توليد الطاقة الكهربائية من المد والجزر

الاستفادة من ظاهرة المد والجزر لتوليد الكهرباء هي فكرة قديمة ولكن المشكلة في التطبيق العملي الذي تواجهه هذه التقنية إلى يومنا هذا .

تاليا بعض الأفكار العملية للاستفادة من الطاقة الكامنة في المد والجزر للحصول على التيار الكهربائي.

مما لاشك فيه أن هناك المئات من الموانئ في أنحاء العالم، وان الموانئ يوما بعد يوم تزداد عددا واتساعا، و كذلك تزداد أعدد السفن الناقلة للبضائع عبر العالم وتنقل مليارات الأطنان من مكان إلى آخر، لذلك نحاول هنا بعون الله أن نستغل و جود الموانئ و كذلك استغلال هذا العدد الهائل من السفن مع وجود ظاهرة المد و الجزر لتوليد الطاقة الكهربائية.

وتقوم هذه الطريقة على أنه عندما تصل السفينة إلى الميناء، يفضل وصولها في أعلى فترة المد و هو المتعارف عليه عالميا وذلك لتقليل احتمالية جنوح السفينة عندما تدخل إلى المرفأ الذي يكون قد اجري عليه تحوير بسيط، حيث سيتم وضع عدد من الأعمدة الحديدة أو الإسمنتية داخل المياه بحيث يكون بعدها عن المرفأ مسافة عرض اكبر السفن مع بعض الزيادة لكي تدخل السفينة و تقف بين حافة المرفأ والعامود الإسمنتي آو الحديدي، مع توصيل حبال معدنية بين أعلى العامودين فتنزل و تمر من تحت السفينة ثم تمر إلى حافة المرفأ حيث تهيئ التوربينات المولدة للكهرباء التي سوف تدور بفعل ارتباطها بالحبال المعدنية .

عندما يبدأ الجزر تبدأ السفينة بالنزول ومع نزولها تتحرك الحبال المعدنية نحو الأسفل ويبدأ سحب الحبال المعدنية محركة التوربينات ومولدة الكهرباء.

وبعدها يبدأ المد و تبدأ السفينة بالارتفاع ولما كانت الحبال الحديدية مثبتة بالسفينة فأن الحبال المعدنية سوف تتحرك بصورة معكوسة وهنا بحركة ميكانيكية بسيطة سوف تستمر حركة التوربينات مرة أخرى ويستمر توليد الكهرباء كما و يمكن أن نضع عدد كبير من التوربينات ثم تربط مع الحبال المعدنية بشكل يتناسب مع وزن السفينة وحجمها .

قد يقول قائل أن المد والجزر لا يرتفع كثيرة حتى يحدث توليدا كهر بائيا كبيرا ونحن نقول أن ذلك صحيح ولكن الوزن الهائل للسفن هو الذي سيحرك التوربينات ويولد هذه القوة فلو فرضنا أن سفينة وزنها خمسون ألف طن وأردنا أن نرفع هذه السفينة مترين أو خمسة أمتار فان الطاقة اللازمة لذلك تكون كبيرة جدا و قريبة من الطاقة التي سوف تنتج من هذه العملية مع فقدان جزء من هذه الطاقة نتيجة الاحتكاك ولكن ما يبقى و يتولد من هذه الطاقة كبير جدا حسب اعتقادي و تصوري و سوف يحل مشكلة الطاقة جزئيا، علما بأن السفينة الواحدة زنة خمسين ألف طن مع حمولتها في منطقة يكون ارتفاع المد ثلاثة أمتار ستولد حوالي 68,8 كيلو وات في الثانية او248566كيلووات في الساعة وللتذكير فقط نقول إن المتر المربع من الغاز الطبيعي يولد اقل من12كيلو واط في الساعة وكذلك البنزين و الديزل يولدان اقل من12كيلوواط في الساعة لكل ديسيمتر مكعب أي إن هذه التكنولوجيا بهذا الحجم تعادل صرف207000لتر من البنزين أو الديزل كل ساعة إذا حسبنا المئات بل ألاف السفن في أي بلد أو في العالم اجمع وإذا أخذنا بنظر الاعتبار إن هناك بعض السفن يصل وزنها إلى مئة و خمسين ألف طن وإذا لم ننسى إن هناك بعض المناطق يصل ارتفاع المد إلى سبعة عشر مترا.

إن هذه الطاقة المتجددة النظيفة ستحل مشكلة الطاقة في السنوات القادمة جزئيا وستنقذ كوكب الأرض من الدمار الذي يتولد جراء إحراق الوقود العادي ، و يمكن أن تجري هذه العملية في أي وقت من أوقات المد والجزر ولكن أفضل النتائج كما قلنا في أعلى فترة المد ولما كانت ظاهرة المد تحصل مرتين في اليوم و كذلك الجزر أي أننا سوف نستفيد من هذه الظاهرة أربع مرات في اليوم الواحد كما يمكن حساب كمية الطاقة المتولدة بمعادلات بسيطة كما يمكن خزن هذه الطاقة بتحويل الماء إلى الأوكسجين و الهيدروجين.

إن هذه العملية لا تؤثر إطلاقا على عملية التفريغ والشحن للسفن في الموانئ كما إن وجود الأعمدة الإسمنتية قد يساهم في تثبيت السفن عند هبوب الرياح الشديدة و يقلل من تأثير الموجات البحرية التي تضرب المرفأ و التي يكون بعضها خطيرا و كارثيا كما إن وجود هذه الأعمدة مع إضافة بعض اللمسات المعمارية تعطي جمالية للميناء وربما تستغل هذه الأعمدة لعمل بعض المرافق السياحية وصيد السمك للهواة وعمل خفر السواحل….الخ

إن بالإمكان تطبيق هذه التكنولوجيا في معظم دول العالم فهي لا تتأثر بفصول السنة و لا بحالة الطقس كما إنها لا تحتاج إلى أيدي عاملة كثيرة و لا تحجز كميات كبيرة من الأراضي التي هي من عيوب الطاقة الشمسية كما أن تكلفة إنتاجها قليلة جدا ، مقارنة بكمية الطاقة المتولدة، و هذه التكنولوجيا لا تشوه المنظر المحيط كما في طاقة الرياح ، و لا تستهلك الموارد الطبيعية و لا تلوث البيئة و لا تولد ضجيجا، ولا تتحكم به الدول الكبرى و لا تتأثر بتهديدات القرصنة البحرية الدولية ، ولا تحتاج إلى تكنولوجيا متطورة أو خبراء عالميين كما لا تحتاج إلى قطع غيار مستوردة أو أيدي عاملة أجنبية.

كما انه في حالات الحروب لا تشكل هذه المنشات أهدافا ستراتيجية نظرا لتكلفتها البسيطة و سهولة إعادة تأهيلها إذا ما تعرضت للضرب ، و في حالة دخول الاقتصاد العالمي مرحلة الكساد وقلة حركة التجارة العالمية عندها سنوفر لهذه السفن و هذه الموانئ وظيفة مضمونة تحافظ على البيئة من خلال توفير بديل للطاقة المتولدة من الاحتراق وبالتالي تساهم في التقليل من التلوث و التغيرات المناخية وتوفر تلك المواد للأجيال المقبلة.

هناك فكرة مطورة عن هذه الفكرة وتولد كمية إضافية من الكهرباء ولكنها تحتاج سفن معينة مثل ناقلات النفط.

في فترة المد تكون السفينة مفرغة تماما من الماء فترتفع إلى أقصى حد وهنا نقوم بإدخال الماء إلى السفينة من خلال فتحة في جانبيها أو من أعلاها بطريقة السيفون، إن عملية دخول الماء مرورا بالتوربينات سوف يولد الكهرباء مع امتلاء السفينة في مرحلة المد بعدها يبدأ الجزر وعند أقصى الجزر يجب أن تكون السفينة جالسة على الأرض أو على حمالات بحيث يكون مستوى الماء في أسفل السفينة أعلى من مستوى البحر وعندها يفرغ الماء مرة أخرى إلى خارج السفينة مارا عبر التوربينات و مولدا الكهرباء مرة أخرى.


بعد إن تتوفر الكهرباء بتكلفة زهيدة يمكن فصل الأوكسجين عن الهيدروجين من جزيء الماء وكل من هذين العنصريين لهما استخداماتهما الكثيرة في الصناعة ونركز هنا على الهيدروجين الذي يعول عليه ليحل محل الوقود السائل لتشغيل المحركات الكبيرة و الصغيرة في المستقبل ،كما يمكن الحصول على الماء من هذه التكنولوجيا و ذلك بنقل وزن السفينة وحمولتها إلى مكابس بدلا من نقلها إلى التوربينات و سوف تعمل هذه المكابس على تبخير ماء البحر بفعل الضغط الهائل ومن ثم نفس هذه المكابس سوف تعمل على تكيف البخار إلى الماء، كما يمكن أن نستفيد من هذه المكابس في أعمال التبريد على نطاق واسع في المنشات السياحية و الصناعية و المنزلية.

الدكتور عبد الأمير البوطي

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

أهم أعداء نحل العسل من الحشرات والطيور

يواجه نحل العسل أعداء طبيعيين يتسببون بقتله والاعتداء عليه، ويتناول المقال التالي أهم أعداء نحل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *