المختبرات الكيميائية وتخزين المواد الكيميائية فيها

تُعد المختبرات العلمية والكيميائية بيئات حساسة تتعامل يوميًا مع مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية، بعضها قد يكون شديد الخطورة في حال لم يتم التعامل معه وتخزينه بالشكل السليم.

المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية

الحوادث الكيميائية قد تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية جسيمة، فإن ضمان التخزين الآمن للمواد الكيميائية يمثل حجر الأساس في منظومة السلامة داخل المختبر.

في هذا المقال، نستعرض طرق تصنيف المواد الكيميائية، وإجراءات السلامة الواجب اتباعها عند تخزينها، وأفضل الممارسات لتحقيق بيئة مختبر آمنة ومستقرة.

 

أولاً: تصنيف المواد الكيميائية – الخطوة الأولى نحو التخزين الآمن

إن تصنيف المواد الكيميائية ضروري لتحديد المخاطر المصاحبة لها وتحديد الطريقة المثلى لتخزينها. هناك عدة طرق معتمدة لتصنيف المواد الكيميائية، من أبرزها:

  1. التصنيف حسب الخصائص الفيزيائية والكيميائية:
  • مواد قابلة للاشتعال (Flammable): مثل الكحول والأسيتون، وهي مواد تتبخر بسرعة وتشكل خليطًا قابلاً للاشتعال مع الهواء.
  • مواد مؤكسدة (Oxidizers): مثل نترات الأمونيوم، تساهم في تسريع الاحتراق وقد تسبب الانفجار.
  • مواد متفجرة (Explosives): مواد تتفاعل بشدة عند تسخينها أو تعرضها للصدمات.
  • مواد سامة (Toxic): تسبب تأثيرات سلبية على صحة الإنسان عند الاستنشاق أو التلامس أو البلع.
  • مواد أكّالة (Corrosive): مثل حمض الكبريتيك وهيدروكسيد الصوديوم، تهاجم الأنسجة والمعادن.
  1. التصنيف حسب درجة الخطورة الصحية:

تُصنّف المواد الكيميائية وفقًا لدرجة تأثيرها على صحة الإنسان إلى:

  • مواد مسرطنة (Carcinogenic).
  • مواد مطفرة (Mutagenic).
  • مواد سامة
  • مواد تسبب التهيج أو الحساسية.
  1. التصنيف حسب رموز الخطر:

يعتمد النظام العالمي الموحد لتصنيف المواد الكيميائية (GHS) على رموز توضيحية تُعلّق على العبوات، توضح نوع الخطر (مثل الجمجمة والعظمتين للمواد السامة، أو الشعلة للمواد القابلة للاشتعال).

 

ثانيًا: المبادئ الأساسية لتخزين المواد الكيميائية في المختبر

بعد تصنيف المواد الكيميائية، يجب تخزينها وفقًا لمجموعة من المبادئ التي تضمن سلامة الأشخاص والممتلكات:

  1. الفصل بين المواد المتفاعلة:

يجب ألا تُخزن المواد التي قد تتفاعل معًا في المكان نفسه. على سبيل المثال:

  • لا يُسمح بتخزين المواد المؤكسدة بجانب المواد القابلة للاشتعال.
  • لا تُخزن الأحماض بجوار القواعد.
  • تُحفظ المواد السامة بمعزل عن المواد الغذائية أو أدوات التحضير.
  1. استخدام خزائن متخصصة:
  • المواد القابلة للاشتعال يجب حفظها في خزائن مقاومة للحريق، مزودة بفتحات تهوية.
  • المواد الأكّالة تُخزن في خزائن مضادة للتآكل ومبطنة بمواد غير معدنية.
  • المواد السامة والخطرة تُخزن في خزائن مغلقة بإحكام، ويفضل أن تكون مزودة بأقفال.
  1. تهوية مكان التخزين:

يجب أن تكون أماكن التخزين مزودة بتهوية مناسبة لتجنب تراكم الأبخرة السامة أو القابلة للاشتعال، وخاصة عند تخزين المواد الطيارة.

 

ثالثًا: إجراءات السلامة عند تخزين المواد الكيميائية

  1. تحديد المواد وتصنيفها بوضوح:

كل عبوة يجب أن تحمل ملصقًا واضحًا يحتوي على:

  • اسم المادة الكيميائية.
  • رمز الخطر (وفق نظام GHS).
  • تاريخ الانتهاء.
  • تعليمات التعامل والإسعافات الأولية في حالة التعرض.
  1. إعداد سجل للمواد الكيميائية:

من المهم إنشاء سجل يضم كل المواد المخزنة، وكمياتها، وتواريخ الشراء والانتهاء، ومكان تخزينها، لتسهيل الوصول إليها وضمان المراقبة الدورية.

  1. التدريب المستمر للعاملين:

يجب على كل من يعمل في المختبر الحصول على تدريب حول:

  • طرق قراءة الملصقات ونشرات السلامة الكيميائية (MSDS).
  • كيفية التعامل مع المواد الخطرة.
  • إجراءات الإخلاء والتعامل مع الحرائق والانسكابات.
  1. تجهيز وسائل الوقاية والإسعافات:
  • وجود معدات مكافحة الحرائق بالقرب من مناطق التخزين.
  • توفير أدوات حماية شخصية (قفازات، نظارات، معاطف مقاومة للمواد الكيميائية).
  • توافر أدوات امتصاص الانسكابات الكيميائية (مثل الرمل الخاص أو المواد الممتصة التجارية).
  • وجود دش الطوارئ وغسل العين في حالات التلوث الجسدي أو العيني.

رابعًا: الممارسات الجيدة لتخزين المواد الكيميائية

  1. التزام الكميات المحددة:

لا يُنصح بتخزين كميات كبيرة من المواد الكيميائية تفوق الحاجة الفعلية، للحد من المخاطر ولتجنب التلف بسبب انتهاء الصلاحية.

  1. الحفاظ على النظافة والتنظيم:

يجب حفظ العبوات مغلقة بإحكام، وترتيبها بطريقة تمنع سقوطها أو تسرّبها. كما ينبغي إزالة أي مواد تالفة أو منتهية الصلاحية بشكل آمن.

  1. استخدام أنظمة الإنذار المبكر:

يمكن استخدام أجهزة استشعار للكشف عن تسربات الغازات أو درجات الحرارة غير الطبيعية، مما يتيح التدخل السريع قبل حدوث الكوارث.

خامسًا: خطورة الإهمال في تخزين المواد الكيميائية

لقد سجلت العديد من الحوادث المؤلمة في مختبرات تعليمية وبحثية نتيجة الإهمال في تخزين المواد الكيميائية، أبرزها:

  • اشتعال النيران نتيجة تخزين مواد قابلة للاشتعال بالقرب من مصدر حراري.
  • تسمم العاملين نتيجة تسرب بخار مواد سامة من عبوات غير مغلقة بإحكام.
  • حروق كيميائية بسبب تخزين غير سليم لمواد أكّالة في عبوات تالفة.

السلامة مسؤولية جماعية

إن التخزين الآمن للمواد الكيميائية لا يُعدّ مجرد إجراء إداري بل ضرورة حياتية لحماية الأرواح والممتلكات وضمان استمرار العمل البحثي والتعليمي في بيئة آمنة.

وتتحقق السلامة من خلال وعي العاملين، وتوفير البنية التحتية المناسبة، والالتزام الصارم بالإجراءات المعتمدة. ومع تطور المعايير العالمية للسلامة، بات من الضروري تحديث أنظمة التخزين بشكل دوري ومراجعة إجراءات الطوارئ والاستجابة السريعة.

(References):

  1. National Research Council. (2011). Prudent Practices in the Laboratory: Handling and Management of Chemical Hazards (Updated Version). National Academies Press. https://doi.org/10.17226/12654
  2. Occupational Safety and Health Administration (OSHA). (2023). Laboratory Safety Guidance. U.S. Department of Labor. Retrieved from https://www.osha.gov/publications/laboratory-safety-guidance
  3. Globally Harmonized System of Classification and Labelling of Chemicals (GHS). (2021). United Nations Economic Commission for Europe. Retrieved from https://unece.org/ghs-rev9-2021
  4. Fluke Corporation. (2020). Best practices for safe chemical storage in laboratories. Retrieved from https://www.fluke.com/en-us/learn/blog/safety/chemical-storage-best-practices
  5. American Chemical Society (ACS). (2022). Chemical Safety Manual for Small Businesses. Retrieved from https://www.acs.org/content/acs/en/about/governance/committees/chemicalsafety/safety-manual.html

 

 

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

غازات SOx و NOx الخطر الصامت الذي يهدد البيئة وصحة الإنسان

تُعد الغازات الناتجة عن عمليات الاحتراق الصناعي والمواصلات من أكبر مصادر تلوث الهواء حول العالم. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *