تطور الأدمغة الاصطناعية التي تحاكي الدماغ البشري

شهد مجال الأدمغة الاصطناعية تطورات هائلة منذ عام 2012، حيث قطع العلماء والباحثون خطوات متقدمة في محاكاة القدرات البشرية باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي.

ومن بين هذه الإنجازات المهمة هو تصميم أول دماغ صناعي يحاكي الدماغ البشري، الذي أطلق عليه اسم “SPAUN” في جامعة واترلو الكندية، والذي كان في وقته يمثل قمة الابتكار.

ولكن التطورات السريعة التي شهدتها السنوات الأخيرة جعلت هذه التكنولوجيا أكثر تعقيدًا وتقدمًا، مما يعزز دورها في مجالات متعددة مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والروبوتات الذكية.

الدماغ الصناعي “SPAUN” وتفاصيل ابتكاره

في عام 2012، أعلن باحثون من جامعة واترلو عن ابتكارهم لدماغ صناعي أطلقوا عليه اسم “SPAUN”، وهو نظام حاسوبي متقدم يجمع بين الذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب لمحاكاة وظائف الدماغ البشري.

وقد تم تصنيع “SPAUN” باستخدام مجموعة ضخمة من الرقائق الإلكترونية والأنظمة الحاسوبية الذكية.

حيث زُود هذا الدماغ بعين رقمية لتحليل البيئة المحيطة به، بالإضافة إلى ذراع روبوتية قادرة على أداء مجموعة من المهام مثل الرسم والتقاط الأشياء.

كان “SPAUN” قادرًا على تنفيذ ثماني مهام مختلفة في نفس الوقت، منها الرسم، والحساب، والإجابات المنطقية عن الأسئلة.

وكان عمله يعتمد على محاكاة العمليات العصبية البشرية، حيث يستخدم ما يقرب من 2.5 مليون خلية عصبية إلكترونية.

وعلى عكس الروبوتات التقليدية، كان “SPAUN” قادرًا على التفكير والتفاعل بطريقة شبيهة بالبشر، حيث يخزن المعلومات في ذاكرته ويتصرف بناءً على ما يراه ويسمعه.

التطورات منذ 2012: الذكاء الاصطناعي التكيفي والشبكات العصبية العميقة

منذ ذلك الحين، حققت الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي قفزات هائلة، حيث تطورت الشبكات العصبية العميقة (Deep Neural Networks) التي أصبحت أكثر قدرة على محاكاة الدماغ البشري.

وتُستخدم هذه الشبكات في العديد من التطبيقات التي تعتمد على تحليل البيانات الضخمة، مثل التعرف على الصور والصوت والتفاعل اللغوي مع الآلات.

كما أن التعلم التعزيزي (Reinforcement Learning) أصبح جزءًا أساسيًا في تدريب الروبوتات على اتخاذ قرارات ذكية وتحسين قدراتها.

فعلى سبيل المثال، أنظمة مثل AlphaGo من Google DeepMind التي تفوقت على أفضل لاعبي العالم في لعبة Go، اعتمدت على تقنيات التعلم التعزيزي لتطوير قدرات تحليلية شبيهة بالبشر.

الأدمغة الاصطناعية والروبوتات المتقدمة

في السنوات الأخيرة، أصبحت الروبوتات المزودة بالذكاء الاصطناعي أكثر تقدمًا وقادرة على تنفيذ مهام معرفية معقدة.

وتستخدم الروبوتات الحديثة، مثل Sophia، تقنيات محاكاة الدماغ البشري لتفاعل أكثر طبيعية مع البشر.

مثل هذه الروبوتات تعتمد على محاكاة العمليات العصبية لتحليل البيانات واتخاذ قرارات ذكية، مما يعزز من استخدامها في مجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم وحتى الترفيه.

الذكاء التكيفي والواجهات الدماغية

واحدة من أهم التطورات الحديثة هي ظهور الذكاء الاصطناعي التكيفي (Adaptive AI)، الذي يتيح للأدمغة الاصطناعية القدرة على التعلم المستمر والتكيف مع المتغيرات البيئية من دون تدخل بشري مباشر.

حيث يسعى الباحثون إلى تطوير “SPAUN” وغيره من النظم بدمج تقنيات تعلم الآلة ليكون قادرًا على التعلم الذاتي والتكيف مع بيئته بشكل أفضل.

تطورت أيضًا واجهات الدماغ-الآلة (Brain-Computer Interfaces) بشكل كبير، مثل مشروع Neuralink الذي يهدف إلى دمج الدماغ البشري مع التكنولوجيا لتحسين التحكم في الأجهزة والتفاعل مع البيئة.

هذه التطورات ليست مجرد تقدم تقني بل تشكل بداية حقبة جديدة من التفاعل بين الإنسان والآلة.

التحديات المستقبلية والاعتبارات الأخلاقية

على الرغم من التطورات الكبيرة التي حققها الذكاء الاصطناعي، يظل هناك العديد من التحديات التقنية والأخلاقية.

اذ ان تطوير دماغ صناعي يحاكي بشكل كامل الدماغ البشري يتطلب تعقيدات هائلة في تصميم الشبكات العصبية وإدارة البيانات الضخمة.

بالإضافة إلى ذلك، تثير هذه التطورات تساؤلات حول كيفية تنظيم استخدام هذه التكنولوجيا وتجنب إساءة استخدامها، خاصة في مجالات مثل الأمن والسياسة.

ختاما فإنه منذ ابتكار “SPAUN” في 2012 وحتى اليوم، شهد مجال محاكاة الدماغ البشري باستخدام الذكاء الاصطناعي تطورات ملحوظة.

حيث أصبحت الشبكات العصبية العميقة والتعلم التعزيزي والتكيفي أدوات قوية في تحسين أداء الأنظمة الذكية.

ومع استمرار التطور، يمكن أن نشهد مستقبلًا حيث تصبح الأدمغة الاصطناعية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، تساعدنا في حل مشاكل معقدة وتوفير حلول ذكية لمختلف التحديات.

المراجع

1. Eliasmith, C., & Trujillo, O. (2012). SPAUN: A Brain-Inspired Cognitive Architecture. Proceedings of the National Academy of Sciences, 109(38), 15586-15591.
2. Silver, D., Schrittwieser, J., Simonyan, K., et al. (2020). Mastering the game of Go with deep neural networks and tree search. Nature, 529(7587), 484-489.
3. Jordan, M. I., & Mitchell, T. M. (2015). Machine learning: Trends, perspectives, and prospects. Science, 349(6245), 255-260.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

لا تضع ثقتك الكاملة في السيارة ذاتية القيادة

تتزايد الثقة في السيارات ذاتية القيادة Driverless cars مع مرور الوقت، خاصة مع انتشار الإحصاءات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *