المواد الكيميائية في المنازل خطر داهم يتهدد الإنسان والبيئة

تحتوي منازلنا حاليا على أنواع شتى ومتعددة من المواد الكيميائية التي نستعملها بشكل كبير، ومن أهم تلك المواد، مواد التنظيف على اختلاف أنواعها وأشكالها ومواد التجميل والعطور والشامبوهات وملطفات الجو وغيرها الكثير من المواد التي عزت منازلنا وأصبحنا مدمنين على استخدامها.

المقال التالي للكاتب عبد السلام مصطفى الشويات يتناول المخاطر الناجمة عن استخدام المواد الكيماوية في المنزل، وتأثيرات ذلك على صحة الإنسان وسلامته.

يواجه الإنسان المخاطر الكيميائية في شتى مناحي الحياة الحديثة، وليس هناك شك في أن الكيماويات قد لعبت دورا هاما في تطور المجتمعات البشرية من خلال استخدامها في كافة الأنشطة العلمية، الصناعية، الزراعية، البترولية، العلاجية، التجارية، الحربية والمنزلية.

باختصار، ساعدت الكيماويات على ارتقاء مستوى الحياة، إلا أنها أدت إلى تعرض صحة الإنسان وبيئته إلى مخاطر كثيرة أثناء إنتاجها ونقلها وتخزينها واستخدامها وعند التخلص منها.

وفي الحقيقة أن قضايا السلامة الكيميائية هي عامل يدخل تقريبا في كل مجالات الحياة، باعتبارها مكوناً في إيجاد حلول لبعض المشاكل، وكذا باعتبارها شاغلاً فيما يتعلق بتوليد النفايات الخطرة والتلوث البيئي والتعرض البشري الذي قد ينجم عن إنتاج وإطلاق تركيبات ومنتجات لا حصر لها وطرحها في الأسواق.

ولتقليل المخاطر الصحية والبيئية الناشئة عن تداول الكيماويات يلزم وضع خطط ونظم خاصة للسلامة الكيميائية تشمل الطرق الآمنة لإدارة تداولها ونقلها وتخزينها، ثم التخلص منها أو تدويرها بطرق آمنة مبنية على أسس علمية سليمة وعلى معلومات وبيانات دقيقة واضحة ومتجددة.

والمخاطر الكيميائية لا تتوقف عند بيئات العمل ولا المصانع ولا الحروب، بل دخلت أيضا إلى المنازل، فقد أفاد باحثون أميركيون بأنهم عثروا على آثار لأكثر من 48 من المركبات الكيميائية السامة الشائعة الاستعمال في الحياة اليومية للإنسان، في عينات الدم والبول التي أخذت من نساء شهيرات ناشطات في ميدان حماية البيئة.

ومن بين تلك المواد، مواد مانعة للحرائق تستخدم عادة لصناعة الأثاث المنزلي، وفي أجهزة التلفزيون والكومبيوترات. وكذلك مواد التيفلون في أواني الطهي، ومواد أخرى توظف في صناعة العبوات والقناني البلاستيكية.

وتقول الدكتورة أنيلا جاكوب رئيسة الباحثين في مجموعة العمل البيئي، وهي منظمة غير ربحية تدافع عن البيئة وصحة الإنسان، إن الاختبارات استهدفت بالدرجة الأولى المنتجات الاستهلاكية المستعملة يوميا التي لا تخضع لضوابط قانونية، وفق لائحة مراقبة المركبات السامة الأميركية.

ووفقا للدراسة التي استمرت عامين، فقد أخذت عينات من الدم والبول من عدد من النساء، وتم تحليلها في مختبرات مستقلة. وتقول سونيا لندر الاختصاصية في التحاليل الطبية في المجموعة، إن النتائج أظهرت وجود آثار لمركب كيميائي واحد مثير للجدل على الأقل، في كل عينة من العينات المدروسة. ووصفت المركب المثير للجدل بأنه مادة تطرح التساؤلات حول سلامتها.

وأضافت أن الدراسة عثرت على مركبات من منتجات مثل: مانعات الحرائق، ومركبات التيفلون، والروائح العطرية، وبيفينول إيه أو BPA، وكذلك البيركلوريت.

وتوضع المواد المانعة للحرائق عادة في الأثاث المنزلي المصنوع من الرغوات الصناعية، وفي أجهزة التلفزيون والكومبيوترات. أما التيفلون، فيستخدم في أواني الطهي؛ لمنع التصاق الطعام بسطوحها، فيما تستخدم مادة بيفينول إيه في صناعة العبوات والقناني البلاستيكية، والبيركلوريت في صناعة الصواريخ، وهو يلوث المياه والطعام.

وقال الباحثون: إن نتائج التحاليل الطبية تبرهن على أن قوانين تنظيم المواد السامة الأميركية قد أصبحت بالية، ولذلك ينبغي إخضاع مختلف المنتجات الكيميائية إلى مراقبة صارمة.

هذا وتوجد المواد الكيميائية على ثلاث حالات رئيسية: (أ) الحالة السائلة، ومن أمثلتها: المحاليل العضوية وغير العضوية، الأحماض، المبيدات السائلة، المنظفات السائلة، والدهانات. (ب) الحالة الصلبة: ومن أمثلتها مساحيق المبيدات الحشرية وغبار العمليات الصناعية مثل الأسمنت والاسبستوس. (ج) الحالة الغازية ومنها: أبخرة المواد الكيماوية واحتراقها وتفاعلها، والأدخنة والغازات المعدنية الناتجة عن عملية اللحام.

ويوجد اختلاف بمعدل امتصاص الملوثات إلى الجسم بين الأفراد وعموما يمكن أن تدخل المواد الكيميائية لجسم الإنسان عن طريق أربع طرق رئيسية هي:

1. الاستنشاق: وهو الطريق الشائع الأكثر أهمية في التعرض المهني، وتشمل المواد المستنشقة: الغازات، الأبخرة، الأغبرة، والأدخنة.

2. الامتصاص من خلال الجلد والعينين: وهو الطريق الثاني الأكثر شيوعاً للتعرض، حيث توجد بعض المواد التي تستطيع النفاذ عـبـر الجلد والعينين والوصــول إلى الدورة الدموية. وتعتبر تجاويف الشعر والغدد العرقية الدهنية إضافة إلى الجروح والخدوش الصغيرة في البشرة من أهم مناطق الجلد التي يمكن للمواد الكيميائية النفاذ من خلالها. كما يمكن لتلوث الملابس والأحذية أن يشكل خطراً جسيماً نظراً لتجمّع المواد الملوثة السامة عليها مما يزيد من شدة الإصابة. ولا يمكن إغفال ملامسة المواد الكيميائية للعيون، إذ تعتبر من أشد الأمور خطورة نظراً لشدة حساسية العين.

3. البلع: ويجري دخول المواد الكيميائية بهذه الطريقة إلى الجهاز الهضمي نتيجة ابتلاع وتناول الأطعمة أو المشروبات وغيرها الملوثة بالمواد السامة، أو تلوث اليدين وقضم الأظافر، أو بسبب غياب النظافة العامة أو الشخصية.

4. الحقن الخاطئ: وذلك عن طريق الإصابة بآلة حادة ملوثة بالمادة الكيميائية.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

ندوة علمية حول تأثير نمط العيش على التغير المناخي ودور المسؤولية المجتمعية

أقيمت ندوة علمية في إطار سلسلة جلسات كرسي الألكسو للتربية على التنمية المستدامة بكلية علوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *