

2- السكتة الدماغية: النزيف او الجلطة الدماغية يحدثان نتيجة لعدة امراض اهمها ارتفاع ضغط الدم غير المعالج وتصلب شرايين الدماغ او توسع خلقي او ثانوي في الاوعية الدموية وبعض امراض القلب
الاحتقاني ويحدث الصداع اما نتيجة موت خلايا المخ بسبب نقص الاكسجين والغذاء او نتيجة تجمع دموي وضغطه على انسجة الدماغ الحساسة.

وتشمل الاجراءات الوقائية لهذه المجموعة التشخيص المبكر لوجود تضيقات او توسعات في الاوعية الدموية ومعالجة ارتفاع الدم والوقاية من حدوث تصلب الشرايين باتباع نظام غذاء متوازن قليل الدسم والملح ولامتناع عن التدخين وشرب الكحول وممارسة الالعاب الرياضية كسلوك دائم كالمشي والسباحة ومعالجة داء السكري اذا وجد، واتباع حياة هادئة خالية من النكد والايذاء، وعادة يبدأ الصداع على شكل نوبات خفيفة او متوسطة عند حدوث تضيقات في الاوعية الدموية في الدماغ قبل حدوث انسداد تام وحدوث السكتة وهنا تكمن اهمية التشخيص المبكر عند بدء الاعراض، وقد تتشابه الاعراض مع الصداع النصفي لذلك يتوجب عدم تشخيص الاخير الا بعد التأكد من خلو المريض من تضيق او توسع في الاوعية الدموية.

3- اصابات الرأس: يحدث الصداع نتيجة ضربة قوية للرأس كما في حوادث الطرق والعنف والشجار والسقوط من مكان مرتفع او عند حدوث انهيارات نتيجة الهزات الارضية.

ويكون السبب حدوث انفجار لاحد الاوعية الدموية وتكوين تجمع دموي او ندبة في مكان الاصابة حيث يصبح الصداع مزمنا. وغالبا ما تحدث اعراض اخرى كضعف في الاطراف او تشوش فكري او فقدان ذاكرة او تشنجات.

ويستوجب العلاج استخراج التجمعات الدموية جراحيا او ازالة الندبات المتكونة حيثما وجدت.

4- التهاب الشرايين والاغشية المخية: يحدث التهاب الشرايين عادة في الكبار وتشمل الاعراض الصداع النابض مع ارتفاع درجة حرة وفقدان الشهية وزغللة أو ضعف في الرؤية ويشمل العلاج اعطاء المضادات الحيوية والكورتيزون كما يحدث الصداع الشديد التهاب الاغشية المغطية للدماغ وقد يصاحبه قيء وتشنج في عضلات الرقبة وارتفاع درجة الحرارة وهبوط مستوى الوعي وتعتبر حالة طارئة تستدعي علاجا مكثفا بالمضادات الحيوية حسب نوع البكتيريا او الفيروس المسبب لها وانواع المضادات الحيوية المؤثرة عليها.

5- آلام العصب الثلاثي الفروع الذي يغذي الوجه والاسنان والفم والتجويف الانفي وعضلات المضغ الفمية، وتحدث الاعراض على شكل صداع وآلام شديدة في الوجه كنوبات حادة شديدة ولكنها لمدد قصيرة كرد فعل لأي لمس او حركة مفاجئة لاحد الاجزاء الحساسة لهذا العصب في الوجه او الفم، والمريض يخشى ويتجنب استعمال فرشاة الاسنان او مضغ الطعام على الجانب المصاب لتلافي حدوث نوبات الالم.

ويستجيب معظم المرضى لاستعمال الادوية وقليل منهم يحتاج لاجراء جراحة للعصب المصاب.

6- التهاب الجيوب الانفية الحاد: سواء كان نتيجة فيروس او بكتيريا ويسبب صداعا في الجزء الامامي من الرأس وفي مناطق الجيوب الانفية المصابة ويزداد الالم حدة عند تكون سائل مخاطي او صديدي داخل حجرات الجيوب الانفية مما يستدعي علاجا بالمسكنات والمضادات الحيوية ومضادات الاحتقان، ونادرا ما تسبب الالتهابات المزمنة للجيوب الانفية صداعا بعكس الاعتقاد السائد.


وليطمئن القارئ للاسباب الحديثة للصداع في عصرنا الحاضرعصر التكنولوجيا والقلق والازدحام، فهناك صداع الاستعمال المبالغ فيه للكمبيوتر والهاتف النقال ةالذكي والجهاز اللوحين وكذلك التعرض الى الاختناقات المرورية ومطالب الزوجات المتزايدة والاخبار المؤسفة التي نشاهدها على الفضائيات ونقرأها في الصحف اليومية وافلام العنف التى نشاهدها على قناة الأفلام، والصداع في كل هذه الحالات يزول بزوال المسببات.

د.نشأت عماري

About فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

Check Also

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *