تعتبر الدونات من أشهر المعجنات المحلاة في العالم، وقد تعددت الأراء حول التجويف في منتصف قطع الدونات وفيما يلي بعض الروايات التاريخية التي تتناول قصة الدونات. وينسب البعض أصل كلمة دونات إلى الإنجليزية حيث تقسم إلى شطرين ( دو) و ( نات) . أما الشطر الأول من الكلمة فمعناه العجين المحلى فيما يشير الشطر الثاني إلى المكسرات كالجوز والبندق
تقول الأسطورة أنه في عام 1847 قام مايسون كروكيت غريغوري وهو بحار من نيو إنجلاند , التي تشكل حاليا المنطقة الواقعة شمال شرقي الولايات المتحدة الأمريكية, بإحداث أول خرق في قلب قطعة الدونات. تروى عن تلك الحادثة قصة طريفة مفادها أن غريغوري الذي كان كثيرا ما يتناول الدونات أثناء وقوفه خلف دفة القيادة في السفينة , اعتاد أن يغرس كرة العجين المحلى (قطعة الدونات) في إحدى شوكات دفة القيادة بعد كل لقمة يتناولها , ما تسبب بإحداث تلك الفجوة التي لا تزال إلى اليوم سمة أساسية من سمات أنواع كثيرة من الدونات.
و في ذلك الوقت كانت الدونات تعرف بأسم ( اوليكوكس) و هي كلمة هولندية الأصل , حرفت فيما بعد إلى الإنجليزية لتصير ( أويلي كايس) و معناها ( الكعك المقلي بالزيت) . ويعتقد أن الدونات وصلت إلى الولايات المتحدة من هولندا.
ثمة رواية أخرى طريفة تروى عن أصل التجويف في قلب الدونات , ومفاد تلك الرواية أن والدة غريغوري كانت تعد كرات العجين المحلى بعد أن تحشوها بالبندق والجوز, غير أن ابنها المشاكس كان غالبا ما يقوم بإحداث ثقب في كرة العجين لاستخراج الجوز والبندق قبل أن تضع والدته الكرات في المقلاة, وذلك لأنه لم يكن يحب طعم تلك المكسرات.
تبدو تلك الروايات والقصص بنظر البعض بعيدة عن النطق ومنافية للعقل والحقيقة، وإذا ما أردنا توخي الدقة ومراعاة الناحية العقلانية لاعتمدنا الرواية القائلة بأن التجويف الموجود في الدونات سببه حرص الخبازين على وصول الزيت والحرارة بالتساوي إلى جميع أقسام كرة العجين، إذ كثير ما كانت أطرافها تنضج قبل نضوج لبها، ما أضطر الطهاة إلى ابتداع تلك الطريقة.
وعلى صعيد آخر، لا نجد خلافا حول التاريخ الذي ظهرت فيه الدونات لأول مرة، حيث يتفق المؤرخون على عام 1800م. وفي ذلك الوقت كان الهولنديون يجمعون ما تبقى من قطع العجين، بعد إعدادهم الخبز، ويقومون بوضعها في الزيت المغلي ليتناولوها بعد ذلك كإحدى أنواع الحلويات. ومع مرور الزمن اقترنت تلك الحلويات بفترات محددة من السنة، كعيد الميلاد ورأس السنة، واستمرت على ذلك النحو حتى عام 1920، عندما قامت مجموعة من الفتيات المنتميات لجمعية خيرية أمريكية بالدونات كوجبة فطور للجنود الأمريكيين المشاركين في الحرب العالمية الأولى، وقد استعملت الفتيات خوذ الجنود الفولاذية كقدور ملأنها بالزيت لقي الدونات.
هذا وتفيد التجاويف الموجودة في الكعك، والتي يشار إليها غالبًا باسم “ثقوب الدونات” أو “مراكز الدونات”، الأغراض الوظيفية والتقليدية. فيما يلي بعض أسباب وجود التجاويف في الكعك:
الطبخ بالتساوي: يساعد التجويف الموجود في وسط الدونات على طهيها بشكل متساوٍ. يمكن أن يصبح الجزء الخارجي من الدونات بنيًا ذهبيًا ومقرمشًا، بينما يظل الجزء الداخلي طريًا وطريًا. يعد هذا التباين في القوام أحد السمات المميزة للدونات الجيدة.
طهي أسرع: يسمح التجويف المركزي للحرارة باختراق الدونات من الداخل أيضًا، مما يسرع عملية الطهي. وهذا مهم بشكل خاص عند إنتاج كميات كبيرة من الكعك.
الاتساق: من خلال خلق شكل متناسق مع وجود ثقب في المنتصف، يصبح من الأسهل إنتاج الكعك بحجم وشكل موحد، وهو أمر مهم للمخابز التجارية.
التقليد: تحظى الكعكات التقليدية ذات الشكل الدائري والمزودة بثقوب في المنتصف بشعبية كبيرة منذ سنوات عديدة. أصبح هذا التصميم الكلاسيكي سمة مميزة للكعك ومعترف به في جميع أنحاء العالم.
الصقيل والحشوات: تعتبر الكعكات ذات التجاويف مثالية لإضافة الزجاج أو الحشوات أو الطبقة. تسمح الفتحة بتوزيع هذه الإضافات بالتساوي وسهولة امتصاصها بواسطة الدونات، مما يعزز النكهة والملمس بشكل عام.
التحكم في الأجزاء: غالبًا ما يتم صنع فتحات الدونات أو الكعك الصغير من المراكز التي تمت إزالتها من الكعك العادي الحجم، مما يسمح بسهولة التحكم في الأجزاء وإنشاء حلوى أصغر حجمًا.
المظهر الجمالي: لا تضيف الفتحة الموجودة في وسط الدونات إلى جاذبيتها البصرية فحسب، بل تسمح أيضًا للدونات بحمل أشكال وتصميمات مختلفة، مما يجعلها أكثر إثارة للاهتمام بصريًا.
الإبداع: إن وجود تجويف في الدونات يوفر أيضًا للخبازين والطهاة الفرصة لتجربة الحشوات والنكهات والقوام المختلفة، مما يخلق مجموعة واسعة من خيارات الدونات اللذيذة والفريدة من نوعها.
باختصار، إن وجود التجاويف في الكعك هو نتيجة لاعتبارات وظيفية وتقليدية. فهو لا يساعد فقط في الطهي والإنتاج الفعال، ولكنه يضيف أيضًا إلى الجاذبية البصرية والإمكانيات الإبداعية لهذه الأطباق المحبوبة.