يتزايد اهتمام المعلمين وأولياء المور بعملية ضبط الطلاب داخل الصفوف الدراسية وخارجها إلى حد كبير، ومما يثير قلق المعلمين نحو هذا الموضوع معرفتهم انه يترك آثارا خطيرة في مظهرين أساسيين من اكثر المظاهر اهمية في حياة المعلم المهنية ، وهذان المظهران هما:
1- مساعدة الطلاب في تطوير مهارات الشخصية والمعرفية.
2- استمتاع المعلمين بمهنة التعليم.
وعند الحديث عن الانضباط يقفز الى الذهن تعريفه : بانه عملية التحكم في سلوك الطلاب واستخدام الاجراءات التي تهدف إلى الالتزام بالقوانين المدرسية وعدم الخروج عنها، وهذا النوع من الانضباط يكون غالبا عقابا في طبيعته، لان القوانين وجدت دون مناقشة من قبل الطلاب وعليهم أن يطيعوها ويسيروا على نهجها فقط، وسواء أكانت نتائج القوانين عقابية أم مجرد تهدید بها فستكون كافية للحصول على الالتزام
بالقوانين .
ان الذين يؤمنون بهذا المعنى للانضباط يضيقون الى حد كبير مدى السلوك المقبول من الطلاب داخل غرفة الصف ويعتقدون أن الانضباط يحصل فقط عندما يجلس الطلاب بهدوء تام ويقف المعلم ليملي عليهم ما يجب عليهم أن يفعلوه وما لا يجب ان يقوموا به.
وهذا يعني أن واجب الطلاب هو الطاعة العمياء ويكون الانضباط فوقيا لا يسمح للطالب بالخروج من غرفة الصف دون اذن من المعلم المناوب يحدد فيها الجهة التي يريدها والزمن الذي عليه الا يتجاوزه.
وهناك رأي آخر للانضباط مفاده أنه ليس مجرد الالتزام بالقوانين المدرسية والتقيد بها، وانما هو عملية تقوم بها المدرسة لمساعدة الطلاب على تبني القيم والمعايير التي تساعدهم في بناء مجتمع حر منظم كما انه عملية تربوية تشمل كل الممارسات والعوامل البيئية التي تسهم في تطوير سلوك هادف منضبط ذاتيا عند الطلاب ويتضمن ايضا وجود اتفاق بين الطلاب وقوانين المدرسة وتعليماتها حتى يتحول الضبط والنظام إلى مسألة انضباط ذاتي بدل ان يتم فرضه من الاعلى الى الاسفل.
ومن هذا المنطلق لا بد من القول أن الانضباط الصفي المسؤول يعتمد على تطور فهم افضل لحاجات الطلاب وأهدافهم وإيجاد فلسفة اوضح للتعليم تستجيب لهذه الحاجات والأهداف وإذا اراد المعلمون ان يتعاملوا بشكل منتج مع سلوك الطلاب فعليهم اولا وقبل كل شيء معرفة الأسباب الحقيقية وراء كل سلوك، وان يطوروا حلولا تتناسب مع اساليبهم الشخصية واهدافهم المهنية، ومن جهة اخرى فقد أجريت دراسات كثيرة اشارت الى ان المشكلات الصفية يمكن أن تتلاشى وتختفي من غرفة الصف بالتعليم الفعال والأسلوب المميز.
واخيرا فان العلاقة قوية بين عملية الانضباط الصفي والمرحلة النمائية والتطورية التي يمر بها الطلاب، ومن المعروف ان لكل مرحلة نمائية مجموعة من الخصائص والمميزات التي تميزها عن غيرها من المراحل، وان معرفة المعلم والوالدين لهذه الخصائص تساعد بالتعاون سويا على ضبط سلوك الطلاب داخل الفصل، فمرحلة المراهقة مثلا تتصف بالتمرد على القوانين والعناد ورفض كل سلطة ممثلة بقوانين الاسرة والمدرسة واراء الكبار ومعتقداتهم.
إن معرفة المعلم الكاملة بخصائص كل مرحلة نمو من شأنها أن تساعده في اختيار أنسب الطرق والأساليب الناجعة والمتبعة في تدريس طلاب تلك المرحلة ، كما أن معرفة المعلم بالمشكلات التي تسود مرحلة من المراحل تسهل عليه فهم هذه المشكلات والسعي الى حلها بأسلم الطرق وانجحها ومحاولة وقاية الطلاب من اخطارها ومضاعفاتها قبل ان يستفحل أمرها.
د. اوجيني مدانات
مصدر الصورة
pixabay.com